الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكيف كان فلا ينافي الحكم بعدم سماع الدعوى بمرور الزمن الأصل الذي اتفق عليه ودلت عليه النصوص من أن الحق لا يسقط بالتقادم؛ إذ عدم سماعها لا ينفي أصل الاستحقاق في الواقع، فلو أقر المدعي عليه بالحق لزمه، ولا يجوز للقاضي عندها الامتناع عن الحكم للمدعي بحجة مرور الزمان
(1)
، نعم لو أنكر المدعى عليه الحق وتمسك بالتقادم فلا يستطيع عندها المدعي تقديم بينته، ولو قدمها لم تسمع منه حينئذٍ وليس له طلب اليمين من خصمه
(2)
.
أ) مدة التقادم:
وبالرغم من اتفاقهم على سقوط الحق بتركه وعدم المطالبة به فلقد اختلفوا في المدة الموجبة لذلك.
أما الحنفية فلهم في ذلك أقوال ثلاثة؛ الأول: أنها ست وثلاثون سنة. الثاني: أنها ثلاثون سنة. الثالث: أنها ثلاث وثلاثون سنة
(3)
.
واختلاف الحنفية في الواقع ناشي من اختلافهم في النظرة إلى طبيعة الحقوق، والظروف التي تحيط بها، والعلاقة بين المدعي والمدعى عليه.
ولقد اختارت مجلة الأحكام العدلية المقتبسة في معظمها من الفقه الحنفي الرأي الأول
(4)
، وبه أفتى الفقهاء الحنفية المتأخرون، وصار العمل بمقتضاه
(5)
.
(1)
انظر: الطرق الحكمية في السياسات الشرعية، ابن قيم الجوزية، 34.
(2)
انظر: الفتاوى الكاملية في الحوادث الطرابلسية، محمود الطرابلسي، 118، ومواهب الجليل شرح مختصر خليل، أبو عبد الله محمد الحطاب، 6/ 224، وجواهر الروايات، البشتاوي المطبعة العامرية الشرقية، 1319 هـ، 29، وهذا الرأي هو ما عليه القانون المدني العراقي مثلًا.
(3)
انظر: الفتاوى الكاملية في الحوادث الطرابلسية، محمود الطرابلسي، 107 - 108، والعقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية، ابن عابدين، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي، 2/ 3، وجواهر الروايات، البشتاوي، 29.
(4)
انظر: شرح مجلة الأحكام العدلية، سليم رستم باز، المطبعة الأدبية، بيروت، ط 2، 1898 م، 1/ 910.
(5)
انظر: الفتاوى الخيرية لنفع البرية، خير الدين الرملي، المطبعة المنيرة العثمانية، 1310 هـ، 2/ 48، والفتاوى الكاملية في الحوادث الطرابلسية، محمود الطرابلسي، 118، وشرح مجلة الأحكام العدلية، سليم رستم باز، 1/ 910، مادة 1661 و 1801.