الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اتصافه بها ما يعلمه المتكلم، ولا يصح القطع في النعوت، إذا كان المنعوت لا يتضح إلا بالنعت (1) كما سنوضحه في باب النعت.
وللقطع دلالة أخرى هي الإشارة إلى معنى اللقب، وهو المدح، أو الذم، فإذا قلت (أقبل خالد سيف الله)، لم ترد تعريف العلم أو تخصيصه، بل الإشارة إلى مدحه أيضا، وقد ذكر هذا الرضي فقال: إن قطع اللقب إلى الرفع أو النصب، إنما هو لكونه متضمنا للمدح أو الذم. (2)
فالقطع إذن يدل على أمرين:
الأول: اشتهار العلم باللقب اشتهارا بينا بحيث لا يخف على أحد.
الثاني: الألماح إلى معنى اللقب وهو المدح والذم.
ثم إن القطع إما أن يكون إلى الرفع أو إلى النصب، فتقول مررت بخالد وسيف الله. بالنصب أو سيفُ الله، بالرفع، والقطع إلى الرفع أقوى من القطع إلى النصب، لأن القطع إلى الرفع بتقدير اسم مبتدأ، وأما القطع إلى النصب قد يكون بتقدير فعل، والاسم اقوى من الفعل وأثبت. فإذا كنت مادحا باللقب كنت بالقطع إلى الرفع أمدح، وإذا كنت ذامًا كنت بالقطع إلى الرفع أذم.
فالقطع إلى الرفع يدل على زيادة اشتهار العلم بلقبه والزيادة في مدحه أو ذمه كما سنوضح ذلك في بابه.
2 -
معنى الاتباع:
وأما الأتباع فيراد به تمام التوضيح والتعيين. جاء في (شرح الرضي على الكافية) إن اللقب إنما يتبع الاسم عطف بيان لكونه أشهر. (3)
(1) انظر الرضي على الكافية 1/ 346
(2)
انظر الرضي على الكافية 1/ 312 - 313، 2/ 156
(3)
الرضي على الكافية 2/ 156
وهذا نظير الصفة والموصوف، فإن الصفة إذا اتبعت لا تدل نصا على أن الصفة، عرف بها الموصوف، وأن المخاطب يعلمها كما يعلمها المتكلم، بل قد يؤتى بها لتوضيح الموصوف، ولولا هي لالتبس بشخص آخر فإن قولك (مررت بمحمد الخياط) قد يكون لفصل محمد هذا من شخص آخر اسمه محمد، وهو غير خياط، فلا يتعين محمد إلا بنعته، وفي مثل هذه الحال لا يجوز القطع، وكذلك اللقب فإنه قد لا يتضح العلم ويتميز من شخص آخر إلا بلقبه وفي هذه الحال لا يصح قطعه.
ثم إن معنى المدح والذم في اللقب التابع قد يأتي من معنى اللقب اللغوي لا من قصد المدح والذم وإيضاح ذلك أنك تقول: (مررت بمحمدٍ الفقيه) إذا أردت تمييز محمد هذا من محمد آخر غير فقيه، فيكون الفقيه نعتا لغرض التوضيح، ولا يجوز قطعه لأنه لا يتعين إلا به، ثم إنك ههنا لم ترم إلى مدح محمد، بل أردت تمييزه، ولكن النعت فيه مدح محمد بطريقة غير مقصودة، وذلك بدلالة النعت اللغوية وهي الفقه، أما إذا قلت مررت بمحمد الفقيه، بالقطع فأنك أردت مدحه بصورة مباشرة بهذه الخصلة وجعلته مشهورا بها، وكذلك اللقب فإن القطع يرمي إلى الإشارة إلى المدح، والذم ويدل أيضا على اشتهاره بهذا اللقب.
ولا يفهم من قولنا هذا أن الأتباع يفيد دائما أن الموصوف غير مشتهر بالصفة، أو أن الصفة تكون دوما للتوضيح والتمييز بين الأشخاص، بل يكون الموصوف مشهورًا بالصفة مع الأتباع، وقد يكون غير معروف به، وللنعت التابع أغراض أخرى غير التوضيح والتمييز بين المذكورين، كالمدح والذم، والتوكيد، وغير ذلك من الأغراض، مما سنوضحه في باب النعت، ولكنا نقول: أن القطع يفيد ذلك نصا بخلاف الأتباع فإنه قد يفيد وقد لا يفيده.
يتبين من هذا:
1 -
أن القطع يدل على أن العلم أشتهر باللقب أكثر من الأتباع.
2 -
أن القطع يراد به الإشارة إلى معنى اللقب بصورة مقصودة وأما الأتباع فقد يراد به ذلك وقد يراد به غير ذلك كالتوضيح وغيره فلا يكون المدح هو القصد الأول.