الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحالة الثانية: إذا كان الوقف منتهيًا بسبب الانقطاع للموقوف عليهم غير المعلوم الانتهاء؛ فإنه ينصرف إلى أقارب الواقف عند الشافعية وأحمد في رواية
(1)
.
واستدل أصحاب هذا القول بالأدلة الآتية:
1 -
أن أقاربه أولى الناس بصدقته، بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم:"الصدقة على ذي القرابة اثنتان؛ صدقة وصلة"
(2)
، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم يعود أحد الصحابة وهو بمكة، وهو يكره أن يموت بالأرض التي هاجر منها، فقال:"يرحم الله ابن عفراء"، قلت: يا رسول الله أوصي بمالي كله؟ قال: "لا"، قلت: فالشطر؟ قال: لا، قلت: الثلث، قال:"فالثلث، والثلث كثير"، وقال: "إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس
(3)
.
2 -
لأن فيه إغناءهم وصلة أرحامهم؛ لأنهم أولى الناس بصدقاته النوافل والمفروضات، كذلك صدقته المنقولة.
ثانيًا: مصيره ملكًا للموقوف عليهم:
يؤول الوقف المنتهي إلى الموقوف عليهم في الحالات الآتية:
الحالة الأولى: إذا انتهى الوقف بسبب ما إذا كانت الغلة ضئيلة، ولم يكن الواقف حيًا، فيملكون تلك العين الموقوفة بحكم القاضي، وتوزع عليهم عند فقهاء المذاهب الثمانية الذن يرون انتهاء الوقف في هذه الحالة؛ لأن الأصل في تشريع الوقف تخصيص منفعته للموقوف عليهم، وصرف ريعه إليهم، تقربًا إلى الله تعالى
(4)
.
(1)
انظر: نهاية المطلب، الجويني، 8/ 350، وروضة الطالبين، النووي، 5/ 325، والمغني، ابن قدامة، 5/ 22 - 24.
(2)
مسند الإمام أحمد، 4/ 16، (16330)، وسنن الترمذي، كتاب الزكاة، باب الصدقة على ذي القرابة، (608) وهو حديث صحيح لغيره كما قال شعيب الأرناؤوط.
(3)
صحيح البخاري، كتاب المرضى، باب ما رخص للمريض أن يقول، (5668).
(4)
انظر: الشرح الصغير، الدردير، 4/ 97، ومغني المحتاج، الشربيني، 2/ 397، وكشاف القناع، البهوتي، 4/ 242، والمحلى، ابن حزم، 1415، والبحر الزخار، ابن المرتضي، 5/ 147، وشرائع الإسلام، الحلي، 2/ 220، والنيل وشفاء العليل، محمد بن أطفيش، 12/ 453.
فتعريف الوقف عند الحنابلة أنه: "تحبيس الأصل، وتسبيل المنفعة"
(1)
، ثم ينتقل الملك في الموقوف؛ أي: في غلته لا في رقبته إلى الموقوف عليهم في ظاهر المذهب؛ أي فهم لا يملكون الرقبة
(2)
، فإذا صارت الغلة ضئيلة تافهة زعت العين على الموقوف عليهم.
الحالة الثانية: إذا انتهى الوقف بسبب خراب عين الوقف، أو انهدامها، ولم يمكن تعميره، وليس للواقف حق الرجوع عنه؛ آل الوقف إلى موقوف عليه مماثل في غير المسجد، عند جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والزيدية، أما المسجد فإذا خرب، واستغني الناس عنه، يظل مسجدًا أبدًا إلى قيام الساعة، فلا يعود إلى ملك الباني وورثته، ولا يجوز نقله، ونقل ماله إلى مسجد آخر. أما يسط المسجد وحصره وقناديله إذا استغني عنها المسجد، فتنقل في رأي أبي يوسف إلى مسجد آخر، وترجع إلى المالك أو إلى ورثته في رأي محمد بن الحسن إذا خرجت عن الانتفاع المقصود للواقف بالكلية، والفتوى على قول محمد بن الحسن، وكذلك الرباط:(مسكن المجاهدين) والبئر إذا لم ينتفع بهما واستغني عنهما، تنقل في رواية عن أبي يوسف إلى مسجد آخر، وترجع إلى المالك في رأي محمد بن الحسن، والفتوى أن أنقاضهما تباع وتنقل إلى رباط أو بئر آخر؛ لأن غرض الواقف انتفاع الناس بالموقوف، ولئلا يأخذها المتغلبون
(3)
.
(1)
انظر: الإنصاف، أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي، 16/ 361.
(2)
انظر: المغني، ابن قدامة، 6/ 28.
(3)
انظر: حاشية ابن عابدين، ابن عابدين، 4/ 358 - 359، وبدائع الصنائع، الكاساني 6/ 220، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي، 4/ 90 - 91، ومغني المحتاج، الشربيني الشافعي، 2/ 391، والمغني، ابن قدامة، 5/ 28 - 29، والبحر الزخار، ابن المرتضي، 5/ 158، وشرائع الإسلام، الحلي، 2/ 220، والنيل وشفاء العليل، محمد بن أطفيش، 12/ 453.