الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة حتى يأتي أمر الله (1)» .
6 -
هذا ولم يكن التصوف في أواخر القرن الثالث وأوائل القرن الرابع إلا نوعا من الزهد والتقشف ولم نجد صفة الرسوم الصوفية التي جاءت فيما بعد ولم يكن فيهم من المعتقدات الفاسدة شيء البتة ولكن في القرن الرابع دخل في التصوف من أهل الزندقة والإلحاد من تلبس بلباس الصوفية كالحلاج وأمثاله مما أنكره أوائل علماء الصوفية كالجنيد بن محمد وغيره (2). 7 - وفي أواخر القرن الرابع بدأت الصوفية تأخذ شكلها الحالي الطرقي فامتلأت الساحة الإسلامية بالمدارس الصوفية المتنوعة التي تتفق في كثير من مضامينها وتختلف في بعض طقوسها وأدعيتها (3).
(1) رواه البخاري ومسلم
(2)
. انظر الصوفية معتقدا ومسلكا ص (50، 52) الصوفية والفقراء لابن تيمية ص (24).
(3)
انظر الصوفية معتقدا ومسلكا ص (50، 52) الصوفية والفقراء لابن تيمية ص (24).
أسباب نشأة التصوف وانتشاره:
مما تقدم من حكاية التسلسل التاريخي الذي مر به التصوف تبين لنا أن نشأة التصوف وانتشاره يرجع لعاملين مهمين هما:
أولا: البذخ الدنيوي والإسراف في الملذات والشهوات الجسدية والذي خرج عن حد الاعتدال الأمر الذي حدى ببعض من أنكرت نفوسهم هذا النوع من السلوك ولم يستطيعوا أن يقاوموا ذلك التيار الجارف أن يعتزلوا تلك المجتمعات ويفروا بأنفسهم متخذين لمسلك الزهد والتقليل من المباحات والحرص على أصناف التعبدات طريقا سلوكيا لهم وقد
استشفوا من بعض النصوص الشرعية دليلا لهم على مسلكهم هذا كحديث «البذاذة من الإيمان (1)» وحديث «لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ولخرجتم في الصعدات تجأرون (2)» .
ثانيا: المؤثرات الخارجية عن طريق التأثر بأفكار الأمم الأخرى من يونان وهنود ويهود ونصارى وسواهم عن طريق من دخل في التصوف من فلاسفة وغيرهم.
وإن كان التصوف في أول أمره لم يكن كذلك ومن هذا المنطلق اختلف الباحثون في التصوف هل نشأته أمر طبيعي فيكون بسبب مؤثرات في داخل جسم الأمة كالمؤثر الأول أو بمؤثر خارجي أجنبي عن دين الأمة وثقافتها، ومال كل قوم إلى أحد المؤثرين إلا أن الدراسة الجادة تدل على اجتماع المؤثر الداخلي والخارجي في تكوين الفكر الصوفي على شكله الذي انتهى إليه وهو ما نميل إليه ونرجحه ومما يؤيد ذلك أن لعموم الفرق التي انشقت في جسم الأمة أو عنها يرى أنها تبدأ بمؤثرات سهلة غالبا مؤثرات داخلية نتيجة ردود فعل في المجتمع ثم بعد ذلك يزيد انحرافها عن طريق المؤثرات الخارجية والتي تجد في هذا الانحراف طريقا لتثبيت أفكارها في نفوس هؤلاء المنحرفين (3).
هذا ويمكن التماس عدة أسباب أخرى أثرت في انتشار الصوفية هي:: أولا: استعمال الخارق للعادة كطريق من طرق إثبات الولاية
(1) سنن أبو داود الترجل (4161)، سنن ابن ماجه الزهد (4118).
(2)
سنن الترمذي الزهد (2312)، سنن ابن ماجه الزهد (4190)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 173).
(3)
انظر الصوفية معتقدا ومسلكا ص (125) الكشف عن حقيقة الصوفية ص (757 - 771) انظر هذه الصوفية ص (168).