الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
ويطلق لدى الحنفية ويراد به الأرض دون الأنقاض
(1)
، ومنه قول ابن حجر الهيتمي الشافعي:"الأرض المحكرة إذا خرب بناؤها لا يجوز أن يبني عليها إلا نظير ما كان"
(2)
؛ فالإطلاق الأول هو الحكر بالمعنى المقصود هنا.
ثانيًا: الإجارة الطويلة:
وهي عبارة عن إجارة العقارات الموقوفة لمدة طويلة، ويختلف تقدير هذه المدة الطويلة بحسب نوع العقار إذ اعتبر الفقهاء أنه إذا كانت المدة أكثر من سنة وكان عقار الوقف دارًا أو حانوا فإن الإجارة تكون طويلة عندئذ وإذا كان أرضًا زراعية فإن المدة الطويلة تكون لما هو أكثر من ثلاث سنوات سواء أكان ذلك بعقد واحد للمدة كلها أم بعقود مترادفة فيعقد الطرفان عقودًا مترادفة كل عقد على سنة مثلًا ويكتب في العقد: استأجر فلان بن فلان أرض كذا وكذا ثلاثين سنة بثلاثين عقدًا كل سنة بكذا
(3)
، ولا ريب أن الفارق بينه وبين الحكر هو أن الأول ينتهي بانتهاء مدة المؤاجرة أما عقد الحكر فيمنح المستحكر حق البقاء والقرار ما دام ملتزما بدفع أجرة المثل
(4)
.
والواقف إما ألا يشترط مدة يؤجر الوقف فيها، أو يشترط ذلك؛ فإذا لم يشترط مدة فقيل تطلق الزيادة للقيم، وقيل تقيد بسنة مطلقًا وقيل: يفتى بسنة في الدور وبثلاث سنين في الأرض، إلا إذا كانت المصلحة بخلاف ذلك، وهذا مما يختلف زمنًا
(1)
انظر: ترتيب الصنوف في أحكام الوقوف، علي حيدر أفندي، ترجمة وتعليق: المحامي: أكرم عبد الجبار، الحاكم: محمد أحمد العمر، ضبط نصه وعزا مصادره: أبو يوسف حسن بن البشير الطيلوش، مؤسسة الريان، لبنان، والمكتبة المكية، مكة المكرمة، 1950 م، 88، وأحكام الوقف، عبد الجليل عبد الرحمن عشوب، دار الآفاق العربية، القاهرة، ط 1، 1420 هـ/ 2000 م، 101 - 102.
(2)
الفتاوى الكبرى الفقهية، أبو العباس شهاب الدين أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي، جمعها: عبد القادر بن أحمد بن علي الفاكهي المكي، دار الفكر، دمشق، 1403 هـ، 3/ 156.
(3)
انظر: الإسعاف في أحكام الأوقاف، إبراهيم بن موسى بن أبي بكر ابن الشيخ علي الطرابلسي، مصر - القاهرة: مطبعة هندية، ط 2، 1320 هـ/ 1902 م، 63 - 64.
(4)
انظر: قانون العدل والإنصاف، محمد قدري باشا، 201، والوقف والحكر والتقادم، عزيز خانكي بك، مجلة القانون والاقتصاد، العدد السابع، السنة السادسة، رمضان 1355 هـ/ديسمبر 1937 م، دار الطباعة المصرية، القاهرة مصر، 783.
وموضعًا، وإذا احتيج إلى تأجيرها مدة طويلة عقد عقودًا مترادفة؛ فيكون الأول لازمًا لأنه ناجز، والثاني غير لازم لأنه مضاف، وقال أبو جعفر: الفتوى بإبطال الإجارة الطويلة ولو بعقود انتهى؛ لأن المدة إذا طالت تؤدي إلى إبطال الوقف، فإن من رآه يتصرف فيه تصرف الملاك على طول الزمان يزعمه مالكًا، فإذا ادعاه شهد له بالملك، وجمع بين القول بالتوقيت وعدم التوقيت بأنه إذا كانت المصلحة الزيادة أو النقص اتبعت، وهو توفيق حسن، وقيل: إذا لم يمكن عمارة الوقف إلا بإجارته مدة طويلة رُفع الأمر إلى الحاكم ليؤجره بقدر عمارته، وقال محمد بن الفضل: لا نقول بفساد هذه الإجارة إذا أجر مدة طويلة، ولكن الحاكم بتصرفه؛ فإن كان يضر بالوقف أبطلها، وهكذا قال علي السندي.
وإذا اشترط الواقف مدة فليس للناظر مخالفتها من جهة نقصها أو الزيادة عنها، بل يُرفع الأمر إلى الحاكم لينظر فيما هو أصلح للوقف وأنفع للموقوف عليه؛ لأن القاضي له ولاية النظر للفقراء والغائب والميت.
فإن كان الواقف ذكر في صك الوقف ألا يؤجر أكثر من سنة إلا إذا كان ذلك أنفع للفقراء؛ كان للقيم أن يؤجرها بنفسه أكثر من سنة إذا رأى ذلك خيرًا، ولا يحتاج إلى مرافعة إلى القاضي؛ لأن الواقف أذن له بذلك.
ويعدُّ فقهاء الحنفية هم أكثر من فصلوا في بيان هذه المسألة؛
1) فقد جاء في تنوير الأبصار وشرحه "الدر المختار" ما نصه: "فلو أهمل الواقف مدتها (أي إجارة الوقف) قيل: تُطلَق الزيادة للقيم، وقيل: تقيَّد بسنة مطلقًا، وبها (أي بالسنة) يُفتى في الدار، وبثلاث سنين في الأرض، إلا إذا كانت المصلحة بخلاف ذلك، وهذا مما يختلف زمانًا وموضعًا وفي البزازية لو احتيح لذلك يعقد عقودًا، فيكون العقد الأول لازمًا، لأنه ناجز، والثاني: لا؛ لأنه مضاف، قلت "القائل صاحب الدر المختار": لكن قال أبو جعفر: الفتوى على
إبطال الإجارة الطويلة ولو بعقود ذكره الكرماني في الباب التاسع عشر، وأقره قدري أفندي، وسيجيء في الإجارة"
(1)
.
2) وعلَّق صاحب الدر المختار على عبارة "إلا إذا كانت المصلحة بخلاف ذلك" بقوله: "هذا أحد الأقوال الثمانية، وهو ما ذكره الصدر الشهيد من أن المختار أنه لا يجوز في الدور أكثر من سنة إلا إذا كانت المصلحة في الجواز، وفي الضِّياع يجوز إلى ثلاث سنين إلا إذا كانت المصلحة في عدم الجواز، وهذا أمر يختلف باختلاف المواضع واختلاف الزمان، وعزاه المصنف إلى أنفع الوسائل، وأشار الشارح إلى أنه لا يخالف ما في المتن؛ لأن أصل عدول المتأخرين عن قول المتقدمين بعدم التوقيت إلى التوقيت إنما هو بسبب الخوف على الوقف، فإذا كانت المصلحة الزيادة أو النقص اتبعت، وهو توفيق حسن"
(2)
.
3) ومن فروع ذلك ما في الإسعاف: "دار لرجل فيها موضع وقف بمقدار بيت واحد، وليس في يد المتولي شيء من غلة الوقف، وأراد صاحب الدار استيجارها مدة طويلة .. قالوا: إن كان لذلك الموضع مسلك إلى الطريق الأعظم لا يجوز له أن يؤجره مدة طويلة؛ لأن فيه إبطال الوقف، وإن لم يكن له مسلك جاز"
(3)
.
4) وفي فتاوى قارئ الهداية إذا لم تحصل عمارة للوقف إلا بذلك يرفع الأمر إلى الحاكم ليؤجره أكثر؛ أي إذا احتيج إلى عمارته من أجرته يؤجره الحاكم مدة طويلة بقدر ما يعمر به
(4)
.
(1)
رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي المشهور بابن عابدين ("الدر المختار للحصفكي شرح تنوير الأبصار للتمرتاشي" بأعلى الصفحة، يليه مفصولًا بفاصل "حاشية ابن عابدين عليه المسمي "رد المحتار")، دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت، ط 2، 1412 هـ./ 1992 م، 4/ 400 - 402.
(2)
حاشية رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين، دار الفكر، بيروت، 1421 هـ/ 2000 م، 4/ 401 و 4/ 550.
(3)
الإسعاف في أحكام الأوقاف، إبراهيم بن موسى بن أبي بكر ابن الشيخ علي الطرابلسي، 67.
(4)
انظر: حاشية رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، 4/ 400 وما بعدها.
5) كما جاء في الفتاوى الخانية ما يأتي: "قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله: إذا لم يذكر الواقف في صك الوقف إجارة الوقف، فرأى القيم أن يؤجرها ويدفعها مزارعة فيما كان أدر على الوقف وأنفع للفقراء .. فعل، ألا أن في الدور لا يؤجر أكثر من سنة؛ لأن المدة إذا طالت تؤدي إلى إبطال الوقف، فإن من رآه يتصرف فيه تصرف الملاك على طول الزمان يزعمه مالكًا، فلا يؤجر الدور أكثر من سنة، أما في الأرض فإن كانت الأرض تزرع في كل سنة لا يؤجرها أكثر من سنة، وإن كانت تزرع في كل سنتين مرة أو في كل ثلاث سنين مرة كان له أن يؤجرها مدة يتمكن المستأجر من الزراعة، هذا إذا لم يكن الواقف شرط ألا يؤجر أكثر من سنة، فإن كان شرط ذلك والناس لا يرغبون في استئجارها سنة، وكانت إجارتها أكثر من سنة أدرَّ للوقف وأنفع للفقراء؛ فليس للقيم أن يخالف شرطه ويؤجرها أكثر من سنة، إلا أنه يرفع الأمر إلى القاضي حتى يؤجرها القاضي أكثر من سنة؛ لأن هذا أنفع للوقف، وللقاضي ولاية النظر للفقراء والغائب والميت، فإن كان الواقف ذكر في صك الوقف ألا يؤجر أكثر من سنة إلا إذا كان ذلك أنفع للفقراء، كان للقيم أن يؤجرها بنفسه أكثر من سنة إذا رأى ذلك خيرًا، ولا يحتاج إلى المرافعة إلى القاضي؛ لأن الواقف أذن له بذلك، ولو أن القيم أجر دار الوقف خمس سنين قال الشيخ الإمام أبو القاسم البلخي رحمه الله تعالى: لا تجوز إجارة الوقف أكثر من سنة إلا لأمر عارض يحتاج إلى تعجيل الأجرة بحال من الأحوال، وقال الفقيه أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى: إنا لا نقول بفساد هذه الإجارة إذا أجر مدة طويلة، لكن الحاكم ينظر فيه؛ فإن كان ضرا بالوقف أبطلها، وهكذا قال الإمام أبو الحسن علي السعدي رحمه الله تعالى، وعن الفقيه أبي الليث رحمه الله تعالى أنه كان يجيز إجارة الوقف ثلاث سنين من غير فصل بين الدار والأرض إذا لم يكن الواقف شرط ألا يؤجر أكثر من سنة، وعن الإمام أبي حفص البخاري رحمه الله تعالى أنه كان يجيز إجارة الضياع ثلاث سنين، فإن آجر أكثر من ثلاث سنين اختلفوا فيه؛ قال أكثر مشايخ
بلخ رحمهم الله تعالى: لا يجوز، وقال غيرهم: يرفع الأمر إلى القاضي حتى يبطله، وبه أخذ الفقيه أبو الليث رحمة الله تعالى"
(1)
.
6) وجاء في الفتاوى البزازية أنه: "لا تجوز الإجارة الطويلة في الوقف، وإن احتيج إليها يعقد عقودًا فيكتب استأجر فلان بن فلان كذا ثلاثين عقدة كل عقدة على سنة، فيكون العقد الأول لازمًا؛ لأنه ناجز، والباقي لا؛ لأنه مضاف، ولو آجر الوقف أكثر من عام كان الوقف دارًا أو أرضًا؛ إن خالف شرط الواقف لا يصح، وإن كانت إجارته أكثر من عام أدرَّ وأنفع للوقف للزوم رعاية شرط الواقف، وإن استثنى الواقف، إلا إذا كانت الإجارة أكثر من عام أنفع للوقف جاز إذا كان أنفع للفقراء، وإن لم يشترط ذلك؛ قال الصدر الفتوى في الضياع بالجواز إلى ثلاث، إلا إذا كانت المصلحة عدم الجواز، وفي الدور بعام إلا إذا كانت المصلحة في عدم الجواز في أكثر من عام، وهذا يختلف باختلاف الأزمنة والمكان، وقال القاضي أبو علي: لا ينبغي أن يؤجر بأكثر من ثلاث، فإن فعل جازت وصحت، وعلى هذا فلا يحتاج إلى الحياة التي ذكرناها في الإجارة الطويلة آنفًا، والفقيه أبو جعفر اختار ألا يؤجر الدور أكثر من عام، والأرض التي تزرع في كل عام كذلك، وإن كانت تزرع في كل عامين أو ثلاث أو أربع، أو يزرع كل قطعة منها في كل عام حتى يستوعب الزراعة كلها مثلًا في كل أربع أو خمس .. يشترط في العقد ذلك المقدار من المدة المستغرقة للكل في العادة؛ لأنه لو آجرها عاما أو عامين يزرع المستأجر كلها في تلك المدة، وتصير الأرض خرابًا لا يستأجر بعدها إلى مدة؛ فيتضرر الوقف، وكان الإمام أبو جعفر الكبير رحمه الله يجيز إجارة ضياعه ثلاثة أعوام؛ لأن الزارع في العادة لا يرغب في أقل منه، وفي الدور سنة؛ لأن من رآه يتصرف فيها متواليًا ولا مالك يعارض ويزاحم، ومال الواقف مال ضائع لعدم الطالب المهتم؛ يظنه الرائي بتصرفه الدائم مالكًا، ويشهد له بالملك إذا
(1)
فتاوي قاضيخان، محمود الأوزجندي (على هامش فتاوي الهندية على مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان)، المطبعة الأميرية ببولاق مصر المحمية، ط 2، 1310 هـ، 3/ 332 - 333.
ادعاه، ولا مصلحة للوقف في أمر يدعو ويؤدي إلى هذا الضرر، والفقيه أجاز ثلاث سنين في الضياع والدور وغيرهما"
(1)
.
7) وسُئل التُمرتاشي عن دار موقوفة أراد رجل أن يستأجرها مدة طويلة، فهل يجوز للقاضي ذلك وإن كان شرط الواقف بخلافه، حيث ظهرت المصلحة، ودعت الحاجة إلى ذلك أو لا؟ أجاب:"نعم يجوز له ذلك حيث ظهرت المصلحة للوقف هنالك، والله أعلم"
(2)
.
أما المالكية فيذهبون إلى أن تأجير العين الموقوفة مدة تزيد على ثلاث سنين، إن كان الحبس على معينين. أما الحبس على المساجد والمساكين وشبهها فلا يكريها الناظر لأكثر من أربعة أعوام إن كانت أرضا، ولا أكثر من عام إن كانت دارا، وهو عمل الناس، ومضى عليه عمل القضاة
(3)
؛ قال مالك: ولا بأس بكراء دار، أو رقيق عشر سنين، وتعجيل النقد في ذلك. وقال غيره في العبد: لا يؤاجره الإجارة الطويلة؛ لأن ذلك خطر. وهو قول أكثر الرواة
(4)
.
ويصح عند الزيدية: تأجير الوقف إجماعا؛ "إذ منافعه ملك للمصرف، وذلك دون ثلاث سنين، لأن الزيادة تؤدي إلى اشتباه الوقف بالملك، فإن أجر المتولي
(1)
الفتاوى البزازية (وهي المسماة بالجامع الوجيز)، محمد بن محمد بن شهاب المعروف بابن البزاز الكردي، الجزء الثالث، بهامش: الجزء السادس من الفتاوى العالمكيرية المعروفة بالفتاوى الهندية في مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصر المحمية، ط 2، 1310 هـ، 6/ 267 - 268.
(2)
فتاوى التمرتاشي، دراسة وتحقيق: د. عبد الله محمود أبو حسان، سلسلة (ديوان الفتاوي)، دار الفتح للدراسات والنشر، عمان الأردن، ط 1، 2014 م، 1/ 375.
(3)
مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الطرابلسي المغربي المعروف بالحطاب الرُّعيني، دار الفكر، ط 3، 1612 هـ./1992 م، 6/ 47.
(4)
انظر: المدونة، مالك بن أنس بن مالك بن عامر، بيروت: دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، 1415 هـ. 1994 م، 3/ 525، والجامع لمسائل المدونة، أبو بكر محمد بن عبد الله بن يونس التميمي الصقلي، تحقيق مجموعة باحثين في رسائل دكتوراه، مكة المكرمة: معهد البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي - جامعة أم القرى (سلسلة الرسائل الجامعية الموصى بطبعها)، توزيع: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 1434 هـ./ 2013 م، 16/ 174.
ثلاث سنين فأزيد كان ذلك محظورا، وتبطل ولايته، ولا تصح الإجارة سواء كان المؤجر صاحب المنافع أم المتولي. أما إذا كان الوقف مستفيضا مشهورا لا يخشى البسه بالملك أو كان المتولي أو نائبه يأخذ الأجرة كل سنة مقاسمة من الغلة باسم الوقف فلا بأس بتأجيرها ثلاث سنين فأزيد، وكذا إذا كان في تأجيرها كذلك مصلحة كزيادة أجرة، أو ترميم ما فسد من الرقبة أو زيادة إصلاح لها فتصح الإجارة ثلاث سنين، فأزيد مع عدم خشية حصول اللبس بالملك. وكذا إذا كان عازما حال العقد على تجديد الإشهاد على الإجارة في كل ثلاث سنين فتصح الإجارة، لا لو جدد الإشهاد من دون عزم عند العقد لم تصح؛ لأنها قد انطوت على الفساد لطول المدة. وقيل: يصح إلى خمسين سنة. وتكره الزيادة التي يلتبس لأجلها بالأملاك
(1)
.
فالحقيقة أن أغلب فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة والزيدية لا يجيزون إجارة الوقف لمدة طويلة إلا إذا دعت الضرورة لذلك كما لو انقطع الريع للوقف الخرب إذ إنه للإجارة الطويلة مفاسد كثيرة تتجلى في صور ومظاهر عديدة مثل دعوى المستأجر بإجارة طويلة تملك الوقف وهو يؤدي إلى نهب استحقاق البطون اللواحق أيضًا ومثل تأجير الوقف بما هو أقل من أجرة المثل حيث لا يستطيع أحد معرفة أجرة المثل بعد خمس سنوات مثلا من بدء العقد
(2)
.
(1)
انظر: مسند البزار المنشور باسم البحر الزخار، أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق بن خلاد بن عبيد الله العتكي المعروف بالبزار، تحقيق: محفوظ الرحمن زين الله، المدينة المنورة: مكتبة العلوم والحكم، 1988 م، 5/ 159، والتاج المذهب لأحكام المذهب - شرح متن الأزهار في فقه الأئمة الأطهار، أحمد بن قاسم العنسي اليماني الصنعاني، دار الحكمة اليمانية، صنعاء اليمن، 1414 هـ/1993 م، 3/ 324.
(2)
انظر على سبيل المثال: إعلام الموقعين عن رب العالمين، محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين بن قيم الجوزية، تحقيق: محمد عبد السلام إبراهيم، دار الكتب العلمية، بيروت، 1411 هـ./ 1991 م، 3/ 255 - 256، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، شمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة شهاب الدين الرملي، دار الفكر، بيروت، 1404 هـ./ 1984 ح، 5/ 373.