المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌النص المحقق بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر وأعن ووفق للخير يا - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٤١

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌ تمهيد في موقف ولي الأمر من استقدام أشخاص عمالا لتشغيلهم في المملكة

- ‌ تحريم أخذ أموال الناس إلا بمبرر شرعي مع الأدلة من الكتاب والسنة

- ‌ هل يجوز للكفيل أن يأخذ أجرا على الكفالة

- ‌ بيان الغرض الذي يستقدم من أجله العمال إلى المملكة، وصور تطبيقية

- ‌الفتاوى

- ‌ هل ثبت معراج المعصوم صلى الله عليه وسلم بنص القرآن الكريم

- ‌ من قال: إن علي بن أبي طالب رضي الله عنه رسول الله

- ‌ هل أن الله عز وجل كلم محمدا صلى الله عليه وسلم مشافهة

- ‌ هل أرسل رسول إلى الجن قبل سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام

- ‌ هل ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتمع بالجن

- ‌ عيسى عليه السلام ما يزال حيا يرزق في السماء

- ‌ شبه حول بعض الأنبياء

- ‌ الإمام بالمسجد الجامع ينسى الخطبة الثانية يوم الجمعة ولا يذكره أحد

- ‌ عودة النبي عيسى عليه السلام

- ‌ عيسى عليه السلام مازال حيا إلى الآن أو قد مات كسائر الأنبياء

- ‌ استشهاد الكنيسة بآيات من القرآن الكريم بأن عيسى عليه السلام ابن الله

- ‌ الذبح عند الأضرحة ودعاء أهلها

- ‌ الذبح لله وللخضر بالحلم

- ‌ زيارة النساء للقبور

- ‌هل الذنوب تسبب محق البركة

- ‌وجوب التصديق مع الشهادتين

- ‌ بدء الكفار بالسلام

- ‌طريقة النصيحة لمن يجاهر بالمعاصي

- ‌التصوف في لغة العرب:

- ‌التصوف في الكتاب والسنة:

- ‌التصوف عند السلف:

- ‌تعريف التصوف اصطلاحا:

- ‌تعريف علم التصوف:

- ‌مصدر التسمية بالتصوف والصوفية:

- ‌نشأة التصوف وتاريخه:

- ‌أسباب نشأة التصوف وانتشاره:

- ‌أنواع الصوفية وأصنافهم:

- ‌القسم الأول: أقسامهم من جهة العمل

- ‌أولا: صوفية الحقائق:

- ‌القسم الثالث: صوفية الرسم

- ‌ثانيا: الأشعرية

- ‌ثالثا: الحلولية والاتحادية:

- ‌مصادر التلقي عند الصوفية:

- ‌ مصادر التلقي عند شيوخ التصوف

- ‌ثانيا: الذوق:

- ‌أنواع الذوق:

- ‌موقف الشرع من الذوق:

- ‌ثالثا: الوجد

- ‌الفرق بين الوجد والذوق:

- ‌أنواع الوجد:

- ‌أولا: وجد يستفيق بسببه البصر

- ‌ثانيا: وجد الروح

- ‌ثالثا: وجد العبودية

- ‌رابعا: الإلهام

- ‌الدرجة الأولى: نبأ يقع وحيا قاطعا بسماع

- ‌الدرجة الثانية إلهاما يقع عيانا

- ‌الدرجة الثالثة إلهام يجلو عين التحقيق صرفا:

- ‌خامسا: الفراسة:

- ‌أنواع الفراسة:

- ‌النوع الأول: (الفراسة الإيمانية

- ‌النوع الثاني: الفراسة الرياضية:

- ‌النوع الثالث: الفراسة الخلقية

- ‌سادسا: الرؤى والأحلام:

- ‌تعريفه

- ‌أنواع الرؤيا:

- ‌الأول: رؤيا صادقة وهي رؤيا الأنبياء ومن تبعهم من الصالحين

- ‌الثاني: الأضغاث:

- ‌موقف الصوفية من الرؤيا:

- ‌حكم الرؤيا الصالحة شرعا:

- ‌الصوفية والطرق:

- ‌ أشهر الطرق الصوفية انتشارا في العالم الإسلامي:

- ‌أولا: القادرية

- ‌ثانيا: الرفاعية

- ‌ثالثا: الشاذلية

- ‌رابعا: الأحمدية

- ‌خامسا: النقشبندية:

- ‌سادسا: التيجانية

- ‌سابعا: السنوسية

- ‌ثامنا: البريلوية

- ‌المجمل لاعتقاد الصوفية الطرقية:

- ‌أولا: التوحيد عندهم:

- ‌ثانيا: (إن مشاهدة العارف الحكم لا تبقي له استحسان حسنة ولا استقباح سيئة)

- ‌ثالثا: إنكار الحكم والغايات المحمودة في الخلق والأمر

- ‌رابعا: عدم تعظيم الأمر والنهي لتساويهما بالنسبة للمشيئة

- ‌خامسا: جعلوا الخارق للعادة علامة الصلاح ولم يشترطوا الصلاح بالعلم والإيمان الصادق والتقوى

- ‌سادسا: غلوهم فيمن يدعون ولايته من ذلك قول بعضهم:

- ‌سابعا: أن محمدا هو الله وذلك من الكفر الواضح الصريح، وفيه دعوى الحلول والاتحاد وهو مخالف لصريح العقل

- ‌ثامنا: اشتمال كثير من أدعيتهم وأقوالهم على ما مؤداه تعطيل الأمر والنهي

- ‌تاسعا: القول بالفناء في الذات الإلهية:

- ‌عاشرا: القول بسقوط التكاليف

- ‌الحادي عشر: التفرقة بين الحقيقة والشريعة

- ‌الثاني عشر: الاحتجاج بالقدر على فعل المحظورات

- ‌الثالث عشر: أن أولياء الله وأعداء الله في الولاء سواء

- ‌الرابع عشر: أن خاتم الأولياء أعظم وأعلم بالله من خاتم الأنبياء

- ‌الخامس عشر: أنه يمكن أن يأتي في المتأخرين أفضل من أبي بكر وعمر

- ‌السادس عشر أن الملائكة عبارة عن الصور الخيالية التي تحصل في نفس النبي نتيجة لما أفاضه العقل الفعال على نفسه

- ‌السابع عشر: أن النبوة أفضل من الرسالة وأن الولي أفضل من الرسول

- ‌الصوفية والبدع

- ‌صلة التصوف بالأفكار الهدامة:

- ‌خاتمة البحث

- ‌أحكام الاختلاف في رؤية هلال ذي الحجة

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌ترجمة المؤلف:

- ‌النص المحقق

- ‌الشهادة في سبيل الله (في الكتاب والسنة)

- ‌المقدمة:

- ‌دلالة الشهادة

- ‌معنى الشهادة لغة:

- ‌المعنى الاصطلاحي:

- ‌أنواع الشهداء

- ‌طلب الشهادة:

- ‌ثمرات الشهادة:

- ‌أولا: الحياة بعد الاستشهاد مباشرة:

- ‌ثانيا: الفرح بما آتاهم الله من فضله، والاستبشار بما من الله عليهم من نعمة وفضل:

- ‌ثالثا: مغفرة الذنوب، وتكفير السيئات والنجاة من النار:

- ‌رابعا: دخول الجنة وحصول الأجر والنعمة والفضل العظيم:

- ‌خامسا: تمنى الرجوع إلى الدنيا فيقتل مرة أخرى بل عشر مرات:

- ‌سادسا: من يكلم في سبيل الله يأتي يوم القيامة اللون لون الدم والرج ريح المسك:

- ‌سابعا: الشهيد في الفردوس الأعلى:

- ‌ثامنا: الملائكة تظل الشهيد بأجنحتها

- ‌تاسعا: حياة أجساد الشهداء:

- ‌عاشرا: الشهداء لا يفتنون في القبور:

- ‌حادي عشر: الشهيد لا يشعر بألم القتل ومرتاح من سكرات الموت:

- ‌ثاني عشر: أرواح الشهداء في جوف طير خضر:

- ‌ثالث عشر: دم الشهيد أحب شيء إلى الله:

- ‌رابع عشر: الشهيد له دار ما أحسن منها:

- ‌خامس عشر: الشهداء أول من يدخل الجنة:

- ‌سادس عشر: الشهيد يشفع في أهل بيته:

- ‌سابع عشر: الشهداء لا يصعقون في نفخة الصور:

- ‌ثامن عشر: لا يجف دم الشهيد حتى يرى الحور العين:

- ‌تاسع عشر: أفضل الشهداء من أهريق دمه وعقر جواده:

- ‌عشرون: الشهيد في سبيل الله أفضل ممن انتصر ورجع سالما:

- ‌واحد وعشرون: الملائكة يدخلون على الشهداء من كل باب يسلمون عليهم:

- ‌اثنان وعشرون: الشهيد في سبيل الله رضي الله عنه رضا لا سخط بعده:

- ‌ثلاثة وعشرون: لا يشترط للشهيد أعمال صالحة قبل الشهادة:

- ‌أربع وعشرون: الشهداء يضحك الله تعالى إليهم:

- ‌ ملخص

- ‌أصول التصحيح والتضعيف

- ‌المقدمة:

- ‌أصول التصحيح والتضعيف

- ‌الفرق بين الحسن والضعيف:

- ‌التضعيف بالنسبة للمتأخرين:

- ‌صحة السند أو ضعفه لا تستلزم صحة الحديث أو ضعفه:

- ‌التصحيح والتضعيف أمر اجتهادي:

- ‌تصحيح المعنى:

- ‌بعض القرائن التي تراعى في المصححين والمضعفين:

- ‌مراعاة السند والمتن في التصحيح والتضعيف:

- ‌الراوي المختلف فيه:

- ‌الراوي المجهول:

- ‌تصحيح الحديث إذا جمع سنده شروط الصحة:

- ‌التصحيح والتضعيف العقلي:

- ‌التصحيح والتضعيف بالكشف:

- ‌الحديث الضعيف المتلقي بالقبول:

- ‌تصحيح الحديث لموافقته الأصول وتضعيفه لمخالفته لها:

- ‌عرض الحديث على القرآن:

- ‌تضعيف الحديث لمخالفته للأمور الطبيعية والعلمية:

- ‌تضعيف الحديث لمخالفته للواقع الاجتماعي، والظروف الاجتماعية والنفسية:

- ‌تضعيف الحديث لكونه لم يروه أصحاب الكتب المعتمدة:

- ‌تصحيح الحديث المضطرب إذا لم يكن له مخالف:

- ‌ما سكت عنه أبو داود:

- ‌تصحيح الحديث أو تضعيفه للحب والبغض:

- ‌تضعيف الحديث لمخالفته للقياس الجلي:

- ‌تضعيف الحديث إذا وقع واحدا فيما تعم به البلوى:

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌ ‌النص المحقق بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر وأعن ووفق للخير يا

‌النص المحقق

بسم الله الرحمن الرحيم

رب يسر وأعن ووفق للخير يا كريم (1)

قال الشيخ الإمام العالم العلامة الأوحد الفهامة (2) وحيد عصره، وفريد دهره: أبو الفرج (3) عبد الرحمن بن الشيخ الإمام شهاب الدين أحمد بن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى (4).

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره من يهده الله فلا مضل له، ومن

يضلل (5) فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:

فقد وقع في هذا العام وهو عام أربعة وثمانين وسبعمائة حادثة، وهو أنه غم هلال ذي الحجة فأكمل الناس هلال ذي القعدة، ثم تحدث الناس برؤية هلال ذي الحجة، وشهد به أناس (6) لم يسمع الحاكم شهادتهم، واستمر الحال على إكمال عدة (7) شهر ذي القعدة، فتوقف بعض الناس

(1) جملة " رب يسر وأعن ووفق للخير يا كريم " غير موجودة في " ع " و " ق ".

(2)

في " ع ": " الإمام الأوحد العلامة والحبر الهمام الفهامة ".

(3)

في " ع ": " الحافظ أبو الفرج زين الدين ".

(4)

في "ع ": "رحمة الله علينا وعليه آمين ".

(5)

لفظة: "ومن يضلل " مكررة في "ق ".

(6)

في "م" و"ق": "ناس".

(7)

في " ع ": " عدد "، ووضع عليها علامة نسخة، وفي هامشها:" عدة " ووضع علما علامة نسخة أخرى.

ص: 245

عن (1) صيام التاسع (2) الذي هو يوم عرفة في هذا العام. وقالوا هو يوم النحر على ما أخبر به أولئك الشهود الذين لم تقبل شهادتهم، وقيل: إن بعضهم ضحى في ذلك اليوم، وحصل للناس بسبب ذلك اضطراب.

فأحببت أن أكتب في ذلك ما يسره الله تعالى. وبه (3) المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

فنقول: هذه المسألة لها صورتان:

إحداهما:

أن يكون الشك مستندا إلى قرائن مجردة، أو إلى شهادة من لا تقبل شهادته (4) إما لانفراده بالرؤية أو لكونه ممن لا يجوز قبول قوله ونحو ذلك.

فهذه المسألة قد اختلف الناس فيها على قولين. أحدهما: أنه لا يصام في هذه الحالة (5). قال النخعي في صوم يوم عرفة في الحضر: إذا كان فيه اختلاف فلا تصومن وعنه قال: كانوا لا يرون بصوم يوم عرفة بأسا

(1) في " ع ": " في " ووضع عليه علامة نسخة، وفي هامشها:" عن " ووضع عليه علامة نسخة أخرى.

(2)

في " ع ": " اليوم التاسع ".

(3)

في " ع ": " وبالله ".

(4)

في " ع ": " شهادتهم ".

(5)

في هامش "ع ": "الحال " ووضع عليها علامة نسخة أخرى.

ص: 246

إلا أن يتخوفوا أن يكون يوم الذبح. خرجهما ابن أبي شيبة في كتابه، وسنذكر عن مسروق وغيره من التابعين مثل ذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى.

وكلام هؤلاء قد يقال- والله أعلم- إنه محمول (1) على الكراهة دون التحريم. وقد ذكر شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية رحمه الله تعالى في صوم هذا اليوم في هذه الحالة (2) أنه جائز بلا نزاع بين العلماء. قال: لأن الأصل

(1) في " ع ": " قد يقال إنه محمول والله أعلم ".

(2)

في " ع ": "في هذا الحال ".

ص: 247

عدم العاشر كما أنهم لو شكوا ليلة الثلاثين من رمضان هل طلع الهلال أم (1) لم يطلع؟ فإنهم يصومون ذلك اليوم باتفاق الأئمة وإنما (2) يوم الشك الذي رويت فيه الكراهة الشك (3) في أول رمضان (4)، لأن الأصل بقاء شعبان. انتهى.

(1) في " ع ": "أو".

(2)

في " ع ": " فإنما ". وفي هامشها: " وإنما " وعليها علامة نسخة أخرى وعلامة تصحيح.

(3)

لفظة: "الشك ": ليست في "م " والصحيح إثباتها، كما في مجموع فتاوى ابن تيمية 25/ 204.

(4)

سيأتي ذكر أقوال أهل العلم في حكم صوم هذا اليوم ص (36 - 37).

ص: 248

فإما أن يكون اطلع على كلام النخعي وحمله على الكراهة. فلذلك (1) نفى النزاع في جوازه، وإما أن يكون لم يطلع عليه، ومراده: أن يستصحب الأصل في كلا الموضعين، لأن الأصل بقاء الشهر المتيقن وجوده وعدم دخول الشهر المشكوك في دخوله (2)، فكذلك هنا إذا شك في دخول ذي الحجة (3) بنى (4) الأمر على إكمال ذي القعدة، لأنه الأصل، ويصام يوم عرفة على هذا الحساب، وهو تكميل شهر ذي القعدة.

ولكن من السلف من كان يصوم يوم الشك في أول رمضان احتياطيا

(1) في "م ": "فذلك ".

(2)

انظر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية الذي سبق نقله في التعليق السابق.

(3)

في "ع ": " شهر ذي الحجة".

(4)

في "م ": و"ق ": "مبنى".

ص: 249

صفحة فارغة

ص: 250

صفحة فارغة

ص: 251

وفرق طائفة منهم بين أن تكون السماء مصحية أو مغيمة.

ص: 252

كما هو المشهور عن الإمام أحمد.

ص: 253

والاحتياط هنا: إنما يؤثر (1) في استحباب صيام الثامن والتاسع من ذي الحجة مع الشك احتياطا. كما قال ابن سيرين وغيره أنه مع اشتباه الأشهر في (2) شهر المحرم يصام منه ثلاثة أيام احتياطا ليحصل بذلك صيام يوم التاسع والعاشر، ووافقه (3) الإمام أحمد رحمه الله على ذلك.

(1) في "ع " و "م ": "يعتبر".

(2)

في "ع ": "وفي ".

(3)

في " ع ": " ووافق " وعليها علامة نسخة، وفي هامشها:" ووافقه " وعليها علامة نسخة أخرى.

ص: 254

وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يعلل (1) صيام التاسع مع العاشر بالاحتياط (2) أيضا خشية فوات صوم يوم عاشوراء.

وأما أن الاحتياط ينهض إلى تحريم صيام يوم التاسع من ذي الحجة لمجرد (3) الشك فكلا، لأن الأصل بقاء ذي القعدة وعدم استهلاك ذي الحجة، فلا (4) يحرم صوم يوم (5) التاسع منه بمجرد الشك، كما يجب صوم الثلاثين (6) من رمضان مع الشك في استهلاك شوال، لأن الأصل عدمه وبقاء رمضان.

القول الثاني: أنه يصام ولا يلتفت إلى الشك، وهو مروي عن عائشة رضي الله عنها من وجوه. قال عبد الرزاق في كتابه: أخبرنا (7) معمر عن

(1) في "ع ": " يصل " ووضع عليها علامة نسخة، وفي هامشها:" يعلل " ووضع عليها علامة نسخة أخرى.

(2)

في " م ": " الاحتياط ".

(3)

في " ع ": " بمجرد " ووضع عيها علامة نسخة، وفي هامشها:" لمجرد " ووضع عليها علامة نسخة أخرى.

(4)

في "ع": "ولا".

(5)

لفظة " يوم " غير موجودة في " ع ".

(6)

في " ع ": " صوم يوم الثلاثين ".

(7)

في هامش " ع ": "أنبأنا " ووضع عليها علامة نسخة، وفي "م" و" ق ":"أنبأ".

ص: 255

جعفر بن برقان عن الحكم أو غيره عن مسروق أنه دخل هو ورجل معه (1) على عائشة يوم عرفة فقالت عائشة: يا جارية خوضي لهما سويقا وحليه، فلولا أني صائمة لذقته، قالا: أتصومين يا أم المؤمنين ولا تدرين لعله يوم النحر؟ فقالت: إنما يوم النحر إذا نحر الإمام وعظم الناس، والفطر إذا أفطر الإمام وعظم الناس. وروي من وجه آخر. رواه أبو إسحاق السبيعي عن مسروق قال: دخلت على عائشة أنا وصديق لي (2) يوم عرفة فدعت لنا بشراب، فقالت: لولا أني صائمة لذقته. فقلنا لها: أتصومين والناس يزعمون أن اليوم يوم النحر؟ قالت: " الأضحى

(1) لفظة: " معه " غير موجودة في "م ".

(2)

في " ع": "دخلت أنا وصاحب لي على عائشة".

ص: 256

يوم يضحي الناس، والفطر يوم يفطر الناس ": رواه الإمام أحمد عن ابن نمير وابن فضيل كلاهما عن الأعمش عن أبي إسحاق به. خرجه عنه ابنه عبد الله في كتاب المسائل (1).

وخرجه (2) أيضا عبد الله عن أبيه عن ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي عطية ومسروق قالا (3): دخلنا على عائشة في اليوم الذي يشك فيه الأضحى (4)، فقالت: خوضي لابني سويقا وحليه، فلولا أني صائمة لذقته. فقيل لها: يا أم المؤمنين: إن الناس يرون أن اليوم يوم الأضحى، فقالت:" إنما يوم (5) الأضحى يوم يضحي الإمام وجماعة الناس ".

(1) لم أقف على هذه الرواية في مسائل عبد الله المطبوع.

(2)

في " ع ": " وخرج "، ووضع عليها علامة نسخة، وفي هامشها:" وخرجه " ووضع عليها علامة نسخة أخرى.

(3)

في " ق ": " وقال ".

(4)

في "ق ": "للأضحى"

(5)

لفظة: " يوم " غير موجودة في " ع ".

ص: 257

وكذا رواه شعبة عن أبي إسحاق عن أبي عطية ومسروق عن عائشة بنحوه.

ورواه دلهم (1) بن صالح عن أبي إسحاق عن أبي عطية (2) ومسروق عن عائشة. واختلف عليه في رفع آخر الحديث، وهو:"إنما (3) الأضحى يوم يضحي الإمام "، فمن أصحابه من رفعه عنه وجعله من قول النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم من وقفه على عائشة، وهو الصحيح (4).

ورواه أيضا مجالد عن الشعبي عن مسروق عن عائشة بنحوه موقوفا أيضا (5).

فهذا الأثر (6) صحيح عن عائشة رضي الله عنها، إسناده في غاية

(1) في " م " و" ق ": " ورواه لهم ". وفي " ع ": " وروى دلهم ".

(2)

لفظة: "أبي عطية" غير موجودة في "ع ".

(3)

في "ق ": "إن ".

(4)

قال الحافظ في التلخيص 2/ 256: "وصوب الدارقطني وقفه في العلل ".

(5)

إسناده ضعيف، مجالد- وهو ابن سعيد الهمداني- ليس بالقوي، وقد تغير في آخر عمره كما في التقريب ص 520.

(6)

في " ع ": " فهذا أثر ".

ص: 258

الصحة، ولا يعرف لعائشة (1) مخالف من الصحابة. ووجه قولها: إن الأصل في هذا اليوم أن يكون يوم عرفة، لأن اليوم المشكوك فيه، هل هو من ذي الحجة أو من ذي القعدة؟ الأصل فيه: أنه من ذي القعدة فيعمل بذلك استصحابا للأصل.

ومأخذ آخر: وهو (2) الذي أشارت إليه عائشة رضي الله عنها: أن يوم عرفة هو يوم مجتمع الناس مع الإمام على التعريف فيه، ويوم النحر هو الذي يجتمع الناس مع الإمام على التضحية فيه، وما ليس كذلك فليس بيوم عرفة، ولا يوم أضحى، وإن كان بالنسبة إلى عدد أيام الشهر هو التاسع، أو العاشر.

(1) في " ع ": زيادة: " في ذلك ".

(2)

في " ع ": " هو"، ووضع عليه علامة نسخة، وفي هامشها:"وهو " ووضع عليه علامة نسخة أخرى.

ص: 259

وقد روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم (1) من وجوه متعددة. خرجه الترمذي من طريق المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الصوم يوم يصوم الناس، والفطر يوم يفطرون، والأضحى يوم يضحون (2)» وقال (3) حسن غريب.

(1) في " ع ": زيادة: " مرفوعا ".

(2)

رواه الترمذي-؟ قال المؤلف- في كتاب الصوم باب ما جاء في: الصوم يوم تصومون .. 3/ 71، رقم (297)، ومن طريقه البغوي في شرح السنة كتاب الصيام باب إذا أخطأ القوم الهلال 6/ 347، 348، رقم (726) من طريق إسحاق بن جعفر بن محمد: حدثني عبد الله بن جعفر- وهو المخرمي-، فقد قال في التقريب ص 298:" ليس به بأس " وهو من رجال مسلم، وعدا عثمان بن محمد- وهو الأخنسي- فهو صدوق له أوهام كما في التقريب ص 386، وقد صحح هذا الإسناد الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في رسالة: أوائل الشهور العربية هل يجوز شرعا إثباتها بالحساب الفلكي ص 22، وحسنه الشيخ محمد ناصر الدين في الإرواء رقم (905). وقد تابع إسحاق بن جعفر أبو سعيد مولى بني هاشم، فقد رواه البيهقي في سننه الكبرى في كتاب الصيام باب القوم يخطئون الهلال 4/ 252 من طريق أبي سعيد مولى بنى هاشم: ثنا عبد الله بن جعفر المخرمي به. وأبو سعيد- وهو عبد الرحمن بن عبد الله البصري- صدوق ربما أخطأ، وهو من رجال البخاري كما في التقريب ص 344، وليس في هذه الرواية جملة " والفطر يوم تفطرون ". ورواه الدارقطني 2/ 164، ومن طريقه ابن العربي في شرح الترمذي 4/ 222 بإسنادين فيهما الواقدي، وهو متروك كما في التقريب ص498. وقال الدراقطني " الواقدي ضعيف " وخالفه ابن العربي فوثق الواقدي، وصحح روايته، وتبعه في ذلك أحمد شاكر في رسالته: أوائل الشهور العربية هل يجوز شرعا إثباتها بالحساب الفلكي ص22 - 24.

(3)

في "م " و "ق ": "قال ".

ص: 260

وخرجه أبو داود وابن ماجه من طريق ابن المنكدر عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه بدون ذكر " الصوم ".

ص: 261

وخرجه الترمذي من حديث ابن المنكدر عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال صحيح (1).

وقد روي عن عائشة من وجوه أخر مرفوعا. وروي عن أبي هريرة

(1) الذي في سنن الترمذي المطبوع 3/ 156: "قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه ".

ص: 262

من قوله موقوفا.

وروى السفاح بن مطر عن عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يوم عرفة اليوم الذي يعرف الناس فيه (1)» مرسل حسن، احتج به الإمام أحمد على أن الناس إذا وقفوا في يوم عرفة خطأ

(1) رواه الدارقطني في الحج 2/ 223، 224، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى في الحج باب خطأ الناس يوم عرفة 5/ 174 من طريق هشيم عن العوام بن حوشب عن السفاح بن مطر به. وإسناده ضعيف. فيه ثلاث علل: إحداها: الإرسال- كما ذكر المؤلف- فإن عبد العزيز بن عبد الله بن خالد تابعي لم يدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم. انظر المراسيل لأبي داود ص 139، والتقريب ص 357، والثانية: السفاح بن مطر لم يوثقه غير ابن حبان في كتاب الثقات 6/ 435، وقال في التقريب ص 243:" مقبول "، والثالثة: هشيم- وهو ابن بشير- مدلس، وقد عنعن. انظر تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس لابن حجر ص 115، وقال البيهقي:"هذا مرسل جيد". وله شاهد لا يفرح به رواة الدارقطني في الموضوع السابق من طريق الواقدي عن ابن أبي سبرة عن يعقوب بن زيد بن طلحة التيمي عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عرفة يوم يعرف الناس". الواقدي متروك كما في التقريب ص-498، وزيد بن طلحة تابعي، انظر التاريخ الكبير 3/ 398، والثقات 4/ 249، فهو مرسل. وفي الجملة فإن هذا الحديث صحيح من حديث أبي هريرة بلفظ:" الصوم يوم يصوم الناس، والفطر يوم يفطرون والأضحى يوم يضحون "، وقد صححه أو حسنه جمع من أهل العلم منهم النووي في المجموع 5/ 27، والسبكي في رسالة العلم المنشور في إثبات الشهور ص 18، والسيوطي في الجامع الصغير (فيض القدير 4/ 441)، والعظيم آبادي في التعليق المغني 2/ 224، وأحمد شاكر في رسالته: أوائل الشهور العربية هل يجوز شرعا إثباتها بالحساب الفلكي ص 24، ومحمد ناصر الدين في الإرواء 4/ 11، وشعيب الأرنؤوط في تعليقه على شرح السنة 6/ 248، وعبد القادر الأرنؤوط في تعليقه على جامع الأصول 6/ 278. وقد اختلف في تفسير هذا الحديث:" وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقال: إنما معنى هذا: أن الصوم والفطر مع الجماعة وعظم الناس ". وقال الإمام الخطابي في معالم السنن 3/ 213: " معنى الحديث أن الخطأ موضوع عن الناس فيما كان سبيله الاجتهاد، فلو أن قوما اجتهدوا فلم يروا الهلال إلا بعد الثلاثين، فلم يفطروا حتى استوفوا العدد، ثم ثبت عندهم أن الشهر كان تسعا وعشرين فإن صومهم وفطرهم ماض، فلا شيء عليهم من وزر أو عنت، وكذلك في الحج إذا أخطئوا يوم عرفة فإنه ليس عليهم إعادة، ويجزيهم أضحاهم كذلك، وإنما هذا تخفيف من الله سبحانه ورفق بعباده. ولو كلفوا إذا أخطئوا العدد أن يعيدوا لم يأمنوا أن يخطئوا ثانيا، وأن لا يسلموا من الخطأ ثالثا ورابعا، فإن ما كان سبيله الاجتهاد كان الخطأ غير مأمون فيه ". وقد وافق الإمام الخطابي على هذا التفسير جمهور أهل العلم. انظر نيل الأوطار 3/ 383. وخالفهم في تفسير هدا الحديث القاضي السبكي في كتاب العلم المنشور ص 18 فقال بعد ذكره لهذا الحديث: " وهذا معناه والله أعلم إذا اجتمع الناس على ذلك فلا يكلفون بما عسى أن يكون في نفس الأمر ولم يعلموا به ". وقال ص 51 من هذا الكتاب بعد ذكره لقول الحنفية: إنهم إذا عدوا شعبان ثلاثين عن رؤية ثم صاموا ثمانية وعشرين فرأوا الهلال قضوا يوما، لأنهم غلطوا. قال:" فذلك من الحنفية يدل على أن الصوم ليس يوم تصومون غلطا والفطر ليس يوم تفطرون غلطا، وإنما معنى الحديث: يوم تصومون الصوم الصحيح وتفطرون الفطر الصحيح ". والأقرب في تفسير هذا الحديث هو ما نقله الإمام الترمذي عن بعض أهل العلم، فهو الموافق لقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ولا يعرف لها مخالف من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. انظر ما مضى ص (22) تعليق (4)، وانظر التعليق الآتي.

ص: 263

أجزأهم حجهم. وقال مجاهد: الأضحى يوم يضحون والفطر يوم

ص: 264

يفطرون، والجمعة يوم يجمعون. خرجه عبد الله بن الإمام أحمد (1).

(1) لم أقف عليه.

ص: 265

الصورة الثانية:

أن يشهد برؤية هلال ذي الحجة من يثبت الشهر به، لكن لم يقبله الحاكم إما لعذر ظاهر، أو لتقصير في أمره. ففي هذه الصورة. هل يقال: يجب على الشهود العمل بمقتضى رؤيتهم، وعلى من يخبرونه ممن يثق بقولهم، أم لا؟ فقد يقال: إن هذه المسألة تخرج على الخلاف المشهور في مسألة المنفرد برؤية هلال شوال، هل يفطر عملا برؤيته أم لا يفطر إلا مع الناس؟ وفي ذلك (1) قولان مشهوران للعلماء:

(1) أي في فطر من رأى هلال شوال وحده.

ص: 265

أحدهما: لا يفطر. وهو قول عطاء، والثوري (1)، والليث (2)، وأبي حنيفة (3)، وأحمد، وإسحاق (4). وروي مثله عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

(1) التمهيد 14/ 335.

(2)

التمهيد 14/ 355، تفسير القرطبي 2/ 294، المغني 4/ 420، الشرح الكبير لابن قدامة 2/ 8.

(3)

تبيين الحقائق 1/ 318، فتح القدير 2/ 325، البحر الرائق 2/ 286.

(4)

تفسير القرطبي 2/ 294.

ص: 266

والثاني: يفطر. وهو قول الحسن بن صالح (1) والشافعي، وأبي ثور، وطائفة من أصحابنا. وروي عن مالك كلا القولين.

(1) التمهيد 14/ 355.

ص: 267

قالت طائفة من أصحابنا (1): هذه المسألة تبنى على هذا الأصل. وهو الصحيح من المذهب.

فعلى قول من يقول: لا يفطر المنفرد برؤية هلال شوال، بل يصوم ولا يفطر إلا مع الناس. فإنه يقول: يستحب صيام يوم عرفة للشاهد الذي لم تقبل شهادته بهلال ذي الحجة، لأن هذا هو (2) يوم عرفة في حق الناس، وهو منهم. ومن قال في الشاهد (3) بهلال شوال يفطر سرا. قال ههنا: إنه يفطر ولا يصوم، لأنه يوم عيد في حقه. قال: وليس له التضحية قبل الناس في هذا اليوم، كما أنه لا ينفرد بالوقوف بعرفة دون الناس بهذه الرؤية، لأن الذين أمروا بالفطر في آخر رمضان إنما أمروا به سرا ولم يجيزوا له إظهاره. والانفراد بالذبح والوقوف فيه من مخالفة الجماعة ما في إظهار الفطر. وهذا ما ذكره الشيخ تقي الدين أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى، مع أنه قد

(1) ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية وسنذكر كلامه في ذلك قريبا إن شاء الله.

(2)

الضمير " هو" غير موجود في "ع ".

(3)

في " ع "" بالشاهد "، وعليه علامة نسخة. وفي هامشها:" في الشاهد " ووضع عليه علامة نسخة أخرى.

ص: 268

روى عن سالم بن عبد الله بن عمر وخرجه عبد الرزاق عن سفيان الثوري، عن عمر بن محمد قال: شهد نفر أنهم رأوا هلال ذي الحجة فذهب بهم سالم إلى والي الحاج (1) هو ابن هشام، فأبى أن يجيز شهادتهم، فوقف سالم بعرفة لوقت شهادتهم، فلما كان اليوم الثاني وقف مع (2) الناس.

(1) في " ع ": " الحج " ووضع عليه علامة نسخة، وفي هامشها:" الحجاج " ووضع عليه علامة نسخة أخرى.

(2)

سقطت: "مع "من "م ".

ص: 269

لكن الذبح ليس هو مثل الوقوف، لأنه لا ضرورة في تقديمه لامتداد وقته بخلاف الوقوف.

وقد يقال: إن صيام هذا اليوم في حق الشاهد، أو من أخبره به ينبني على اختلاف المآخذ في الأمر (1) لمن انفرد برؤية هلال الفطر بالصيام مع الناس.

وفي ذلك مآخذ:

أحدهما: الخوف من التهمة بالفطر.

والثاني: خوف الاختلاف وتشتت الكلمة، وأن يجعل لكل إنسان مرتبة الحاكم، وقواعد الشرع تأبى ذلك. وهو الذي ذكره الشيخ مجد الدين ابن تيمية وغيره.

(1) قوله: " في الأمر" غير موجود في "م " و"ق ".

ص: 270

والثالث (1): أنه لم يكمل نصاب الشهادة برؤيته وحده. وهذا مأخذ الشيخ موفق الدين بن قدامة المقدسي من أصحابنا (2).

الرابع: ما ذكره الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمه الله: أن الشهر: ما اشتهر وظهر، والهلال: ما استهل به وأعلن دون ما (3) كان في السماء من غير رؤية ولا اشتهار، فإن اسم الشهر والهلال لا يصدق بدون اشتهار رؤيته، وترتيب الفطر والنسك عليه، فما (4) لم يكن كذلك فليس بهلال ولا شهر.

فأما على المأخذ الأول فلا يظهر الأمر للشاهد هنا بالصوم، لأن الفطر يوم عرفة لا يخشى منه تهمة كما في رمضان.

(1) في " ع ": " الثالث ".

(2)

قوله: " من أصحابنا " غير موجود في " م " و" ق ".

(3)

" ما " غير موجودة في: "م ".

(4)

في "م "و"ع ": "فلما".

ص: 271

وأما على المأخذ الثاني، وهو الاختلاف على الإمام، وتشتيت (1) الكلمة، فيتوجه الأمر بصيام هذا اليوم مع الناس، لأن فطره يؤدي إلى أن يفطر أكثر الناس يوم عرفة مع اعتيادهم لصيامه في سائر الأعوام. وهذا فيه تفريق للكلمة (2)، وافتيات على الإمام.

وأما على المأخذ الثالث. فيقال: إن كان هناك شاهدان فصاعدا. فقد كمل نصاب الشهادة فيعملان هما ومن يثق بقولهما بشهادتهما. وكذا قال الشيخ موفق الدين - رحمه الله تعالى- في الشاهدين بهلال الفطر إذا ردت شهادتهما أنهما يفطران هما ومن يثق بقولهما (3). وخالفه في ذلك الشيخ مجد الدين، وقال: وقياس المذاهب خلاف ذلك، بناء على المأخذ الأول والثاني.

وأما على المأخذ الرابع: فيتوجه ما ذكره الشيخ تقي الدين وهو ظاهر المروي عن عائشة (4) وغيرها من السلف. وعليه تدل الأحاديث

(1) في "ق ": "وتشتت ".

(2)

في "ع "و"م ": "الكلمة".

(3)

انظر المعني 4/ 421.

(4)

سبق تخريج ما روي عن عائشة رضي الله عنها في ذلك ص (19 - 22).

ص: 272

السابقة: أن الأضحى يوم يضحي الناس، والفطر يوم يفطرون، وعرفة يوم يعرفون.

والمنقول عن الصحابة كابن عمر وعن كثير من التابعين، كالشعبي

ص: 273

والنخعي، والحسن، وابن سيرين وغيرهم: يقتضي أن لا ينفرد عن الجماعة بصيام ولا فطر.

وأحمد يرى أنه لا ينفرد عن الجماعة بالفطر كمن رأى هلال شوال وحده.

وأما الانفراد عن الجماعة بالصيام فعنه فيه (1) روايتان، مثل (2) صيام

(1) في " ع "" ففيه روايتان "، وفي " م ":" ففيه عنه روايتان ".

(2)

في "ق ": "ومثل ".

ص: 274

يوم الغيم إذا لم يصمه الإمام والجماعة معه، ومثل (1) من رأى هلال (2) رمضان وحده وردت شهادته، فإن في وجوب صيامه على الرائي عن أحمد روايتين، والمنصوص عنه في رواية حنبل أنه لا يصوم (3)، وهو قول طائفة من السلف، كعطاء (4)، والحسن (5)، وابن سيرين (6)، ومذهب إسحاق.

(1) في "ق ": "ومثله ".

(2)

في "ع ": " ومثل صيام من رأى هلال "، وفي هامشها:" من رأى صيام هلال "، وعليها علامة نسخة.

(3)

انظر التعليق السابق رقم (4).

(4)

سبق تخريج قوله ص (28) تعليق (3).

(5)

سبق تخريج قوله ص (36) تعليق (2).

(6)

سبق تخريج قوله ص (36) تعليق (3).

ص: 275

وعلى هذا فقياس مذهبه أنه لا ينفرد عن الجماعة بالفطر في يوم عرفة إذا صامه الإمام والناس ورآه من لم يؤخذ بقوله، فإن في الأمر بفطره وتحريم صيامه (1) مفسدة المخالفة للإمام (2) وجماعة المسلمين، ومثل هذا لا يكاد يخفى بل ويظهر وينتشر، كما وقع في هذا العام، وربما يؤدي إلى أن يجعله كثير من الناس يوم النحر، فتنحر فيه الأضاحي، كما وقع في هذا العام (3) وهذا من أبلغ الافتيات على الإمام وجماعة المسلمين، وفيه تشتيت الكلمة، وتفريق الجماعة، ومشابهة أهل البدع (4)، كالرافضة ونحوهم، فإنهم ينفردون عن المسلمين بالصيام والفطر، وبالأعياد، فلا ينبغي التشبه بهم في ذلك.

(1) في " م ": " وتحريمه " وقد عدلت بخط مغاير للخط الذي كتبت به المخطوطة إلى: " وتحريم صيامه "

(2)

في " ع ": " لمخالفة الإمام " وفي " م ": " للمخالفة للإمام ".

(3)

في " ع " زيادة: " أيضا".

(4)

في " ع ": " البدعة "

ص: 276

ويحقق (1) هذا: أن التقدم على الإمام بذبح النسك منهي عنه، كالتقدم عليه بالصيام، والتقدم عليه بالدفع من عرفة، والتقدم عليه بصلاة الجمعة، ولذلك منع طائفة من أصحابنا كأبي بكر عبد العزيز أهل الأعذار أن يصلوا الظهر يوم الجمعة حتى يصلي الإمام الجمعة. ولذلك (2) تنازع العلماء: هل يجوز التقدم على الإمام بالذبح يوم النحر، أم لا يجوز (3)

(1) في هامش "ع ": "وتحقيق " ووضع عليه علامة نسخة أخرى.

(2)

في " ع ": " وكذلك "، وفي هامشها:" ولذلك " ووضع عليه علامة نسخة أخرى.

(3)

في " ع " زيادة: " الذبح ".

ص: 277

حتى يذبح الإمام نسكه؟ فيه (1) قولان مشهوران للعلماء، ولا خلاف بينهم أن الأفضل أن يذبح الناس حتى يذبح الإمام (2).

(1) في "ع "و"م ": "وفيه ".

(2)

حكى الإجماع على هذه المسألة أيضا الشيخ عبد الرحمن بن قاسم في حاشيته على الروض المربع 4/ 230.

ص: 278

وقال الحسن في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (1) قال: لا تذبحوا قبل الإمام. خرجه ابن أبي حاتم.

فإن قيل: أليس قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عند وجود الأئمة الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها أن يصلوا الصلاة لوقتها وأن يجعلوا صلاتهم معهم نافلة، مع أن في ذلك افتياتا على الأئمة واختلافا عليهم؛ ولهذا كان بنو أمية يشددون في ذلك ويستحلفون الناس عند مجيئهم للصلاة، أنهم ما صلوا قبل ذلك (2). ومع هذا فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة في الوقت سرا وبالصلاة معهم نافلة لدفع شرهم وكف أذاهم، وهذا يدل على أنه لا يجوز لأحد ترك ما يعرفه من الحق، لموافقة الأئمة وعموم الناس، بل يجب عليه العمل بما يعرفه من الحق في نفسه، وإن كان فيه مخالفة للأئمة وعموم الناس المتبعين

(1) سورة الحجرات الآية 1

(2)

لم أقف عليه

ص: 279

لهم، وحينئذ فلا يجوز أن يؤمر من رأى الهلال، أو من أخبره (1) برؤيته من يثق به أن يتبع الإمام والجماعة معه، ويترك ما (2) عرفه من الحق.

فالجواب: أن ما نحن فيه ليس من هذا القبيل، وذلك أن الصلاة لها وقت محدود في الشرع معلوم أوله وآخره علما ظاهرا، فمن غيره من الأئمة لم تجز (3) متابعته في ذلك، لأن فيه موافقة على تغيير الشريعة، وذلك لا يجوز.

فنظير هذا من مسألتنا أن يشهد (4) شهود عدول عند حاكم برؤية هلال ذي الحجة أو رمضان، فيقول: هم عندي عدول ولا أقبل شهادتهم. أو نحو ذلك مما يظهر فيه أنه (5) تعمد ترك الواجب بغير عذر. فهنا (6) لا يلتفت إليه ويعمل بمقتضى الحق، وإن كان يظهر له التقية إذا خيف من شره. كما أمر

(1) في " ع ": " ومن أمره " وعليها علامة نسخة، وفي هامشها:"أو من أخبره " وعليها علامة نسخة أخرى.

(2)

في "ع ": "ما قد".

(3)

في "ع ": "لم تجب".

(4)

في " ع ": "إن شهد " وعليها علامة نسخة، وفي هامشها:"أن شهد " وعليها علامة نسخة أخرى.

(5)

"أنه " غير موجودة في "ع ".

(6)

"فهنا" غير موجودة في "ع ".

ص: 280

النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة مع أولئك الأمراء نافلة. وهذا بخلاف الأمور الاجتهادية التي تخفى ويسوغ في مثلها الاجتهاد، كقبول الشهود وردهم، فإن هذا مما تخفى أسبابه، وقد يكون الحاكم معذورا في نفس الأمر، ففي مثل هذا لا يجوز الافتيات على الأئمة ونوابهم ولا إظهار مخالفتهم، ولو كانوا مفرطين في نفس الأمر، فإن تفريطهم عليهم لا على من لم يفرط، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الأئمة:«يصلون لكم (2)» خرجه البخاري. انتهى والله أعلم.

(1) انظر صحيح البخاري مع الفتح: كتاب الأذان باب إذا لم يتم الإمام وأتم من خلفه 2/ 187، حديث (694).

(2)

(1) فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم

ص: 281

آخر ما ذكره الشيخ رحمه الله تعالى.

ص: 282