الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن لم يكن فيها حجر لا يستقيم أن تقسم بينهم ولا يقع فيها مهايأة إنما سكناها لمن جعل الواقف له ذلك لا لغيرهم.
وعن هذا يعرف أنه لو سكن بعضهم فلم يجد الآخر موضعًا يكفيه لا يستوجب الآخر أجرة حصته على الساكنين، بل إن أحب أن يسكن معه في بقعة من تلك الدار بلا زوجة أو زوج إن كان لأحدهم ذلك، وإلا ترك المتضيق وخرج، أو جلسوا معًا كل في بقعة إلى جنب الآخر
(1)
.
خامسًا: انتهاء الوقف بانقراض الموقوف عليهم:
لقد تحدث الفقهاء من مسألة: انقراض الموقوف عليهم في كل من الوقف الأهلي؛ والوقف الخيري من ناحيتين: الأولى منهما: تتعلق بصحة هذا النوع من الوقف وعدمه، وأما الناحية الثانية: فبناء على القول بصحة الوقف على من ينقرض؛ هل ينتهي الوقف بانقراض الموقوف عليهم؟ وسوف نعرض لذلك مركزين على الناحية الثانية؛ لأنها تدخل في موضوعنا، والأمر في هذه المسألة لا يخلو من أربعة أنواع؛ وهي
(2)
:
النوع الأول: أن يكون الموقوف عليهم جهة غير منقطعة؛ كالوقف على الفقراء والمساكين والمساجد، أو على طائفة لا يجوز بحكم العادة انقراضهم؛ كحفظة القرآن الكريم، ومصالح الحرم .. وهو صحيح بالاتفاق
(3)
.
(1)
انظر: فتح القدير، ابن الهمام، 6/ 212، والبحر الرائق، ابن نجيم، 5/ 224.
(2)
انظر: حاشية ابن عابدين، ابن عابدين، 4/ 430 - 431، وعقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة، أبو محمد جلال الدين عبد الله بن نجم بن شاس بن نزار الجذامي السعدي المالكي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط 1، 2003 م، 3/ 964، ونهاية المطلب، الجويني 8/ 350، والمغني، ابن قدامة، 6/ 22 - 23، ومنار السبيل، إبراهيم بن محمد ضويان، طبعة وزارة الأوقاف، قطر، 402، وشرائع الإسلام، الحلي، 2/ 220، والبحر الزخار، ابن المرتضى، 5/ 158، والمحلى، ابن حزم، 1420.
(3)
انظر: فتح القدير، ابن الهمام، 5/ 47، والفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني، النفراوي، 2/ 227، والحاوي، الماوردي، 7/ 521، وروضة الطالبين، النووي، 5/ 325 - 326.
وأما ما يترتب على انقطاع هذا الوقف فسيبحث فيما يترتب على انتهاء الوقف.
النوع الثاني: أن يكون الموقوف عليهم جهة منقطعة: كالوقف على قوم يجوز انقراضهم بحكم العادة، ولم يجعل آخره للمساكين؛ فقد اختلف الفقهاء في ذلك على قولين:
القول الأول: أن الوقف في هذا النوع صحيح، وإليه ذهب جمهور الفقهاء من المالكية، والحنابلة، والزيدية، والإباضية، والإمامية، وأبي يوسف من الحنفية، والشافعي في قول ثانٍ
(1)
:
استدل أصحاب هذا القول:
1 -
بأنه تصرف معلوم المصرف؛ فصحَّ، كما لو صرح بمصرفه المتصل.
2 -
لأن الإطلاق إذا كان له عرف، حمل عليه، كنقد البلد وعرف المصرف، وها هنا هم أولى الجهات به، فكأنه عينهم
(2)
.
وإذا ثبتت صحة الوقف في هذا النوع فقد اختلف في انصرافه عند انقراض الموقوف عليهم على آراء، سيأتي تفصيلها فيما يترتب على انتهاء الوقف.
(1)
انظر: حاشية ابن عابدين، ابن عابدين، 4/ 430 - 431، وعقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة، أبو محمد جلال الدين عبد الله بن نجم بن شاس بن نزار الجذامي السعدي المالكي، 3/ 964، ونهاية المطلب، الجويني، 8/ 350، وروضة الطالبين، النووي، 5/ 325، والمغني، ابن قدامة، 5/ 623 - 626، ومنار السبيل، إبراهيم بن محمد ضويان، 402، وجواهر الكلام، محمد حسن النجفي، 10/ 46، والحدائق الناضرة، البحراني، 22/ 128، والبحر الزخار، ابن المرتضي، 5/ 158، والمحلى، ابن حزم، 1420.
(2)
انظر: حاشية ابن عابدين، ابن عابدين، 4/ 430 - 431، وعقد الجواهر، ابن شاس 3/ 964، ونهاية المطلب، الجويني، 8/ 350، وروضة الطالبين، النووي، 5/ 325، والمغني، ابن قدامة، 5/ 22 - 23، ومنار السبيل، إبراهيم بن محمد ضويان، 402، وجواهر الكلام، محمد حسن النجفي، 10/ 46، والحدائق الناضرة، البحراني، 22/ 128، والبحر الزخار، ابن المرتضى، 5/ 158، والمحلى، ابن حزم، 1420.
القول الثاني: لا يصح الوقف في هذا النوع؛ لأن الوقف مقتضاه التأبيد، فإذا كان منقطعًا صار وقفًا على مجهول، فلم يصح، وإليه ذهب محمد بن الحسن من الحنفية وهو المفتي به عندهم، والشافعي في أحد قوليه، واستدل أصحاب هذا القول
(1)
:
1 -
بالقياس على من وقف على مجهول في الابتداء.
2 -
لأنه لا بد من بيان جهة قرية لا تنقطع؛ لأن مقتضى الوقف التأبيد، وفي هذه الحالة يصير الوقف على مجهول.
النوع الثالث: أن يكون الوقف منقطع الابتداء: كالوقف على من لا يجوز الوقف عليه، كالوقف على نفسه، أو على كنيسة، أو على مجهول غير معين، فإن لم يذكر له مالًا يجوز الوقف عليه ففيه قولان:
القول الأول: يكون الوقف باطلًا، وهو قول الجمهور
(2)
.
القول الثاني: أن الوقف على النفس صحيح
(3)
، وإليه ذهب الظاهرية، وأبو يوسف من الحنفية
(4)
.
واستدل أصحاب هذا القول:
1 -
بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ابدأ بنفسك فتصدق عليها"
(5)
.
وجه الدلالة: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالبدء بالنفس للتصدق عليها عام في كل صدقة؛ ومنها: الوقف.
(1)
انظر: أحكام الأوقاف، الخصاف، 27، وحاشية ابن عابدين، ابن عابدين، 4/ 430 - 431، ونهاية المطلب، الجويني، 8/ 350، وروضة الطالبين، النووي، 5/ 325.
(2)
انظر: روضة الطالبين، النووي، 5/ 318.
(3)
انظر: حاشية ابن عابدين، ابن عابدين، 4/ 384، والمحلى، ابن حزم، 1420.
(4)
انظر: المحلى، ابن حزم، 1420، ورد المحتار، ابن عابدين، 4/ 384.
(5)
صحيح مسلم، كتاب الزكاة، باب الابتداء في النفقة، (997)، سنن أبي داود، كتاب العتق، باب عتق الأمهات، (3957).
2 -
بقول عمر رضي الله عنه: "تصدق بالثمرة"
(1)
.
وجه الدلالة: إطلاق عمر رضي الله عنه التصدق بالثمرة يدل على جواز صدقته على نفسه، وعلى من شاء.
النوع الرابع: أن يكون الوقف صحيح الطرفين، منقطع الوسط: مثل أن يقف على ولده، ثم على مجهول غير معين، ثم على المساكين، خرج في صحة الوقف وجهان، كمنقطع الانتهاء؛ لأن الوقف للتأبيد، ثم ينظر فيما لا يجوز الوقف عليه، فإن لم يمكن اعتبار انقراضه ألغيناه إذا قلنا بالصحة، وإن أمكن اعتبار انقراضه فهل يعتبر أو يلغى؟ على وجهين، كما سبق
(2)
.
(1)
الوقوف من مسائل الإمام أحمد، تفريغ باب كراهة البيع في الوقف.
(2)
انظر: فتح القدير، ابن الهمام، 5/ 47، وعقد الجواهر، ابن شاسي، 3/ 964، ونهاية المطلب، الجويني، 8/ 350، والمغني، ابن قدامة، 6/ 22 - 23، وشرائع الإسلام، الحلي، 2/ 220، والبحر الزخار، ابن المرتضى، 5/ 158، والفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني، النفراوي، 2/ 227، والحاوي، الماوردي، 7/ 521، وروضة الطالبين، النووي، 5/ 325، والمحلى، ابن حزم، 1420.