المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ب) المنازعة في الاستحقاق في الوقف وتفسير شرط الواقف: - مدونة أحكام الوقف الفقهية - جـ ٣

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل التاسع إجارة الوقف

- ‌المبحث الأول تعريفات ومصطلحات

- ‌أولًا: الحكر أو الاستحكار:

- ‌ثانيًا: الإجارة الطويلة:

- ‌ثالثًا: عقد الإجارتين:

- ‌رابعًا: الكَدِك:

- ‌خامسًا: الكردار:

- ‌سادسًا: مشد المسكة:

- ‌سابعًا: المرصد:

- ‌ثامنًا: الخلو:

- ‌المبحث الثاني من يملك حق تأجير الوقف

- ‌أولًا: ولاية تأجير الوقف:

- ‌ثانيًا: ولاية القاضي في تأجير الوقف:

- ‌ثالثا: عزل القاضي للناظر:

- ‌رابعًا: تأجير الموقوف عليه للوقف:

- ‌أ) إذا أجر الموقوف عليه ما لم يصح له إجارته:

- ‌ب) إذا لم يكن هناك نص من الواقف:

- ‌ج) في حالة ما إذا كان هناك شرط من الواقف بعدم تأجير الناظر للوقف أو جزء منه:

- ‌المبحث الثالث الطرف المستأجر في عقد إجارة الوقف

- ‌المبحث الرابع المدة في إجارة الوقف

- ‌المسألة الأولى: إذا تم تقييد إجارة الوقف بمدة زمنية

- ‌المسألة الثانية: إذا لم يحدد الواقف مدة معينة لتأجير الوقف إهمالًا

- ‌أولًا: المذهب الحنفي:

- ‌ثانيًا: المذهب المالكي:

- ‌ثالثًا: المذهب الشافعي:

- ‌رابعًا: المذهب الحنبلي:

- ‌خامسًا: المذهب الزيدي:

- ‌سادسًا: المذهب الإمامي:

- ‌سابعًا: المذهب الإباضي:

- ‌المسألة الثالثة: الإجارة الطويلة

- ‌أولًا: المذهب الحنفي:

- ‌ثانيًا: المذهب المالكي:

- ‌ثالثًا: المذهب الشافعي:

- ‌رابعًا: المذهب الحنبلي:

- ‌خامسًا: المذهب الزيدي:

- ‌سادسًا: المذهب الإمامي:

- ‌سابعًا: المذهب الإباضي:

- ‌المسألة الرابعة: الإجارة بأجرتين

- ‌المسألة الخامسة: الإجارة المنتهية بالتمليك

- ‌المبحث الخامس أجرة الوقف

- ‌أولًا: حكم إجارة الوقف بأقل من أجرة المثل (الغبن الفاحش):

- ‌ثانيًا: مسألة تغيير الأسعار بعد إبرام عقد الإجارة:

- ‌أ) إذا كان التغيير بنقصان الأجرة:

- ‌ب) إذا كان التغيير بزيادة الأجرة:

- ‌المبحث السادس انتهاء عقد إجارة الوقف

- ‌المسألة الأولى: أسباب انتهاء عقد إجارة الوقف

- ‌السبب الأول: السبب الطبيعي:

- ‌السبب الثاني: السبب التعاقدي:

- ‌المسألة الثانية: الأثر المترتب على انتهاء عقد إجارة الوقف

- ‌1 - مذهب الحنفية:

- ‌2).2 -مذهب المالكية:

- ‌3 - مذهب بعض الشافعية:

- ‌4 - مذهب الحنابلة:

- ‌5 - مذهب الظاهرية:

- ‌6 - مذهب الزيدية:

- ‌7 - مذهب الإمامية:

- ‌8 - مذهب الإباضية:

- ‌مصادر ومراجع الفصل التاسع

- ‌الفصل العاشر الإبدال والاستبدال في الأوقاف

- ‌تمهيد:

- ‌أولا: تعريف الإبدال والاستبدال في اللغة:

- ‌ثانيا: تعريف الإبدال والاستبدال في الوقف عند الفقهاء:

- ‌المبحث الأول الاستبدال وصوره المشروعة

- ‌الصورة الأولى: اشتراط الواقف الاستبدال:

- ‌الصورة الثانية: في سكوت الواقف عن شرط الاستبدال، والموقوف ينتفع به:

- ‌الصورة الثالثة: في سكوت الواقف عن شرط الاستبدال، والموقوف منقول معطل النفع

- ‌الصورة الرابعة: في سكوت الواقف عن شرط الاستبدال، والموقوف معطل النفع وهو عقار غير مسجد

- ‌الصورة الخامسة: في سكوت الواقف عن شرط الاستبدال والموقوف مسجد معطل النفع:

- ‌الصورة السادسة: في اشتراط الواقف عدم الاستبدال:

- ‌المبحث الثاني أحوال جواز الإبدال والاستبدال

- ‌المبحث الثالث استثمار أموال البدل

- ‌أولًا: تعريف استثمار أموال بدل الوقف:

- ‌ثانيًا: أنواع الموقوف بالنسبة للاستثمار:

- ‌ثالثًا: وسائل استثمار أموال بدل الوقف:

- ‌الوسيلة الأولى: الإجارة:

- ‌1 - مدة إجارة الوقف:

- ‌2).2 -أجرة المثل في إجارة الوقف:

- ‌3 - الزيادة على أجر المثل:

- ‌الوسيلة الثانية: المزارعة والمساقاة:

- ‌الوسيلة الثالثة: الاستصناع:

- ‌الوسيلة الرابعة: صكوك المقارضة:

- ‌الوسيلة الخامسة: المشاركة المنتهية بالتمليك (المشاركة المتناقصة):

- ‌رابعًا: ضوابط استثمار أموال بدل الوقف:

- ‌المبحث الرابع شروط الإبدال والاستبدال

- ‌المبحث الخامس الجهة المخولة بالتصرف في الوقف بالاستبدال

- ‌أولًا: مذهب الحنفية:

- ‌ثانيًا: مذهب الحنابلة:

- ‌مصادر ومراجع الفصل العاشر

- ‌الفصل الحادى عشر توثيق الوقف

- ‌المبحث الأول تعريف توثيق الوقف ومشروعيته

- ‌أولًا: تعريف توثيق الوقف:

- ‌ثانيًا: مشروعية توثيق الوقف:

- ‌ثالثًا: فوائد توثيق الوقف:

- ‌رابعًا: حكم توثيق الوقف

- ‌المبحث الثاني ثبوت الوقف

- ‌أولا: ثبوت الوقف بالحجة الوقفية (الصك الوقفي)

- ‌أ) تعريف الحجة الوقفية:

- ‌ب) حكم الاعتماد على الحجج الوقفية:

- ‌ج) حكم العمل بالحجة الوقفية بخط القاضي الذي ينظر النزاع:

- ‌د) ثبوت الحجة الوقفية التي هي في أيدي القضاة ولها رسوم في دواوينهم:

- ‌ثانيًا: ثبوت الوقف بشهادة الشهود:

- ‌أ) تعريف الشهادة:

- ‌ب) حكم توثيق الوقف بالشهادة:

- ‌ج) صور الشهادة على الوقف:

- ‌1 - الشهادة على الوقف لغير المعين:

- ‌2 - الشهادة على الوقف للمعين:

- ‌ثالثًا: ثبوت الوقف بالتسامع:

- ‌أ) تعريف التسامع لغة وفقها:

- ‌ب) مشروعية الإثبات بشهادة التسامع:

- ‌ج) إثبات الوقف بالتسامع:

- ‌رابعا: ثبوت الوقف بوضع اليد:

- ‌أ) تعريف وضع اليد:

- ‌ب) مشروعية العمل بوضع اليد:

- ‌ج) حالات وضع اليد:

- ‌خامًسا: ثبوت الوقف بالكتب العرفية:

- ‌أ) حكم ثبوت الوقف بالكتب العرفية:

- ‌ب) حكم ثبوت الوقف بالكتابة على أبواب المدارس والربط والحيوان ونحوها:

- ‌سادسًا: ثبوت الوقف بالإقرار

- ‌أ) تعريف الإقرار ومشروعيته وأهميته:

- ‌ب) الإقرار بالوقف من الواقف:

- ‌الحالة الأولى: إقرار الواقف حال صحته:

- ‌الحالة الثانية: إقرار الواقف حال مرضه مرض الموت:

- ‌الحالة الثالثة: إقرار الواقف حال مرضه أنه وقف في صحته:

- ‌ج) إقرار الورثة بالوقف:

- ‌الحالة الأولى: أن يقع الإقرار من جميع الورثة:

- ‌الحالة الثانية: أن يقع الإقرار من بعض الورثة:

- ‌د) إقرار الأجنبي واضعًا يده على أرض وأقر بأنها وقف حال صحته:

- ‌الحالة الأولى: إقرار الأجنبي مطلقًا من غير تعيين الواقف:

- ‌الحالة الثانية: إقرار الأجنبي ذي اليد في إقراره بالوقف مقيدًا معينًا:

- ‌الصورة الأولى: تعيين الواقف:

- ‌الصورة الثانية: تعيين الموقوف عليه:

- ‌المبحث الثالث محتويات حجة الوقف

- ‌المبحث الرابع المتطلبات القانونية لإثبات الوقف وتوثيقه

- ‌أولًا: تنظيم التوثيق في العصر الحاضر:

- ‌ثانيًا: تسجيل الوقف في العصر الحاضر عن طريق قوانين خاصة صادرة لهذا الغرض:

- ‌ توثيق الوقف في المملكة العربية السعودية:

- ‌ توثيق الوقف في مصر:

- ‌ توثيق الوقف في سورية:

- ‌ توثيق الوقف في دولة الإمارات العربية المتحدة:

- ‌ثالثًا: تحديد الاختصاص في توثيق الوقف في القوانين المعاصرة:

- ‌رابعًا: إجراءات توثيق الوقف في القوانين المعاصرة:

- ‌خامسًا: بطلان توثيق الوقف:

- ‌مصادر ومراجع الفصل الحادي عشر

- ‌الفصل الثاني عشر المنازعات والدعاوى في الوقف

- ‌أولًا: مشروعية وخصوصية دعوى الوقف:

- ‌ثانيًا: طبيعة المنازعات الوقفية ومناشئها:

- ‌ثالثًا: الجهة المختصة في النظر في دعوى الوقف:

- ‌رابعًا: الخصم في دعوى الوقف:

- ‌الحالة الأولى: موطن الدعوى حالة التمييز بين المدعي والمدعى عليه:

- ‌الحالة الثانية: موطن الدعوى حالة عدم التمييز بين كل من المدعي والمدعى عليه:

- ‌خامسًا: التقادم في دعوى الوقف:

- ‌أ) مدة التقادم:

- ‌ب) وقف التقادم وانقطاعه:

- ‌سادسًا: وسائل الإثبات في دعوى الوقف:

- ‌أ) الإقرار: معناه، حجيته، وأنواعه:

- ‌ب) الشهادة: معناها، حجيتها، أركانها وشروطها:

- ‌1).1 -الشهادة بالتسامع:

- ‌2 - الشهادة على الشهادة:

- ‌ج) اليمين والنكول عنها:

- ‌1 - اليمين:

- ‌2 - معنى النكول:

- ‌سابعًا: صور المنازعة في الوقف:

- ‌أ) المنازعة بين المتولي من جهة، والمستحقين والقاضي من جهة أخرى:

- ‌1 - المنازعة بين المتولي والمستحقين:

- ‌2 - المنازعة بين المتولي والقاضي:

- ‌ب) المنازعة في الاستحقاق في الوقف وتفسير شرط الواقف:

- ‌ج) المنازعة بين الموقوف عليهم من جهة، وبينهم وبين الورثة من جهة أخرى:

- ‌مصادر ومراجع الفصل الثاني عشر

- ‌الفصل الثالث عشر انتهاء الوقف

- ‌مقدمة: معنى انتهاء الوقف فقهًا

- ‌المبحث الأول حالات انتهاء الوقف

- ‌أولًا: انتهاء الوقف المؤقت بانتهاء مدته:

- ‌ثانيًا: انتهاء الوقف بالرجوع فيه:

- ‌ويلزم الوقف عندهم بأحد الأمور الآتية

- ‌ثالثًا: انتهاء الوقف بتخرب الأعيان الموقوفة:

- ‌رابعًا: انتهاء الوقف بقلة غلته:

- ‌خامسًا: انتهاء الوقف بانقراض الموقوف عليهم:

- ‌المبحث الثاني ما يترتب على انتهاء الوقف

- ‌أولًا: مصيره إلى قرابة الواقف:

- ‌ثانيًا: مصيره ملكًا للموقوف عليهم:

- ‌ثالثًا: رجوعه إلى ملك الواقف:

- ‌رابعًا: مصيره إلى الخيرات:

- ‌خامسًا: مصيره إلى بيت مال المصالح العامة:

- ‌المبحث الثالث اشتراط حكم القاضي لإنهاء الوقف

- ‌مصادر ومراجع الفصل الثالث عشر

- ‌فهرس الأعلام والألقاب والمذاهب والفرق والأماكن والبلدان

- ‌مصادر ومراجع فهرس الأعلام

- ‌العلماء والباحثون الذين أسهموا في إنجاز مدونة أحكام الوقف الفقهية (حسب الترتيب الألفبائي)

- ‌أعضاء اللجنة العلمية (الحالية) لمنتدى قضايا الوقف الفقهية (المشرفة على مدونة أحكام الوقف)

- ‌أعضاء سابقون في اللجنة العلمية لمنتدى قضايا الوقف الفقهية

الفصل: ‌ب) المنازعة في الاستحقاق في الوقف وتفسير شرط الواقف:

الحالة الأولى: إذا كان تصرفه مما جرى العرف بعد أخذ سند به؛ كصرف ثمن على الفقراء أو إطعامهم.

الحالة الثانية: إذا كان متطوعًا ولا أجرله، على أن يكون تقصيره بسيرًا لا يعتد به

(1)

.

‌ب) المنازعة في الاستحقاق في الوقف وتفسير شرط الواقف:

من صور النزاع والخصومة في الوقف، ذاك الذي يكون منشوه دعوى الاستحقاق، وهو إنما يوجد عند عدم ذكر الواقف صراحة مستحقين بأعيانهم، واكتفائه بألفاظ من قبيل ولدي وأولادي، فلا يعرف أنه هل قصد من ولده أو أولاده ما يشمل أولاد الأولاد كذلك وما يشمل أولاد الظهور وأولاد البطون؟ وهل قصد أن يدخل أولاد الأولاد مع الأولاد في الشركة عند موت آبائهم فيشاركون أعمامهم في الاستحقاق؟ وعلى أي حال فلو كان الواقف موجودًا فالقول قوله في تحديد مقصوده وإلا وقع النزاع، وقد يكون كلام الواقف واضحًا لا لبس فيه، فلا يكون هناك موضوعًا للنزاع حينئذٍ، ولو ادعى رجل الاستحقاق احتج عليه بكلام الواقف؛ كما لو قال مثلًا: هو وقف على أولادي وأولاد أولادي، من أبناء الظهور دون أبناء البطون، يتساوون في غلته، يأخذون منها حق آبائهم عند موتهم، وهو بعدهم للفقراء .. كان المستحق هنا واضًا لا ينازع في حقيقته

(2)

.

وكذا لو قال: وقفت على أولادي من أبناء الظهور، ويكون بعده لأولاد أولادهم لا يشاركون أعمامهم ما داموا أحياء، فهو واضح لا يقبل مخاصمة أو نزاع.

نعم .. يحصل النزاع فيما لو وقف على أولاده وعلى أولاد أولاده، فتموت ابنة له؛ فهل ينتقل حقها في الاستحقاق إلى أولادها أو لا؟

ومثله ما لو ذكر الواقف طبقة واحدة بلفظ المفرد، كأن يقول: وقفت على ولدي ثم على الفقراء؛ فهل ينفرد بالاستحقاق أولاده المباشرين فلا يشمل أولاد الأولاد؛ لأنه

(1)

المادة 50 من قانون الوقف المصري.

(2)

انظر: رد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن عابدين)، ابن عابدين، 3/ 677.

ص: 247

اقتصر في الاستحقاق على طبقة واحدة؛ لأن الولد المضاف إلى الشخص حقيقة في ولده المباشر، وولد الولد ولد على المجاز، ولا يجمع بين الحقيقة والمجاز أو أنه يشملهم لأنه ولد عرفًا؟

وكذا ينشأ النزاع فيما لو قال الواقف: وقفت داري هذه على أولادي لصلبي بالسوية بينهم، ثم على أولاد أولاده، ثم على أولاد أولاد أولادهم بطنًا بعد بطن ونسلًا بعد نسل، فلو مات عن ثلاثة ذكور وبنتين، ثم توفي أحد الذكور عن ثلاثة أولاد وثلاث بنات، وإحدى البنتين عن ولد .. فكيف تقسم الغلة؟ وينشأ النزاع هنا في أولاد إحدى البنتين؛ هل يدخلون في الوقف أو لا؟ فيعود نصيب أمهم إلى أصل الغلة؟

ومنه ما لو قال الواقف: وقفت داري هذه على أولادي ثم على أولاد أولادي ثم على أولادهم، فهل يدخل ولد الولد لو مات أبوه في حياة أعمامه أو لا؟ وهل يكون الترتيب هنا ترتيب طبقات فلا يستحق أحد من الطبقة الثانية ما دام هناك مستحق من الأول؟ أو أن الترتيب ترتيب أولاد فيستحق ولد الولد نصيب أبيه بعد موته ولو كان هناك مستحق من الطبقة الأولى؟

وللفقهاء

(1)

في مثل هذه المواضع مذاهب، وهم لم يتفقوا على قاعدة يمكن الاحتكام إليها عند حصول التنازع في الاستحقاق في الصور التي عرضنا بعضها.

ومنه: إذا تنازع الواقف والموقوف عليه في قصد القربة، فالقول للواقف؛ إذ لا يعرف إلا من جهته، فلو عرف من نفسه عدم قصد القربة نحو أن يقصد منع الوارث من البيع أو فرارًا من الدين؛ فإنه يجوز له البيع في الباطن لا في الظاهر، حيث كان في لفظه بالوقف أو بالمصرف ما يقتضي القربة لم يجز له البيع، فإن قصد القربة ومنع الوارث من البيع أو حرمان وارث كالنساء أو غيرهن أو فرارًا من الدين صح الوقف؛ لحصول الشرط، وهو قصد القربة

(2)

.

(1)

انظر: شروط الواقفين بين الوضوح والغموض، عبد الله سنوسي، مجلة وقفنا، الخميس 9 ذي القعدة 1427.

(2)

انظر: التاج المذهب لأحكام المذهب، أحمد بن قاسم العنسي اليماني الصنعاني، 3/ 289.

ص: 248

ويمكن إرجاع النزاع

(1)

في ذلك إلى طبيعة نظرهم إلى الوقف، وأنه عمل يتضمن معنى التقرب والعبادة، فيفسر قول الواقف المطلق فيما يحقق القربة كما عليه الحال عند الحنابلة، أو أنه عقد من جملة العقود

(2)

، فيحمل فيه كلام الواقف المطلق على ظاهره، حتى ولو اقتضى حرمان بعض طبقات الذرية من غلة الوقف حتى مع حاجتهم إليها، كما هو حال الحنفية، والمالكية، والظاهرية، والإمامية

(3)

.

والذين يعتبرون الوقف قربة يفسرون شرط الواقف بما يحقق ذلك، فلا يعتبر من الشروط إلا ما يحققها، لأن الإنسان ليس له أن يبذل ماله إلا فيما فيه منفعة في الدين والدنيا، فما دام الإنسان حيًا فله أن يبذل ماله في تحصيل الأغراض المباحة؛ لأن في ذلك نفعًا معتدًا به مرغوبًا، وأما الميت فلا يبقى له بعد موته من عمل ينتفع به إلا عمل صالح أقر به وأعان عليه أو هدى إليه، فلا يعتد بما ليس طاعة منها، ولا ينتفع به الميت بعد موته، فإذا اشترط الواقف عملًا أو صفة لا ثواب فيها، كان السعي في تحصيلها سعيًا فيما لا نفع فيه لا في الدنيا ولا في الآخرة، ومثله لا يجوز؛ لأن المقصود من الوقف التقرب؛ ولذلك اتجه ابن تيمية

(4)

إلى القول ببطلان الشروط التي لا نتحقق منها القربة، وبني على ذلك أمرين:

الأمر الأول: أن الوقف ينفذ بعد الوفاة في أكثر مقاصده إذا كان يتحقق منها فعل القربة، بمعنى إذا كانت مطلوبة من الشرع على جهة الندب والاستحباب، أما ما يكون منها على جهة الإباحة فلا ينفذ؛ لأنه لا يتحقق منه فائدة للميت بعد وفاته وإن تحققت في حياته.

(1)

انظر: بحوث وفتاوى فقهية معاصرة، محمد الكردي، دار البشائر الإسلامية، بيروت، 1992 م، 231.

(2)

انظر: بحوث وفتاوى فقهية معاصرة، محمد الكردي، دار البشائر الإسلامية، بيروت، 1992 م، 231.

(3)

انظر: جواهر الكلام، محمد حسن النجفي، 38/ 7، وهو الأرجح من مذهب الإمامية. واختار العلامة في القواعد اشتراط القرية فيه.

(4)

انظر: الفتاوى الكبرى، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني، 4/ 158 - 159.

ص: 249

الأمر الثاني: أن ما لا قربة فيه من الشروط فلا يجب الوفاء به، وإلى مثله ذهب ابن القيّم حيث قال:"الإثم مرفوع عمن أبطل من شروط الواقفين ما لم يكن إصلاحًا، وما كان فيه جنف أو إثم"

(1)

.

وقد قسّم الشروط إلى أربعة فقال: "وبالجملة فشرط الواقفين أربعة أقسام: شروط محرمة في الشرع، وشروط مكروهة لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وشروط تتضمن ترك ما هو أحب إلى الله ورسوله، وشروط تتضمن فعل ما هو أحب إلى الله تعالى ورسوله، فالأقسام الثلاثة الأُوَل لا حرمه لها ولا اعتبار، والقسم الرابع هو الشرط المتبع الواجب الاعتبار"

(2)

.

وسُئل عن الواقف إذا ما وقف ماله على أشخاص وارتضاهم ولم يرض بنقله لغيرهم، وإن كان الإنفاق عليهم أفضل من الإنفاق على الموقوف عليهم؛ فأجاب:"الله سبحانه وتعالى ملكه المال، لينتفع به في حياته وإذن له أن يحبسه لينتفع به بعد وفاته، فلم يملكه أن يفعل بعد موته ما كان يفعل به في حياته، بل حجر عليه فيه، وملكه ثلثه يوصي به بما يجوز ويسوغ أن يوصي به حتى إن حاف أو جار أو أثم في وصيته جاز، بل وجب على الوصي والورثة رد ذلك الجور والحيف والإثم، ورفع سبحانه الإثم عمن يرد ذلك الحيف والإثم من الورثة والأوصياء، فهو سبحانه لم يملكه أن يتصرف في تحبيس ماله بعده إلا على وجه يقربه إليه، ويدنيه من رضاه، لا على أي وجه أراد، ولم يأذن الله ولا رسوله للمكلف أن يتصرف في تحبيس ماله بعد على أي وجه أراده أبدًا"

(3)

.

ومثله ما جاء في الفتاوى الكبرى لابن تيمية؛ حيث قال: "ولا يلزم الوفاء بشرط الواقف إلا إذا كان مستحبًا خاصة، وهو ظاهر المذهب أخذًا من قول أحمد في اعتبار القربة في أصل الجهة الموقوف عليها

"

(4)

، وفي شرح منتهى الإرادات:

(1)

إعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن قيم الجوزية، 3/ 80.

(2)

المرجع السابق، 3/ 80 - 81.

(3)

المرجع السابق، 4/ 142.

(4)

الفتاوى الكبرى، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني، 5/ 429.

ص: 250

"الإطلاق إذا كان له عرف صح وحمل عليه، وعرف المصرف هنا أولى الجهات به، وورثته أحق الناس ببره"

(1)

.

ويقول ابن تيمية: "إن لفظ الواقف يحمل على مذهبه وعادته في خطابه، ولغته التي يتكلم بها، وافق لغة العرب أو الشرع أو لا، والعادة المستمرة والعرف المستقر في الوقف يدل على شرط الواقف أكثر مما يدل على الاستفاضة

"

(2)

.

فلو قدر وسئل الواقف أن سكوته مثلًا عن أيلولة استحقاق الميت من الأولاد لا ينتقل إلى أولاد أولاده لصلبه، وإنما يعود إلى إخوته؛ فهل كان يوافق على ذلك ويحرم أولاد أولاده لصلبه؟ والظاهر أن سكوته عن بيان الأيلولة ضمن الشروط مبني على العرف الشرعي القاضي بأن من مات يعود نصيبه إلى ولده

(3)

.

ونص قانون الوقف المصري الصادر سنة 1946 في المادة 32 منه؛ حيث جاء فيها: "إذا كان الوقف على الذرية مرتب الطبقات لا يحجب أصل فرع غيره، ومن مات صرف ما استحقه أو كان يستحقه إلى فرعه، ولو لم يذكر الواقف أن الفرع يقوم مقام أصله".

وتنص المادة 40 من قانون الأوقاف اللبناني على أنه: "إذا كان الوقف مرتب الطبقات لا يحجب الأصل فرع غيره، ومن مات صرف ما استحقه أو ما كان يستحقه إلى فرعه، وإذا مات مستحق عن حصته وليس له فرع يليه في الاستحقاق عادت حصته إلى غلة الوقف الذي كان يستحق فيه، وإذا لم يوجد أحد في طبقته صرف الريع إلى الطبقات التي تليها، إلى أن يوجد أحد من أهل تلك الطبقة فيعود الاستحقاق إليها".

والفقهاء في العموم وضعوا قواعد لتفسير شروط الواقفين، تم ذكرها في الفصل السابع (ألفاظ الواقفين وشرحها) من المدونة، وقالوا في ذلك: إن كلام الواقف قد يكون صريحًا واضحًا في الدلالة على معناه المراد منه، فيناط الحكم

(1)

شرح منتهي الإرادات، البهوتي، 2/ 407.

(2)

الفتاوى الكبرى، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني، 5/ 429 - 430.

(3)

انظر: المرجع السابق، 5/ 429 - 430. وهو يعتبره أحد الوجهين من مذهب أحمد.

ص: 251