الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتضعيف الأخبار، ورددت بعض الأمور التي يعدها بعض من لا علم عنده قواعد للتصحيح أو التضعيف كالكشف والذوق وموافقة الحديث لعقله أو عدم موافقته إلى غير ذلك، وأسأل الله تعالى أن يجنبني الزلل، وأن يجعل هذا من صالح العمل، وأن ينفع به المسلمين والله حسبي عليه توكلت، وعليه فليتوكل المتوكلون.
أصول التصحيح والتضعيف
التصحيح والتضعيف نوع من الاجتهاد قائم على البحث والنظر، واستقصاء أقوال الأئمة، والتوفيق بين المتعارض منها وترجيح الراجح، ومعرفة المتابعات والشواهد، والنظر في العلل وغير ذلك.
ومثل هذا يجب أن يكون من يتصدى له على جانب من العلم والمعرفة والإطلاع على أنواع من العلوم، كقواعد الجرح والتعديل وما يتعلق بذلك، ومعرفة أحوال الرواة، واصطلاحات المحدثين، وألفاظهم، ومسالكهم في الحكم على الرواة والأحاديث، والعلم بطرق التخرج، ودراسة الأسانيد، وكيفية النظر في العلل مع الإلمام بأصول الفقه وخاصة ما يتعلق بالتعارض والترجيح ونحوه.
ومن الأمور التي توجب الإمعان والتحري في أحوال الرواة، وعدم المسارعة إلى تصحيح حديثهم أو تحسينه أو تضعيفه، ما يلي:
1 -
قد يوصف الثقة بأنه يغرب أو يهم، أو يخطئ في أحاديث أو لا يتابع على بعض حديثه (1)
2 -
قد يحتج بالرواي في جانب من جوانب العلم دون الآخر كالاحتجاج به في المغازي أو القراءات ونحوها دون الحديث.
(1) انظر مثلا: الكاشف الذهبي (1/ 327)، التقريب (1/ 87، 88، 90).
قال ابن معين في زياد بن عبد الله البكائي: (لا بأس به في المغازي، وأما في غيره فلا).
وقال صالح جزرة: (هو على ضعفه أثبتهم في المغازي)
3 -
ربما وصفوا الرواي بأنه ثقة لكنه يرسل أو أرسل عن فلان وفلان، فحديثه عنهما ليس متصلا.
4 -
قد يطلقون المنكر على الحديث الفرد، ولو كان راويه مقبولا، وهذا اصطلاح لبعض المتقدمين من المحدثين كأحمد والنسائي، وعليه بعض المتأخرين عنهم كالبرديجي (م 301 هـ) (1) فليس كل حديث يقال فيه: منكر، يعد مردودا حتى يعلم اصطلاح من وصفه بذلك.
قال ابن حجر في سياق شرحه «لحديث أنس رضي الله عنه: "كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل فقال: يا رسول الله أصبت حدا فأقمه علي (2)» (الحديث).
عمرو بن عاصم هو الكلابي وهو من شيوخ البخاري أخرج عنه بغير واسطة في الأدب وغيره، وقد طعن الحافظ أبو بكر البرديجي - في الأصل البرزنجي وهو خطأ- في صحة هذا الخبر مع كون الشيخين اتفقا عليه فقال: هو منكر وهم فيه عمرو بن عاصم، مع أن هماما- أي ابن يحيى- كان يحيى بن سعيد لا يرضاه ويقول: أبان العطار أمثل منه.
قلت- القائل ابن حجر - لم يبين وجه الوهم، وأما إطلاق كونه منكرا فعلى طريقته في تسمية ما ينفرد به الرواي منكرا إذا لم يكن له متابع (3).
أهـ.
هذا وغيره من الأمور الواردة على حديث الثقة، وعلى
(1) فتح الباري (12/ 134).
(2)
صحيح البخاري الحدود (6823)، صحيح مسلم التوبة (2764).
(3)
المصدر نفسه.
حديث الضعيف المتكلم فيه تجعلنا نستغرب أشد الاستغراب تسرع بعض طلبة العلم في الحكم على الحديث لمجرد نظره لترجمة الراوي في كتاب التقريب أو الكاشف دون الرجوع إلى المطولات التي بسطت الكلام في ترجمته ودون تتبع لأقوال الأئمة فيه جرحا وتعديلا.
وقد ذكر الشيخ عبد الرحمن المعلمي أمورا هامة إضافة إلى ما تقدم لا بد من مراعاتها قبل الحكم على الراوي، ليكون الحكم على حديثه صوابا وتتلخص هذه القواعد فيما يلي:
1 -
إذا وجدت في ترجمة الراوي " وثقه فلان " أو "ضعفه فلان " أو " كذبه فلان " فلتبحث عن عبارته فقد تكون نقلت عنه بالمعنى، ولم يذكر ذلك في الراوي نصا.
2 -
تراجع لذلك عدة كتب فإن وجدت اختلافا بينها بحثت عن العبارة الأصلية.
3 -
ينبغي تأمل عبارة المزكي ومخارجها، ومناسبة ذكرها، فربما سئل المحدث عن رجل فيحكم عليه بحسب ما عرف من مجموع حاله، ثم يسمع له حديثا فيحكم عليه حكما مناسبا لحاله في ذلك الحديث، ثم يسمع له حديثا فيعطيه حكما آخر.
4 -
ربما يجرح أحدهم الراوي لحديث واحد يستنكر له.
5 -
لا بد من التوثق والبحث عن رأي كل إمام من أئمة الجرح والتعديل واصطلاحه مستعينا على ذلك بتتبع كلامه في الرواة، واختلاف الرواية عنه في بعضهم مع مقارنة كلامه بكلام غيره.
وقد اختلف كلام ابن معين مثلا في جماعة يوثق أحدهم تارة، ويضعفه أخرى، وهذا يشعر بأنه ربما كان يطلق كلمة "ثقة" لا يريد بها أكثر من أن الراوي لا يتعمد الكذب، وقد يطلق كلمة "ليس بثقة" على