الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال شيخنا محمد أبو شهبة رحمه الله في رده على أبي رية: وما يتراءى لبعض الناس أنه مخالف الكونية- من الأحاديث- قد لا يكون مخالفا عند التحقيق والتدقيق، وما يعتبره البعض مخالفا للقطعي أو للحسي قد لا يعتبره الآخر كذلك، فمن ثم دخلت المغالط الكثيرة على المؤلف وغيره ممن عرضوا لنقد الحديث، وذلك لأنهم جعلوا غايتهم التزييف والهدم، فمن ثم تلمسوا أوهى الأسباب، وركبوا كل صعب في سبيل إظهار بعض الأحاديث بمظهر المخالف لما ذكر (1)
(1) دفاع عن السنة (ص 196 - 197).
تضعيف الحديث لكونه لم يروه أصحاب الكتب المعتمدة:
إذا لم يرد الحديث في كتب السنة المعتمدة، ولم يروه أحد من أصحاب المصنفات الحديثية المشهورة المعروفة، فهل يحكم لذلك على الحديث بالضعف، وذلك بأن يروى في جزء من الأجزاء، أو الفوائد أو الأمالي أو المجالس، أو المشيخات أو غيرها من المصنفات، ولم يخرج في شيء من الكتب المعتمدة.
ونعني بكون الكتاب معتمدا أن يكون من كتب الحديث ويجمع بين صفتي التقدم والشهرة، أي التداول في أوساط العلماء، ويكون معروفا مشهورا لديهم، متقدما في التصنيف، لا شك أن الحديث إذا كان مما يحتاج إلى مثله ولم يعرف لدى المصنفين المشهورين الذين قاموا بجمع الأحاديث وتصنيفها، أو يكون معروفا لكن يعرضون عن إخراجه، فإنه مما يغلب على الظن عدم صحته، إذ لو كان صحيحا لعرفه وخرجه بعض هؤلاء الحفاظ المتقدمين.
قال ابن الجوزي: (الموضوعات 1/ 99): فمتى رأيت الحديث خارجا عن دواوين الإسلام كالموطأ، ومسند أحمد، والصحيحين، وسنن أبي داود ونحوها فانظر فيه فإن كان له نظير من الصحاح والحسان قرب أمره، وإن ارتبت فيه ورأيته يباين الأصول فتأمل رجال إسناده. .
إلخ.
قال الزيلعي: يكفينا في تضعيف أحاديث الجهر بالبسملة إعراض أصحاب الجوامع الصحيحة، والسنن المعروفة، والمسانيد المشهورة المعتمدة عليها في حجج العلم ومسائل الدين عنه.
وقال صاحب "التنقيح " كيف يكون هذا الحديث- أي حديث رخصة الحجامة للصائم- صحيحا، سالما من الشذوذ والعلة، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة، ولا هو في المصنفات المشهورة، ولا في السنن المأثورة، ولا في المسانيد المعروفة، وهم يحتاجون إليه أشد احتياج (1).
وقد كثر هذا في كلام العلماء كابن تيمية، وابن عبد الهادي، وغيرهما (2) قال ابن جماعة: مع غلبة الظن أنه لو صح لما أهمله أئمة الأعصار المتقدمة لشدة فحصهم واجتهادهم (3).
ولا عبرة هنا بالأحاديث المنقولة في كتب الفقه المبسوطة، أو كتب التاريخ والتصوف ونحوها ما لم يظهر سندها، أو يعلم اعتماد أرباب الحديث
(1) نصب الراية (1/ 355، 356)، (2/ 480)، تحقيق الغاية (55).
(2)
انظر مثلا منهاج السنة (4/ 286، 483، 495، 561)، الصارم المنكي (31، 40).
(3)
المنهل الروي.