المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌البلاغة: بين {الْحَسَنَةُ} و {سَيِّئَةٌ} طباق. وبين {طائِرُهُمْ} و {يَطَّيَّرُوا} - التفسير المنير - الزحيلي - جـ ٩

[وهبة الزحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌بقية قصة شعيب مع قومهمحاورته الملأ وعقابهم بالزلزلة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سنة الله في التضييق والتوسعة قبل إهلاك الأمم

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الترغيب بالإيمان لزيادة الخير والترهيب من الكفربالعذاب المبكّر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌العبرة من قصص أهل القرى

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة موسى عليه السلام مع فرعون والملأ من قومه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة

- ‌أضواء من التاريخ:

- ‌ما يستفاد من قصة موسى عليه السلام:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إيمان السّحرة بربّ العالمين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تهديد فرعون للسّحرة وإصرارهم على الإيمان بالله

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الشّبهة الأولى:

- ‌والشّبهة الثانية:

- ‌تمالؤ فرعون وملئه على موسى وقومهونصيحة موسى لقومه وحوارهم معه

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أنواع عذاب الدّنيا بآل فرعون

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌اللجوء إلى موسى لرفع العذاب ونقض العهد وإغراق فرعون وقومه

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وراثة بني إسرائيل أرض مصر والشامبعد الفراعنة والعمالقة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جحود بني إسرائيل نعم الله عليهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مناجاة موسى لربهأو مكالمة موسى ربه وطلبه رؤية الله وإنزال التوراة عليه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عقوبة التكبر والكفر بصرف المتكبرين عن فهم أدلة العظمة الإلهية

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة اتخاذ السامري العجل

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌غضب موسى وتعنيفه هارون لاتخاذ العجل إلها

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جزاء الظالمين باتخاذ العجل وقبول توبة التائبين

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌نهاية قصة اتخاذ العجل إلها

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌اختيار موسى سبعين رجلا لميقات الكلام والرؤيةومناجاته ربه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌بقية دعاء موسى عند مشاهدة الرجفةوربط الإيمان برسالته برسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عموم الرسالة الإسلامية

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌اتباع الحق لدى بعض قوم موسى ونعم الله على بني إسرائيل فيصحراء التيه

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أمر بني إسرائيل بسكنى القرية (بيت المقدس)

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حيلة اليهود على صيد الأسماك يوم السبتوعقاب المخالفين

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌أضواء من التاريخ على القصة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌رفع الجبل فوق اليهود وإذلالهم إلى يوم القيامة وتفريقهم فيالأرض واستثناء الصالحين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الميثاق العام المأخوذ على بني آدم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة بلعم بن باعوراء وأمثاله الضالين المكذبين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أسباب الهداية والضلالة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أسماء الله الحسنى

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌المهتدون والمكذبون من أمة الدعوة الإسلامية

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وهل التّفكّر أفضل أو الصّلاة

- ‌علم السّاعة عند الله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الأمور كلّها بيد الله وحده وعلم الغيب مختصّ بالله تعالى وحقيقة الرّسالة

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌التذكير بالنشأة الأولى والأمر بالتوحيد واتباع القرآنوالنهي عن الشرك

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌واقع الأصنام والأوثان المعبودة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أصول الأخلاق الاجتماعية ومقاومة الشيطان

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌اتّباع النّبي صلى الله عليه وآله وسلم الوحي الإلهي وخصائص القرآن

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الاستماع للقرآن وطريقة الذّكر

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النّزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وهل يحتاج السّاجد إلى تحريم ورفع يدين وتكبير وتسليم

- ‌سورة الأنفال

- ‌ومناسبتها لسورة الأعراف:

- ‌ما اشتملت عليه هذه السّورة:

- ‌السّور المكيّة والمدنيّة:

- ‌أما السّور المكيّة:

- ‌وأما السّور المدنيّة:

- ‌وأمّا سورة الأنفال:

- ‌السؤال عن حكم قسمة الغنائم وبيان أوصاف المؤمنين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول: نزول الآية (1):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌كراهية بعض المؤمنين قتال قريش في بدر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌أضواء من السيرة على موقعة بدر:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الإمداد بالملائكة في معركة بدر وإلقاء النعاس وإنزال المطر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الفرار من الزحف والنصر من عند الله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (19):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الأمر بطاعة الله والرسول والتحذير من المخالفة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الاستجابة لما فيه الحياة الأبدية

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌خيانة الله والرسول وخيانة الأمانة

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تقوى الله وفضلها

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌النوع الأول:

- ‌النوع الثاني:

- ‌النوع الثالث:

- ‌ألوان الكيد والمؤامرة من المشركين على النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (30):

- ‌نزول الآية (31):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌طلب المشركين الإتيان بالعذاب ومنع تعذيبهم إكراما للنّبي صلى الله عليه وآله وسلموأوضاع صلاتهم عند البيت الحرام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النّزول:

- ‌نزول الآية (32):

- ‌نزول الآية (33):

- ‌نزول الآية (35):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إهدار ثواب الإنفاق للصّدّ عن سبيل الله

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النّزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التّفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌المغفرة للكفّار إذا أسلموا وقتالهم إذا لم يسلموا لمنع الفتنة في الدّين

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

الفصل: ‌ ‌البلاغة: بين {الْحَسَنَةُ} و {سَيِّئَةٌ} طباق. وبين {طائِرُهُمْ} و {يَطَّيَّرُوا}

‌البلاغة:

بين {الْحَسَنَةُ} و {سَيِّئَةٌ} طباق.

وبين {طائِرُهُمْ} و {يَطَّيَّرُوا} جناس اشتقاق.

‌المفردات اللغوية:

{وَلَقَدْ أَخَذْنا} كثر استعمال الأخذ في العذاب، كقوله:{وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى، وَهِيَ ظالِمَةٌ، إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود 102/ 11]. {آلَ فِرْعَوْنَ} قومه وخاصته، وهم الملأ من قومه، ولا يستعمل الآل إلا فيمن يختص بقرابة مثل:{وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ} [آل عمران 33/ 3] أو يختصّ بموالاة ومتابعة في الرّأي مثل: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ} [غافر 46/ 40].

{بِالسِّنِينَ} جمع سنة وهي الحول، لكن كثر استعمالها في حول الجدب والقحط، كما هنا، فيكون المراد منها القحط، بدليل نقص الثّمرات {يَذَّكَّرُونَ} يتّعظون فيؤمنوا. {الْحَسَنَةُ} الخصب والنّماء والرّخاء. {قالُوا: لَنا هذِهِ} أي نستحقها ولم يشكروا عليها. {سَيِّئَةٌ} جدب أو بلاء في الأنفس والأرزاق. {يَطَّيَّرُوا} يتشاءموا ويتطايروا، وأطلق التّطير على التّشاؤم أخذا بعادة العرب في زجر الطّير، فكانوا يتأمّلون الخير إذا طار الطائر يمينا ويسمّونه (السّائح) ويتوقّعون الشّرّ إذا طار شمالا، ويسمّونه (البارح). {طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ} ما قضي لهم وقدّر، والمراد به أن شؤمهم: هو عقابهم الموعود به في الآخرة. وعند الله: أي يأتيهم به {وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} أن ما يصيبهم به من عنده.

{الطُّوفانَ} هو ماء دخل بيوتهم، ووصل إلى حلوق الجالسين سبعة أيّام. {الْجَرادَ} طائر معروف يأكل النبات، وقد أكل زرعهم وثمارهم أيضا. {وَالْقُمَّلَ} هو السّوس الذي ينخر الحنطة، وقيل: هو الدّود أو القراد الذي يأكل الزرع، ويتبع ما أكله الجراد. {وَالضَّفادِعَ} المعروفة، فملأت بيوتهم وطعامهم. {وَالدَّمَ} هو الرّعاف، وقيل: هو دمّ كان يحدث في مياه المصريين. {مُفَصَّلاتٍ} بيّنات. {فَاسْتَكْبَرُوا} عن الإيمان بها.

‌التفسير والبيان:

هذا هو الفصل الثّامن من قصّة موسى مع فرعون، وهو فصل الجزاء والعقاب أو الآيات التي أنزلها الله على فرعون وقومه، فبعد أن بشّر موسى عليه السلام قومه بإنزال العذاب على فرعون وقومه بقوله: {عَسى رَبُّكُمْ أَنْ

ص: 58

يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ} ذكر هنا ألوان العذاب قبل حلول عذاب الاستئصال، للتّحذير والزّجر وتنبيه السّامعين من خطر الكفر والتّكذيب. وأما عذاب الاستئصال فهو إغراق فرعون في اليمّ ونجاة بني إسرائيل.

وقد ذكر الله تعالى في سورة الإسراء أن الآيات أي آيات العقاب تسع، بقوله:{وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ..} . [101].

وذكر هنا سبع آيات، ويضاف إليها المذكور في سورة يونس، وهو:{وَقالَ مُوسى: رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالاً فِي الْحَياةِ الدُّنْيا، رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ، رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ، وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ، فَلا يُؤْمِنُوا حَتّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ} [88]، والطّمس على الأموال: هو محقها وهلاكها.

وفسّر البيضاوي الآيات التّسع بأنها آيات أرسل بها موسى إلى بني إسرائيل، وهي أحكام أمروا بالأخذ بها آيات عقاب، عوقب بها فرعون وجنوده، وهي: العصا، واليد، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، وانفجار الماء من الحجر، وفلق البحر، ونتق الطّور على بني إسرائيل. وقيل: الطّوفان، والسّنون، ونقص الثّمرات؛ مكان الثّلاث الأخيرة.

والواقع أنّ فلق البحر إنّما كان بعد تمام الآيات، وانبجاس الحجر بالماء إنما كان بعد هلاك فرعون، فلا يصحّ أن يكون آية لفرعون وقومه. وأمّا العصا واليد فهما معجزتان لموسى عليه السلام، وليستا آيتي عذاب. فيكون في تقديري مجموع الآيات هكذا: السّنون، نقص الأموال، نقص الأنفس، نقص الثّمرات، الطّوفان، الجراد، القمّل، الضّفادع، الدّم

(1)

. سبع منها مذكور هنا في سورة الأعراف، وواحدة مذكورة في سورة يونس، كما أبنت، أمّا نقص الأنفس فهو

(1)

قصص الأنبياء للنّجار: ص 198.

ص: 59

ناجم عادة عن الجدب، ونقص الثّمار، والطّوفان، قال مجاهد وعطاء:

الطّوفان: الموت.

ومعنى الآيات هنا: ولقد اختبرنا آل فرعون وامتحنّاهم وابتليناهم بسنين الجوع بسبب قلّة الزّروع، أي في البادية، وبنقص الثّمرات، أي في الأمطار، قال رجاء بن حيوة:«كانت النّخلة لا تحمل إلا ثمرة واحدة» ، ثم قال تعالى:

{لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} أي ليتذكّروا ويتّعظوا ويرجعوا عن كفرهم وتكذيبهم لآيات الله وعن ظلمهم لبني إسرائيل، ويؤمنوا بالله ربّا، ويستجيبوا لدعوة موسى عليه السلام؛ لأنّ من سنّته تعالى أن يرسل الزّواجر تنبيهات، ودلّت التّجارب على أنّ الشّدائد تليّن النّفوس، فتكون المصائب والآفات ونقص الثّمرات سببا في رجوع الناس إلى الله تعالى، فإن عادوا إلى ربّهم واهتدوا كان الخير والرّخاء، وإن أعرضوا كان القحط والجدب والهلاك المحتوم، وقد أعرض آل فرعون عن الاستجابة لدعوة موسى بعد أن أنذرهم، فكانوا من الهالكين.

ثم بيّن الله تعالى أنّ المصائب زادت آل فرعون عتوّا وبغيا، فقال:{فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ..} . أي إذا جاءهم الخصب والرّزق وزيادة الثّمار والمواشي قالوا:

لنا هذه، يعني هذا لنا بما نستحقّه من العمل والمعرفة والتّفوّق، وإن أصابتهم سيئة، أي جدب وقحط، تشاءموا بموسى ومن معه، وقالوا: هذا بسببهم وما جاؤوا به، وغفلوا عن واجب شكر نعمة الله، وعن سيئاتهم وفساد أعمالهم وشرور أنفسهم، كما قال تعالى في حقّ النّبي صلى الله عليه وآله وسلم:{وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا:}

{هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا: هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ، قُلْ: كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ} [النساء 78/ 4].

ثمّ ردّ الله عليهم بقوله: {أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ} أي إن كلّ ما يصيبهم من خير أو شرّ، فهو بقضاء الله وقدره، فالله جعل الخير ابتلاء ليعرف الشاكر

ص: 60

من الجاحد، وجعل الشّر ابتلاء أيضا ليعرف الصابر من الساخط، وليرجع أهل الغي والفساد عن غيّهم وفسادهم، ويقلعوا عن طغيانهم وضلالهم. والله تعالى أيضا جعل أعمال العباد سببا لما ينزل بهم من خير وشرّ غالبا. قال الزّمخشري في تفسير {طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ}: أي سبب خيرهم وشرّهم عند الله، وهو حكمه ومشيئته، والله هو الذي يشاء ما يصيبهم من الحسنة والسّيئة، وليس شؤم أحد ولا يمنه بسبب فيه، كقوله تعالى:{قُلْ: كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ} ويجوز أن يكون معناه: ألا إنما سبب شؤمهم عند الله، وهو عملهم المكتوب عنده الذي يجري عليهم ما يسوؤهم لأجله، ويعاقبون عليه بعد موتهم بما وعدهم الله في قوله سبحانه:{النّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها} [غافر 46/ 40].

(1)

ولكن أكثر الناس لا يعلمون حكمة الله في تصريف الكون، ولا يعلمون كيفية ارتباط الأسباب بالمسببات، ولا أن الأمور تجري بالمقادير، وأنّ كل شيء عنده بمقدار، فليس الشؤم بسبب موسى وقومه، وإنما بسبب سوء العمل، وبمقتضى النظام الإلهي في قانون السّببية المذكور.

وفضلا عن أن كلاّ من الحسنات والسيئات لم تذكّرهم بما يجب عليهم نحو ربّهم، فإنهم تمرّدوا وعتوا، وعاندوا الحق، وأصرّوا على الباطل بقولهم لموسى: إن أي آية جئتنا بها، وأي حجّة ودلالة أظهرتها لنا، وأثبتها لإقناعنا وصرفنا عما نحن عليه من ديننا، رددناها ولم نقبلها منك، ولا نؤمن بك ولا بما جئت به، ولا نصدّق برسالتك وقولك أبدا.

لذا عاقبهم الله على كفرهم وتكذيبهم وجرائمهم، فأرسل عليهم الطّوفان:

وهو كثرة الأمطار المتلفة للزروع والثمار، كما قال ابن عباس، فالطّوفان:

ما طاف بهم وغلبهم من مطر أو سيل.

(1)

الكشاف: 568/ 1 - 569.

ص: 61

وأرسل عليهم الجراد، فأكلت كلّ زروعهم وثمارهم، ثم أكلت كل شيء، حتى الأبواب وسقوف البيوت والثياب. ولم يدخل بيوت بني إسرائيل منها شيء، ففزعوا إلى موسى، فكشف عنهم بعد سبعة أيام. خرج موسى عليه السلام إلى الفضاء، فأشار بعصاه نحو المشرق والمغرب، فرجع الجراد إلى النّواحي التي جاء منها، فقالوا: ما نحن بتاركي ديننا.

فأقاموا شهرا، فسلّط عليهم القمّل: وهو كبار القراد، أو السّوس، فأكل ما أبقاه الجراد، ولحس الأرض، أو صغار الذّباب أو البراغيث أو القمل المعروف الذي يلدغ ويمصّ الدّم، أي أنّه سلّط عليهم بعد الجراد من الآفات الزراعية من صغار الذّر كالدودة، فأكلت الزّروع واستأصلت كلّ شيء أخضر. ثم فزعوا إلى موسى فكشف عنهم، ثم عادوا إلى ما كانوا عليه.

فأرسل الله الضّفادع، فدخلت بيوتهم، وامتلأت منها آنيتهم وأطعمتهم، وكان الرجل إذا أراد أن يتكلّم وثبت الضفدع إلى فمه، وامتلأت منها مضاجعهم فلا يقدرون على الرّقاد، وكانت تقذف بأنفسها في القدور وهي تغلي، وفي التنانير وهي تفور، فشكوا إلى موسى، وقالوا: ارحمنا هذه المرة، فما بقي إلا أن نتوب التوبة النصوح، ولا نعود، فأخذ عليهم العهود، ودعا فكشف الله عنهم، ثم نقضوا العهد.

فأرسل الله عليهم الدّم، أي تحوّلت مياههم إلى دم، فكانوا إذا ما استقوا من الأنهار والآبار، وجدوه دما عبيطا، فشكوا إلى فرعون، فقال: إنه قد سحركم، فكان يجمع بين القبطي والإسرائيلي على إناء واحد، فيكون ما يلي الإسرائيلي ماء، وما يلي القبطي دما.

كلّ ذلك آيات مفصّلات أي واضحات بيّنات ظاهرات، لا يشكل على عاقل أنها من عند الله، ولا يقدر عليها غيره، وأنها عبرة ونقمة على كفرهم، وهي دالّة

ص: 62