المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

{الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً} الذين: في موضع رفع؛ لأنه صفة أو - التفسير المنير - الزحيلي - جـ ٩

[وهبة الزحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌بقية قصة شعيب مع قومهمحاورته الملأ وعقابهم بالزلزلة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سنة الله في التضييق والتوسعة قبل إهلاك الأمم

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الترغيب بالإيمان لزيادة الخير والترهيب من الكفربالعذاب المبكّر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌العبرة من قصص أهل القرى

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة موسى عليه السلام مع فرعون والملأ من قومه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة

- ‌أضواء من التاريخ:

- ‌ما يستفاد من قصة موسى عليه السلام:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إيمان السّحرة بربّ العالمين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تهديد فرعون للسّحرة وإصرارهم على الإيمان بالله

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الشّبهة الأولى:

- ‌والشّبهة الثانية:

- ‌تمالؤ فرعون وملئه على موسى وقومهونصيحة موسى لقومه وحوارهم معه

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أنواع عذاب الدّنيا بآل فرعون

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌اللجوء إلى موسى لرفع العذاب ونقض العهد وإغراق فرعون وقومه

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وراثة بني إسرائيل أرض مصر والشامبعد الفراعنة والعمالقة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جحود بني إسرائيل نعم الله عليهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مناجاة موسى لربهأو مكالمة موسى ربه وطلبه رؤية الله وإنزال التوراة عليه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عقوبة التكبر والكفر بصرف المتكبرين عن فهم أدلة العظمة الإلهية

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة اتخاذ السامري العجل

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌غضب موسى وتعنيفه هارون لاتخاذ العجل إلها

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جزاء الظالمين باتخاذ العجل وقبول توبة التائبين

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌نهاية قصة اتخاذ العجل إلها

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌اختيار موسى سبعين رجلا لميقات الكلام والرؤيةومناجاته ربه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌بقية دعاء موسى عند مشاهدة الرجفةوربط الإيمان برسالته برسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عموم الرسالة الإسلامية

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌اتباع الحق لدى بعض قوم موسى ونعم الله على بني إسرائيل فيصحراء التيه

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أمر بني إسرائيل بسكنى القرية (بيت المقدس)

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حيلة اليهود على صيد الأسماك يوم السبتوعقاب المخالفين

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌أضواء من التاريخ على القصة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌رفع الجبل فوق اليهود وإذلالهم إلى يوم القيامة وتفريقهم فيالأرض واستثناء الصالحين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الميثاق العام المأخوذ على بني آدم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة بلعم بن باعوراء وأمثاله الضالين المكذبين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أسباب الهداية والضلالة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أسماء الله الحسنى

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌المهتدون والمكذبون من أمة الدعوة الإسلامية

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وهل التّفكّر أفضل أو الصّلاة

- ‌علم السّاعة عند الله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الأمور كلّها بيد الله وحده وعلم الغيب مختصّ بالله تعالى وحقيقة الرّسالة

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌التذكير بالنشأة الأولى والأمر بالتوحيد واتباع القرآنوالنهي عن الشرك

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌واقع الأصنام والأوثان المعبودة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أصول الأخلاق الاجتماعية ومقاومة الشيطان

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌اتّباع النّبي صلى الله عليه وآله وسلم الوحي الإلهي وخصائص القرآن

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الاستماع للقرآن وطريقة الذّكر

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النّزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وهل يحتاج السّاجد إلى تحريم ورفع يدين وتكبير وتسليم

- ‌سورة الأنفال

- ‌ومناسبتها لسورة الأعراف:

- ‌ما اشتملت عليه هذه السّورة:

- ‌السّور المكيّة والمدنيّة:

- ‌أما السّور المكيّة:

- ‌وأما السّور المدنيّة:

- ‌وأمّا سورة الأنفال:

- ‌السؤال عن حكم قسمة الغنائم وبيان أوصاف المؤمنين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول: نزول الآية (1):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌كراهية بعض المؤمنين قتال قريش في بدر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌أضواء من السيرة على موقعة بدر:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الإمداد بالملائكة في معركة بدر وإلقاء النعاس وإنزال المطر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الفرار من الزحف والنصر من عند الله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (19):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الأمر بطاعة الله والرسول والتحذير من المخالفة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الاستجابة لما فيه الحياة الأبدية

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌خيانة الله والرسول وخيانة الأمانة

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تقوى الله وفضلها

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌النوع الأول:

- ‌النوع الثاني:

- ‌النوع الثالث:

- ‌ألوان الكيد والمؤامرة من المشركين على النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (30):

- ‌نزول الآية (31):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌طلب المشركين الإتيان بالعذاب ومنع تعذيبهم إكراما للنّبي صلى الله عليه وآله وسلموأوضاع صلاتهم عند البيت الحرام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النّزول:

- ‌نزول الآية (32):

- ‌نزول الآية (33):

- ‌نزول الآية (35):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إهدار ثواب الإنفاق للصّدّ عن سبيل الله

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النّزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التّفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌المغفرة للكفّار إذا أسلموا وقتالهم إذا لم يسلموا لمنع الفتنة في الدّين

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

الفصل: {الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً} الذين: في موضع رفع؛ لأنه صفة أو

{الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً} الذين: في موضع رفع؛ لأنه صفة أو بدل من الذين كفروا في قوله تعالى: {وَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا} .... ويجوز أن يكون في موضع مبتدأ مرفوع، وخبره جملة {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا} واسمها محذوف أي كأنهم ويجوز أن يكون خبره جملة {الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ} و {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا} في موضع نصب على الحال.

‌البلاغة:

{عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا} : تقديم الجار والمجرور لإفادة الحصر، وإظهار الاسم الجليل للمبالغة في التضرع.

‌المفردات اللغوية:

{أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا} ترجعن إلى ديننا، وغلبوا في الخطاب الجمع على الواحد؛ لأن شعيبا لم يكن في ملتهم قط. وعلى نحوه أجاب بقوله: أنعود فيها ولو كنا كارهين؟ والاستفهام للإنكار.

وما يكون لنا ينبغي {وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً} أي وسع علمه كل شيء، ومنه حالي وحالكم {رَبَّنَا افْتَحْ} احكم، والفاتح: الحاكم {الْفاتِحِينَ} الحاكمين. والفتاح: الحاكم، بطريق المبالغة. {وَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ} أي قال بعضهم لبعض.

{الرَّجْفَةُ} الزلزلة الشديدة، وأصل معنى الرجفة: الحركة والاضطراب {جاثِمِينَ} باركين على الركب، ميتين لم يغنوا فيها يقيموا في ديارهم.

{الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ} التأكيد بإعادة الموصول وغيره للرد عليهم في قولهم السابق: {لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ} .

{فَتَوَلّى} أعرض {وَنَصَحْتُ لَكُمْ} فلم تؤمنوا {فَكَيْفَ آسى} أحزن {عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ} استفهام بمعنى النفي.

‌التفسير والبيان:

هذه تتمة قصة شعيب مع قومه تضمنت موضوعين: الأول-محاورة شعيب لأشراف قومه، وبيان عاقبة الكافرين بإنزال العذاب العام عليهم.

أما المحاورة: فقال زعماء القوم الذين تكبروا عن الإيمان وعن اتباع ما أمرهم

ص: 6

به وما نهاهم عنه من عبادة الله وحده، وإيفاء الكيل والميزان، وعدم الفساد في الأرض، وإنذارهم بالعذاب بقوله: فاصبروا، قالوا في توعدهم شعيبا ومن معه من المؤمنين: قسما {لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ} ومن آمن معك من بلادنا كلها، أو لترجعن إلى ملتنا وديننا الموروث عن الآباء.

وهذا تهديد منهم بأحد أمرين: إما النفي والطرد من القرية، وإما الإكراه والقهر على الرجوع في ملتهم. وهذا الخطاب مع الرسول شعيب، والمراد أتباعه الذين كانوا معه على الملة.

قال شعيب مستفهما استفهاما إنكاريا ومتعجبا: أتفعلون ذلك وتأمروننا بالعود في ملتكم، ولو كنا كارهين ما تدعونا إليه من أحد الأمرين؟.

إنكم تجهلون ما نحن عليه من ثبات العقيدة في القلب، فلا ينزعها أحد، وتجهلون أن حب الوطن لا يزعزع العقيدة، ولا يجعلنا نؤثر الإقامة في بلادنا على مرضاة الله بتوحيده وعبادته واتباع أوامره.

ثم أعلن رفضه التام العودة إلى ملة الكفر قائلا: إنا إذا رجعنا إلى ملتكم واتبعنا دينكم القائم على الشرك، فقد أعظمنا الفرية على الله في جعل الشركاء معه أندادا، بعد أن نجانا الله من تلك الملة الباطلة، وهدانا إلى ملة التوحيد واتباع الصراط المستقيم.

إن هذا لأمر عجيب. وهذا تنفير من شعيب عن اتباعهم.

وقوله: {إِذْ نَجّانَا} أي نجّى أصحابنا منها، من طريق التغليب بإدخال نفسه في زمرتهم، مع أن الأنبياء معصومون من الكفر.

{وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها..} . أي ما ينبغي لنا وليس من شأننا أن نعود في ملتكم أبدا، ولن يحوّلنا أحد عما نحن فيه من الاستقامة، لاعتقادنا الجازم أننا على الحق الأبلج، وأنتم على الملة الباطلة-ملة الكفر والشرك. لكن إيمانا منا بمشيئة الله يجعلنا نفوض الأمر لله، فإن شاء الله الذي يعلم كل شيء، وله

ص: 7

الحكمة البالغة في كل شيء، أن يفعل شيئا، فذلك مرجعه إلى الله؛ لأنه المتصرف في أمورنا كلها. وهذا تأكيد لرفض العود إلى ملتهم بأبلغ التأكيد. ولا طمع لكم في مشيئة الله الذي يثبّت عباده المخلصين على الإيمان والقول الثابت في الحياة الدنيا أن يعيدنا إلى الضلال؛ لأن الله متعال عن أن يشاء ردة المؤمنين وعودهم إلى الكفر، فذلك خارج عن الحكمة.

إن الله تعالى أحاط علمه بكل شيء، فهو واسع العلم، كثير الفضل، يتصرف بحكمة، ومشيئته تكون بحسب الحكمة، ولا يشاء إلا الخير للناس. ومعنى الآية: أنه عالم بكل شيء مما كان ومما يكون، فهو يعلم أحوال عباده كيف تتحول، وقلوبهم كيف تتقلب، وكيف تقسو بعد الرقة، وتمرض بعد الصحة، وترجع إلى الكفر بعد الإيمان.

و {عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا} في أمورنا، مع القيام بما يجب علينا من الحفاظ على شرعه ودينه، وتوكلنا في أن يثبتنا على الإيمان، ويوفقنا لازدياد اليقين:{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق 3/ 65] ومن شروط التوكل الصحيح تنفيذ الأحكام الشرعية ومراعاة السنن المطلوبة في الحياة من اتخاذ الأسباب ثم تفويض الأمر إلى الله تعالى.

سأل أعرابي النبي صلى الله عليه وآله وسلم أيعقل ناقته أم يتركها سائبة ويتوكل على الله؟ فأجابه فيما روى الترمذي: «اعقلها وتوكل» .

وهذا رفض آخر للمساومة ومحاولة إعادتهم إلى ملتهم بالدليل.

ثم دعا شعيب على قومه لما يئس منهم فقال: ربنا احكم بيننا وبين قومنا بالحق، وانصرنا عليهم، {وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ} مثل قوله:{وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ} [الأعراف 87/ 7] أي إنك العادل الذي لا يجور أبدا، تحكم بالحق في النزاع بين المرسلين والكافرين، وبين المحقين والمبطلين.

ثم بعد أن يئس الكفار من عودة المؤمنين برسالة شعيب إلى ملتهم، لجؤوا إلى

ص: 8

استخدام التهديد والوعيد، فقال أشرافهم لمن دونهم من المستضعفين المؤمنين، لتثبيطهم عن الإيمان: تالله لئن اتبعتم شعيبا فيما يقول وآمنتم به إنكم لخاسرون خسارة معنوية في فعلكم بترككم ملة الآباء والأجداد العريقين إلى دين جديد يدعوكم إليه، لم تألفوه، ولم تعرفوا مصداقيته، وخاسرون خسارة مادية إذ لم تزيدوا ثروتكم بتطفيف الكيل والميزان وأخذ أموال الآخرين؛ وتخسرون باتباع شعيب فوائد البخس والتطفيف؛ لأنه ينهاكم عنهما، ويحملكم على الإيفاء والتسوية.

ويلاحظ أن القرآن وصف الأشراف والسادة أولا بالاستكبار عن الإيمان بالله وبرسالة شعيب عليه السلام، ثم وصفهم بالإغواء والإضلال ومحاولة تكفير المؤمنين بشعيب، ثم وصفهم بالكفر والإرهاب ثم أعقب ذلك ببيان عاقبة أمرهم وتعذيبهم فقال:{فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ..} . أي إنهم أبيدوا وأهلكوا بالزلزلة الشديدة، والصيحة المرعبة، كما أرجفوا شعيبا وأصحابه وتوعدوهم بالطرد والإجلاء، فأصبحوا منكبين على وجوههم ميتين. وقد عبر عن عذابهم هنا بالرجفة، وفي سورة هود بالصيحة كعذاب ثمود؛ لأن الرجفة أي الزلزلة لا تنفك عن الصيحة العظيمة الهائلة:{كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ} [هود 95/ 11].

وفي سورة الشعراء بيّن سبحانه أنه أرسل شعيبا إلى أصحاب الأيكة وهم إخوة مدين في النسب، والأيكة: الغيضة بين ساحل البحر ومدين، وكان عذاب مدين بالصيحة والرجفة المصاحبة لها. وعذاب أصحاب الأيكة بالسّموم والحر الشديد بعد أن تجمعوا تحت ظلّة من السحاب يتفيئون بظلها من وهج الشمس، فأمطرت عليهم نارا فاحترقوا. فالظلة: هي سحابة أظلتهم فيها شرر من نار ولهب ووهج عظيم. والخلاصة: لقد اجتمع على قوم شعيب ذلك كله، أصابهم عذاب يوم الظلة، ثم جاءتهم صيحة من السماء، ورجفة من الأرض شديدة من

ص: 9

أسفل منهم، فزهقت أرواحهم وجمدت أجسامهم

(1)

.

فمن الخاسر إذن؟ الحقيقة أن الذين كذبوا شعيبا هم الخاسرون على سبيل الحصر، وهم المخصوصون بأن أهلكوا واستؤصلوا، كأن لم يقيموا في دارهم، وهو رد على قولهم السابق:{لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ} والمراد من هذا الرد:

المبالغة في الذم والتوبيخ، وأما الإعادة فهي لتعظيم الأمر وتفخيمه وتهويل ما يستحقون من الجزاء على جهلهم، لذا كرر قوله:{الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً} .

الحق أن الكافرين هم الذين خسروا خسرانا عظيما في الدنيا والآخرة، دون المؤمنين؛ لأن الذين اتبعوا شعيبا قد أنجاهم الله، فهم الرابحون. كما قال تعالى:

{وَلَمّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنّا، وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ، فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ} [هود 94/ 11].

وفي هذا دلالة واضحة على أن العاقبة للمتقين، والربح الحقيقي لمن يأكل الحلال، ويترفع عن الحرام، وأن الدمار والهلاك والإفلاس للكافرين الذين ينغمسون في الحرام، ويأكلون أموال الناس بالباطل.

وأما شعيب فقد أدبر عنهم وتولى عنهم بعد ما أصابهم من العذاب والنقمة والنكال، وقال موبخا لهم ومقرعا:{يا قَوْمِ، لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي، وَنَصَحْتُ لَكُمْ} أي قد أديت إليكم ما أرسلت به، فلا آسف عليكم، وقد كفرتم بما جئتكم به، كما قال:{فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ} ؟! أي فكيف أحزن على قوم أنكروا وحدانية الله، وكذبوا رسوله، ولقد أعذر من أنذر. قال الكلبي:

خرج من بين أظهرهم، ولم يعذب قوم نبي حتى أخرج من بينهم.

(1)

تفسير ابن كثير: 232/ 2.

ص: 10