الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة: معنى انتهاء الوقف فقهًا
(1)
:
يختلف انتهاء الوقف من مذهب إلى آخر، وذلك لخلافهم في مقتضى انتهاء الوقف، لكن الفقهاء لم يتعرضوا لمعنى انتهاء الوقف كتعريف اصطلاحي، وإن أبانوا بعض صوره التي يُفهم منها معنى انتهاء الوقف على الخلاف الوارد بين الفقهاء.
فهو عند المالكية: أن يشترط الواقف عند وقفه أن يكون لمدة معلومة أو إلى أجل مجهول، فإذا انتهت المدة المشروطة انتهى الوقف
(2)
.
وعند الحنابلة: أن يعلِّق الواقف انتهاء وقفه على شرط؛ نحو قوله: داري وقف إلى سنة، وذلك في إحدى الروايتين في المذهب
(3)
.
ومنه: أن ينقطع الموقوف عليهم والواقف حي فيرجع إليه
(4)
.
انتهاء الوقف في استعمال الفقهاء: لا يخرج عن المعنى اللغوي له، فهو: وصول الوقف النهاية، ووقوفه عن أداء غرضه الذي أنشيء من أجله.
(1)
الانتهاء في اللغة: يدل على غاية وبلوغ، فيقال: انتهى الشيء؛ إذا بلغ نهايته، أو غايته، ومنه نهاية كل شيء: غايته، والمقصود هنا: أن الوقف قد يتعرض لحالات ينقطع معها أن يبلغ غايته، وهو تمام تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة على وجه التأبيد. انظر: معجم مقاييس اللغة، أبو الحسين أحمد بن فارس، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط 1، 2001 م، 963، والمصباح المنير في غريب الشرح الكبير، أحمد بن محمد بن علي الفيومي، المطبعة الأميرية، القاهرة، ط 6، 1926 م، 2/ 864، والقاموس المحيط، مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادي، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1986 م، 1769.
(2)
انظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، 4/ 77.
(3)
انظر: المغني، أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة الجماعيلي المقدسي ثم الدمشقي الحنبلي الشهير بابن قدامة المقدسي، مكتبة القاهرة، د. ط، 1388 هـ/ 1968 م، 6/ 26.
(4)
انظر: شرح الزركشي على مختصر الخرقي، شمس الدين محمد بن عبد الله الزركشي المصري الحنبلي، دار العبيكان، ط 1، 1413 هـ/ 1993 م، 4/ 284، والمبدع في شرح المقنع، برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مفلح، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، ط 1، 1418 هـ/ 1997 م، 5/ 164.
وحالات انتهاء الوقف على خلاف الأصل المستقر عند جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة في المذهب، وهو تأبيد الوقف؛ خلافًا للمالكية والحنابلة في وجه القائلين بجواز كون الوقف مؤقتًا وسيأتي تفصيله، وقد جاءت حالات انتهاء الوقف استثناء عن هذا الأصل، وهو رأي لبعض الفقهاء على ما سيأتي بيانه.
وقد عرَّفه الشيخ عبد الوهاب خلاف هذه الحالة الاستثنائية بقوله: "زوال الوقف، وذهاب آثاره فالعين التي ينتهي وقفها لا تبقى محبوسة عن تملكها، ولا عن التصرف فيها بتصرف التمليك، ولا يبقى ريعها حقًّا لمن كانت وقفًا عليه، بل تصبح العين الموقوفة ملكًا خالصًا، ومحلًا لجميع التصرفات التمليكية وريعها لمالكها"
(1)
.
ويتنوع انتهاء الوقف إلى نوعين؛ الأول منهما: أن يكون الانتهاء تلقائيًا، أي من ذاته، دون فعل فاعل، أو تدخل من أحد من الناس، وأما النوع الثاني: فهو أن يكون الانتهاء بإرادة الواقف، أو من له الولاية على الوقف كالقاضي
(2)
.
هذا، ومن صور انتهاء الوقف انقطاعه، وهو لغة: مأخوذ من قطع، وهو في الأصل يدل على صرم، وإبانة شيء عن شيء
(3)
، والعلاقة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي أن صيرورة الوقف إلى عدم وجود مصرفه المخصص له، قطع له عن تأديته لمقصده الذي شرع من أجله.
وانقطاع الوقف فقهًا يعني: عدم وجود مصرفه المعين في حجة الوقف مع بقاء العين الموقوفة وقفًا كما أنشأ الواقف، وبذلك يختلف الانتهاء من الانقطاع، فالوقف المنتهي يزول ويعود الموقوف ملكًا، وهو انتهاء للوقف باعتبار ملكية عين الوقف، في حين أن الوقف المنقطع باقٍ، ولكن لا يوجد مصرفه المعين بشرط الواقف
(4)
، وهو انتهاء الوقف باعتبار مصرفه.
(1)
أحكام الوقف، عبد الوهاب خلاف، مطبعة النصر، القاهرة، ط 1، 1953 م، 114.
(2)
انظر: المرجع السابق، 144.
(3)
انظر: معجم مقاييس اللغة، أبو الحسين أحمد بن فارس، 862، والمصباح المنير، الفيومي 2/ 698، والقاموس المحيط، الفيروزآبادي، 1423.
(4)
انظر: أحكام الوقف، عبد الوهاب خلاف، 115.