الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرعية بداءتهم بالسلام أو الرد عليهم. وسبق أن صدر من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتاوى فيما سألت عنه وفيها الكفاية إن شاء الله.
وفق الله الجميع لما فيه رضاه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. .
طريقة النصيحة لمن يجاهر بالمعاصي
س: رسالة وصلت من الكويت باعثها يشكو من أخ له ويقول إنه يقترف بعض المعاصي وقد نصحه كثيرا إلا أن الأمر آل به إلى المجاهرة ويرجو التوجيه في هذا الموضوع؟
جـ: الواجب على المسلمين فيما بينهم التناصح والتعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق والصبر عليه كما قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (1)، وقال سبحانه:{وَالْعَصْرِ} (2){إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (3){إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (4)، وقال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام:«الدين النصيحة " قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: "لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم (5)» خرجه الإمام مسلم في صحيحه. هاتان الآيتان مع الحديث الشريف كلها تدل على وجوب التناصح والتعاون على الخير واالتواصي بالحق. فإذا رأى المسلم من أخيه تكاسلا عما أوجب الله عليه، أو ارتكابا لما حرم الله عليه وجب نصحه وأمره بالمعروف
(1) سورة المائدة الآية 2
(2)
سورة العصر الآية 1
(3)
سورة العصر الآية 2
(4)
سورة العصر الآية 3
(5)
صحيح مسلم الإيمان (55)، سنن النسائي البيعة (4197)، سنن أبو داود الأدب (4944)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 102).
ونهيه عن المنكر حتى يصلح المجتمع ويظهر الخير ويختفي الشر كما قال الله سبحانه وتعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (1)، وقال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام:«من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان (2)» خرجه الإمام مسلم في صحيحه. فأنت أيها السائل مادمت نصحته ووجهته إلى الخير ولكنه ما زاده ذلك إلا إظهارا للمعصية فينبغي لك هجره وعدم اتخاذه صاحبا. وينبغي لك أن تشجع غيرك من الذين قد يؤثرون عليه وقد يحترمهم أكثر على نصيحته ودعوته إلى الله لعل الله ينفع بذلك، وإن رأيت أن الهجر يزيده شرا وأن اتصالك به أنفع له في دينه وأقل لشره فلا تهجره، لأن الهجر يقصد منه العلاج فهو دواء، فإذا كان لا ينفع بل يزيد الداء داءا فأنت تعمل ما هو الأصلح من الاتصال به وتكرار النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من غير اتخاذه صاحبا ولا خليلا لعل الله ينفع بذلك وهذا هو أحسن ما قيل في هذا من كلام أهل العلم رحمهم الله.
(1) سورة التوبة الآية 71
(2)
صحيح مسلم الإيمان (49)، سنن الترمذي الفتن (2172)، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (5009)، سنن أبو داود الصلاة (1140)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1275)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 54).
صفحة فارغة
التصوف في ميزان النقل والعقل
د. إبراهيم بن محمد البريكان
أستاذ مادة التيارات والمذاهب المعاصرة
بكلية المعلمين بالدمام
المقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله الحق المبين، وأشهد أن محمدا رسول رب العالمين، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد،،
فإن الناس انقسموا في الصوفية على ثلاث طوائف:
الطائفة الأولى: تركت الصوفية وعلومها وذمتها بعجرها وبجرها ولم تستفد من كلامهم الموافق للكتاب والسنة مما يتعلق بآداب الإسلام الظاهرة والباطنة. قال ابن القيم رحمه الله عن هذه الطائفة (حجبت عن محاسن هذه الطائفة ولطف نفوسهم وصدق معاملتهم فأهدروها لأجل هذه الشطحات وأنكروها غاية الإنكار وأساءوا الظن بهم مطلقا وهذا عدوان وإسراف فلو كان كل من أخطأ أو غلط ترك جملة وأهدرت محاسنه لفسدت العلوم والصناعات والحكم وتعطلت معالمها (1) أ. هـ كلامه رحمه الله وغالب من
(1) مدارج السالكين (2/ 39).
ألف في التصوف في عصرنا هو من هذا النوع من الناس حتى أخذ منهم الأجحاف مأخذه فسبوا من نسب لهؤلاء من رجالات السلف الصالح.
والطائفة الثانية: أقبلت على علوم الصوفية بلا تمييز فأفاضوا بالمدائح على الصوفية واستماتوا في الدفاع عنها وقبلوا منهم كل قول حقا كان أو باطلا.
قال ابن القيم رحمه الله في وصف هذه الطائفة: (حجبوا بما رأوه من محاسن القوم وصفاء قلوبهم وصحة عزائمهم وحسن معاملتهم عن رؤية شطحاتهم ونقصانها فسحبوا عليها ذيل المحاسن وأجروا عليها حكم القبول والانتصار لها واستظهروا بها في لوكهم وهؤلاء أيضا معتدون مفرطون)(1) أ. هـ كلامه رحمه الله.
وهم أيضا كثيرون في زماننا قد دعاهم هذا للتزيي بزي التصوف والدفاع عنه بلا حكمة ولا بصيرة وعذرهم هو اقتران التصوف الحديث بالبدعة.
والطائفة الثالثة: سلكت طريق العدالة فقبلوا منهم ما عندهم من الحق وردوا ما عندهم من الباطل مهتدين في ذلك بهدى الكتاب والسنة وهؤلاء يقول عنهم ابن القيم رحمه الله: (وهم أهل العدل والإنصاف الذين أعطوا كل ذي حق حقه وأنزلوا كل ذي منزلة منزلته فلم يحكموا للصحيح بحكم السقيم المعلول ولا للمعلول السقيم بحكم الصحيح بل قبلوا ما يقبل وردوا ما يرد)(2) أ. هـ كلامه رحمه الله. وهم قليلون في زماننا.
لذا أردت أن أكتب بحثا متوسط الحجم بين الطويل الممل والمختصر
(1) مدارج السالكين (2/ 40).
(2)
مدارج السالكين (2/ 40)،