الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوع الساعة،
فقد أخرج الترمذي وصححه عن أنس مرفوعا: «بعثت أنا والساعة كهاتين» وقرن بين أصبعيه: السبابة والتي تليها.
قال الرّازي: السبب في إخفاء الساعة عن العباد: هو أن يكونوا على حذر منها، فيكون ذلك أدعى إلى الطاعة، وأزجر عن المعصية
(1)
.
وقال الألوسي: وإنما أخفى سبحانه أمر الساعة لاقتضاء الحكمة التّشريعية ذلك، فإنه أدعى إلى الطاعة، وأزجر عن المعصية، كما أن إخفاء الأجل الخاص للإنسان كذلك
(2)
.
وهذا هو السّر أيضا في إخفاء ليلة القدر وساعة الإجابة، لينشط الناس في طلبها والعمل لها في وقت أطول، وليظلّ الإنسان ملازما حال الاستقامة والدّعاء والعبادة.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلّت الآية على أحكام عديدة مستنبطة من كلّ جملة فيها، وهي ما يأتي:
1 -
لا يعلم وقت قيام الساعة، ولا مقدار شدّتها ومهابتها، ولا يعرف كنهها وحقيقتها إلا الله عز وجل، لقوله سبحانه:{إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ} [لقمان 34/ 31]، وهي محققة المجيء والحدوث؛ لقوله تعالى:{إِنَّ السّاعَةَ لَآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها} [غافر 59/ 40]، وقريبة الوقوع؛ لقوله تعالى:{إِنَّ السّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها} [طه 15/ 20]، وتقع كلمح البصر أو أقرب؛ لقوله سبحانه:
{وَما أَمْرُ السّاعَةِ إِلاّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ} [النحل 77/ 16].
2 -
إنّ يوم السّاعة عظيم الثّقل على القلوب، بسبب أنّ الخلق يصيرون
(1)
تفسير الرّازي: 80/ 15.
(2)
تفسير الألوسي: 134/ 9.
بعدها إلى البعث والحساب والسؤال، ولكون الخوف من الله في ذلك اليوم شديدا على الخلائق.
3 -
لا تجيء الساعة إلا بغتة فجأة، على حين غفلة من الخلق،
روى الحسن البصري عن النّبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «والذي نفس محمد بيده لتقومنّ الساعة، وإنّ الرّجل ليرفع اللقمة إلى فيه، حتى تحول الساعة بينه وبين ذلك» . وسمّيت القيامة بالسّاعة لوقوعها بغتة، أو لأن حساب الخلق يقضى فيها في ساعة واحدة، أو لأنها على طولها كساعة واحدة عند الخلق.
4 -
لم يكن النّبي صلى الله عليه وآله وسلم عالما بالسّاعة ولا كثير السؤال عنها.
5 -
الحكمة التّشريعية في كون وقت السّاعة مكتوما عن الخلق: هو حمل المكلّفين على المسارعة إلى التوبة، وأداء الواجبات، وسداد الحقوق إلى أصحابها.
وللسّاعة أشراط أو علامات ثلاث:
1) -ما وقع بالفعل منذ زمان مثل قتال اليهود وفتح بيت المقدس والقسطنطينية.
2) -ما حدث بعضه ويتوالى ظهوره مثل كثرة الفتن، وكثرة الدّجالين، وكثرة الزّنا، وكثرة النّساء وتشبههن بالرّجال، والمجاهرة بالكفر والإلحاد والشرك.
3) -ما سيقع قبيل قيام الساعة من علامات صغرى وكبري، مثل أن تلد الأمة ربّتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشّاء يتطاولون في البنيان، ومثل طلوع الشّمس من مغربها.