الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المالك، إلا أن هناك رأي عند بعض فقهائهم يقول: إنّه إذا انقضت الإجارة فصل ما يمكن فصله؛ كالأبواب، لا ما لا يمكن فصله؛ كالجص
(1)
.
7 - مذهب الإمامية:
أما فقهاء الإمامية فإنهم ذهبوا إلى أنه إذا استأجر الإنسان عينًا لمنفعة ما مدة معينة؛ فإنه لا يحق له أن يشغلها بما من شأنه إشغاله فيها أكثر من تلك المدة، فمن استأجر بيتًا لا يحق له أن يعمل فيه أو يحرز فيه ما لا يمكن تفريغه منه عند انقضاء مدة الإجارة، ولو فعل عامدًا كان متعديًا في إبقاء ذلك الشيء فيحق للمالك، وفي حالة إجارة الوقف يحق للناظر إجباره على أن يسلمه العين المستأجرة غير مشغولة به، وإن استلزم الضرر عليه، ولا يجوز للمستأجر الامتناع من ذلك إلا أن يرضى المالك أو الناظر بإشغال العين به ولو بثمنٍ يتفقان عليه، أما لو فعل ذلك غير عامد فإن أمكن إزالته من دون لزوم ضرر على صاحبه لزم، مع عدم رضا المالك بالإبقاء ولو بثمن، إن لزم عليه الضرر وجب على المالك الرضا بالإبقاء بأجرة، ما لم يلزم الضرر على المالك أيضًا، فيجب على المستأجر إزالته مع عدم رضا المالك، كما إذا كان موجبًا لنقص قيمة العين وتعيُّبها عرفًا، وكذا الحال لو اشغل المستأجر العين بما من شأنه أن يفرَّغ منها عند انقضاء مدة الإجارة، فاتفق خلاف ذلك لطوارئ غير محتسبة، كما لو لم ينضج الزرع لبرودة الهواء أو لقلة الماء
(2)
.
8 - مذهب الإباضية:
ورد في فتاوى الخليلي: "إن اتفق الجانبان على إكراء المحل التجاري إلى زمن محدود؛ فالإكراء صحيح وهما على شرطهما الذي اتفقا عليه، وما قام به المستأجر من إعداد المحل للتجارة؛ إمَّا إن يكون بدون موافقة صاحب العمل، وإما أن يكون بموافقته، ففي الحالة الأولى بعد متبرعًا ولا عناء له على ما عمل عند الخروج من المحل، وفي الحالة الثانية يعوَّل على اتفاقهما"
(3)
.
(1)
انظر: شرح الأزهار (المنتزع المختار من الغيث المدرار)، ابن مفتاح، 3/ 267.
(2)
انظر: منهاج الصالحين، السيد مُحَمَّد سعيد الحكيم، مسألة (14)، 2/ 160.
(3)
الفتاوى، الخليلي، 3/ 264.
ويقول: "إن المكتري لا يكلف إصلاح ما اكتراه عندما تعرض له عوارض خارجة عن ممارسته، قد تؤدي إلى تحوُّل العين المكتراة عن طبعها، وعدم صلاحها للغرض الذي اكتريت من أجله، بل إن للمكتري أن يرجع إلى المُكري فيما دفعه إليه من الكروة إن تعذَّر انتفاعه بالعين المكتراة بسبب ما طرأ عليها مما هو خارج عن تسببات المكتري؛ سواء كان هذا الرجوع بالفسخ الذي يطرأ على العقد تلقائيًا بسبب هذه العوارض، أم كان ذلك بما للمكتري من حق الخيار بسببها"
(1)
.
القول الثاني: يرى أن المستأجر يملك الكل:
وهو قول لبعض الشافعية: فإذا كان المستأجر مأذونًا في الزيادة سواء من الناظر أو الحاكم الشرعي؛ فإن الزيادة تكون من حقه، إلا إذا اختلطت بمال الوقف وتعذر تمييزها؛ فإنها تصير شركة بينهما.
وإذا كان المستأجر غير مأذون في الزيادة فإن الزيادة تبقى على ملك المستأجر؛ سواء كانت مميزة أم مبنية في الوقف مختلطة بأنقاضه، ولذا فإذا طلب المستأجر أخذ أنقاضه المختلطة بمال الوقف والتي يتعذر تمييزها عنه؛ فالبعض يرى أنه يجاب طلبه إلى الهدم، ثمّ يجتهد في الأنقاض القديمة والحادثة، ويميزها عن بعضها البعض، ويأخذ أنقاضه ويغرم أرش الهدم، ويرى آخرون أنه لا يجاب إلى طلب الهدم، ويجبر على تعيين قيمة الأنقاضه؛ سواء قيمة مسماة أو قيمة المثل، ويأخذها من غلَّة الوقف؛ صيانة للوقف من الهدم، ويرى البعض الآخر منهم أنه يملك المستأجر الكل؛ فله أخذه وله هدمه، بل يجبر عليه ما لم يتركه لجهة الوقف؛ إذ يلزم ناظره بقبوله منه، ثمّ يغرم للوقف بدل أنقاضه؛ بمثلٍ إذا كان شيئًا مثليًا، أو بقيمةٍ إذا كان من الأشياء المتقومة، وإن هدمها لزمه أرش الهدم، ويقوم الناظر بالاستفادة من هذه الأموال في بناء مثل المهدوم، وتلزمه أيضًا الأجرة لمدة بقاء ملكه في أرض الوقف؛ لأنه بتعذُّر التمييز مَلَكَ الكل.
أما إذا طلب المستأجر أخذ أنقاضه في حال عدم تعذر التمييز فيجاب إلى طلبه، وإن أدى إلى الهدم؛ لأن البناء من فعله، وبالتالي فإنه لم يفوت بالهدم شيئًا مملوكًا للوقف، إلا أنه يلزمه ما نقص من قيمة أنقاض الوقف وأرضه باستعمالها في البناء ثمّ الهدم؛ إذ إنّه متعدٍّ بذلك
(2)
.
(1)
الفتاوي الخليلي، 3/ 254.
(2)
انظر: الفتاوى الكبرى الفقهية، ابن حجر الهيتمي الشافعي، 3/ 158 - 159.