الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيلسوفيا فلسفة لا فلصفة ولو كان هذا صحيحا لعرف ولانتشر لكن الأمر ليس كذلك فلا يعلمه من لا يعرف العربية فضلا عن كفره.
القول السابع: (أنه مشتق من لبس الصوف وهو الذي رجحه ابن تيمية كما أنه موافق للفظ من جهة الاشتقاق اللغوي وصحيح النسبة إليه، ومما يدل على ذلك ما رواه أبو الشيخ الأصفهاني بإسناده عن محمد بن سيرين أنه بلغه أن قوما يفضلون لباس الصوف فقال: إن قوما يتخيرون الصوف يقولون أنهم متشبهون بالمسيح ابن مريم وهدى نبينا أحب إلينا وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس القطن وغيره أو كلاما نحو هذا) وهذا يدل على أن صحة النسب لهذا المعنى لم يخرجه عن مخالفة الشريعة لمخالفته لهديه صلى الله عليه وسلم في لباسه لعدم التزامه لبس الصوف، ونحن متعبدون باتباع هديه صلى الله عليه وسلم لا باتباع هدي عيسى عليه السلام لأن هديه أكمل الهدى كما قال سبحانه:{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} (1)
(1) سورة الفتح الآية 28
نشأة التصوف وتاريخه:
1 -
أول ما نقل التكلم بلفظ التصوف في أواخر القرن الثالث الهجري وأوائل القرن الرابع الهجري تكلم به غير واحد من الأئمة والشيوخ كالإمام أحمد وأبي سليمان الداراني وغيرهما كسفيان الثوري والحسن البصري (1).
2 -
(وأول ما ظهرت الصوفية كسلوك عملي في البصرة).
3 -
(وأول من بنى ديرا للصوفية بعض أصحاب عبد الواحد بن زيد، وعبد الواحد من أصحاب الحسن البصري) وقد كان من أهل البصرة
(1) انظر الصوفية والفقراء لابن تيمية ص (12، 13) مختصر الفتاوى المصرية (568).
نوع مبالغة في الزهد والعبادة والخوف من الله لم يكن موجودا نظيره في غالب البلاد الإسلامية ولهذا كانوا يقولون فقه كوفي وعبادة مصرية (1).
4 -
وقد ظهر على هؤلاء من المبالغة أعني البصريين ما لم يحك عن سواهم من الموت والإغماء عند سماع القرآن فقد روي أن زرار بن أد قاضى البصرة قرأ في صلاة الفجر {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} (2) فخر ميتا.
وروي أن أبا جهير الأعمى منهم قرأ عليه صالح المري فمات مما لم يكن نظيره موجودا عند الصحابة رضي الله عنهم.
ومن هنا أنكر من حضر هذه الأحوال من الصحابة والتابعين أحوالهم هذه كأسماء بنت أبي بكر وعبد الله بن الزبير ومحمد بن سيرين وغيرهم وكانت وجهة نظر المنكر عليهم من وجهين:
الأولى: أنه ظن أن ذلك تكلفا منهم وتصنعا فقد روي أن محمد بن سيرين قال ما بيننا وبينهم هؤلاء الذين يصعقون عند سماع القرآن إلا أن يقرأ على أحدهم وهو على حائط فإن خر ميتا فهو صادق.
الثانية: لأنه رأى أن ذلك بدعة في الدين لم تكن معروفة بين أصحاب المصطفى صلى الله عليه وسلم ولا كان من هديه وهدي أصحابه بل كان هديهم البكاء عند سماع القرآن والخشوع وحضور الأسماع والقلوب (3).
والذي عليه جمهور أهل العلم أنه إذا كان ما ورد على نفسه من السماع غالبا عليه بحيث. لا يستطيع أن يرفضه فإنه والحالة هذه معذور ويدل عليه قول الإمام أحمد لما سئل عن هذا قال قرئ القرآن على يحيى بن سعيد فغشي
(1) انظر الصوفية والفقراء لابن تيمية ص (12، 13) مختصر الفتاوى المصرية (568).
(2)
سورة المدثر الآية 8
(3)
انظر الصوفية والفقراء لابن تيمية ص (13، 14) مختصر الفتاوى المصرية (568، 569).
عليه وأحب أن يدفع عن نفسه ولو قدر عليه لدفعه فما رأيت أعقل منه ونقل مثل هذه الحال عن الشافعي والفضيل بن عياض.
إلا أن حال من يبكي ويخضع مع حضور القلب والوعي الذي هو حال الصحابة أفضل ولأن مثل هذه الأحوال ليست حالا إيمانيا مطلقا بل قد تحصل لبعض الناس ولو كانوا كفارا أو فساقا وذلك لقوة الوارد على القلب مع ضعفه كما يموت بعض الناس فرحا أو حزنا أو عشقا أو خوفا ونحو ذلك، وفصل القول في ذلك أن ذلك أمر مباح مادام سببه مباحا لا تفريط فيه ولا عدوان فإنه والحالة هذه لا ذنب فيما أصابه وإنما حصل من ضعفه وقوة الوارد عليه فلا لوم عليه ولكنها ليست دلالة على الولاية ولا الصلاح لاستواء الناس في ورودها عليهم كما تقدم (1).
5 -
والظاهر والله أعلم أن ظهور التصوف كان نتيجة ردة فعل على إفراط المجتمع في ملذات الدنيا وشهواتها ولا يمنع هذا أنه استغل من طوائف الباطنية والقرامطة والمجوس من أعداء الإسلام حتى وصل إلى حالته الراهنة القائمة على الطرق والإشارات والرموز نتيجة لهذه المؤثرات الخارجية التي يراد بها القضاء على الإسلام وأهله والتي برزت أخيرا عندما شجع المستعمر الطرق الصوفية في سائر البلاد الإسلامية حتى تطفأ جذوة الجهاد في نفوس المسلمين ويعزل الإسلام عن الحياة العامة حتى يكون دينا لاهوتيا علمانيا لا يحكم الحياة ولا يوجه المجتمع وعندئذ تكون الطامة الكبرى ولكن ذلك لن يحصل لأن في ديننا من القوة الذاتية الحركية، ما يجعله يتجاوب وقوانين الحياة العامة والخاصة كما قال تعالى:{لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} (2)
(1) انظر الصوفية والفقراء لابن تيمية ص (13، 14) مختصر الفتاوى المصرية (568، 569).
(2)
سورة الصف الآية 9