الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستثنى جمهور الفقهاء - عدا المالكية - من ذلك، الحدود والقصاص، فلا تقبل فيها الشهادة على الشهادة حجتهم في ذلك أن الحدود تدرأ بالشبهات
(1)
.
أما المالكية فيرون جوازها في إثبات أي حق من الحقوق سواء كان ذلك حق الله، أم حق الناس
(2)
.
وأما في الوقف، فلقد ذهب فقهاء الحنفية في الصحيح عندهم، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، والظاهرية إلى أن الشهادة على الشهادة جائزة في أصله
(3)
.
وعلى الشاهد أن يؤدي الشهادة على الصفة التي تحملها، فيقول: أشهد أن فلانًا يشهد أن الأراضي الفلانية موقوفة من قبل فلان على الفقراء والمساكين أو على أولاده .. إلخ
(4)
.
ج) اليمين والنكول عنها:
اختلف العلماء في اعتبار اليمين، أو النكول عنها طريقًا من طرق الإثبات في القضاء.
1 - اليمين:
واليمين في الاصطلاح: حلف بالله تعالى بفعل شيء أو تركه
(5)
، أو هي قسم بالله تعالى يصدر من أحد المتخاصمين على صحة دعواه أو عدم صحتها
(6)
.
(1)
انظر: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، المرداوي، 2/ 89، وتبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام، ابن فرحون، 2/ 150.
(2)
انظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد عرفة الدسوقي، 4/ 204 - 205.
(3)
انظر: معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام، أبو الحسن، علاء الدين، علي بن خليل الطرابلسي الحنفي، 1/ 112، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق، ابن نجيم، 7/ 120، فتح القدير، ابن الهمام، 7/ 461 - 462، والفتاوى الهندية (الفتاوى العالمكيرية)، جماعة من علماء الهند، 2/ 438، ومجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر، عبد الرحمن بن محمد بن سليمان المدعو بشيخي زاده يعرف بداماد أفندي، 2/ 211، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد عرفة الدسوقي، 4/ 204، 205، وأسنى المطالب في شرح روض الطالب، زين الدين أبو يحيى زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري السنيكي، 4/ 377 - 378، ومغني المحتاج شرح المنهاج، محمد الشربيني، 6/ 386 - 387، والمغني، ابن قدامة، 10/ 187 - 188، والمحلى، ابن حزم، 8/ 540.
(4)
انظر: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، المرداوي، 2/ 91.
(5)
انظر: حبل الشرع المتين وعروة الدين المبين، الخجندي، 6/ 164.
(6)
انظر: المرجع السابق 6/ 164.
ولا خلاف بين العلماء في وجوب توجيه اليمين إلى المدعى عليه المنكر إذا طلبها المدعي عند عجزه عن إثبات دعواه، أو تنازله عن تقديم البينة، واستدلوا له بقول النبي صلى الله عليه وسلم:"البينة على من ادعى واليمين على من أنكر"
(1)
.
وإذا كان الفقهاء قد اتفقوا على وجوب توجيه اليمين إلى المدعى عليه؛ فإنهم اختلفوا في اعتبار اليمين طريقًا من طرق القضاء على قولين:
القول الأول: أن اليمين طريق من طرق القضاء، ينقضي بأدائها الحق وتقطع الخصومة، فإذا وجه المدعي اليمين إلى المدعى عليه وحلف، ردت الدعوى، وذلك لأن المدعي بتوجيهه اليمين إلى المدعى عليه قد تنازل عما سواها من الأدلة. وينبني عليه أنه إذا أقام المدعى بينة على ما حلف عليه المدعى عليه المنكر لم تسمع، وهذا هو مذهب الظاهرية، والإمامية، وبعض القضاة من السلف، ووافقهم المالكية على ذلك في المشهور عندهم، لكن المالكية اشترطوا لذلك أن يكون المدعي على علم بهذه البينة وقت حلف المدعى عليه، وأنها كانت حاضرة أو غائبة غيبة قريبة، كالثمانية أيام ونحوها ذهابًا وإيابًا.
أما أن كان المدعى غير عالم وقت الحلف، أو كان عالمًا بها لكنها كانت غائبة غيبة بعيدة، فله القيام بها، ويجب على القاضي سماعها والحكم بموجبها، والقول قوله في نفي العلم مع يمينه.
وينطبق نفس الحكم أيضًا على ما إذا كانت البينة حاضرة وقت الحلف ونسيها
(2)
.
(1)
سبل السلام، الصنعاني، 4/ 132، وروي مثله بألفاظ مختلفة عنه صلى الله عليه وسلم.
(2)
انظر: شرح الخرشي على مختصر خليل، محمد الخرشي، 7/ 240 - 241، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد عرفة الدسوقي، 4/ 232، والفواكه الدواني، النفراوي، 2/ 223، وشرائع الإسلام، المحقق الحلي، مطبعة دار مكتبة الحياة، بيروت، 2/ 212، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، فخر الدين الزيلعي، 4/ 296، والمحلى، ابن حزم، 9/ 371.