الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في خبره، وخبره يدل على حدث معين واقع في زمان مطلق تقييده في كان، لكن دلالة (كان) على الحدث المطلق أي الكون، وضعية ودلالة الخبر على الزمان المطلق عقلية ..
فمعنى (كان زيد قائمًا) إن زيدا متصف بصفة القيام، المتصف بصفة الكون، أي الحصول والوجود" (1).
والحقيقة إنها تدل على الحدث الذي هو الكون، بدليل أنه يأتي منها المصدر واسم الفاعل قال الشاعر.
وكونك إياه عليك يسير
وقال
وما كل من يبدي البشاشة كائنًا
…
أخاك إذا لم تلفه لك منجدا
والمصدر هو الحدث المجرد من الزمن، واسم الفاعل يدل على الحدث، وذات الفاعل فهي إذن تدل على الحدث وهو الكون
معانيها واستعمالاتها
(كان) فعل ماض ناقص، غير أنها لا تختص بالماضي فقط، بل قد تكون لغيره كما يرى قسم كبير من النحاة وأبرز معانيها التي تأتي إليها هي:
1 -
الماضي المنقطع: وهو الغالب عليها كأن تقول: (كان عمر عادلا) و (كان خالد غنيا وأصبح فقيرًا) ومنه قوله تعلى: {كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا} [التوبة: 69]، وقوله:{وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض} [النمل: 48](2).
(1) الرضي على الكافية 2/ 221
(2)
الهمع 1/ 120، البرهان 4/ 127 - 122، الاتقان 1/ 168
والماضي المنقطع على ضربين:
أ - ضرب يراد به الاتصاف بالحدث في الزمن الماضي على وجه الثبوت نحو (كان محمدًا شاعرا) و (كانوا أشد منكم قوة) أي متصفين بهذه الصفات على وجه الثبوت، وهذا إذا كان خبرها اسمًا.
ب - وضرب يراد به أنه حصل مرة، ولم يكن وصفا ثابتًا، وذلك إذا كان خبرها فعلا ماضيًا، وذلك كقوله تعالى:{ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار} [الأحزاب: 15]، أي أحدثوا معه عهدا سابقا قال ابن يعيش:
"لا يحسن وقوع الفعل الماضي في خبر (كان) لأن أحد اللفظين يغني عن الآخر"(1).
وهذا مردود فقد ورد في القرآن ذلك في الشرط وغيره قال تعالى: {فلما رءا قميصه قد من دبر} [يوسف: 28]، وقال {إن كنت قلته فقد علمته} [المائدة: 116]، وقال:{تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر} [القمر: 14]، وقال:{فلولا كانت قرية أمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس} [يونس: 98].
فإذا كان خبرها فعلا ماضيا، دل على أن الأمر حصل مرة فثمة فرق بين قولنا (كان محمد كاتبًا) وقولنا (كان محمد كتب في هذا الأمر) فالأول وصف دائم، والثاني لمن قام بالفعل مرة واحدة، ونحوه قولك (كان زيد فاجرًا) أي متصفا بالفجور. و (كان زيد فجر) أي حصل له ذلك مرة ومنه قوله:
فاغفر له اللهم إن كان فجر
ونحوه قولك: (كان زيد كاذبا) أي متصفا بالكذب و (كان زيد كذب) أي مرة.
2 -
الماضي المتجدد والمعتاد: وذلك إذا كان خبرها فعلا مضارعًا وهو نوعان:
(1) ابن يعيش 7/ 97
أ - الماضي المستمر وهو ما حدث مرة وكان مستمرا في حينه نحو (كنت اقرأ في كتابي فجاءني خالد) أي كنت مستمرًا على القراءة فجاءني خالد.
ب - الماضي المعتاد أو الدلالة على العادة في الماضي، أي كان الفاعل يعتاد الفعل نحو (كان يقوم الليل) و (كان زيد يفعل هذا الأمر) قال تعالى:
{كانوا قليلا من الليل ما يهجعون} [الذاريات: 17]، أي هذه عادتهم.
وقال:
{وكان يأمر أهله بالصلاة} [مريم: 55]، أي كان مستمرًا على ذلك وقال {ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون} [الأعراف: 137].
وقال:
{قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباءنا} [الأعراف: 70].
فهذه كلها تدل على الماضي المستمر أو العادة جاء في (البرهان): "ومن هذا الباب الحكاية عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ (كان يصوم) و (كنا نفعل)، وهو عند أكثر الفقهاء والأصوليين يفيد الدوام، فإن عارضه ما يقتضي عدم الدوام مثل أن يروى (كان يمسح مرة)، ثم نقل عنه (أنه يمسح ثلاثا) فهذا من باب تخصيص العموم"(1).
وقد تدل على الاعتياد في الماضي إذا كان خبرها شرطًا نحو قولنا: (كان محمد إذا سئل أعطى) ومنه قوله تعالى: {إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون} [الصافات: 35].
3 -
توقع الحدوث في الماضي: تقول (كان محمد سيفعل هذا) أي كان متوقعًا منه الفعل في الماضي، أو بمعنى أنه كان ينوي فعله في الماضي جاء في (الخصائص):"كان زيد سيقوم أمس: أي كان متوقعًا منه القيام فيما مضى"(2).
(1) البرهان 4/ 125
(2)
الخصائص 3/ 332
4 -
الدوام والاستمرار بمعنى (لم يزل) وجعلوا منه قوله تعالى: {وكان الله غفورا رحيما} [النساء: 96]، وقوله:{وكنا بكل يء عالمين} [الأنبياء: 81]، أي لم نزل كذلك (1)، وقوله:{وكان الإنسان عجولا} [الإسراء: 11]، ونحوها جاء في (التسهيل):"وتختص كان بمرادفة (لم يزل) كثيرًا"(2).
وجاء في (الهمع): "تختص كان بمرادفة لم يزل كثيرا، أي أنها تأتي دالة على الدوام وأن كان الأصل فيها أن يدل على حصول ما دخلت عليه، فيما مضى مع انقطاعه عند قوم وعليه الأكثر كما قال أبو حيان، أو سكوتها عن الانقطاع وعدمه عند آخرين وجزم به ابن مالك، ومن الدالة على الدوام الواردة في صفات الله تعالى نحو: {وكان الله سميعا بصيرا} [النساء: 134]، أي لم يزل متصفا بذلك"(3).
وأنكر بعضهم مجيئها لهذا المعنى، قال الرضي:"وذهب بعضهم إلى أن (كان) يدل على استمرار مضمون الخبر في جيع زمن الماضي، وشبهته قوله تعالى: {وكان الله سميعًا بصيرا} وذهل أن الاستمرار مستفاد من قرينة وجوب كون سميعًا بصيرًا من لفظ (كان). ألا ترى أنه يجوز (كان زيدا نائمًا نصف ساعة فاستيقظ) وإذا قلت (كان زيدا ضاربًا) لم يستفد الاستمرار، وكان قياسًا ما قال أن يكون (كن)، و (يكون) أيضًا للاستمرار"(4).
وجاء في (الكشاف) في قوله تعالى {كنتم خير أمة أخرجت للناس} [آل عمران: 110]، "كان عبارة عن وجود الشيء في زمان ماض على سبيل الإبهام، وليس فيه دليل على عدم سابق ولا على انقطاع طاريء ومنه قوله تعالى:
(1) الاتقان 1/ 168 البرهان 4/ 137، 121
(2)
التسهيل 55
(3)
الهمع 1/ 120
(4)
الرضي على الكافية 2/ 324
{وكان الله غفورا رحيما} ، ومنه قوله تعالى {كنتم خير أمة} ، كأنه قيل: وجدتم خير أمة" (1).
وجاء في (البرهان): "وقد اختلف النحاة وغيرهم في أنها تدل على الانقطاع على مذاهب:
أحدها: أنها تفيد الانقطاع لأنه فعل يشعر بالتجديد.
والثاني: لا تفيده بل تقتضي الدوام والاستمرار .. وقال الراغب في قوله تعالى {وكان الشيطان لربه كفورا} [الإسراء: 27]، نبه بقوله (كان) على أنه لم يزل منذ أوجد منطويا على الكفر.
والثالث: أنه عبارة عن وجود الشيء في زمان ماض على سبيل الإبهام، وليس فيه دليل عدم سابق، ولا على انقطاع طاريء، ومنه قوله تعالى {وكان الله غفورا رحيما} قاله الزمخشري في قوله تعالى {كنتم خير أمة أخرجت للناس} ..
والصواب من هذه المقالات مقالة الزمخشري، وأنها تفيد اقتران معنى الجملة التي تليها بالزمن الماضي لا غير ولا دالة لها في نفسها على انقطاع ذلك المعنى، ولا بقائه، بل إن أفاد الكلام شيئا من ذلك كان لدليل آخر ..
فحيث وقع الأخبار بـ (كان) عن صفة ذاتية (الله)، فالمراد الأخبار عن وجودها. وإنها لم تفارق ذاته، ولهذا يقررها بعضهم بما زال، فرارا مما يسبق إلى الوهم، إن كان يفيد انقطاع المخبر به عن الوجود لقولهم: دخل في خبر كان ..
وحيث وقع الإخبار بها عن صفة فعلية، فالمراد تارة الأخبار عن قدرته عليها في الأزل نحو كان الله خالقا ورازقا ومحييا ومميتا، وتارة تحقيق نسبته إلىه نحو {وكنا فاعلين} [الأنبياء: 79]، وتارة ابتداء الفعل وانشاؤه نحو {وكنا نحن الوارثين} [القصص: 58] ..
(1) الكشاف 1/ 342
وحيث أخبر بها عن صفات الآدميين، فالمراد التنبيه على أنها فيه عزيزة وطبيعة مركوزة في نفسه نحو {وكان الإنسان عجولا} [الإسراء: 11]، {وإنه كان ظلومًا جهولا} [الأحزاب: 72].
وحيث أخبر بها عن أفعالهم دلت على اقتران مضمون الجملة، بالزمان نحو {إنهم كانوا يسارعون في الخيرات} [الأنبياء: 90] " (1).
والذي أراه في نحو قوله تعالى: {إن الله كان سميعًا بصيرًا} [النساء: 58]، وقوله:{وكان الإنسان عجولا} [الإسراء: 11]، أن معناه أنه هذا كونه، أي إن الله كونه عليم حكيم، أي هذا وجوده وحقيقته وصفته، وإن الإنسان كونه عجول منذ خلق، وكذلك قوله:{وكان الإنسان قتورًا} [الإسراء: 100]، أي هذا كونه الذي وجد عليه وخلقته التي خلق عليها، وكذلك قوله:{إن الباطل كان زهوقا} [الإسراء: 81]، أي هذا شأنه وكونه منذ القدم. ونحو ذلك قوله تعالى {إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا} [النساء: 101] أي منذ القديم بخلاف قولنا (هم لكم عدو) فإنه ليس الوغول في القدم.
وقد يأتي لمعنى آخر وذلك إن قوله تعالى: {إن الله كان عليمًا حكيمًا} [النساء: 11]، أي يعلم الأمر قبل وقوعه وهذا أكمل من العلم عند الوقوع أو بعده. قال تعالى:{وكنا بكل شيء عالمين} [الأنبياء: 81] وهذا فيما أرى أكمل من القول ونحن بكل شيء عالمون ذلك لأن هذا كان قبل وقوعه، فهو علم بما لم يقع بخلاف نحن عالمون فإنه ليس نصبا في ذلك، وهذا كما تقول لصاحبك في أمر كنت تنهاه عنه فلم ينته، فجاءه منه سوء لم يكن في حسبانه:"أنا كنت عارفا بهذه النتيجة منذ زمن طويل وكنت أعلمها علم اليقين" لتدل على مقدار علمك وصدق ضنك البعيد في الزمن.
قال تعالى {آباءكم وأبناءكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا فريضة من الله إن الله كان عليما حكيمًا} [النساء: 11]، فجاء بـ (كان) ذلك أن الآية في مقام التشريع لأمر مجهول
(1) البرهان 4/ 121 - 125
لا يعلم حقيقته البشر فإننا لا ندري من أقرب لنا نفعًا آباؤنا أو أبناؤنا. والمطلوب من الشارع أن يكون عارفًا بالأمر قبل وقوعه، حتى يكون تشريعه سليما صحيحا، ونحن لا نعلم بالشيء إلا بعد وقوعه أو بعد ظهور الأمارات الدالة عليه، ولكن الله عليم بذلك منذ الأزال فناسب أن يجيء بكان مقابل جهل الإنسان المستمر فإنه لما ذكر طبيعة الإنسان في الجهل بقوله:{آباؤك وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا} ناسب ذلك أن يجيء بعلم الله وحكمته القديمين فقال: {إن الله كان عليمًا حكيمًا} ، والله أعلم.
5 -
الدلالة على الحال، وجعل منه قوله تعالى:{كنتم خير أمة أخرجت للناس} [آل عمران: 110]، وقوله:{إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} [النساء: 103](1)، ومنه قوله تعالى:{مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين} [النمل: 20]، وقوله:{لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين} [يس: 70]، وقوله:{اما كان محمدٌ أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبين} [الأحزاب: 40].
والذي أراه أنها بمعنى المضي فمعنى قوله: {كنت خير أمة} : "وجدتم خير أمة، وقيل كنتم في علم الله خير أمة، وقيل كنتم في الأمم مذكورين بأنك خير أمة موصوفين به"(2)، وقوله:{إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتا} أي فرضت عليهم أو كتبت عليهم كما قال تعالى: {يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم الصيام} [البقرة: 183]، فهي مفروضة على المؤمنين منذ القديم. وكذلك البواقي.
6 -
الإستقبال: وجعل منه قوله تعالى: {ويخافون يومًا كان شره مستطيرا} [الإنسان: 7](3)، ونحوه قوله تعالى:{إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا} [الإنسان: 5]، وقوله:{إن الإنسان أمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا} [الكهف: 107].
(1) الاتقان 1/ 168، البرهان 4/ 127
(2)
الكشاف 1/ 342
(3)
الاتقان 1/ 168، البرهان 4/ 127
والذي أراه في مثل هذا أنه من باب تنزيل المستقبل منزلة الماضي، لبيان أنه محقق الوقوع وأنه بمنزلة ما مضى وفرغ منه، وذلك نحو قوله تعالى:{ونفخ في الصور فصعق من السماوات ومن في الأرض} ، [الزمر: 68]، وقوله:{وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا} [الزمر: 73]، وهذا في القرآن كثير، فإن القرآن كثيرا ما يخبر عن المستقبل بلفظ الماضي لبيان أن هذا المستقبل بمنزلة ما مضى فكما أن الذي وقع وحصل لا شك فيه، فهذا كذلك.
7 -
بمعنى صار: وجعلوا منه قوله تعالى: {وفتحت السماء فكانت أبوابا وسيرت الجبال فكانت سرابا} [النبأ: 19 - 20]، وقوله:{وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا وكنتم أزواجا ثلاثة} [الواقعة: 5 - 7](1).
(جاء في شرح ابن يعيش): "والعرب تستعير هذه الأفعال فتوقع بعضها مكان بعض فأوقعوا (كان) هنا موقع (صار) لما بينهما من التقارب في المعنى لأن (كان) لما انقطع وانتقل من حال إلى حال، ألا تراك تقول: قد كنت غائبا وأنا الآن حاضر، فصار كذلك تفيد الانتقال من حال إلى حال، نحو قولك (صار زيد غنيا) أي أنتقل من حال إلى هذه الحال كما استعملوا (جاء) في معنى (صار) في قولهم: ما جاءت حاجتك؟ لأن (جاء) تفيد الحركة والانتقال كما كانت (صار) كذلك"(2).
والذي أراه أنه ليست كان بمعنى صار، وإنما لها معنى أخر فإنك لو أبدلت (صار) بـ (كان) ما سدت مسدها، فإذا قلت بدل قوله تعالى:{فإذا انشقت السماء فكانت ورده كالدهاء} [الرحمن: 37]، فصارت وردة، أو بدل قوله تعالى:{وفتحت السماء فكانت أبوابا وسيرت الجبال فكانت سرابا} فصارت أبوابًا وسرابًا لم تجد المعنى كما كان ثم. فإن المقصود بصار هو التحول والصيرورة وقد يكون هذا التحول بعد مدة كأن تقول:
(1) الأشموني 1/ 230، الهمع 1/ 114، أسرار العربية 136 - 137، منثور الفوائد 111، الاتقان 1/ 168، البرهان 4/ 127
(2)
ابن يعيش 7/ 102
صار الطين حجرًا وصار محمد شيخًا، فالصيروة قد تقتضي الزمن الطويل بخلاف (كان) فإنها تطوي الزمن فقوله تعالى {فكانت أبوابًا} أي كان هذا شأنها منذ الماضي وكأن هذا هو وجودها، ونحو {وبست الجبال بسًا. فكانت هباء منبثا} كأنه حالتها الجديدة حاصلة قبل النظر والمشاهدة، وكأنها هي هكذا منذ القدم.
8 -
بمعنى ينبغي وبمعنى القدرة والاستطاعة نحو: (ما كان له أن يفعله) أي ما أنبغي له ذلك ونحوه قوله تعالى: {ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله} [آل عمران: 79]، أي ما ينبغي له، وذلك بدلالة قوله تعالى:{ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء} [الفرقان: 18].
وفي (الكشاف): " ما يكون لي: ما ينبغي لي "(1).
وتأتي بمعنى القدرة والاستطاعة نحو قوله تعالى: {وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا} [آل عمران: 145]، وقوله:{فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم ما أن تنبتوا شجرها} [النمل: 60]، أي لا تستطيعون ذلك. جاء في (الإتقان):"وترد (كان) بمعنى ينبغي نحو {ما كان لكم أن تنبتوا شجرها} {ما يكون لنا أن نتكلم بهذا} [النور: 16] (2) ".
جاء في (الكشاف) في قوله تعالى: {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطئا} [النساء: 92].
" وما كان لمؤمن: وما صح له ولا استقام ولا لاق بحاله، كقوله: {وما كان لنبي أن يغل} [آل عمران: 161]، [وما يكون لنا أن نعود فيها] [الأعراف: 89] (3) ".
(1) الكشاف 1/ 491
(2)
الاتقان 1/ 168، وانظر البرهان 4/ 311
(3)
الكشاف 1/ 416
وجاء في (التفسير الكبير) للرازي في قوله تعالى {ما كان لنبي أن يكون له أسرى} [الأنفال: 67]، "ما كان: معناه النفي والتنزيه، أي ما يجب وما ينبغي أن يكون له المعنى المذكور ونظيره:{ما كان لله أن يتخذ من ولد} [مريم: 35](1) ".
9 -
قد تقتصر على مرفوعها فتكون تامة بمعنى وجد ووقع كقوله تعالى: {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} [البقرة: 280]، وقوله:{إنما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون} [يس: 82]، وكقولهم (المقدور كائن (2)) وكقوله:
إذا كان الشتاء فأدفئوني
…
فإن الشيخ يهجمه الشتاء
قال سيبويه: "قد يكون لكان موضع آخر يقتصر على الفاعل فيه تقول: قد كان عبدُ الله أي قد خلق. وقد كان الأمر أي وقع الأمر (3) ".
وتأتي كان بمعنى غزل، وبمعنى كفل يقال: كانت المرأة الصوف إذا غزلته، وكان فلان الصبي إذا كفله (4).
10 -
قد يأتي زائدة نحو (ما كان أحسن زيدًا) وليس معنى الزيادة ألا يكون لها معنى البتة في الكلام، بل أنها لم يؤت بها للإسناد (5).
وهي تزاد للدلالة على أحد غرضين:
أ - الدلالة على الزمن نحو (ما كان أحسن زيدًا) فإنها تدل على الزمن الماضي جاء في (الكتاب): "وتقول ما كان أحسن زيدًا فتذكر كان لتدل أنه فيما مضى"(6).
(1) التفسير الكبير 15/ 200
(2)
شرح المفصل 1/ 97
(3)
سيبويه 1/ 21
(4)
الأشموني 1/ 236
(5)
شرح قطر الندى 138، التصريح 1/ 1910 192
(6)
سيبويه 1/ 37، وانظر ابن يعيش 1/ 98 - 99، الصبان 1/ 239 - 240
وبعض النحاة لا يسمى نحو هذا زائدًا جاء في (شرح الرضى على الكافية): "أعلم أن كان تزاد غير مفيدة لشيء إلا محض التأكيد .. وإما إذا دلت (كان) على الزمن الماضي ولم تعمل نحو (ما كان أحسن زيدًا) .. ففي تسميتها زيادة نظر لما ذكرنا إن الزائد من الكلام عندهم، لا يفيد إلا محض التأكيد، فالأولى أن يقال: سميت زيادة مجازًا لعدم عملها. وإنما جاز أن لا تعملها مع أنها غير زائدة، لأنها كانت تعمل لدلالتها على الحدث المطلق الذي كان الحدث المقيد في الخير يغني عنه لا لدلاتها على زمن الماضي لأن الفعل، إنما يطلب الفاعل والمفعول، لما يدل عليه من الحدث، لا للزمان، فجاز لك أن تجردها في بعض المواضع عن ذلك الحدث المطلق، لأغناء الخبر عنه فإذا جردتها لم يبق إلا الزمان، وهو لا يطلب مرفوعا ولا منصوبا فبقي كالظرف دالا على الزمان فقط، فلذا جاز وقوعه موقعًا لا يقع غيره فيه حتى الظرف تبيينا لإلحاقه بالظروف التي يتسع فيها فيقع بين ما التعجب وفعله وبين الجار والمجرور نحو: على كان المسومة، فثبت أن كان المفيدة للماضي التي لا تعمل مجردة عن الدلالة على الحدث المطلق"(1).
وعلى أي حال فالخلاف فيما أراه لفظي، لأن كليهما يقول أنها ليست عاملة وإنما هي لمجرد الزمن. وأما قول الرضي "أن الزائد من الكلم عندهم لا يفيد إلا محض التأكيد"، ففيه نظر فمن المعلوم أن (من) الاستغراقية تزاد لا لمحض التأكيد، وإنما دفعًا لتوهم الوحدة نحو: هل جاءك رجل؟ لكان محتملاً في الجنس وفي الواحد.
وكذلك قولهم (جئت بلا زاد) فـ (لا) زائدة بين العامل والمعمول وفيها معنى النفي وليست لمحض التأكيد. وهذا نحو ذاك.
ب - أن تزاد لضرب من التأكيد وذلك كقول الشاعر:
جياد بني أبي بكر تسامي
…
على كان المسومة العراب
(1) الرضي على الكافية 2/ 225