الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تضعيف الحديث لمخالفته للقياس الجلي:
إذا خالف الحديث القياس فلا يجوز أن يرد الخبر، أو يضعف أو يترك العمل به؛ لأننا مأمورون بالرجوع إلى الكتاب والسنة، والتحاكم إليهما.
وقد ذهب بعض أهل الرأي إلى أن ما وافق القياس الجلي يجوز أن يعزى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان لا سند له (1).
وذهب بعض المالكية إلى عدم جواز العمل بالخبر إذا كان القياس مخالفا له.
قال الخطيب: وأما إذا ورد مخالفا للقياس أو انفرد الواحد برواية، ما تعم به البلوى لم يرد، وقال قوم ممن ينتحل مذهب مالك بن أنس إذا كان مخالفا للقياس لم يجز العمل به، والقياس مقدم عليه (2).
واختار ابن الحاجب أن العلة إن كانت ثابتة بنص راجح على الخبر، سواء كان ذلك النص قطعيا أو ظنيا ووجودها في الفرع قطعيا فالقياس مقدم.
وإن كان وجود العلة في الفرع ظنيا فالتوقف، وإن لم تكن العلة ثابتة بنص راجح على الخبر فالخبر مقدم (3).
وقد أوضح الخطيب وجوب تقديم الخبر.
على القياس بأمور ملخصها كما يأتي:
1 -
حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يثبت بنفسه لا بعمل غيره بعده.
(1) انظر توجيه النظر (ص 75).
(2)
الفقيه والمتفقه (1/ 133).
(3)
المختصر (1/ 752).
2 -
الخبر يدل على قصد صاحب الشريعة بصريحه، والقياس يدل على ذلك بالاستدلال، والتصريح أقوى فوجب أن يكون التقديم أولى.
3 -
القياس يفتقر إلى الاجتهاد في موضعين:
إحداهما: ثبوت العلة في الأصل.
والثاني: الحكم في الفرع، لأن من الناس من قال إذا ثبتت العلة في الأصل لا يجب الحكم بها في الفرع إلا أن يحصل الأمر بالقياس.
والاجتهاد في خبر الواحد إنما هو في ثبوت صدق الراوي، فإذا ثبت صدقه من طريق يوجب الظن لزم المصير إلى خبره، ولم يبق موضع آخر يحتاج إلى الاجتهاد فيه.
4 -
ثبوت صدق الراوي في الظاهر أجلى من طريق ثبوت العلة (1).
وهذا هو الذي يتعين القول به، وأن الحديث إذا ثبت بحسب قواعد المحدثين المعروفة فلا محيد عن تصحيحه، ووجوب العمل به.
قال الشافعي رحمه الله: لا يحل القياس والخبر موجود (2).
قال الشيخ ناصر الدين الألباني: إن رد الحديث الصحيح لقياس أو غيره من القواعد مثل رده بمخالفة أهل المدينة له، لهو مخالفة صريحة لتلك الآيات والأحاديث القاضية بوجوب الرجوع إلى الكتاب والسنة عند الاختلاف والتنازع.
ومما لا شك فيه عند أهل العلم أن رد الحديث لمثل ما ذكرنا من القواعد ليس مما اتفق عليه أهل العلم كلهم، بل إن جماهير العلماء يخالفون تلك القواعد ويقدمون.
عليها الحديث الصحيح اتباعا للكتاب والسنة (3).
(1) الفقيه والمتفقه (1/ 136).
(2)
الرسالة (ص 423).
(3)
الحديث حجة بنفسه (ص15 - 17).