الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتقول: (ما جاءني رجل) و (ما جاءني من رجل) فالأولى تحتمل نفي الجنس ونفي الوحدة، أي ما جاءني رجل واحد بل أكثر، والثانية لا تحتمل إلا نفي الجنس (1).
وتقول: (كرم زيد ضيفا) و (كرم ضيف زيد) فالجملة الأولى تحتمل أن يكون المقصود الثناء على ضيف زيد بالكرم، كما تحتمل أن يكون زيد كريما حال كونه ضيفا، أي زيد هو الموصوف بالكرم، أما الثانية، فلا تحتمل إلا أن يكون الثناء على ضيف زيد (2). جاء في (شرح الرضي على الكافية) في (طاب زيد أبا)" يجوز أن تريد بـ (أبا) نفس زيد وأن تريد به أباه"(3).
إلى غير ذلك من الأمثلة:
وهذا خط واضح في التعبير العربي.
2 - الدلالة الظاهرة والباطنة:
ونعني بالدلالة الظاهرة المعنى الذي يعطيه ظاهر اللفظ مثل سافر محمد ونام خالد ونحو قوله تعالى: {وأحل الله البيع وحرم الربا} [البقرة: 275].
وأما الدلالة الباطنة فهي الدلالة التي تؤدي عن طريق المجاز والكنايات والملاحن والإشارات، وما إلى ذلك، كقوله:(رمتني بسهم ريشه الكحل) أي بنظرة من عين مكحولة وقوله (بعيدة مهوى القرط) أي طويلة العنق وقولهم (بنو فلان فلان يطؤهم الطريق) أي أهل الطريق جاء في (دلائل الإعجاز): " الكلام على ضربين:
ضرب أنت تصل منه إلى الغرض بدلالة اللفظ وحده، وذلك إذا قصدت أن تخبر عن زيد مثلا بالخروج على الحقيقة فقلت: خرج زيد، وبالإنطلاق عن عمرو فقلت: عمرو منطلق وعلى هذا القياس.
(1) حاشية الصبان: (2/ 212)، التصريح: 2/ 8، الرضي على الكافية:(1/ 279)
(2)
انظر: مغني اللبيب: (2/ 463).
(3)
الرضي على الكافية: (1/ 239).
وضربٌ آخر أنت لا تصل منه إلى الغرض بدلالة اللفظ وحده، ولكن يدلك، اللفظ على معناه الذي يقتضيه موضوعه في اللغة، ثم تجد لذلك المعنى دلالة ثانية تصل بها إلى الغرض. ومدار هذا الأمر على الكناية والاستعارة والتمثيل أو لا ترى إنك إذا قلت: هو كثير رماد، القدر، أو قلت: طويل النجاد، أو قلت في المرأة: نؤوم الضحى، فإنك في جميع ذلك لا تفيد غرضك الذي تعني من مجرد اللفظ، ولكن يدل اللفظ على معناه الذي يوجبه ظاهره، ثم يعقل السامع من ذلك المعنى، على سبيل الاستدلال، معنى ثانيا، هو غرضك كعرفتك من كثير رماد القدر إنك مضياف ومن طويل النجاد، إنه طويل القامة .. وكذا إذا قال:(رأيت أسدًا) ودلك الحال على إنه لم يرد السبع علمت أنه أراد التشبيه، إلا أنه بالغ فجعل الذي رآه، بحيث لا يتميز عن الأسد في شجاعته ..
وإذا قد عرفت هذه الجملة، فههنا عبارة مختصرة، وهي أن تقول: المعنى ومعنى المعنى، تعني بالمعنى المفهوم من ظاهر اللفظ، والذي تصل إليه بغير واسطة. وبمعنى المعنى أن تعقل من اللفظ معنى، ثم يفضي بك ذلك المعنى، إلى معنى، ثم يفضي بك ذلك المعنى، إلى معنى آخر كالذي فسرت لك" (1).
(1) دلائل الإعجاز: (202 - 203).