الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم أنت تدرك الفرق بينهما في المعنى أيضا فقولك: (هو كهذا) معناه أنه شبيه بهذا ولا يفيد (هو هكذا) هنا هذا المعنى.
إن هكذا كالمصطلح يلزم صورة واحدة في التعبير فلا يصح تغير اسم الإشارة عن الأفراد والتذكير فلا يقال: هكذي ولا هكذين ولا هكأولاء تقول: مثلا: كانت أمها تقرأ وتؤلف وهكاذ هي ولا تقول: وهكذي هي.
وتقول: وهكذا نحن وهكذا هما ولا تقول: وهكأولاء نحن بخلاف كهذا فإن اسم الإشارة يتغير بحسب المشار إليه فيقال: كهذه وكهذين وكهؤلاء.
فهكذا، وكهذا لا يتطابقان وإن كانا أحيانا يتقاربان.
كذلك:
هذا التركيب يفيد التشبيه ومعناه (مثل ذلك) تقول (هذا الرجل كذلك الرجل) و (هذه المرأة كتلك المرأة) ثم إن المشار إليه قد يذكر كما مثلنا وقد يحذف وذلك نحو قوله تعالى: {بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون} [الشعراء: 74]، أي مثل ذلك الفعل يفعلون.
وقد تكون بمعنى (أيضا) وذلك نحو قولك: (أنت ضربت خالدا وسرقت ماله كذلك) فلا أرى ههنا معنى للتشبيه، إذ لا يصح إن يراد، وسرقت ماله كذلك الضرب وإنما هو بمعنى أيضًا.
ومن هذا فيما يبدو لي قوله تعالى: {إن المتقين في مقام أمين في جنات وعيون يلبسون من سندس وإستبرق متقابلين كذلك وزوجناهم بحور عين} [الدخان: 51 - 54].
فلا أرى في هذا المعنى للتشبيه وإنما المعنى كما يبدو، وزوجناهم بحور عين أيضًا، وإن كان المفسرون يرون إن المعنى على التشبيه، وإن المعنى يحتمل أن يكون: الأمر كذلك وزوجناهم بحور عين (1).
(1) انظر الكشاف 3/ 111
وقد يحتمل المعنى في بعض التعبيرات التشبيه وغيره، وذلك نحو قولك (هو ضربة وكذلك توعده) فإنه يحتمل أن يراد: وتوعده مثل ذلك أي وتوعده ضربًا كذلك الضرب، فيكون المعنى على التشبيه، وقد يراد: ضربه وتوعده أيضا أي لم يكتف بضربه بل توعده مع ذلك.
أن كذلك التي يراد بها التشبيه تطابق المشار إليه فتقول: هي كتلك وهما كهذين وهم كأولئك.
أما التي بمعنى أيضا فهي تجمد على صورة واحدة وهي: أن يبقى اسم الإشارة بصورة الأفراد والتذكير فلا يقال: كتلك، ولا كأولئك، يقال: جاءت هند وجاءت اختها كذلك" ولا يصح أن يقال كتلك. وتقول: جاءت النساء وأطفالهن كذلك ولا يقال كأولئك، وليس بعدها مشار إليه فيذكر بخلاف التي تفيد التشبيه.
والظاهر أن معناها القديم يفيد التشبيه لأن طبيعة تركيب العبارة تدل على ذلك ثم انتقل إلى معنى (أيضا) والتراكيب قد تنتقل معانيها كما ذكرنا في بحث الجملة. والذي سهل انتقال معناها إن كثيرا مما يفيد التشبيه تتضمن معنى (أيضا). وذلك كقولك فعل محمد كذلك الفعل، أي أن أحدا فعل فعلا معينًا، وأن محمدًا فعل أيضا فلا شبيها بفعله. وقولك " أكرمت محمدًا وخالدا كذلك"، والمعنى أنك أكرمت محمدًا، وأكرمت خالدًا، أيضا مثل أكرام محمد، ثم انتقل معنى التركيب في قسم من العبارات إلى معنى: أيضا، وأنفك عن معنى التشبيه الذي كان يلازمه والله أعلم.