الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولًا: مشروعية وخصوصية دعوى الوقف:
الدعوى لغة: اسم من الادعاء
(1)
، وهو المصدر، بمعنى أنها اسم لما يدعى، وهي مشتقة من الدعاء بمعنى الطلب
(2)
، وتجمع على دعاوى بالفتح والكسر
(3)
.
أما اصطلاحًا: فقد عرّفها الفقهاء بتعريفات كثيرة تؤول في مجملها إلى معنى واحد، وهو أنها: قول مقبول عند القاضي يقصد به المدعي طلب حق لنفسه قبل غيره، أو دفع حق عن نفسه
(4)
.
أما الدعوى في الاصطلاح القانوني فهي سلطة عامة بمقتضاها يلجأ الفرد إلى القضاء، أو هي ادعاء قانوني لدى القضاء، أو هي الحق في الحصول على الحماية القضائية، أو هي حق صاحب الادعاء في أن يسمعه القضاء حول ما إذا كان الادعاء على أساس أم لا، وهي بالنسبة للمدعى عليه حقه في مناقشة أساس هذا الادعاء
(5)
.
فالدعوى واضحة عند الفقهاء من حيث مفهومها وحدها، ولا خلاف بينهم حول ذلك في الجملة ولا تنازع، ودعوى الوقف ليست إلا مصداقًا محددًا من مصاديق الدعوى ينطبق عليها مفهومها، ويشملها شمول العام للخاص والكل للجزء.
(1)
انظر: التعريفات الجرجاني، الطبعة التونسية، 1970 م، 55، والمصباح المنير، الفيومي، بولاق، 1324 هـ.، 1/ 232.
(2)
انظر: القاموس المحيط، الفيروزآبادي، المطبعة المصرية، ط 3، 1933 م، 4/ 328، والمصباح المنير، الفيومي، 1/ 232.
(3)
انظر: المصباح المنير، الفيومي، مادة دعوة، 1/ 195.
(4)
انظر: نظرية الدعوى في الشريعة الإسلامية والقانون، 1/ 62، وأصول المرافعات في القضاء الشرعي، محمد شفيق العاني، مطبعة الإرشاد، بغداد، 1965 م، 10، والدر المختار شرح تنوير الأبصار، مطبوع على حاشية ابن عابدين، علاء الدين الحصكفي، 5/ 541، وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، علاء الدين الكاساني، دار الفكر، بيروت، مصورة عن مطبعة الإمام 1971 م، 6/ 393، والمبسوط، أبو بكر السرخسي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1993 م، مصورة عن طبعة مطبعة السعادة، مصر، 17/ 28 وبعدها.
(5)
انظر: أصول قواعد المرافعات، د. أحمد ماهر، د. يوسف أبو زيد، بدون سنة طبع أو تاريخ نشر، 1086 - 1089.
وتندرج دعوى الوقف في السياق العام لفقه القضاء المتكفل لبيان أحكام الدعاوى والخصومات، وتحديد طرق حل المنازعات في الحقوق والتصرفات، وهي بسبب ذلك تنطبق عليها الأحكام العامة التي تنطبق على أية دعوي بغض النظر عن حقيقة موضوعها، وشخصية أطرافها
…
من ذلك مثلًا أنه لا بد لتحققها من توفر ركنها الذي لا قوام لها إلا به وهو: القول الذي يطلب به الحق أمام القضاء، وضرورة وجود طرفيها، المدعي والمدعى عليه، ووضوح الحق المدعى به، ووجوب إثباته بالبينات التي تؤكد صدق المدعي في دعواه
(1)
.
لكن نظرًا لكون الوقف تصرفًا ماليًا خاصًا يخرج به الواقف مالًا معينًا عن ملكه إلى حكم ملك الله تعالى، لتُصرف ثمرته على جهة معينة، ويحتاج إلى متولٍ أو ناظرٍ يقوم بإدارته والنظر عليه وإنمائه ورعايته
(2)
، فلقد استوجب احتياطًا لجانب الوقف، ورعاية لجانب المستحقين فيه - من وجد منهم ومن لم يوجد - أحكامًا خاصة
…
بعضها يتصل بدعوى الوقف في ذاتها وفيما يتعلق بها من لوازم، لجهة تحديد الجهة المختصة بالنظر فيها، وشخصية الخصم، وأثر مرور الزمن عليها بقاءً أو سقوطًا، وبعضها يتصل بطرف إثباتها ووسائله.
(1)
انظر: المبسوط، أبو بكر السرخسي، 17/ 28 وبعدها، وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، علاء الدين الكاساني، 6/ 393، ورد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن عابدين)، ابن عابدين، طبعة البابي الحلبي، دار الفكر بيروت، مصورة عن طبعة البابي الحلبي، د. ت، 6/ 92، وقرة عيون الأخبار لتكملة "رد المحتار"، محمد علاء الدين عابدين، المطبعة العثمانية، 1327 هـ، 8/ 216.
(2)
انظر: ورد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن عابدين)، ابن عابدين، 2/ 532، وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، علاء الدين الكاساني، 6/ 334، والمبسوط، أبو بكر السرخسي، 11/ 49، وروضة الطالبين، أبو زكريا يحيى بن شرف النووي، المكتب الإسلامي للطباعة والنشر، ط 1، 4/ 472، ومنار السبيل، ابن ضويان، المكتب الإسلامي، بيروت، 2/ 3، ونيل الأوطار، محمد بن علي الشوكاني، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، 1347 هـ، 3/ 120، والمطلع على أبواب المقنع، شمس الدين البغلي، دمشق: المكتب الإسلامي، 1965 م، 1/ 285، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، شمس الدين الرملي، مصر: المطبعة العامرة الكبرى، 1292 م، 5/ 354 - 355، وكشاف القناع عن متن الإقناع، البهوتي، المطبعة العامرة، مصر، ط 1، 1319 م، 4/ 124.