الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس أجرة الوقف
من المتفق عليه أن ولاية الناظر على الوقف مقيدة بأن تكون أفعاله وتصرفاته في مصلحة الوقف، ولما كانت الأجرة أحد أركان عقد الإجارة فلا ريب عندئذ أن نشهد اهتمامًا فقهيًا بالبحث حول الأجرة ومقدارها على التفصيل، فهل يصح أن تكون الإجارة بأقل، والإجارة إذا انشغلت على غبن فاحش وآثارها، وأثر تغيير أجرة الوقف بعد العقد بزيادة أو نقصان، وبعبارة أخرى: أثر الظروف الطارئة على الأجرة
(1)
وغيرها من مسائل، إلا أنه من الضرورة التأكيد على أن الأصل العام في تقدير أجرة الوقف هو أن تكون بمقدار أجرة المثل ولا تجوز بأقل منها، حيث إن الالتزام بأقل من أجرة المثل التزام يسبب ضررًا للمستحقين إلا إذا كان النقصان يسيرًا لا يسبب ضررًا معتمدًا به فالإجارة عندئذ صحيحة، والأصل أن تسمى الأجرة وهي تملك، إلا إذا كانت الإجارة باطلة أو فاسدة فإنه عندئذ تلزم أجرة المثل؛ إذ إن الإجارة الفاسدة والباطلة متساويتان في استحقاق بدل المثل.
ورغم تعدد الأقوال الفقهية في أحكام الفروع الكثيرة لهذا البحث، إلا أن الفقهاء يتفقون على أن الضابط العام في بدل الإجارة (أي الأجرة) أن يكون مالًا معلومًا مملوكًا طلقًا مقدورًا على تسليمه، وهذا كما يصلح أن يكون ثمنًا في البيع فإنه يصلح أن يكون عوضًا في الإجارة سواء بسواء
(2)
.
وسنتناول تفصيل ما ذكرنا إجماله في أول البحث وذلك على النحو الآتي:
أولًا: حكم إجارة الوقف بأقل من أجرة المثل (الغبن الفاحش):
إذا أجر الناظر العين الموقوفة بأقل من أجرة المثل وكان النقصان يسيرًا يتغابن الناس في مثله، والذي إن وجد فإن الناس تتسامح فيه في معاملاتهم وتتقبله من بعضها البعض عادةً؛ فإن الإجارة تكون نافذة سواء كان المستأجر من المستحقين أو
(1)
انظر لمزيد من التفاصيل عن نظرية الظروف الطارئة وأثرها على الأجرة: النظريات الفقهية د. فتحي الدريني، منشورات جامعة دمشق، سوريا، ط 2، 1417 هـ/ 1997 م، 139 - 193.
(2)
انظر: تحرير المجلة، محمد حسين كاشف الغطاء، 2/ 65.