الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستدل أصحاب هذا الرأي: بأنه شرط ليس في كتاب الله تعالى، وهما فعلان متغايران
(1)
.
القول الثالث: بطلان الوقف المؤقت، وإليه ذهب الحنفية في المعتمد عندهم"
(2)
، والإمامية في القول الأقوى عندهم
(3)
.
ثانيًا: انتهاء الوقف بالرجوع فيه:
اختلف الفقهاء في لزوم الوقف على قولين:
القول الأول: لزوم الوقف، وعدم جواز رجوع الواقف عن الوقف، وإليه ذهب جمهور الفقهاء من المالكية مع جواز اشتراط الخيار
(4)
، والشافعية
(5)
، والحنابلة
(6)
، والظاهرية
(7)
، والزيدية
(8)
، والصاحبين من الحنفية وهو المفتى به عندهم
(9)
، والإمامية
(10)
.
(1)
انظر: المحلى، ابن حزم، 1420.
(2)
انظر: حاشية ابن عابدين، ابن عابدين، 4/ 349.
(3)
انظر: الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، البحراني، 22/ 123.
(4)
انظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي، 4/ 75، والذخيرة، شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط 1، 1994 م 6/ 322، ومواهب الجليل، الحطاب، 6/ 18.
(5)
انظر: الحاوي، الماوردي، 7/ 511.
(6)
انظر: كشاف القناع، البهوتي، 4/ 292، وانظر: مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى، مصطفى الرحيباني، المكتب الإسلامي، بيروت، 4/ 293.
(7)
انظر: المحلى، ابن حزم، 1416.
(8)
انظر: الروض النضير، الصنعاني، 4/ 124، وشرح الأزهار، ابن مفتاح، 3/ 458، والبحر الزخار، ابن المرتضي، 5/ 148.
(9)
انظر: المبسوط، شمس الدين أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي، دار المعرفة بيروت، 1406 هـ/ 1986 م، السرخسي، 12/ 27، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، فخر الدين عثمان بن علي بن محجن البارعي الزيلعي الحنفي، دار المعرفة، بيروت، ط 2، 3/ 326.
(10)
انظر: جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، محمد حسن باقر النجفي، مؤسسة المرتضى العالمية، ودار المؤرخ العربي، بيروت، ط 1، 1412 هـ/ 1992 م، 28/ 11.
استدل أصحاب هذا الرأي بالأدلة الآتية:
1 -
بما رُوي عن ابن عمر رضي الله عنهما: قال: أصاب عمر رضي الله عنه أرضًا بخيبر، فأتي النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضًا بخيبر لم أصب مالًا قط هو أنفس عندي منه، فقال:"إن شئت حبست أصلها، وتصدقت بها"، قال: فتصدق بها عمر أنه لا يباع ولا يوهب ولا يورث في الفقراء وفي القربي وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضعيف
(1)
.
وجه الدلالة: قوله: "لا يباع ولا يوهب ولا يورث"؛ يدل على أن الحبس المشروع في الوقف هو المانع من التصرفات، فالرسول يقول لعمر رضي الله عنه:"إن شئت حبست أصلها"، ويفسر ذلك التحبيس بأنه لا يباع أصلها ولا يبتاع ولا يوهب ولا يورث، وعمر رضي الله عنه يمتثل لذلك، ويشرط في كتاب وقفه الذي أشهد عليه كبار الصحابة لا تباع ولا توهب ولا تورث، فيمنع التصرفات الناقلة للملكية في حياته وبعد موته، والمنع من التصرفات يدل على لزوم الوقف.
قال الترمذي: "العمل في هذا الحديث عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، لا نعلم بين أحد من المتقدمين منهم في ذلك اختلافًا"
(2)
.
2 -
بما رُوي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له
(3)
.
وجه الدلالة: قوله: "صدقة جارية؛ يُشعر أن الوقف يلزم، ولا يجوز نقضه، ولو جاز النقض لكان صدقة منقطعة، وقد وصفه في الحديث بعدم الانقطاع
(4)
.
(1)
صحيح البخاري، كتاب الشروط، باب الشروط في الوقف، (2737)، وصحيح مسلم، كتاب الوصية، باب الوقف، (1632).
(2)
المغني، ابن قدامة، 6/ 3.
(3)
صحيح مسلم، كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، (1631).
(4)
انظر: نيل الأوطار، محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني، تحقيق: عصام الدين الصبابطي، دار الحديث، مصر، الطبعة الأولى، 1413 هـ / 1993 م، 6/ 30.
3 -
إن الوقف ولزومه مشتهر بين الصحابة رضي الله عنهم فذكر الحميدي: أن أبا بكر رضي الله عنه تصدق بداره على ولده، وعمر بربعة عند المروة على ولده، وعثمان برومة، وتصدق علي بأرضه بينبع، وتصدق الزبير بداره بمكة، وداره بمصر، وأمواله بالمدينة على ولده، وتصدق سعد بداره بالمدينة وداره بمصر على ولده، وعمرو بن العاص بالوهط وداره بمكة على ولده، وحكيم بن حزام بداره بمكة والمدينة على ولده، فذلك كله إلى اليوم
(1)
؛ أي لم يرجع عنه؛ لأنه عقد يقتضي التأبيد، فكان من شأنه ذلك، ويلزم الوقف بمجرد القول بدون حكم حاكم
(2)
.
4 -
واستدل للخيار عند المالكية بأنه ينبغي أن يوفي له بشرطه، كما قالوا: إنه يوفي له بشرطه إذا شرط أنه إذا تسوَّر عليه قاضٍ رجع له
(3)
.
5 -
ولأن الوقف تبرع يمنع البيع والهبة والميراث، فلزم بمجرد صدور صيغته من الواقف كما في العتق
(4)
.
6 -
واستدل الإمامية بالإجماع؛ لأنه كالضروروي عندهم
(5)
.
القول الثاني: أن الوقف جائز غير لازم، وللواقف الرجوع فيه حال حياته مع الكراهة، وإليه ذهب الإمام أبو حنيفة
(6)
وزفر
(7)
، والإباضية
(8)
، وحكاه بعضهم عن علي وابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم
(9)
.
(1)
انظر: المغني، ابن قدامة، 6/ 4.
(2)
انظر: كشاف القناع، البهوتي، 4/ 292، وانظر: مطالب أولي النهى، الرحيباني، 4/ 293.
(3)
انظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي، 4/ 75، والذخيرة، القرافي، 6/ 322، ومواهب الجليل، الحطاب، 6/ 18.
(4)
انظر: الذخيرة، القرافي، 6/ 326.
(5)
انظر: جواهر الكلام، محمد حسن النجفي، 28/ 11.
(6)
ويورث عنه غير ما استثناه أبو حنيفة.
(7)
انظر: حاشية ابن عابدين، ابن عابدين، 4/ 343، وبدائع الصنائع، الكاساني: 6/ 220، والمبسوط، السرخسي، 12/ 27، والبحر الرائق، ابن نجيم، 5/ 209، والإسعاف، الطرابلسي،3.
(8)
انظر: منهج الطالبين، الرستاقي، 13/ 257.
(9)
انظر: المغني، ابن قدامة، 6/ 4.