الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكتب العرفية إقرار يلزم، وإن لم يكتب على هذا الرسم؛ فالقول قوله مع يمينه؛ وأن انتفاء الشبهة ظاهرًا حاصل
(1)
؛ ولأنه غالبًا لا يمكن أن يستعمل فيه خطًا غير خطه
(2)
.
وعند الزيدية: يصح ثبوت الوقف بالكتب العرفية، فقد حكي في أصول الأحكام وغيره عن زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي .. "أنه وقف من ماله بينبع ووادي القرى وغيرهما، وأنه تصدق بها وكتب كتابًا فيه، واشترط لا تباع ولا توهب ولا تورث أنا حي أو ميت"
(3)
؛ لكن لو كتب صريح الوقف نحو: تصدقت لله، فهو غير كاف؛ لأن الكتابة بالوقف كناية يشترط فيها النطق بالقربة، أو بما يدل عليها، فعلى هذا يلزم أن لا يكفي كتابة القربة مع كتابة صريح الوقف، بل لابد أن ينطق بأيهما حال الكتابة أو بعدها، وإلا لم يصح كما هو ظاهر الأزهار
(4)
.
ب) حكم ثبوت الوقف بالكتابة على أبواب المدارس والربط والحيوان ونحوها:
اختلف الفقهاء في حكم ثبوت الوقف بالكتابة على أبواب المدارس والربط، ونحوها على قولين:
القول الأول: ثبوت الوقف بالكتابة على أبواب المدارس والربط والدور والحيوان وعلى كتب العلم إذا اشتهرت؛ ما لم يعارض ذلك معارض أقوى كالبينة من شهادة ونحوها، وإليه ذهب المالكية
(5)
، والحنابلة
(6)
.
(1)
انظر: تنقيح الفتاوى الحامدية، ابن عابدين، 2/ 20 - 21.
(2)
انظر: الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام المعروف بشرح ميارة، أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن محمد الفاسي، ميارة، 1/ 66.
(3)
البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار، أحمد بن يحيى بن المرتضي، 5/ 147.
(4)
انظر: التاج المذهب لأحكام المذهب، أحمد بن قاسم العنسي اليماني الصنعاني، 3/ 290.
(5)
انظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي، 4/ 85.
(6)
انظر: مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى، مصطفى بن سعد السيوطي الرحيباني الحنبلي، 6/ 635 - 636.
استدل أصحاب هذا القول بالأدلة الآتية:
1 -
أن الشهرة للمدرسة أو الكتب في المدرسة أو الرباط دليل على الموثوقية وأن يوجد مكتوبًا عليه "وقف على طلبة العلم بالمدرسة الفلانية أو وقف على طلبة العلم ومقره بالمدرسة الفلانية" فإن كانت مشهورة بالكتب ثبتت وقفيته، وإن لم تكن مشهورة بذلك لم تثبت وقفيته
(1)
.
2 -
أن ما يوجد على ظهور الكتب وهوامشها كتابة الوقف؛ فإنه يحكم بصحتها باختلاف قرائن الأحوال
(2)
؛ فإن قويت حكم بها، وإن ضعفت لم يلتفت إليها، وإن توسطت توقف فيها وكشف عنها وسلك طريق الاحتياط، إذا ما لم يعارض معارض، فإن عارض ذلك شيء نظر فيه.
فإذا رأينا كتبًا مودعة في خزانة في مدرسة وعليها كتابة الوقف وقد مضى عليها مدة طويلة. كذلك وقد اشتهرت بذلك لم نشك في كونها وقفًا، وحكمها حكم المدرسة في الوقفية، فإن انقطعت كتبها أو فقدت ثم وجدت عليها تلك الوقفية، وشهرة كتب المدرسة في الوقفية معلومة، فيكفي في ذلك الاستفاضة فإن الوقف، يثبت بالاستفاضة ويثبت بالسماع ويثبت مصرفه بذلك، بخلاف ما إذا رأينا كتابًا لا يعلم مقره ولا يعرف من كتب عليه الوقفية فهذا يجب التوقف في أمره حتى يتبين حاله، وهو عيب يثبت للمشتري به الرد.
3 -
أن الحكم لذلك للعرف والعادة؛ في حال الاشتهار؛ وأنه يقبل قول متولي نظر الوقف في مصرفه إذا لم يوجد كتاب الوقف وذكر أن العادة جرت بصرف غلته في الوجوه التي يذكرها
(3)
.
(1)
انظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي، 4/ 85.
(2)
انظر: مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهي، مصطفى بن سعد السيوطي الرحيباني الحنبلي، 6/ 635 - 236، وانظر: كشاف القناع، منصور بن يونس البهوتي، 6/ 437 - 438، وشرح منتهى الإرادات، على هامش كشاف القناع، منصور بن يونس البهوتي، 3/ 603.
(3)
انظر: تبصرة الحكام، إبراهيم بن علي بن فرحون المالكي، 2/ 130 - 131، وانظر: مواهب الجليل شرح مختصر خليل، محمد بن محمد المعروف بالحطاب، 6/ 29.