الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصورة الثانية: في سكوت الواقف عن شرط الاستبدال، والموقوف ينتفع به:
اختلف الفقهاء في حكم استبدال الوقف في هذه الصورة على قولين:
القول الأول: يرى عدم جواز استبدال الوقف إذا كان قائمًا ينتفع به في الجملة، وإن كان بدله خيرًا منه ريعًا ونفعًا.
وبهذا قال الحنفية على الأصح
(1)
، والمالكية
(2)
، والشافعية
(3)
، والحنابلة في المذهب
(4)
، والزيدية
(5)
، والإمامية
(6)
.
وقد استدل أصحاب هذا القول على ما ذهبوا إليه بما يأتي:
1 -
القول بجواز استبدال الوقف العامر، قد يفتح بابًا المخالفات لا تعد ولا تحصى؛ وذلك لأن بعض القضاة الظلمة قد يجعل الاستبدال حيلة لإبطال أوقاف المسلمين، وقلما نجد قاضي الجنة المفسر بذي العلم والعمل، ومن ثم فالأحرى سد هذا الباب خوفًا من مجاوزة حدود الله
(7)
.
2 -
عدم جواز استبدال الوقف المنتفع به ببدل أكثر منه غلة وأحسن مكانًا وموقعًا؛ لأن الواجب إبقاء الوقف على ما كان عليه دون زيادة أخرى، حيث لا موجب هنا من تجويزه من شرط أو ضرورة
(8)
.
(1)
انظر: رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، 4/ 384 - 388.
(2)
انظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، ابن عرفة الدسوقي المالكي، 4/ 90 - 91، ومنح الجليل، عليش، 8/ 154.
(3)
انظر: نهاية المحتاج، الرملي 5/ 395، وأسنى المطالب في شرح روض الطالب، زكريا بن محمد الأنصاري، نشر دار الكتاب الإسلامي، 2/ 474.
(4)
انظر: كشاف القناع، البهوتي، 4/ 292، والإنصاف، المرداوي، 7/ 103.
(5)
انظر: البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار، أحمد بن يحيى بن المرتضى، 4/ 158، والسيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني، نشر دار ابن حزم، 1/ 649.
(6)
انظر: مفتاح الكرامة، العاملي، 9/ 84.
(7)
انظر: رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، 4/ 385.
(8)
انظر: فتح القدير، ابن الهمام، 6/ 228، ورد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، 4/ 388، والمغني شرح مختصر الخرقي، أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد ابن قدامة المقدسي الحنبلي، نشر مكتبة القاهرة، 6/ 30.
3 -
بقاء أحباس - أوقاف - السلف بالية متهدمة بدون إبدال، دليل على منع ذلك
(1)
.
القول الثاني: يرى جواز استبدال الوقف القائم المنتفع به، ببدل أكثر ريعًا منه، في صقع أحسن من صقع الموقوف، وبهذا قال أبو يوسف من الحنفية
(2)
.
جاء في تنقيح الفتاوى الحامدية: سئل في خرابة جارية في وقف أهلي تعطل الانتفاع بها وضعفت عن الغلة وليس في الوقف غيرها حتى يعمر بها وأدت الضرورة إلى الاستبدال بها بطريقه الشرعي بما فيه من الحظ والمصلحة للوقف ولو بالدراهم ليشتري بها دارًا أخرى أكثر نفعًا وأدر ريعًا وأحسن صقعًا فهل للقاضي أن يفعل ذلك بوجهه الشرعي؟ (الجواب): نعم في فتاوي قارئ الهداية سئل عن استبدال الوقف ما صورته؛ هل هو على قول أبي حنيفة أو أصحابه؟ أجاب: الاستبدال إذا تعين بأن كان الموقوف عليه لا ينتفع به وثمة من يرغب فيه ويعطي بدله أرضًا أو دارًا لها ريع يعود نفعه على جهة الوقف، فالاستبدال في هذه الصورة قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى، وإن كان للوقف ريع ولكن يرغب شخص في استبداله إن أعطى بدله أكثر ريعًا منه في صقع أحسن من صقع الوقف جاز عند القاضي أبي يوسف والعمل عليه، وإلا فلا يجوز
(3)
.
(1)
انظر: شرح مختصر خليل، أبو عبد الله محمد بن عبد الله الخرشي المالكي، نشر دار الفكر للطباعة، بيروت، 7/ 95، والفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني، النفراوي، 2/ 164.
(2)
انظر: رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، 4/ 388. هذا والصقع هو الناحية من البلد أو الجهة أو المحلة، يقال هو في صقع بني فلان أي في ناحيتهم ومحلتهم. انظر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، أحمد بن محمد بن علي الفيومي، مادة صقع، 1/ 345.
(3)
انظر: العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية، ابن عابدين، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي، نشر دار المعرفة، 1/ 115.