المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الجملة العربية

- ‌عناصر الجملة العربية:

- ‌تأليف الجملة العربية:

- ‌صورة تأليف الجملة:

- ‌دلالة الجملة العربية:

- ‌1 - الدلالة القطعية والاحتمالية

- ‌2 - الدلالة الظاهرة والباطنة:

- ‌ظاهرة الإعراب

- ‌معاني الاعراب

- ‌الغرض من الاعراب:

- ‌‌‌النكرةوالمعرفة

- ‌النكرة

- ‌أغراض التنكير:

- ‌المعرفة

- ‌الضمير

- ‌ألفاظه ودلالاته

- ‌تاء التأنيث الساكنة هل هي ضمير

- ‌ضمير الفصل

- ‌ضمير الشأن

- ‌عود الضمير

- ‌عود الضمير على الجمع:

- ‌نون الوقاية

- ‌العلم

- ‌أقسامه

- ‌1 - المرتجل والمنقول:

- ‌2 - الاسم والكنية واللقب

- ‌الاسم واللقب:

- ‌ معنى الإضافة:

- ‌ معنى القطع:

- ‌ معنى الاتباع:

- ‌3 - علم الشخص وعلم الجنس

- ‌استخلاص الأوصاف من الأعلام

- ‌تنكيره

- ‌لمح الأصل

- ‌العلم بالغلبة

- ‌كنايات الأعلام

- ‌الوصف بابن وابنة

- ‌اسم الإشارة

- ‌أغراض الإشارة

- ‌ألفاظ الإشارة

- ‌ذا:

- ‌ذه وتلك:

- ‌هنا وثم:

- ‌ ها التنبيه

- ‌(هذا أنت)

- ‌أنت هذا:

- ‌ها أنت ذا وها أنا ذا:

- ‌كاف الخطاب

- ‌دخول كاف التشبيه على اسم الإشارة

- ‌هكذا:

- ‌كذلك:

- ‌المعرف بأل

- ‌أغراض التعريف بأل:

- ‌أقسام أل

- ‌أل العهدية:

- ‌أل الجنسية:

- ‌الاسم الموصول

- ‌أغراض التعريف بالاسم الموصول:

- ‌صلة الموصول

- ‌ الذي

- ‌الأسماء الموصولة

- ‌اللذان:

- ‌الذين:

- ‌الألى:

- ‌التي:

- ‌(اللاتي)

- ‌اللتان:

- ‌(ال

- ‌اللائي:

- ‌من:

- ‌ ما

- ‌الحمل على اللفظ والمعنى:

- ‌من وما والذي:

- ‌أي:

- ‌ذا

- ‌ذو:

- ‌حذف الاسم الموصول

- ‌حذف الصلة

- ‌المبتدأ والخبر

- ‌التقديم والتأخير

- ‌1 - تقديم الخبر المفرد على المبتدأ:

- ‌ب - تقديم الخبر الظرف والجار والمجرور:

- ‌حـ - تقديم المبتدأ على الفعل:

- ‌مثل وغير:

- ‌المبتدأ الذي له مرفوع أغني عن الخبر

- ‌تعريف المبتدأ والخبر

- ‌إعادة المبتدأ

- ‌المبتدأ النائب مناب الفعل

- ‌أنواع الخبر

- ‌الإخبار بالمصدر عن اسم الذات

- ‌الخبر النائب مناب الفعل

- ‌العموم في الخبر

- ‌تعدد الأخبار

- ‌الواو للاهتمام والتحقيق:

- ‌الأفعال الناقصة (كان وأخواتها)

- ‌ كان

- ‌معانيها واستعمالاتها

- ‌نفيها

- ‌1 - ما كان يفعل

- ‌2 - كان لا يفعل:

- ‌3 - ما كان ليفعل:

- ‌إضمارها

- ‌حذف نون كان المجزومة

- ‌صار

- ‌ظل وبات

- ‌أصبح، أضحى، أمسى

- ‌ما زال، ما برح، ما فتيء، ما أنفك

- ‌ما دام

- ‌التقديم والتأخير

- ‌ما يعرف به الاسم من الخبر

- ‌‌‌ليسوالمشبهات بها

- ‌ليس

- ‌ما:

- ‌الفرق بين ما وليس:

- ‌ إن

- ‌لا

- ‌لات:

- ‌الباء الزائدة:

- ‌العطف:

- ‌1 - العطف على المحل:

- ‌2 - عطف الجملة على الجملة

- ‌3 - العطف على المعنى:

- ‌‌‌أفعال الرجاءوالمقاربة والشروع

- ‌أفعال الرجاء

- ‌ عسى

- ‌حرى، أخلولق:

- ‌أفعال المقاربة:

- ‌ كاد

- ‌نفيها:

- ‌أوشك:

- ‌كرب

- ‌هلهل:

- ‌أفعال الشروع

- ‌ أخذ

- ‌طفق

- ‌قام

- ‌ جعل وأنشأ

- ‌ هب

- ‌ علق

- ‌الأحرف المشبهة بالفعل

- ‌ان

- ‌فتح وكسر إن:

- ‌ليت:

- ‌ليت شعري:

- ‌لعل:

- ‌لكن:

- ‌ كان

- ‌لام الابتداء:

- ‌إن واللام:

- ‌اجتماع إن واللام:

- ‌زيادة (ما) بعد الأحرف المشبهة بالفعل:

- ‌إنما وأنما:

- ‌كأنما:

- ‌ليتما:

- ‌لعلما ولكنما:

- ‌العطف على اسم أن بالرفع:

- ‌تخفيفها:

- ‌لا النافية للجنس

- ‌الفرق بينها وبين لا المشبهة بليس:

- ‌الفرق بين (لا) و (ما):

- ‌تقديم خبرها على اسمها:

- ‌اسم لا:

- ‌العطف على اسم (لا):

- ‌1 - رفع المتعاطفين:

- ‌2 - بناء المتعاطفين:

- ‌3 - بناء الأول ورفع الثاني:

- ‌4 - بناء الأول ونصب الثاني:

- ‌5 - رفع الأول ونصب الثاني:

- ‌نعت اسم لا:

- ‌لا جرم:

- ‌لا سيما:

الفصل: ‌الغرض من الاعراب:

‌الغرض من الاعراب:

للاعراب أغراض وفوائد منها مالا يمكن الاستغناء عنه ومنها ما فيه نفع كثير للغة وأهلها، حرمت منه اللغات المبنية، وأهم هذه الاغراض وهي:

1 -

الإبانة عن المعاني: ذلك لأن الأصل في الاعراب، أن يكون للإبانة عن المعاني كما ذكرنا فإنه إذا كانت الجملة غفلا من الاعراب، احتملت معاني عدة فإن أعرب تعين معناها:" يدلك على ذلك أنك لو قلت: (ما أحسن زيدا) لكنت متعجبا، ولو قلت: (ما أحسن زيدا) لكنت نافيا: ولو قلت: (ما أحسن زيد) لكنت مستفهما عن أي شيء منه حسن، فلو لم تعرب في هذه المواضع لالتبس التعجب بالنفي، والنفي بالاستفهام، واشتهبت هذه المعاني بعضها ببعض وإزالة الالتباس واجب"(1).

ومن ذلك ما ذكرناه في جملة (اكرم الناس أحمد).

ويذكر النحاة أمثلة كثيرة لاختلاف المعاني باختلاف الاعراب، من ذلك قولهم: " بكم ثوبك مصبوغا؟ ، وبكم ثوبك مصبوغ؟ وبينهما فرق يختلف المعنى فيه، وهو إنك إذا نصبت مصبوغا كان انتصابه على الحال، والسؤال واقع عن ثمن الثوب وهو مصبوغ، وإن رفعت مصبوغا رفعته على أنه خبر المبتدأ، الذي هو ثوبك وكان السؤال واقعا عن أجرة الصبغ، لا عن ثمن الثوب (2).

ومن ذلك وله تعالى: {إنا كل شيء خلقناه بقدر} [القمر: 49]، بنصب (كل) إذ لو تغيرت علامة إعرابها لتغير المعنى، قال السيرافي ما ملخصه: " فإن قال قائل: قد زعمتم أن نحو: (إني زيد كلمته) الاختيار فيه الرفع، لأنه جملة في موضع الخبر، فلم اختبر النصب في (إنا كل شيء خلقناه بقدر) وكلام الله تعالى أولى بالاختيار؟

(1) أسرار العربية 34 - 35

(2)

درة الغواص 194، وانظر منثور الفوائد للأنباري 113

ص: 32

فالجواب إن في النصب ههنا دلالة على معنى ليس في الرفع، فإن التقدير على النصب إنا خلقنا كل شيء خلقناه بقدر، فهو يوجب العموم. وإذا رفع فليس فيه عموم، إذ يجوز أن يكون (خلقناه) نعتا لشيء، و (بقدر) خبرا لكل، ولا يكون فيه دلالة على خلق الأشياء كلها إنما يدل على أن ما خلقه منها خلقه بقدر". (1)

وتوضيح ذلك أن قوله تعالى (كل) بالنصب معناه إنا خلقنا كل شيء بقدر، ولو جاءت بالرفع لاحتمل المعنى أن تكون (خلقناه) صفة لسيء و (بقدر) خبرا لكل فيكون المعنى إن الشيء الذي خلقناه كان بقدر. ومعنى ذلك ما روى عن عتبان الحروري في قوله:

فإن يك منكم كان مروان وابنه

وعمرو ومنكم هاشم وحبيب

فمنا حصين وابطين وقعنب

ومنا أمير المؤمنين شبيب

فإنه لما بلغ الشعر هشاما وظفر به قال له: أنت القائل.

ومان أمير المؤمنين شبيب.

فقال: لم اقل كذا وإنما قلت:

ومنا أميرَ المؤمنين شبيب.

فتخلص بفتحة الراء بعد ضمها". (2)

فأنت تلاحظ أن فتح الراء من (أمير) أنجاه من هلاك محقق، وذلك أن المعنى برفع (أمير) أن شبيبا هو أمير المؤمنين لا هشاما: فـ (منا) خبر مقدم (وأمير) مبتدأ مؤخر وشبيب بدل.

والمعنى بنصب (أمير) أن يكون على النداء: أي: ومنا - يا أمير المؤمنين - شبيب فهو يقر بأن هشاما أمير المؤمنين، وفرق بين التعبيرين.

(1) حاشية سيبويه 1/ 74، وانظر التصريح 1/ 302، الأشموني 2/ 80

(2)

تحرير التحبير 249 - 250

ص: 33

ومن ذلك ما روى عن الكسائي إنه قال: " اجتمعت وأبو يوسف القاضي عند هارون الرشيد فجعل أبو يوسف يذم النحو ويقول: ما النحو؟ فقلت - واردت أن أعلمه فضل النحو - ما تقول في رجل قال لرجل: أنا قاتٌ غلامَك، وقال له آخر: أنا قاتلُ غلامِك أيهما كنت تأخذ به؟ قال: آخذهما جميعا.

فقال له هارون: أخطأت. وكان له علم بالعربية، فاستحيا. وقال: كيف ذلك؟ فقال: الذي يؤخذ بقتل الغلام هو الذي قال: أنا قاتلُ غلامِك بالاضافة، لأنه فعل ماضٍ فأما الذي قال: أنا قاتلٌ غلامَك بلا إضافة فإنه لا يؤخذ لأنه مستقبل، لم يكن بعد كما قال الله تعالى:{ولا تقولن لشأي إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله} [الكهف: 23 - 24].

فولا أن التنوين مستقبل ما جاز فيه غدا (1).

ومن ذلك قولك: ما صنعت وأباك؟ ولو تركت الناقة وفصيلها لرضعها إنما أردت: ما صنعت مع أبيك، ولو تركت الناقة مع فصيلها.

فالفصيل مفعول معه والأب كذلك. (2)

ولو قلت: ما صنعت وأبوك لكان المعنى: ما صنعت وما صنع أبوك؟ لأنه عطف. جاء في كتاب سيبويه: " وكذلك ما أنت وعبد الله، وكيف أنت وعبدُ الله كأنك قلت: ما أنت وما عبد الله؟ وأنت تريد أن تحقر أمره. وكذلك: كيف أنت وعبد الله، وأنت تريد أن تسأل عن شأنها لأنك إنما تعطف بالواو، إذا أردت معنى " مع" على " كيف" وكيف بمنزلة الابتداء كأنك قلت: وكيف عبد الله؟ (3)

ومن ذلك قولهم: (جاء بالرد والطيالسة): " ترفع بالبرد بفعله وتنصب الطيالسة، لأنك لست تريد جاءت الطيالسة وإنما أردت جاء البردُ مع الطيالسة، فادت الواو معنى مع، وعمل الفعل الذي قبلها فيما بعدها فنصبه، ولو أردت:(جاء البر وجاءت الطيالسة)

(1) الأشباه والنظائر 3/ 224، وانظر تأويل مشكل القرآن 11

(2)

كتاب سيبويه 1/ 150

(3)

كتاب سيبويه 1/ 151 - 152

ص: 34

لرفعت وكان ذلك جائزا. وتقول: (استوى الماء والخشبةَ) بالنصب، لا غير لأنك تريد ساوي الماء الخشبة واستوي مع الخشبة" (1).

ونحو ذلك قولك (كن أنت وزيدا كالأخ) وذلك لأنك لو عطفت زيدًا على الضمير في (كن) لزم أن يكون زيد مأمورا، وأنت لا تريد أن تأمره، وإنما تريد أن تأمر مخاطبك بأن يكون معه كالأخ (2).

ومثل هذا الأمر يكون في الفعل المضارع فـ " العلة الموجبة لإعراب الاسم، موجودة في الفعل وذلك أنا لو قلنا: (ضرب زيد عمرو، وزيدا عمرا) لم يتميز لنا الفاعل من المفعول كذلك إذا قلنا: (لا يضرب زيد عمرا) لولا الرفع والجزم، ما عرف النفي من النهي". (3)

ومنه المثال المشهور، (لا تأكل السمك وتشرب اللبن) فإنه يجوز في (تشرب) الرفع والنصب، والجزم، ولكن المعنى يختلف في كل حالة، فالجزم عطف على (تأكل) ويكون النهي عنهما جميعا فكأنه قال: لا تأكل السمك ولا تشرب اللبن. والنصب معناه النهي عن الجمع بينهما وإباحة كل واحد على حدة، فهو منهي عن الجمع بين أكل السمك وشرب اللبن، ولكن أكل السمك وحده مباح، وشرب اللبن وحده مباح.

ومعنى الرفع أنه منهي عن أكل السمك على آية حالة، ومباح له شرب اللبن على اية حال، فكأنه قال ولك شرب اللبن.

ومثله قولهم (لا تعن بالجفاء وتمدح عمرا)" فإنه يحتمل المعاني الثلاثة في (لا تأكل السمك وتشرب اللبن) ويغني عن الاعراب في ذلك وضع الاسم مكان كل من، المجزوم، والمنصوب، والمرفوع فيقال: لا تعن بالجفاء ومدح عمرو، ولا تعن بالجفاء مادحا عمرا، ولا تعن بالجفاء ولك مدح عمرو". (4)

(1) الجمل للزجاجي 306

(2)

قطر الندى 232 - 233

(3)

الرد على النحاة 155

(4)

الأشموني 1/ 10

ص: 35

ونحوه قولك: (حسبته شتمني فأثب عليه) إذا لم يقع الوثوب، ومعناه لو شتمني لو ثبت عليه، وإن كان الوثوب قد وقع فليس إلا الرفع. (1)

ومثله قولك: أعطني فأمدحك، فإذا نصبت (أمدح) كان المعنى، إنه لم يقع المدح، وإنما يقع بعد العطاء، فالمدح مسبب عن العطاء، ولو قلت (أعطني فأمدحك) بالرفع كان المعنى، فأنا أمدحك أي أنا قائم بمدحك قبل العطاء، أي أعطني فأنا ممن يمدحك.

ومثله قوله تعالى: {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة} [الحج: 63]، " فإن قلت: فما له رفع ولم ينصب جوابًا للاستفهام؟ قلت: لو نصب لاعطى ما هو عكس الغرض، لأن معناه إثبات الاخضرار فينقلب بالنصب إلى نفي الاخضرار، مثاله أن تقول لصاحبك: ألم تر أني أنعمت فتشكر؟ إن نصبته فأنت ناف لشكره شاك تفريطه فيه، وأن رفعته فأنت مثبت للشكر، وهذا وأمثاله مما يجب أن يرغب له من اتسم بالعلم في علم الاعراب وتوقير أهله. (2)

2 -

السعة في التعبير: وذلك أن يكون للمتكلم سعة في التقدير والتأخير، إذ أن الكلمة تحمل معها مركزها في الجملة بعلامتها الإعرابية فالجملة الآتية مثلا، يمكن صوغها في عدة صور مع بقاء المعنى العام واحدًا.

اعطي محمدٌ خالدًا كتابًا.

محمدٌ أعطي خالدًا كتابًا.

خالدًا أعطي محمدٌ كتابا.

كتابا أعطي محمدٌ خالدًا.

كتابًا خالدًا أعطى محمد.

(1) الرد على النحاة 147

(2)

الكشاف 2/ 354

ص: 36

أعطي خالدًا كتابًا محمد.

أعطي خالدا محمدٌ كتابًا.

إلى غير ذلك من الصور الأخرى دون أن يحصل لبس بين المعطي والآخذ، فالمعطي في كل هذه الجمل هو محمد والآخذ خالد، وهو معلوم من حركة الاثنين فالرفع يشير إلى الفاعل، والنصب إلى المفعول في حين إنك لا تستطيع مثل هذا في اللغات المبنية بل أنت مقيد بصورة واحدة ضيقة لا تتعداها.

فهذه الجملة يقابلها في الانكليزية:

Mohammad gave khalid a book

ولا نستطيع أن نصوغ لها صورة ثانية، إلا تغير أساسي في الجملة، أو بتغيير في المعنى في حين إننا ذكرنا لهذا التعبير، سبع صور في العربية.

فالاعراب كما ترى يعطي المتكلم حرية وسعة بعكس البناء.

3 -

الدقة في المعنى: للاعراب فائدة أخرى جليلة، وهي أنه يمنح اللغة غناء ودقة في التعبير عن المعاني، ويمكن المتكلم من التعبير بدقة عن المعاني التي يريدها، مما لا نجد نظيره في اللغات المبنية.

لنعد إلى الجملة التي ذكرناها آنفا، وهي (أعطي محمدٌ خالدًا كتابا) نجد أن لكل صورة ذكرناها معى جديدا لا نجده في الجملة الأخرى، مع أن المعنى العام واحد. وتوضيح هذا الأمر بصورة مختصرة أنك تقول:

1 -

أعطي محمدٌ خالدًا كتابا - هذه الجملة الفعلية تقال، والمخاطب خالي الذهن عن الموضوع، فهو إخبار بما لا يعلم عنه المخاطب شيئا.

2 -

محمد أعطي خالدًا كتابا- المخاطب يعلم أن شخصا ما أعطي خالدا كتابا، ولكنه لا يعلم المعطي أو يظن أنه غير محمد، فهو يعتقد أنه سعيد مثلا فتقدم المسند إليه لازالة الوهم من ذهنه.

ص: 37

3 -

خالدًا أعطى محمدٌ كتابا - المخاطب يعلم أن محمدًا أعطى كتابا شخصا ما، ولكنه يجهل هذا الشخص، أو يظن أنه غير خالد فتقدم (خالدا) لازالة هذا الوهم من ذهنه.

4 -

كتابًا أعطي محمدٌ خالدًا - المخاطب يعلم أن محمدًا أعطي خالدًا شيئا ما ولكنه لا يعلم الشيء الذي أعطي، أو يظن أنه أعطاه دفترا مثلا، فقدمنا الكتاب لإزالة هذا الوهم، أي أعطاه كتابا لا شيئا آخر.

5 -

كتابًا خالدًا أعطي محمدٌ - المخاطب يعلم أن محمدًا أعطي شيئًا ما شخصا ما ولكنه لا يعلم الشيء، ولا الشخص أو يظن أنهما غير المذكورين، فقدمنا المفعولين لإزالة الوهم.

6 -

أعطي خالدًا كتابًا محمدٌ - هنا أخرنا الفاعل وقدمنا المفعولين، ذلك لأن المفعولين أهم من الفاعل عند المخاطب، وذلك لأن محمدًا من شأنه أن يعطي، فليس في الإخبار بأنه (أعطي) كبير فائدة، لكن الغرابة أو المهم أنه أعطي خالدا كتابًا، فهو ليس من شأنه أن يعطي خالدًا كتابا، أما لأنه لا علاقة بينهما تؤدي إلى مثل هذا، أو لأمر آخر، فقدم المفعولان لأنهما المهمان والعرب إنما يقدمون الذي بيانه أهم لهم، وهم بيانه أعني، وأن كانا جميعًا يهمانهم ويعنيانهم. (1)

ومثل هذا التعبير قولك: أكرمت زيدًا وزيدًا أكرمت، ففي الجملة الأولى أخبرت أنك أكرمت زيدا ولم تتعرض لغير زيد فقد يكون أنك أكرمت شخصا آخر مع زيد أو لم يكن، أما الجملة الثانية (زيدا أكرمت) فإنها تفيد انك خصصت زيدا بالاكرام ولم تكرم غيره.

وهذا ميدان اوسع نكتفي منه الان بهذا القدر القليل إلى أن نبحثه في مكانه الذي به أحرى.

(1) كتاب سيبويه 1/ 15

ص: 38