الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني: أن التحديث لا يكون لعموم المؤمنين بدليل تخصيص الرسول صلى الله عليه وسلم عمر به دون الأمة حيث قال صلى الله عليه وسلم: «إن يكن في هذه الأمة أحد فعمر (1)» وعرف ابن القيم الإلهام بأنه وحي لغير الأنبياء ولكن للمكلفين كما في قوله سبحانه: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ} (2) ويكون لغير المكلفين كما في قوله سبحانه: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ} (3).
(1) صحيح البخاري المناقب (3689)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 339).
(2)
سورة القصص الآية 7
(3)
سورة النحل الآية 68
وهو عند صاحب المنازل على ثلاث درجات:
الدرجة الأولى: نبأ يقع وحيا قاطعا بسماع
والنبأ أخص من الخبر لأن النبأ هو الخبر الذي له شأن وهو نبأ لأنه خبر عن غيب معظم.
وقد عرف ابن القيم هذا النوع بأنه (الإعلام الذي قطع من وصل إليه بموجبه إما بواسطة سمع أو هو الإعلام بلا واسطة وقد انتقد ابن القيم جعل طريق الإلهام السمع وذلك لأنه والحالة هذه خطاب وليس إلهاما وهذا يستحيل أن يحصل إلا للأنبياء وهذا من خصوصيات موسى عليه السلام حيث خاطبه ربه في الطور.
وأما ما يقع لأرباب الرياضيات من السماع فأعلاها ما يكون منه أن يخاطبه الملك خطابا جزئيا فإن هذا يمكن أن يقع لغير الأنبياء وذلك لخطاب الملائكة عمران بن حصين بالسلام عليه فلما اكتوى تركت خطابه فلما ترك الكي عادت بالسلام وهو على نوعين:
أحدهما: خطاب يسمعه بأذنه وهو وارد بالنسبة لعموم المؤمنين.
الثاني: (خطاب يخاطب به الملك الروح فهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم «إن
للملك لمه بقلب ابن آدم وللشيطان لمه فلمة الملك إيعاد بالخير والتصديق بالوعد ولمة الشيطان إيعاد بالشر وتكذيب بالوعد) ثم قرأ (2)» وهذا هو واعظ القلب في قلب المؤمن.
وأما وقوع الإلهام بغير واسطة لم يقم عليه دليل فلا يجزم بنفيه ولا إثباته إلا بدليل من سماع أهل الرياضيات الخطاب المسموع كخطاب الجن وقد يكون المخاطب مؤمنا وقد يكون شيطانا وهو على نوعين:
أحدهما: أن يخاطبه بحيث يسمعه بأذنه.
الثاني: أن يلقيه على قلبه عندما يلم به.
وعلى هذا فإن المخاطب لا يعلم هل خطابه في هذه الحال خطاب ملك أو خطاب شيطان يطلق ابن القيم على هذين الخطاب الرحماني والخطاب الشيطاني.
وعلى ذلك فلا يمكن التمييز بينهما إلا بعرضهما على الشرع فما وافقه علم أنه رحماني وما خالفه علم أنه شيطاني.
ومن سماع أرباب الرياضيات خطاب حالي ويكون من النفس فتوهمه أنه من خارجها وهذا كثيرا ما يعرض لكثير من السالكين فيظن أن الله قد خاطبه وسببه أن النفس حين صفائها وتخلصها من كدراتها حال الرياضة يقوى سلطان الروح والقلب على سلطان البدن والجسد وعندئذ يكون الخطاب للقلب والروح والسالك في حال غيبته وفنائه قد يتصور من يخاطبه وهو ليس كذلك.
(1) سنن الترمذي تفسير القرآن (2988).
(2)
سورة البقرة الآية 268 (1){الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا}