الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو النبي الذي يؤمن بوحدانية الله وكلماته التشريعية التي أنزلها الله لهداية البشر، وكلماته التكوينية الدالة على قدرته وإرادته وحكمته، ويصدق قوله عمله، ويؤمن بما أنزل إليه من ربه. فالمراد من كلماته: ما تضمنته كتبه من التوراة والإنجيل والقرآن من أحكام وإرشادات وأدلة على وجود الله تعالى ووحدانيته وقدرته.
وهذا أمر بالإيمان أتبعه بالأمر بالإسلام، أي اتبعوا منهج هذا النبي، واسلكوا طريقه في كل ما جاء به، لتهتدوا إلى الطريق المستقيم الذي لا عوج فيه، أو رجاء أن تهتدوا بالإيمان واتباع الشرع إلى ما فيه سعادتكم في الدنيا والآخرة.
والحق أنه لأهدي صحيحا ثابتا إلا في القرآن، ولا خير إلا في الدين، ولا سعادة إلا باتباع شريعة خاتم النبيين، وبمقدار الالتزام بالشريعة يكون النجاح في الدنيا والآخرة.
روى مسلم عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «والذي نفسي بيده لا يسمع بي رجل من هذه الأمة، يهودي ولا نصراني، ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار» .
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآية على أن محمد صلى الله عليه وآله وسلم مبعوث إلى جميع الخلق، وأن رسالته عامة للناس أجمعين، بل لكل العالمين من الإنس والجن.
والمراد بالناس: هم المكلفون أي البالغون العقلاء؛
لقوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه أحمد وأبو داود والحاكم عن علي وعمر: «رفع القلم عن ثلاث:
عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق».
والمقصود بالناس أيضا كل من وصل إليه خبر وجوده وخبر معجزاته وشرائعه، وقلّ أن تجد قوما لم يبلغهم خبر ظهور محمد عليه الصلاة والسلام.
ودلت الآية أيضا على ما يثبت كونه عليه الصلاة والسلام رسولا إلى الناس جميعا، وهو أنه مرسل من خالق العالم المتصف بالحياة والعلم والقدرة والوحدانية، المنزه عن الشريك والوالد والولد، القادر على الحشر والنشر والبعث والقيامة، مالك السموات والأرضين، المتصرف في الكون كيفما يشاء، وأن الخلق كلهم عبيده، وهو المنعم عليهم بأعظم النعم، وأنه المجازي لهم بعد موتهم، مما يقتضي تكليف الخلق بما يريد.
وما على الخلق إلا الإيمان بوحدانية الله وبربوبيته، واتباع كلماته أي تشريعاته، وليس من التشريع أمور الدنيا العادية من تدبير شؤون الزراعة والصناعة والتجارة المباحة والعلوم النافعة، فتلك متروكة لعقول الناس ومعارفهم وخبراتهم،
لما ورد في الحديث الصحيح عند الشيخين: «أنتم أعلم بأمور دنياكم» .
ومن كلمات الله: المعجزات الدالة على كونه نبيا حقا؛ لأن كل شيء غريب يسمى كلمة، والمعجزات نوعان:
معجزات ظهرت في ذاته عليه الصلاة والسلام، وأشرفها وأهمها كونه رجلا أميا، لم يتعلم من أستاذ، ولم يطالع كتابا، ولم يجالس أحدا من العلماء.
ومعجزات صدرت عنه مثل انشقاق القمر، ونبوع الماء من بين أصابعه.
وبه يكون المراد بقوله: {يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ} أي يؤمن بالله وبجميع المعجزات التي أظهرها الله عليه، وبما أنزل عليه وعلى من تقدمه من الرسل من كتبه ووحيه.