الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ما جاءني زيد وعمرو) فإن الثانية تحتمل نفي مجيء كل منهما، وتحتمل نفي اجتماعهما في المجيء، بخلاف قولنا (ما جاءني زيد ولا عمرو) فإنها لا تحتمل إلا نفي مجيئهما مجتمعين أو منفردين.
5 - رفع الأول ونصب الثاني:
نحو قولك (لا رجلٌ ولا امرأة ً حاضران) وقد منعه النحاة، وجاء في (حاشية الخضري) أنه إذا كان على تقدير محذوف كما فعل الزمخشري جاز (1).
والذي أرى في هذا أنه يجوز ذلك، إن أردنا نفي المعية كأن تقول:(لا تعذيبٌ وسلبا) و (لا تعذيب ولا سلبا) والواو تفيد المصاحبة في الحالتين كما مر بنا آنفا.
نعت اسم لا:
يجوز النحاة في نعت اسم (لا) إذا كان مبنيا وكان النعت مفردا متصلا بالمنعوت ثلاثة أوجه: بناءه على الفتح ونصبه ورفعه. فتقول: لا رجل ظريف، ولا رجلَ ظريفًا، ولا رجلَ ظريفٌ.
" وأن فصل النعت عن اسم (لا) تعذر بناؤه على الفتح، لزوال التركيب بالفصل، وجاز فيه النصب نحو (لا رجل فيها ظريفا) والرفع أيضا نحو (لا رجل فيها ظريف)، وكذلك أن كان النعت غير مفرد تقول: لا رجل قبيحأ فعله عندك ولا رجلَ قبيحٌ فعله عندك. ولا يجوز: لا رجل قبيح فعله عندك"(2).
فإن لم يكن اسم (لا) مبنيا تعذر بناء الصفة أيضا وجاز فيها وجهان: الرفع والنصب تقول: لا صاحب بر ممقوتٌ أو ممقوتًا (3).
(1) حاشية الخضري 1/ 145
(2)
ابن الناظم 76
(3)
الأشموني 2/ 12 - 13، التصريح 1/ 243 - 244، ابن يعيش 2/ 109
وقد يقول قائل: هل هذه التعبيرات كلها بمعنى واحد؟ أي هل معنى: لا رجل ظريفَ ولا رجل ظريفا، ولا رجل ظريفٌ واحد؟
إن النحاة أجازوا أن تقال هذه الأوجه، من دون أن يبينوا ما إذا كان هناك اختلاف في معاني هذه التعبيرات، وإنما هم عللوا سبب هذه الاختلافات فقالوا إن البناء على أن الصفة ركبت مع الموصوف كتركيب خمسة عشر، والنصب على اتباع الصفة لمحل اسم لا، والرفع على اتباعها لمحل (لا) مع اسمها (1).
وقال سيبويه: " اعلم أنك إذا وصفت المنفي، فإن شئت نونت صفة المنفي، وهو اكثر في الكلام، وإن شئت لم تنون قولك: لا غلام ظريفا لك ولا غلام ظريف لك.
فأما الذين نونوا فإنهم جعلوا الاسم و (لا) بمنزلة اسم واحد وجعلوا صفة المنصوب في هذا الموضع بمنزلته في غير المنفي.
وأما الذين قالوا لا غلامَ ظريف لك فإنهم جعلوا الموصوف والوصف بمنزلة اسم واحدة" (2).
وجاء في (شرح الرضي على الكافية): "وإنما جاز بناء النعت المذكور مع انفصاله عن (لا) التي هي سبب البناء، إذ بها يقوم معنى الاستغراق الموجب، لتضمن (من) لاجتماع ثلاثة أشياء فيه:
أحدها كونه في المعنى هو المبني الذي وليها أعني اسم (لا) وفي اللفظ متصلا به. والثاني كون النفي في المعنى داخلا فيه، لأن المنفي في قولك: لا رجل ظريف هو الظرافة لا الرجل فكأن (لا) دخلت عليه، فكأنك قلت (لا ظريف) فلذا لم يبن صفة المنادى في نحو (يا زيد الظريف) لن النداء متعلق بالموصوف.
(1) ابن الناظم 76
(2)
سيبويه 1/ 351
والثالث قربه من (لا) التي هي سبب البناء إذ الفاصل بينهما ليس إلا واحدا هو هو" (1).
والذي يبدو لي أن لكل تعبير معنى، وليس من حكمة العربية أن تجعل تعبيرات مختلفة ذات دلالة على معنى متحد.
أما البناء فهو كما قال النحاة إن الصفة والموصوف أصبحتا كالكلمة الواحدة، وقد وقع النفي عليهما معا، فالمنفي في قولنا (لا رجل ظريف) كما يقول الرضي هو الظرافة لا الرجل فكأنه (لا) دخلت عليه فكأنك قلت: لا ظريف.
فالنفي هو الاستغراق الرجل المتصف بهذه الصفة لا للرجل على وجه العموم، فكأنه قال: لا من رجل لا من ظريف.
وأما النصب - فيما أرى - فعلى تقدير فعل محذوف، فإن قلت:(لا رجلَ ظريفا) كان التقدير: لا رجل أعني ظريفا. أي نفيت جنس الرجال على وجه العموم أولا، ثم بدا لك أن تبين للمخاطب أن ذلك ليس على وجه العموم، فاستأنفت أخبارا ثانيا فقلت (أعني ظريفا). وجملة (أعني) استئنافية لا محل لها من الاعراب، وهو نظير ما قال الخليل في قولهم (يا زيد الطويل) بالنصب. جاء في (الكتاب):" قلت: أرأيت قولهم يا زيد الطويل علام نصبوا (الطويل) قال: نصب لأنه صفة لمنصوب، وقال: وإن شئت كان نصبا على (أعني) "(2).
وأما الرفع فعلى القطع وتقدير مبتدأ محذوف فقولك (لا رجلَ ظريف) تقديره (هو ظريف) والجملة استئنافية أيضا.
جاء في (حاشية الصبان) في قولهم. لا غلام سفر ماهرٌ فيها: " قوله ماهرٌ فيها بالرفع على القطع، قيل أو بالعطف على محل (لا) مع اسمها"(3).
(1) الرضي على الكافية 1/ 286
(2)
سيبويه 1/ 303
(3)
حاشية الصبان 2/ 13