الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد يقدم الخبر للاهتمام والعناية لأن العرب يقدمون الذي بيانه أهم لهم وهم به أعني.
ما يعرف به الاسم من الخبر
إذا كان الاسم والخبر معرفتين، فإنك تأتي بالاسم الذي يعلمه المخاطب، وتجعله اسما للفعل الناقص، وتأتي بالذي يجهله فتجعله خبرًا له، كما مر في بحث المبتدأ والخبر، وذلك كأن يكون المخاطب سمع بمحمد وقد رأي رجلا منطلقا وأردت أن تعلمه بأن محمدًا هو المنطلق قلت له:(كان محمدٌ المنطلق)، وإذا كان رأي رجلا منطلقا ولم يعرف أنه محمد وأردت أن تعلمه بأن المنطلق هو محمد قلت له:(كان المنطلق محمدا).
جاء في (مغني اللبيب): "أن يكونا معرفتين فإن كان المخاطب يعلم أحدهما دون الآخر فالمعلوم الاسم والمجهول الخبر، فيقال (كان زيد أخا عمرو) لمن علم زيدا وجهل أخوته فالمعلوم الاسم والمجهول الخبر، فيقال (كان زيد أخا عمرو)، لمن علم زيدا وجهل أخوته لعمرو، و (كان أخو عمرو زيدا) لمن يعلم أخا لعمرو ويجهل أن اسمه زيد، وأن كان يعلمهما ويجعل انتساب أحدهما إلى الآخر، فإن كان أحدهما أعرف فالمختار جعله الاسم فتقول: (كان زيد القائم) لمن كان قد سمع بزيد وسمع برجل قائم، فعرف كلا منهما بقلبه ولم يعلم أن أحدهما هو الآخر، ويجوز قليلا: كان القائم زيدًا"(1).
والتحقيق ما ذكرناه أولا.
فإن كان الاسم والخبر نكرتين فقد ذكر ابن هشام أنه إن "كان لكل منهما مسوغ للأخبار عنها، فأنت مخير فيما تجعله منهما الاسم وما تجعله الخبر فتقول:(كان خير من زيد شرا من عمرو) أو تعكس.
وإن كان المسوغ لأحداهما فقط جعلتها الاسم نحو: كان خير من زيد امرأة" (2).
(1) مغني اللبيب 2/ 452، وانظر الهمع 1/ 118 - 119
(2)
مغني اللبيب 2/ 453
والذي نراه صوابًا في هذا أن المعنى هو الذي يعين الاسم من الخبر، فالذي أردت أن تخبر عنه تجعله إسمًا للفعل الناقص، والذي أردت أن تخبر به تجعله خبرًا، وليس لك أن تجعله أيا شئت منهما اسما أو خبرًا، وليس المعنى واحدًا، فإذا قلت مثلا (ذو دين متين، ذو عرض مصون) كان المعنى صحيحا ولكن إذا قلت (ذو عرض مصون، ذو دين متين) فليس القول على إطلاقه فقد يكون ذو العرض ليس ذا دين، فقد ثبت أن معنى الجملتين مختلف وهكذا لو أدخلت الفعل الناقص على الجملتين.
ولو قلت (ما كان ذو دين متين إلا ذا عرض مصون) كان المعنى صحيحًا، ولكن لو قلت (ما كان ذو عرض مصون إلا ذا دين متين) لم يستقم القول فإن هذا القول ليس على إطلاقه، ولو كان معنى الجملتين واحدًا في ال حصر لكان معناهما في غير الحصر واحدًا.
ولو قلت مثلا: (ما كان مثلك أحدٌ (1)) لكان المعنى: لا يشبهك أحد. ولو قلت (ما كان مثلك أحدًا) لكان المعنى: (ما كان مثلك إنسانًا) أي أن الذي يشبهك ليس إنسانًا "وذلك غير جائز إلا أن يراد به المثل على التعظيم لشأنه أو الوضع منه كقولهم: (ما أنت إلا شيطان) و (ما فلان إلا ملك) "(2).
جاء في (كتاب سيبويه): "ولو قال: ما كان مثلك أحدًا أو ما كان زيد أحدا كان ناقضا لأنه قد علم أنه لا يكن زيد ولا مثله إلا من الناس".
وإذا قلت: ما كان مثلك اليوم أحدٌ فإنه يكون غلا يكون في اليوم إنسان على حاله إلا أن تقول: ما كان زيدٌ أحدًا أي من الأحدين. وما كان مثلك أحدًا على وجه تصغيره فتصير كأنك قلت: ما ضرب زيد أحدًا وما قتل مثلك أحدًا" (3).
(1)(مثل) نكرة موغلة بالإبهام لا تتعرف بالإضافة.
(2)
الجمل 60
(3)
كتاب سيبويه 1/ 37