الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبعد ذلك ألسنا نقول: (أقبل محمد نفسه وخالد) فيكون المعطوف عليه مؤكدًا بخلاف المعطوف؟ ونقول: رأيت الطلاب كلهم لا بعضهم فيكون المعطوف والمعطوف عليه مختلفين من حيث التوكيد؟ ومن هنا جاء النظر في قراءة (إما يبلغان عندك الكبر أحدهما أو كلاهما) بإثبات الألف في (يبلغان) واختلاف النحاة في إعراب (كلاهما) توكيدًا أولا مع أنها معطوفة على عير التوكيد.
فاتضح بهذا ما قلناه.
وهذا الذي ذكرناه إنما يكون في اختيار الكلام إما في الشرع فقد يضطر إلى ذلك الشاعر اضطرارا فإن للشعر لغته ولذلك كقول الشاعر:
معاوي إننا بشر فأسجع
…
فلسنا بالجبال ولا الحديدا
أديروها بني حرب عليكم
…
ولا ترموا بها الغرض البعيدا
2 - عطف الجملة على الجملة
، تقول:(ما كان زيد ذاهبًا ولا محمد حاضرا) فتشرك الجملة الثانية مع الأولى في النفي في المضي أي ولا كان محمد حاضرًا، فإن قلت (ولا محمد حاضر) لم تكن على إرادة المضي بل على إرادة الحال فهي غير مشتركة في المضي مع الجملة الأولى. جاء في (الكتاب)، "تقول:(ما عبد الله خارجًا ولا معن ذاهب) ترفعه على ألا تشرك الاسم الآخر في (ما) ولكن تبتدئه كما تقول: ما كان عبد الله منطلقا ولا زيد ذاهب، إذا لم تجعله على كان وجعلته غير ذاهب الآن. وكذلك (ليس) وإن شئت جعلتها (لا) التي يكون فيها الاشتراك فتنصب كما تقول في كان: ما كان زيد ذاهبا ولا عمرو منطلقا، وذلك قولك: ليس زيد ذاهبًا ولا أخوك منطلقا) وكذلك ما زيد ذاهبًا ولا معن خارجًا ..
و(ما) يجوز فيها الوجهان، كما يجوز في (كان) إلا أنك إن حملته على الأول أو ابتدأت فالمعنى إنك تنفي شيئا غير كائن في حال حديثك. وكان الابتداء في (كان) أوضح لأن المعنى يكون على ما مضى وعلى ما هو الآن. وليس يمتنع أن يراد به الأول كما أردت في (كان).
وجاء في (شرح الرضي على الكافية): " ما كان زيد قائما ولا قاعد غلامه فيكون من عطف إسمية على فعلية ويكون مضمون المعطوف عليه ههنا ماضيا لأن (ما كان) لنفي الماضي، ومضمون المعطوف حال لأنه ليس مبنيا على (ما كان) بل هو كقولك (غلامه قاعد) فظاهره الحال.
وأما في (ما)، و (ليس) فمضمون المعطوف والمعطوف عليه حال رفعت الوصف الذي بعد حرف العطف أو نصبته، لأنه ما وليس للنفي المطلق فظاهرهما الحال.
ونقول على هذا: (ما كان زيد قائمًا ولا عمرو قاعدًا أو قاعد) فإذا نصبت فالقيام والقعود منتفيان في الماضي، وإذا رفعت فالقيام منتف في الماضي والقعود في الحال.
وأما في (ما زيد) أو (ليس زيد قائمًا ولا عمرو قاعدا أو قاعد) فالجملتان حاليتان رفعت قاعدًا أو نصبته" (1).
والذي يبدو لي أن معنى النصب يختلف عن معنى الرفع في ليس وما أيضا، فقولك (ليس زيد قائما ولا عمرو قاعد) يختلف عن قولك (ولا عمرو قاعدا) وليسا متماثلين فنصب الخبر في المعطوف يقتضي أن المعنى على إرادة (ليس) ورفعه ليس على إرادتها فتكون جملة (ولا عمرو قاعدًا) في التقدير فعلية وجملة (ولا عمرو قاعد) إسمية والإسمية أثبت وآكد من الفعلية.
وكذلك النفي بما، فإن نصب الخبر في المعطوف، إنما هو على إرادة (ما) أي أن النفي مقيد بهذا الحرف ومعناه، ورفعه ليس على تقدير ذلك بل هو لمطلق النفي وليس مقيدًا بما.
ومما يدخل في هذا الباب قولهم (ما زيد قائما بل قاعد) أو (لكن قاعد) أي بل هو قاعد فليس النفي داخلا على ما بعد حرف العطف، بل إن ما بعد الحرف مثبت. وأجاز المبرد أن يقال:(ما زيد قائمًا بل قاعدًا) فيقتضي على هذا أن تكون الكلمة الثانية مشتركة
(1) الرضي على الكافية 1/ 294