المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الصورة الرابعة: في سكوت الواقف عن شرط الاستبدال، والموقوف معطل النفع وهو عقار غير مسجد - مدونة أحكام الوقف الفقهية - جـ ٣

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل التاسع إجارة الوقف

- ‌المبحث الأول تعريفات ومصطلحات

- ‌أولًا: الحكر أو الاستحكار:

- ‌ثانيًا: الإجارة الطويلة:

- ‌ثالثًا: عقد الإجارتين:

- ‌رابعًا: الكَدِك:

- ‌خامسًا: الكردار:

- ‌سادسًا: مشد المسكة:

- ‌سابعًا: المرصد:

- ‌ثامنًا: الخلو:

- ‌المبحث الثاني من يملك حق تأجير الوقف

- ‌أولًا: ولاية تأجير الوقف:

- ‌ثانيًا: ولاية القاضي في تأجير الوقف:

- ‌ثالثا: عزل القاضي للناظر:

- ‌رابعًا: تأجير الموقوف عليه للوقف:

- ‌أ) إذا أجر الموقوف عليه ما لم يصح له إجارته:

- ‌ب) إذا لم يكن هناك نص من الواقف:

- ‌ج) في حالة ما إذا كان هناك شرط من الواقف بعدم تأجير الناظر للوقف أو جزء منه:

- ‌المبحث الثالث الطرف المستأجر في عقد إجارة الوقف

- ‌المبحث الرابع المدة في إجارة الوقف

- ‌المسألة الأولى: إذا تم تقييد إجارة الوقف بمدة زمنية

- ‌المسألة الثانية: إذا لم يحدد الواقف مدة معينة لتأجير الوقف إهمالًا

- ‌أولًا: المذهب الحنفي:

- ‌ثانيًا: المذهب المالكي:

- ‌ثالثًا: المذهب الشافعي:

- ‌رابعًا: المذهب الحنبلي:

- ‌خامسًا: المذهب الزيدي:

- ‌سادسًا: المذهب الإمامي:

- ‌سابعًا: المذهب الإباضي:

- ‌المسألة الثالثة: الإجارة الطويلة

- ‌أولًا: المذهب الحنفي:

- ‌ثانيًا: المذهب المالكي:

- ‌ثالثًا: المذهب الشافعي:

- ‌رابعًا: المذهب الحنبلي:

- ‌خامسًا: المذهب الزيدي:

- ‌سادسًا: المذهب الإمامي:

- ‌سابعًا: المذهب الإباضي:

- ‌المسألة الرابعة: الإجارة بأجرتين

- ‌المسألة الخامسة: الإجارة المنتهية بالتمليك

- ‌المبحث الخامس أجرة الوقف

- ‌أولًا: حكم إجارة الوقف بأقل من أجرة المثل (الغبن الفاحش):

- ‌ثانيًا: مسألة تغيير الأسعار بعد إبرام عقد الإجارة:

- ‌أ) إذا كان التغيير بنقصان الأجرة:

- ‌ب) إذا كان التغيير بزيادة الأجرة:

- ‌المبحث السادس انتهاء عقد إجارة الوقف

- ‌المسألة الأولى: أسباب انتهاء عقد إجارة الوقف

- ‌السبب الأول: السبب الطبيعي:

- ‌السبب الثاني: السبب التعاقدي:

- ‌المسألة الثانية: الأثر المترتب على انتهاء عقد إجارة الوقف

- ‌1 - مذهب الحنفية:

- ‌2).2 -مذهب المالكية:

- ‌3 - مذهب بعض الشافعية:

- ‌4 - مذهب الحنابلة:

- ‌5 - مذهب الظاهرية:

- ‌6 - مذهب الزيدية:

- ‌7 - مذهب الإمامية:

- ‌8 - مذهب الإباضية:

- ‌مصادر ومراجع الفصل التاسع

- ‌الفصل العاشر الإبدال والاستبدال في الأوقاف

- ‌تمهيد:

- ‌أولا: تعريف الإبدال والاستبدال في اللغة:

- ‌ثانيا: تعريف الإبدال والاستبدال في الوقف عند الفقهاء:

- ‌المبحث الأول الاستبدال وصوره المشروعة

- ‌الصورة الأولى: اشتراط الواقف الاستبدال:

- ‌الصورة الثانية: في سكوت الواقف عن شرط الاستبدال، والموقوف ينتفع به:

- ‌الصورة الثالثة: في سكوت الواقف عن شرط الاستبدال، والموقوف منقول معطل النفع

- ‌الصورة الرابعة: في سكوت الواقف عن شرط الاستبدال، والموقوف معطل النفع وهو عقار غير مسجد

- ‌الصورة الخامسة: في سكوت الواقف عن شرط الاستبدال والموقوف مسجد معطل النفع:

- ‌الصورة السادسة: في اشتراط الواقف عدم الاستبدال:

- ‌المبحث الثاني أحوال جواز الإبدال والاستبدال

- ‌المبحث الثالث استثمار أموال البدل

- ‌أولًا: تعريف استثمار أموال بدل الوقف:

- ‌ثانيًا: أنواع الموقوف بالنسبة للاستثمار:

- ‌ثالثًا: وسائل استثمار أموال بدل الوقف:

- ‌الوسيلة الأولى: الإجارة:

- ‌1 - مدة إجارة الوقف:

- ‌2).2 -أجرة المثل في إجارة الوقف:

- ‌3 - الزيادة على أجر المثل:

- ‌الوسيلة الثانية: المزارعة والمساقاة:

- ‌الوسيلة الثالثة: الاستصناع:

- ‌الوسيلة الرابعة: صكوك المقارضة:

- ‌الوسيلة الخامسة: المشاركة المنتهية بالتمليك (المشاركة المتناقصة):

- ‌رابعًا: ضوابط استثمار أموال بدل الوقف:

- ‌المبحث الرابع شروط الإبدال والاستبدال

- ‌المبحث الخامس الجهة المخولة بالتصرف في الوقف بالاستبدال

- ‌أولًا: مذهب الحنفية:

- ‌ثانيًا: مذهب الحنابلة:

- ‌مصادر ومراجع الفصل العاشر

- ‌الفصل الحادى عشر توثيق الوقف

- ‌المبحث الأول تعريف توثيق الوقف ومشروعيته

- ‌أولًا: تعريف توثيق الوقف:

- ‌ثانيًا: مشروعية توثيق الوقف:

- ‌ثالثًا: فوائد توثيق الوقف:

- ‌رابعًا: حكم توثيق الوقف

- ‌المبحث الثاني ثبوت الوقف

- ‌أولا: ثبوت الوقف بالحجة الوقفية (الصك الوقفي)

- ‌أ) تعريف الحجة الوقفية:

- ‌ب) حكم الاعتماد على الحجج الوقفية:

- ‌ج) حكم العمل بالحجة الوقفية بخط القاضي الذي ينظر النزاع:

- ‌د) ثبوت الحجة الوقفية التي هي في أيدي القضاة ولها رسوم في دواوينهم:

- ‌ثانيًا: ثبوت الوقف بشهادة الشهود:

- ‌أ) تعريف الشهادة:

- ‌ب) حكم توثيق الوقف بالشهادة:

- ‌ج) صور الشهادة على الوقف:

- ‌1 - الشهادة على الوقف لغير المعين:

- ‌2 - الشهادة على الوقف للمعين:

- ‌ثالثًا: ثبوت الوقف بالتسامع:

- ‌أ) تعريف التسامع لغة وفقها:

- ‌ب) مشروعية الإثبات بشهادة التسامع:

- ‌ج) إثبات الوقف بالتسامع:

- ‌رابعا: ثبوت الوقف بوضع اليد:

- ‌أ) تعريف وضع اليد:

- ‌ب) مشروعية العمل بوضع اليد:

- ‌ج) حالات وضع اليد:

- ‌خامًسا: ثبوت الوقف بالكتب العرفية:

- ‌أ) حكم ثبوت الوقف بالكتب العرفية:

- ‌ب) حكم ثبوت الوقف بالكتابة على أبواب المدارس والربط والحيوان ونحوها:

- ‌سادسًا: ثبوت الوقف بالإقرار

- ‌أ) تعريف الإقرار ومشروعيته وأهميته:

- ‌ب) الإقرار بالوقف من الواقف:

- ‌الحالة الأولى: إقرار الواقف حال صحته:

- ‌الحالة الثانية: إقرار الواقف حال مرضه مرض الموت:

- ‌الحالة الثالثة: إقرار الواقف حال مرضه أنه وقف في صحته:

- ‌ج) إقرار الورثة بالوقف:

- ‌الحالة الأولى: أن يقع الإقرار من جميع الورثة:

- ‌الحالة الثانية: أن يقع الإقرار من بعض الورثة:

- ‌د) إقرار الأجنبي واضعًا يده على أرض وأقر بأنها وقف حال صحته:

- ‌الحالة الأولى: إقرار الأجنبي مطلقًا من غير تعيين الواقف:

- ‌الحالة الثانية: إقرار الأجنبي ذي اليد في إقراره بالوقف مقيدًا معينًا:

- ‌الصورة الأولى: تعيين الواقف:

- ‌الصورة الثانية: تعيين الموقوف عليه:

- ‌المبحث الثالث محتويات حجة الوقف

- ‌المبحث الرابع المتطلبات القانونية لإثبات الوقف وتوثيقه

- ‌أولًا: تنظيم التوثيق في العصر الحاضر:

- ‌ثانيًا: تسجيل الوقف في العصر الحاضر عن طريق قوانين خاصة صادرة لهذا الغرض:

- ‌ توثيق الوقف في المملكة العربية السعودية:

- ‌ توثيق الوقف في مصر:

- ‌ توثيق الوقف في سورية:

- ‌ توثيق الوقف في دولة الإمارات العربية المتحدة:

- ‌ثالثًا: تحديد الاختصاص في توثيق الوقف في القوانين المعاصرة:

- ‌رابعًا: إجراءات توثيق الوقف في القوانين المعاصرة:

- ‌خامسًا: بطلان توثيق الوقف:

- ‌مصادر ومراجع الفصل الحادي عشر

- ‌الفصل الثاني عشر المنازعات والدعاوى في الوقف

- ‌أولًا: مشروعية وخصوصية دعوى الوقف:

- ‌ثانيًا: طبيعة المنازعات الوقفية ومناشئها:

- ‌ثالثًا: الجهة المختصة في النظر في دعوى الوقف:

- ‌رابعًا: الخصم في دعوى الوقف:

- ‌الحالة الأولى: موطن الدعوى حالة التمييز بين المدعي والمدعى عليه:

- ‌الحالة الثانية: موطن الدعوى حالة عدم التمييز بين كل من المدعي والمدعى عليه:

- ‌خامسًا: التقادم في دعوى الوقف:

- ‌أ) مدة التقادم:

- ‌ب) وقف التقادم وانقطاعه:

- ‌سادسًا: وسائل الإثبات في دعوى الوقف:

- ‌أ) الإقرار: معناه، حجيته، وأنواعه:

- ‌ب) الشهادة: معناها، حجيتها، أركانها وشروطها:

- ‌1).1 -الشهادة بالتسامع:

- ‌2 - الشهادة على الشهادة:

- ‌ج) اليمين والنكول عنها:

- ‌1 - اليمين:

- ‌2 - معنى النكول:

- ‌سابعًا: صور المنازعة في الوقف:

- ‌أ) المنازعة بين المتولي من جهة، والمستحقين والقاضي من جهة أخرى:

- ‌1 - المنازعة بين المتولي والمستحقين:

- ‌2 - المنازعة بين المتولي والقاضي:

- ‌ب) المنازعة في الاستحقاق في الوقف وتفسير شرط الواقف:

- ‌ج) المنازعة بين الموقوف عليهم من جهة، وبينهم وبين الورثة من جهة أخرى:

- ‌مصادر ومراجع الفصل الثاني عشر

- ‌الفصل الثالث عشر انتهاء الوقف

- ‌مقدمة: معنى انتهاء الوقف فقهًا

- ‌المبحث الأول حالات انتهاء الوقف

- ‌أولًا: انتهاء الوقف المؤقت بانتهاء مدته:

- ‌ثانيًا: انتهاء الوقف بالرجوع فيه:

- ‌ويلزم الوقف عندهم بأحد الأمور الآتية

- ‌ثالثًا: انتهاء الوقف بتخرب الأعيان الموقوفة:

- ‌رابعًا: انتهاء الوقف بقلة غلته:

- ‌خامسًا: انتهاء الوقف بانقراض الموقوف عليهم:

- ‌المبحث الثاني ما يترتب على انتهاء الوقف

- ‌أولًا: مصيره إلى قرابة الواقف:

- ‌ثانيًا: مصيره ملكًا للموقوف عليهم:

- ‌ثالثًا: رجوعه إلى ملك الواقف:

- ‌رابعًا: مصيره إلى الخيرات:

- ‌خامسًا: مصيره إلى بيت مال المصالح العامة:

- ‌المبحث الثالث اشتراط حكم القاضي لإنهاء الوقف

- ‌مصادر ومراجع الفصل الثالث عشر

- ‌فهرس الأعلام والألقاب والمذاهب والفرق والأماكن والبلدان

- ‌مصادر ومراجع فهرس الأعلام

- ‌العلماء والباحثون الذين أسهموا في إنجاز مدونة أحكام الوقف الفقهية (حسب الترتيب الألفبائي)

- ‌أعضاء اللجنة العلمية (الحالية) لمنتدى قضايا الوقف الفقهية (المشرفة على مدونة أحكام الوقف)

- ‌أعضاء سابقون في اللجنة العلمية لمنتدى قضايا الوقف الفقهية

الفصل: ‌الصورة الرابعة: في سكوت الواقف عن شرط الاستبدال، والموقوف معطل النفع وهو عقار غير مسجد

ويقول الزركشي: "وحكى في التلخيص عن أبي الخطاب أنه لا يجوز بيع الوقف مطلقًا، وهو غريب لا يعرف في كتبه"

(1)

.

‌الصورة الرابعة: في سكوت الواقف عن شرط الاستبدال، والموقوف معطل النفع وهو عقار غير مسجد

(2)

:

إذا خرب الوقف - وهو غير مسجد - وصار بحيث لا يرد شيئًا؛ أي لا يرد شيئًا ينتفع به على أهل الوقف، أو يرد شيئًا لا عبرة فيه .. فقد اختلف الفقهاء في حكم إستبداله على ثلاثة أقوال:

القول الأول: يرى أنه إذا خرب الوقف وتعطلت منافعه فإنه يباع ويشترى بثمنه ما يرد على أهل الوقف وجعل وقفًا كالأول.

وإليه ذهب الحنفية (أبو يوسف ومحمد)

(3)

، والحنابلة في الصحيح من المذهب

(4)

، وبعض الشافعية

(5)

، والزيدية

(6)

.

(1)

شرح الزركشي على مختصر الخرقي، شمس الدين محمد بن عبد الله الزركشي الحنبلي، نشر دار العبيكان، طبعة عام 1413 هـ/ 1993 م، 4/ 289، وانظر أيضًا: المبدع في شرح المقنع، ابن مفلح، 5/ 185 - 186، والإنصاف، المرداوي، 7/ 130.

(2)

العقار يشمل الأرض والدار (البيت) وإن شئت قلت: العقار هو الأرض مبنية كانت أو غير مبنية، وانظر: رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين 4/ 376، وفتح القدير، ابن الهمام، 6/ 215.

(3)

انظر: رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، 4/ 386، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق، ابن نجيم، 5/ 240. هذا والظاهر من كلام مشايخ الحنفية أن جواز الاستبدال في هذه الحالة إنما هو في الأراضي وليس في الدور، فإن الدار إذا قل نفعها لا يجوز استبدالها عند الحنفية باتفاق، فذكر ابن عابدين في حاشيتة 4/ 384 - 385: وأفاد صاحب البحر

أن الخلاف

إنما هو في الأرض إذا ضعفت عن الاستغلال بخلاف الدار إذا ضعفت بخراب بعضها ولم تذهب أصلًا، فإنه لا يجوز حينئذ الاستبدال على كل الأقوال". ويقول ابن نجيم في البحر الرائق شرح كنز الدقائق 5/ 237: ظاهر كلام المشايخ أن محل الاستبدال عند التعذر إنما هو الأرض لا البيت وقد حققناه في رسالة الاستبدال".

(4)

انظر: الإنصاف، المرداوي، 7/ 41، 100 - 101، ومطالب أولي النهى، الرحيباني، 4/ 371، وشرح الزركشي على الخرقي، شمس الدين محمد بن عبد الله الزركشي الحنبلي، 2/ 202.

(5)

انظر: الغرر البهية في شرح البهجة الوردية، زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري، زين الدين أبو يحيى السنيكي، نشر المطبعة الميمنية، 3/ 386.

(6)

انظر: البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار، أحمد بن يحيى بن المرتضى، 4/ 158، والسيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني، 3/ 505.

ص: 112

وهو رواية عن الإمام مالك، فقد روى أبو الفرج عنه أنه قال: إن رأي الإمام بيع ذلك لمصلحة جاز ويجعل ثمنه في مثله

(1)

.

وقد استدل أصحاب هذا القول على استبدال العقار غير المسجد إذا خرب على بما يأتي:

1 -

روي أن عمر كتب إلى سعد لما بلغه أن بيت المال الذي بالكوفة نقب: أن أنقل المسجد الذي بالتمارين - موضع سوق التمر - واجعل بيت المال في قبلة المسجد، فإنه لن يزال في المسجد مصلّ، وكان ذلك بمشهد من الصحابة ولم يظهر خلافه فكان كالإجماع

(2)

.

2 -

القول بجواز استبدال الوقف حال تعطله فيه استبقاء للوقف عند تعذر بقائه صورة، ومن ثم وجب القول باستبداله، قياسًا على ما لو استولد جارية موقوفة أو قتلها، أو قتلها غيره، حيث يجب بدلها

(3)

.

3 -

الغرض من تأبيد الوقف هو انتفاع الموقوف عليه على وجه الدوام، وإذا لم يكن تأييده على وجه تخصيصه استبقينا الغرض وهو الانتفاع على الدوام في عين أخرى، واتصال الإبدال جرى مجرى الأعيان، والقول بعدم استبدال العين مع تعطلها تضييع للغرض

(4)

.

4 -

بالقياس على جواز بيع الفرس الحبيس (الموقوف) إذا لم يصلح للغزو وشراء ما يصلح للغزو بثمنه، حيث أجمع العلماء على جواز بيعها إذا كبرت فلم تصلح للغزو، وأمكن الانتفاع بها في شيء آخر، مثل: أن تدور في الرحى، أو يحمل عليها التراب، أو تكون الرغبة في نتاجها، أو حصانًا يتخذ للطراق (ضراب الفحل)، فإنه يجوز بيعها ويشتري بثمنها ما يصلح للغزو

(5)

.

(1)

انظر: بلغة السالك لأقرب المسالك المعروف بـ "حاشية الصاوي على الشرح الصغير"(وهو شرح الدردير لكتابه المسمى أقرب المسالك لِمَذهَب الإمام مَالكٍ)، أبو العباس أحمد بن محمد الخلوتي الشهير بالصاوي المالكي، نشر دار المعارف، 4/ 127.

(2)

انظر: المبدع في شرح المقنع، ابن مفلح، 5/ 185، ومطالب أولي النهى، الرحيباني، 4/ 368، والمغني، ابن قدامة، 6/ 29، والفتاوى الكبرى، ابن تيمية، 4/ 156.

(3)

انظر: المبدع في شرح المقنع، ابن مفلح، 5/ 186.

(4)

انظر: المرجع السابق، 5/ 186.

(5)

انظر: المغني، ابن قدامة، 6/ 28.

ص: 113

5 -

مصلحة أهل الوقف تقضي إبداله إذا تعطل بما يقوم مقامه، لأن المصلحة أصل في هذا الباب، بل هي أصل في عامة العقود، فإن الله تعلى أمر بالصلاح ونهى عن الفساد وبعث رسله بتحصيل المصالح كلها وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها

(1)

وقال موسى لأخيه هارون: {اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ}

(2)

.

وقال شعيب: {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ}

(3)

، وقال تعالى:{فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}

(4)

، وقال تعالى:{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ}

(5)

.

القول الثاني: يرى أن العقار إذا خرب وصار لا ينتفع به، فإنه يخرج عن الوقف؛ أي: يبطل ويعود إلى الواقف أو لورثته إذا كان غير معد للاستغلال؛ كرياط خرب (وهو الذي يبنى للفقراء) وحوض محلة خرب.

أما إذا كان معدًا للاستغلال عند جماعة المسلمين؛ كبيت انهدم؛ فإنه يبطل الوقف (أي يخرج عن الوقفية)، ويعود النقض إلى بانيه أو ورثته دون ساحته؛ لأن ساحته يمكن استغلالها، وذلك كحانوت احترق، وصار بحيث لا ينتفع به، ولا يستأجر بشيء البتة، وهذا ما روي عن محمد

(6)

.

ونظرًا لاختلاف الرواية عن محمد حيث روى عنه بطلان الوقف إن تعطلت منافعه وهي المذكورة هنا، وما رواه هشام عنه من جواز استبداله إذا خرب وصار لا ينتفع به، وجدنا الكمال ابن الهمام قد قال: "ينبغي ألا يفتي على قوله (محمد)

(1)

انظر: الفتاوى الكبرى، ابن تيمية، 4/ 156.

(2)

سورة الأعراف، آية 142.

(3)

سورة هود، آية 88.

(4)

سورة الأعراف، آية 35.

(5)

سورة البقرة، من آية 11 - 12.

(6)

انظر: فتح القدير، ابن الهمام، 6/ 237 - 238، ورد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، 4/ 359 و 376، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق، ابن نجيم، 5/ 223 - 224 و 272.

ص: 114

برجوعه إلى ملك الواقف وورثته بمجرد تعطله وخرابه، بل إذا صار بحيث لا ينتفع به يشتري بثمنه وقف آخر يستغل، ولو كان غلته دون غلة الأول"

(1)

.

القول الثالث: يرى أنه لا يجوز استبدال العقار الموقوف الذي خرب وصار لا ينتفع به سواء كان دارًا أو حوانيت أو غيرها.

وإليه ذهب المالكية

(2)

في المذهب، وأكثر الشافعية

(3)

، وبعض مشايخ الحنفية

(4)

، وبعض الحنابلة

(5)

، وهو قول الإمامية

(6)

.

وقد استدلوا على ذلك بما يأتي:

1 -

القول بجواز الاستبدال فيه فتح باب الفساد الذي لا يعد ولا يحصى، لأن بعض الظلمة من القضاء جعلوه حيلة إلى إبطال أكثر أوقاف المسلمين وفعلوا ما فعلوا

(7)

.

2 -

ما لا يجوز بيعه مع بقاء منافعه، لا يجوز مع تعطلها، قياسا على العتق

(8)

.

واستثنى المالكية في المذهب من عدم جواز بيع العقار الموقوف واستبداله جواز بيعه لتوسيع المسجد والطريق.

قال الخرشي المالكي: "إذا ضاق المسجد بأهله واحتاج إلى توسعة وبجانبه عقار حبس أو ملك؛ فإنه يجوز بيع الحبس لأجل توسعة المسجد، وإن أبي صاحب الحبس أو صاحب الملك عن بيع ذلك فالمشهور أنهم يجبرون على بيع ذلك، ويشترى بثمن الحبس ما يجعل حبسًا كالأول، ومثل توسعة المسجد توسعة طريق المسلمين ومقبرتهم"

(9)

.

(1)

فتح القدير، ابن الهمام، 6/ 237.

(2)

انظر: بلغة السالك لأقرب المسالك (حاشية الصاوي على الشرح الصغير للدردير)، أبو العباس أحمد بن محمد الخلوتي الشهير بالصاوي المالكي، دار المعارف، 4/ 127.

(3)

انظر: الغرر البهية في شرح البهجة الوردية، زين الدين أبو يحيى زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري السنيكي، 3/ 386.

(4)

انظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، ابن نجيم، 5/ 223، ومعين الحكام، الطرابلسي، 142.

(5)

انظر: المبدع في شرح المقنع، ابن مفلح، 5/ 186.

(6)

انظر: مفتاح الكرامة، العاملي، 9/ 84.

(7)

انظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، ابن نجيم، 5/ 223.

(8)

انظر: المبدع في شرح المقنع، ابن مفلح، 5/ 186.

(9)

شرح مختصر خليل، الخريشي، 7/ 95.

ص: 115