الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويشفع له إلى الله في إعادة بصره إليه، وليس توسلا بالذات أو الجاه أو الحق كما يعلم ذلك من سياق الحديث وكما أوضح ذلك علماء السنة في شرح الحديث.
وقد بسط الكلام في ذلك شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله في كتبه الكثيرة المفيدة، ومنها كتابه المسمى: القاعدة الجليلة في التوسل والوسيلة، وهو كتاب مفيد جدير بالاطلاع عليه والاستفادة منه.
وهذا الحكم جائز مع غيره صلى الله عليه وسلم من الأحياء كأن تقول لأخيك أو أبيك أو من تظن فيه الخير: ادع الله لي أن يشفيني من مرضى أو يرد علي بصري أو يرزقني الذرية الصالحة أو نحو ذلك بإجماع أهل العلم. والله ولي التوفيق.
حكم
الذبح عند الأضرحة ودعاء أهلها
س: ما حكم التقرب بذبح الذبائح في أضرحة الأولياء الصالحين وقول: (بحق وليك الصالح فلان اشفنا أو أبعد عنا الكرب الفلاني)؟.
جـ من المعلوم بالأدلة من الكتاب والسنة أن التقرب بالذبح لغير الله من الأولياء أو الجن أو الأصنام أو غير ذلك من المخلوقات- شرك بالله ومن أعمال الجاهلية والمشركين، قال الله عز وجل:{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (1){لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (2)، والنسك هو "الذبح "، بين سبحانه في هذه الآية أن الذبح لغير الله شرك بالله كالصلاة لغير الله. . . قال تعالى:
(1) سورة الأنعام الآية 162
(2)
سورة الأنعام الآية 163
{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (1){فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (2)، أمر الله سبحانه نبيه في هذه السورة الكريمة أن يصلي لربه وينحر له خلافا لأهل الشرك الذين يسجدون لغير الله ويذبحون لغيره. وقال تعالى:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (3)، وقال سبحانه وتعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (4)، والآيات في هذا المعنى كثيرة. والذبح من العبادة فيجب إخلاصه لله وحده. وفي صحيح مسلم عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعن الله من ذبح لغير الله (5)» .
وأما قول القائل: أسأل الله بحق أوليائه أو بجاه أوليائه أو بحق النبي أو بجاه النبي- فهذا ليس من الشرك ولكنه بدعة عند جمهور أهل العلم ومن وسائل الشرك؛ لأن الدعاء عبادة وكيفيته من الأمور التوقيفية ولم يثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم ما يدل على شرعية أو إباحة التوسل بحق أو جاه أحد من الخلق فلا يجوز للمسلم أن يحدث توسلا لم يشرعه الله سبحانه، لقوله تعالى:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (6)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (7)» ، متفق على صحته، وفي رواية لمسلم وعلقها البخاري في صحيحه جازما بها «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (8)» ، ومعنى قوله:" فهو رد " أي مردود على صاحبه لا يقبل، فالواجب على أهل الإسلام التقيد بما شرعه الله والحذر مما أحدثه الناس من البدع.
(1) سورة الكوثر الآية 1
(2)
سورة الكوثر الآية 2
(3)
سورة الإسراء الآية 23
(4)
سورة البينة الآية 5
(5)
صحيح مسلم الأضاحي (1978)، سنن النسائي الضحايا (4422)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 118).
(6)
سورة الشورى الآية 21
(7)
صحيح البخاري الصلح (2697)، صحيح مسلم الأقضية (1718)، سنن أبو داود السنة (4606)، سنن ابن ماجه المقدمة (14)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 256).
(8)
صحيح مسلم الأقضية (1718)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 180).