الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول الثاني: ثبوت الولاية للحاكم الشرعي أو الإمام، وهو ما عليه فقهاء الزيدية؛ فإنهم يرون أن "من وقف شيئًا كانت ولاية ذلك الوقف إلى الواقف وليس لأحد أن يعترضه، ثم إلى منصويه وصيًا أو وليًا، فإذا نصب الواقف واليًا على الوقف أو أوصى به إلى أحد من المسلمين كان أولى بالتصرف"
(1)
، غير أنهم يرون أنه إذا كان الواقف غير باق أو بطلت ولايته بوجه من الوجوه، ولم يكن له وصي ولا متولي من جهته؛ انتقلت الولاية إلى الموقوف عليه إذا كان آدميًّا معينًا يصح تصرفه، ثم إذا لم يكن ثم واقف ولا منصوب من جهته، ولا موقوف عليه معين يصح تصرفه؛ كانت الولاية إلى الإمام والحاكم، ولا يجوز للإمام والحاكم أن يعترضا من له ولاية الوقف من واقف أو منصوبه أو موقوف عليه معين إلا الخيانة تظهر فيهم
(2)
.
وكذا الإمامية فإنهم يرون أنه لا يجوز لغير الناظر التصرف في الوقف إلا بإذن، ولو كان مستحقًا، وإن أطلق ولم يشترط النظارة لنفسه ولا لغيره؛ فالنظر إلى أرباب الوقف الموقوف عليهم إن كان معيَّنًا، وللحاكم الشرعي إن كان عامًّا؛ لأنه الناظر العام، حيث لا يوجد الخاص؛ ولذلك فلا يحق للموقوف عليه غير الناظر أن يؤجر الوقف إلا إذا كان مأذونًا له
(3)
.
ثالثا: عزل القاضي للناظر:
إذا أبى الناظر فعل ما هو الأصلح للوقف؛ فإن الأمر يعرض على القاضي أو الحاكم الشرعي، وله في هذه الحالة أن يعزل الناظر؛ إذ إن له حق الولاية العامة
(4)
.
(1)
شرح الأزهار (المنتزع المختار من الغيث المدرار)، ابن مفتاح، 3/ 389.
(2)
انظر: شرح الأزهار (المنتزع المختار من الغيث المدرار)، ابن مفتاح، 3/ 389 - 390.
(3)
انظر: رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدلائل، السيد علي السيد محمد علي الطباطبائي، تحقيق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، بدون تاريخ، 10/ 128 - 129.
(4)
انظر: الأشباه والنظائر، ابن نجيم، 164، وحاشية رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، 3/ 384 - 385، ومواهب الجليل في شرح مختصر خليل، الحطاب الرُّعيني، 6/ 37، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي، 4/ 88.
وكذلك يثبت له حق عزل الناظر المشروط له النظر من قبل الواقف إذا ثبتت خيانته، إلا أن القاضي ليس مطلق اليد في ذلك؛ فلا بد أن يسبب فعل العزل، ولا يعزل بلا سبب
(1)
.
وإذا كان الناظر قد عُيّن من قبل القاضي فإن الرأي الفقهي ينقسم إلى قولين؛ أولهما: ما عليه المالكية والشافعية وبعض الحنفية من عدم جواز عزله إلا لخيانة أو سبب آخر، وما يراه الزيدية من أن ترتيب الولاية يكون للواقف، ثم إلى منصوبه وصيًا أو ولا، ثم تنتقل إلى الموقوف عليه إذا كان آدميًا معينًا صحيح التصرف، ثم تكون الولاية إلى الإمام والحاكم، ولا يجوز للإمام والحاكم أن يعترضا ممن له ولاية الوقف من واقف أو منصوبه أو موقوف عليه معين إلا لخيانة تظهر منهم، ومع هذا فإن الإمام والحاكم لا يعزلان الخائن، بل يعترضان له بإعانة؛ أي بإقامة من يعينه كما ذكرناه آنفًا
(2)
، ويضيف الإمامية إلى إجراء ما قبل اللجوء للعزل أنه إذا خان الناظر ضمَّ إليه الحاكم الشرعي من يمنعه عنها، إذ الحاكم هو المرجع العام في الأمور الحسبية، فإن لم ينفع ذلك عزله؛ إذ لا مناص حينئذ من قطع يده وطرده
(3)
.
أما القول الثاني فيرى أصحابه جواز عزله وإن لم يخن
(4)
.
(1)
انظر: حاشية رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، 3/ 386، والبحر الرائق شرح كنز الحقائق (وفي آخره: تكملة البحر الرائق لمحمد بن حسين بن علي الطوري الحنفي القادري وبالحاشية: منحة الخالق لابن عابدين)، زين الدين بن إبراهيم بن محمد المعروف بابن نجيم المصري، دار الكتاب الإسلامي، ط 2، د. ت، 5/ 245 و 252 - 254، وحاشية الدسوقي على الشرج الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي، 4/ 88، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، شمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة شهاب الدين الرملي، 5/ 399.
(2)
انظر: شرح الأزهار (المنتزع المختار من الغيث المدرار)، ابن مفتاح، 3/ 489.
(3)
انظر: مباني منهاج الصالحين، السيد تقي الطباطبائي القمي، إشراف: عباس الحاجياني، دار قلم الشرق، د. ت، 9/ 464.
(4)
انظر: مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، الحطاب الرُّعيني، ج 6، ص 40، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي، 4/ 88، وكشاف القناع عن متن الإقناع منصور بن يونس بن صلاح الدين بن حسن بن إدريس البهوتي الحنبلي، 4/ 272، ومطالب أولي النهي في شرح غاية المنتهى، السيوطي، 4/ 330، وحاشية رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، 3/ 386 و 419، والبحر الرائق، ابن نجيم، 5/ 254، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، الرملي، 5/ 399.