الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يفعل وحر بأن يفعل، أي جدير بالفعل.
وأما (اخلولق) فو أفعوعل من الفعل (خلق)، .. ومعنى (خلق) صار خليقا أي جديرا تقول: هو خليق بهذا الأمر أي جدير، جاء في (الرضي على الكافية):"ومعناهما صار حريا وحرى، أي جديرا، وصار خليقا، وأصلهما حرى بأن يفعل، واخلولق بأن يقوم، فحذف حرف الجر كما هو القياس مع أن وأن"(1).
تقول: حرى زيد أن يفعل، أي صار جديرا بالفعل، واخلولق سعيد أن يسود أي صار جديرا بالسيادة.
وخبرهما كخبر عسى، فعل مضارع غير أنه مقترن أن وجوبًا فلا يجرد منها وذلك لأن هذين الفعلين للاستقبال دائمًا، فلزم لذلك اقتران خبرهما بأن جاء في (التصريح):"لأن الفعل المترجي وقوعه، قد يتراخى حصوله فاحتيج إلى (أن) المشعرة بالاستقبال"(2).
أفعال المقاربة:
أفعال المقاربة هي:
كاد
وكرب وأوشك (3).
كاد:
تستعمل (كاد) لمقاربة حصول الفعلن أي قارب الحصول ولم يحصل، تقول:(كاد زيد يغرق) أي أشرف عليه، وهي أقرب من (عسى) إلى الحصول "ألا ترى أنك لا تقول: كاد زيد يدخل المدينة، إلا وقد شارفها وقد يجوز أن تقول: عسى زيد أن يحج وهو لم يبرح من منزله" (4).
(1) الرضى على الكافية 2/ 337، وانظر القاموس المحيط (خلق)(الحارية).
(2)
التصريح 1/ 206 - 203، وانظر الأشموني 1/ 261، ابن عقيل 1/ 126
(3)
الأشموني 1/ 258، التصريح 1/ 203، ابن عقيل 1/ 123
(4)
الجمل للزجاجي 210
وجاء في (المفصل): ""والفصل بين معني عسى وكاد إن (عسى) لمقاربة الأمر على سبيل الرجاء والطمع تقول: عسى الله أن يشفي مريضي، تريد أن قرب شفائه مرجو من عند الله مطموع فيه، و (كاد) لمقاربته على سبيل الوجود والحصول تقول: كادت الشمس تغرب تريد أن قربها من الغروب قد حصل (1) ".
وخبرها فعل مضارع غير مقترن بأن في الغالب وذلك لقربها من الوقوع، بخلاف عسى فناسب ذلك أن يجرد من (أن) لأن (أنْ) للدلالة على الاستقبال كما ذكرنا، وقد يراد بها تنفيس الوقت وتبعيد المقاربة فيجاء بأن في خبرها فقولك (كاد زيد أن يموت) أبعد عن الحصول من قولك (كاد زيد يموت) والجملة الثانية أقرب إلى وقوع الفعل ولذلك جردت من (أن).
قال ابن يعيش: "من أفعال المقاربة (كاد) تقول: كاد زيد يفعل أي قارب الفعل ولم يفعل إلا أن كاد أبلغ في المقاربة من عسى فإذا قلت: (كاد زيد يفعل) فالمراد قرب وقوعه في الحال إلا أنه لم يقع بعد لأنك لا تقوله إلا لمن هو على حد الفعل كالداخل فيه لا زمان بينه وبين دخوله قال الله تعالى: {يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار} [النور: 43]، ومن كلام العرب: كاد النعام يطير .. واشترطوا أن يكون الخبر فعلا لأنهم أرادوا قرب وقوع الفعل فأتوا بلفظ الفعل ليكون أدل على الغرض وجرد ذلك الفعل من (أن) لأنهم أرادوا قرب وقوعه في الحال و (أن) تصرف الكلام إلى الاستقبال فلم يأتوا بها لتدافع المعنيين، ولما كان الخبر فعلا محضًا مجردا من (أن)، قدروه باسم الفاعل لأن الفعل يقع في الخبر موقع اسم الفاعل، نحو زيد يقوم والمراد قائم"(2).
وقال: "إن الأصل في (عسى) أن يكون في خبرها (أن) لما فيها من الطمع والإشفاق وهما معنيان يقتضيان الإستقبال و (أن) مؤذنة بالاستقبال، واصل (كاد) أن لا يكون في
(1) المفصل 2/ 164
(2)
ابن يعيش 7/ 119، وانظر التصريح 1/ 207، درة الغواص 91، الرضي على الكافية 2/ 338
خبرها (أن) لأن المراد بها قرب حصول الفعل في الحال إلا أنه قد تشبه عسى بكاد فينزع من خبرها أن ..
وقد تشبه كاد بعسى فيشفع خبرها بأن، فيقال:(كاد زيد أن يقوم)، وقد جاء في الحديث (كاد الفقر أن يكون كفرًا).
فحملوا كل واحد من الفعلين على الآخر، لتقارب معنييهما وطريق الحمل والمقاربة أن (عسى) معناها الاستقبال، وقد يكون بعض المستقبل أقرب إلى الحال من بعض فإذا قال:(عسى زيد يقوم) فكأنه قرب حتى أشبه قرب (كاد)، وإذا أدخلوا (أن) في خبر كاد فكأنه بعد عن الحال حتى أشبه (عسى) ومن قال:(عسى زيد يفعل) فقد أجرى عسى مجرى (كاد) ويجعل الفعل موضع الخبر كأنه قال: (عسى زيد فاعلا)، وقد صرح الراجز عند الضرورة بذلك فقال:
أكثرت في العذل ملحًا دائمًا
…
لا تكثرن أني عسيت صائمًا. (1) "
وجاء في (أسرار العربية): "فإن قيل: ولم كان الاختيار مع (كاد) حذف (أن) وهي كعسى في المقاربة؟ قيل: هما وإن اشتركا في الدلالة على المقاربة، إلا أن كاد أبلغ في تقريب الشيء من الحال وعسى أذهب في الاستقبال، ألا ترى أنك لو قلت: (كاد زيد يذهب بعد عام) لم يجز لأ (كاد) توجب أن يكون الفعل شديد القرب من الحال، ولو قلت: (عسى الله أن يدخلني الجنة برحمته) لكان جائزًا وإن لم يكن شديد القرب من الحال، فلما كانت (كاد) أبلغ في تقريب الشيء من الحال حذف معها (أن) التي هي علم الاستقبال ولما كانت (عسى) اذهب في الاستقبال أتي معها بأن التي هي علم الاستقبال"(2).
(1) ابن يعيش 7/ 121 - 122
(2)
أسرار العربية 129