الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
راو فثبتوه في حال، وضعفوه في أخرى فالواجب أن لا يؤخذ حكم ذاك الراوي إجمالا إلا في حديث لم يتبين من أي الضربين هو، فأما إذا تبين فالواجب معاملته بحسب حاله (1) وعلى ذلك فإن من يريد الحكم على الحديث بالتضعيف أو التحسين أو التصحيح لا بد له من جمع ما قيل في الراوي من جرح وتعديل، ثم الموازنة بين الأقوال، والنظر إلى قرائن الترجيح بينها، فإن كان الرواي ممن يوصف بأنه مختلف فيه فإن حديثه يعد من الحسن بالشروط المتقدمة، وإلا فيعطي الحكم الذي ترجح لديه.
ومما يجدر ذكره هنا أنه لا يعد من التوثيق للراوي وصفه بكثرة العبادة من صلاة وصيام وغيره، وكذلك في عدله في ولاية المظالم، أو زهده وتخشنه في العيش، واشتهاره بالصلاح والورع كما ذهب إليه بعض العلماء (2) لأن توثيق الراوي يشمل عدالته، وصدقه، وضبطه وحفظه لما يروي، فذكره بالصلاح والعبادة ونحو ذلك يثبت الأمر الأول، ولا يثبت الثاني، فإن الضبط يعرف بأمور أخرى، بل قد يكون الراوي مبتدعا، أو سيئ الرأي في بعض أمور الدين، لكن يقبل حديثه إذا كان ضابطا لما يروي، غير متهم بكذب، فقد كان ابن خزيمة رحمه الله إذا حدث عن شيخه عباد بن يعقوب الكوفي يقول: حدثنا الثقة في روايته المتهم في رأيه.
(1) التنكيل (2/ 35).
(2)
انظر تحقيق سنن الترمذي للشيخ أحمد شاكر (2/ 389).
الراوي المجهول:
جهالة الراوي لا تعني رد حديثه مطلقا فإن الرواة يتفاوتون في ذلك، تبعا لعصورهم، فجهالة الراوي المعدود من كبار التابعين ليست كجهالة
الراوي المتأخر عن ذلك كأن يكون من صغارهم أو ممن بعد عصرهم، كما أن الحال يختلف باختلاف من روى عن هذا المجهول هل هو من أهل الإتقان والتحري أولا ويختلف الأمر أيضا بالنسبة لمن روى عنه البخاري ومسلم فإنه لا يوصف بالجهالة إذا كان ممن تلقي حديثه بالقبول.
قال الذهبي: وأما المجهولون من الرواة فإن كان الرجل من كبار التابعين أو أوساطهم احتمل حديثه، ويتلقى بحسن الظن إذا سلم من مخالفته الأصول، وركاكة الألفاظ.
وإن كان الرجل منهم من صغار التابعين فيتأنى في رواية خبره، ويختلف ذلك باختلاف جلالة الراوي عنه، وتحريه، وعدم ذلك.
وإن كان المجهول من أتباع التابعين فمن بعدهم فهو أضعف لخبره سيما إذا انفرد به (1) قلت: وهذا هو مذهب الكثير من المحدثين.
قال المعلمي: وكذلك ابن سعد وابن معين والنسائي وآخرون غيرهم يوثقون من كان من التابعين أو أتباعهم إذا وجدوا رواية أحدهم مستقيمة بأن يكون له فيما يروى متابع أو شاهد (2) وقال ابن حجر: لا يضعف بالجهالة من روى عنه البخاري (3) وقال السخاوي: بل صرح بعضهم باستلزام القول بالقطع بصحة ما لم ينتقد من أحاديثهما القطع بعدالة رواتهما يعني فيما لم ينتقد (4) وعليه فليس كل إسناد يقال في أحد رواته مجهول فهو إسناد ضعيف
(1) ديوان الضعفاء (374).
(2)
التنكيل (1/ 69).
(3)
الفتح (11/ 341).
(4)
فتح المغيث، (1/ 300) وقد تقدم عند الكلام على تضعيف المتأخرين.