الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - ما كان ليفعل:
(لام الجحود)، وهي اللام الداخلة بعد كون ناقص ماض لفظًا، أو معنى منفي بما، أو لم، أو إن. وهذا التعبير يستعمل لتأكيد النفي، وذلك إن إثباته (كان سيفعل)، وفي السين معنى التأكيد، قال تعالى:{فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم} [البقرة: 137]، تقول: كان سيكتب، فإذا أردت نفيه قلت: ما كان ليكتب. جاء في (الكتاب): "واعلم أن اللام قد تجيء في موضع لا يجوز فيها الإظهار (يعني أن) وذلك: ما كان ليفعل فصارت (أن) ههنا بمنزلة الفعل في قولك: إياك وزيدًأ. وكأنك إذا مثلت قلت: ما كان زيد لأن يفعل، أي ما كان زيد لهذا الفعل، فهذا بمنزلته ودخل فيه معنى نفي (كان سيفعل) فإذا قال هذا. قلت: ما كان ليفعل كما كان (لن يفعل) نفيًا لسيفعل وصارت بدلا من اللفظ". (1)
وجاء في (المغني) أن لام الجحود تفيد توكيد النفي، وهي الداخلة في اللفظ على الفعل مسبوقة بما كان أو بلم يكن .. ووجه التوكيد عند الكوفيين أن أصل (ما كان ليفعل) ما كان يفعل ثم أدخلت اللام زيادة لتقوية النفي، كما أدخلت الباء في (ما زيد بقائم) لذلك، فعندهم أنها حرف زائد مؤكد غير جار ولكنه ناصب ..
ووجهه عند البصريين أن الأصل، ما كان قاصدًا للفعل ونفي القصد أبلغ من نفيه ولهذا كان قوله:
يا عاذلي لا تردن ملامتي
…
إن العواذل لسن لي بأمير
ابلغ من (لا تلمنني) لأنه نهي عن السبب. وعلى هذا فهي عندهم حرف جر معد متعلق بخبر كان المحذوف والنصب بأن مضمرة وجوبًا". (2)
وجاء في (شرح الرضي على الكافية): "والتي لتأكيد النفي تختص من حيث الاستعمال بخبر كان المنفية إذا كانت كانت ماضية لفظا نحو: {وما كان الله ليعذبهم} [الأنفال: 33]، أو معنى نحو:{لم يكن الله ليغفر لهم} [النساء: 137]، وكأن هذه اللام في
(1) سيبويه 1/ 408، وانظر الأشباه والنظائر 2/ 252
(2)
المغني 1/ 211، الأشموني 3/ 291، الصبان 3/ 293، حاشية الخضري 2/ 113، ابن الناظم 277، التصريح 2/ 235 - 236، حاشية الخضري .. الهع 2/ 7 - 8، منثور الفوائد 112
الأصل هي التي في نحو قولهم (أنت لهذه الخطة) أي مناسب لها وهي تليق بك. فمعنى (ما كنت لأفعل): ما كنت مناسبًا لفعله ولا يليق بي ذلك، ولا شك إن في هذا معنى التأكيد" (1).
جاء في (الكشاف) في قوله تعالى: {وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله} [الأعراف: 43]، :"اللام لتوكيد النفي يعنون وما كان يستقيم أن نكون مهتدين لولا هداية الله وتوفيقه (2) ".
وجاء فيه في قوله تعالى: {فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل} [الأعراف: 101]، :"ومعنى اللام تأكيد النفي وأن الإيمان كان منافيًا لحالهم في التصميم على الكفر (3) ".
وجاء في (التفسير الكبير) في قوله تعالى: {لم أكن لأسجد لبشر} [الحجر: 33]: "اللام في قوله (لأسجد) لتأكيد النفي ومعناه لا يصح أن أسجد لبشر (4) ".
وعلى كلا الرأيين، فالنفي مؤكد في مثل هذا التعبير.
فعند البصريين أن المعنى ما كان مريدًا للفعل، أو قاصدًا له، أو مقدرًا له، وهذا أبلغ من نفي الفعل نفسه، لأن نفي القصد أبلغ من نفي الفعل نفسه.
وعند الكوفيين أن اللام زائدة لتوكيد النفي كالباء الزائدة في نحو (ما محمد بذاهب) وأصل الكلام عندهم ما كان يفعل.
وأن لا أرى أن (ما كان ليفعل) أصله (ما كان يفعل) أو هما بمعنى واحد، فإن قوله تعالى مثلا:{قال لم أكن لأسجد لبشرٍ خلقته من صلصال من حمإ مسنون} [الحجر: 33]، ليس بمعنى (لم أكن أسجد) فالبشر لم يكن موجودًا قبل ذاك، فلا يصح هذا التقدير.
(1) الرضي على الكافية 2/ 207 - 271
(2)
الكشاف 1/ 548
(3)
الكشاف 1/ 564، وانظر 1/ 364
(4)
التفسير الكبير 19/ 183