المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المفردات اللغوية: {مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ} أي من آدم، أو - التفسير المنير - الزحيلي - جـ ٩

[وهبة الزحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌بقية قصة شعيب مع قومهمحاورته الملأ وعقابهم بالزلزلة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سنة الله في التضييق والتوسعة قبل إهلاك الأمم

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الترغيب بالإيمان لزيادة الخير والترهيب من الكفربالعذاب المبكّر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌العبرة من قصص أهل القرى

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة موسى عليه السلام مع فرعون والملأ من قومه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة

- ‌أضواء من التاريخ:

- ‌ما يستفاد من قصة موسى عليه السلام:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إيمان السّحرة بربّ العالمين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تهديد فرعون للسّحرة وإصرارهم على الإيمان بالله

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الشّبهة الأولى:

- ‌والشّبهة الثانية:

- ‌تمالؤ فرعون وملئه على موسى وقومهونصيحة موسى لقومه وحوارهم معه

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أنواع عذاب الدّنيا بآل فرعون

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌اللجوء إلى موسى لرفع العذاب ونقض العهد وإغراق فرعون وقومه

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وراثة بني إسرائيل أرض مصر والشامبعد الفراعنة والعمالقة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جحود بني إسرائيل نعم الله عليهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مناجاة موسى لربهأو مكالمة موسى ربه وطلبه رؤية الله وإنزال التوراة عليه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عقوبة التكبر والكفر بصرف المتكبرين عن فهم أدلة العظمة الإلهية

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة اتخاذ السامري العجل

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌غضب موسى وتعنيفه هارون لاتخاذ العجل إلها

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جزاء الظالمين باتخاذ العجل وقبول توبة التائبين

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌نهاية قصة اتخاذ العجل إلها

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌اختيار موسى سبعين رجلا لميقات الكلام والرؤيةومناجاته ربه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌بقية دعاء موسى عند مشاهدة الرجفةوربط الإيمان برسالته برسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عموم الرسالة الإسلامية

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌اتباع الحق لدى بعض قوم موسى ونعم الله على بني إسرائيل فيصحراء التيه

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أمر بني إسرائيل بسكنى القرية (بيت المقدس)

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حيلة اليهود على صيد الأسماك يوم السبتوعقاب المخالفين

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌أضواء من التاريخ على القصة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌رفع الجبل فوق اليهود وإذلالهم إلى يوم القيامة وتفريقهم فيالأرض واستثناء الصالحين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الميثاق العام المأخوذ على بني آدم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة بلعم بن باعوراء وأمثاله الضالين المكذبين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أسباب الهداية والضلالة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أسماء الله الحسنى

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌المهتدون والمكذبون من أمة الدعوة الإسلامية

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وهل التّفكّر أفضل أو الصّلاة

- ‌علم السّاعة عند الله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الأمور كلّها بيد الله وحده وعلم الغيب مختصّ بالله تعالى وحقيقة الرّسالة

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌التذكير بالنشأة الأولى والأمر بالتوحيد واتباع القرآنوالنهي عن الشرك

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌واقع الأصنام والأوثان المعبودة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أصول الأخلاق الاجتماعية ومقاومة الشيطان

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌اتّباع النّبي صلى الله عليه وآله وسلم الوحي الإلهي وخصائص القرآن

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الاستماع للقرآن وطريقة الذّكر

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النّزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وهل يحتاج السّاجد إلى تحريم ورفع يدين وتكبير وتسليم

- ‌سورة الأنفال

- ‌ومناسبتها لسورة الأعراف:

- ‌ما اشتملت عليه هذه السّورة:

- ‌السّور المكيّة والمدنيّة:

- ‌أما السّور المكيّة:

- ‌وأما السّور المدنيّة:

- ‌وأمّا سورة الأنفال:

- ‌السؤال عن حكم قسمة الغنائم وبيان أوصاف المؤمنين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول: نزول الآية (1):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌كراهية بعض المؤمنين قتال قريش في بدر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌أضواء من السيرة على موقعة بدر:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الإمداد بالملائكة في معركة بدر وإلقاء النعاس وإنزال المطر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الفرار من الزحف والنصر من عند الله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (19):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الأمر بطاعة الله والرسول والتحذير من المخالفة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الاستجابة لما فيه الحياة الأبدية

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌خيانة الله والرسول وخيانة الأمانة

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تقوى الله وفضلها

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌النوع الأول:

- ‌النوع الثاني:

- ‌النوع الثالث:

- ‌ألوان الكيد والمؤامرة من المشركين على النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (30):

- ‌نزول الآية (31):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌طلب المشركين الإتيان بالعذاب ومنع تعذيبهم إكراما للنّبي صلى الله عليه وآله وسلموأوضاع صلاتهم عند البيت الحرام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النّزول:

- ‌نزول الآية (32):

- ‌نزول الآية (33):

- ‌نزول الآية (35):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إهدار ثواب الإنفاق للصّدّ عن سبيل الله

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النّزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التّفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌المغفرة للكفّار إذا أسلموا وقتالهم إذا لم يسلموا لمنع الفتنة في الدّين

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

الفصل: ‌ ‌المفردات اللغوية: {مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ} أي من آدم، أو

‌المفردات اللغوية:

{مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ} أي من آدم، أو من جنس واحد {وَجَعَلَ} خلق زوجها حواء {لِيَسْكُنَ إِلَيْها} ليأنس بها ويطمئن إليها ويألفها {تَغَشّاها} جامعها، مثل غشيها {حَمَلَتْ} علقت منه {حَمْلاً خَفِيفاً} هو النطفة، والحمل بفتح الحاء: ما كان في بطن أو على شجرة، وبالكسر: ما كان على ظهر {فَمَرَّتْ بِهِ} استمرت حاملة له إلى وقت ميلاده {فَلَمّا أَثْقَلَتْ} صار الحمل ثقيلا وقرب وضعها {صالِحاً} أي ولدا أو نسلا صالحا أي سويا سليما في الجسم والفطرة {فَتَعالَى اللهُ} تعاظم وتنزه عن الشريك والولد {عَمّا يُشْرِكُونَ} أي أهل مكة به من الأصنام.

وأجريت الأصنام مجرى العقلاء أولي العلم في قوله: {وَهُمْ يُخْلَقُونَ} بناء على اعتقادهم فيها وتسميتهم إياها آلهة. والمعنى: أيشركون ما لا يقدر على خلق شيء كما يخلق الله وهم يخلقون.

وجملة {فَتَعالَى..} . عطف على {خَلَقَكُمْ} وما بينهما اعتراض.

‌المناسبة:

موضوع الآيات عود على بدء، فقد بدئت السورة بالكلام عن التوحيد واتباع القرآن، ثم ختمت بالكلام عن التوحيد وعن القرآن، والتذكير بالنشأة الأولى، كما ذكّر بها سابقا، لترسيخ العقيدة بوجود الله ووحدانيته، والامتناع عن الشرك، والعهد عن وسوسة الشيطان.

‌التفسير والبيان:

الله هو الذي خلقكم في الأصل من نفس واحدة، قال جمهور المفسرين:

المراد بالنفس الواحدة: آدم عليه السلام، ثم خلق منه زوجته حواء، ثم انتشر الناس منهما، كما قال تعالى:{يا أَيُّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى، وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا} [الحجرات 13/ 49] وقال تعالى: {يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ، وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها، وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً} [النساء 1/ 4].

ورأى بعض المفسرين أن المعنى: خلقكم من جنس واحد وطبيعة واحدة،

ص: 200

وجعل زوجه من جنسه، ليسكن إليها، ويطمئن بها، كما خلق من كل الأنواع زوجين اثنين، كما قال عز وجل:{وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ، لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الذاريات 49/ 51].

وقوله: {لِيَسْكُنَ إِلَيْها} أي ليأنس بها ويطمئن ويألفها، كقوله تعالى:{وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً، لِتَسْكُنُوا إِلَيْها، وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم 21/ 30] وهذا التآلف قائم في أعماق كل من الرجل والمرأة، ففي عهد الشباب لا تسكن النفس إلا بالاقتران بزوج آخر، ولا نجد ألفة بين روحين أعظم مما بين الزوجين، والجنس ميال بطبيعته إلى جنسه، والتعاون على شؤون الحياة يحتاج إلى التزاوج، وبقاء النوع الإنسان مرهون بهذا الترابط بين الجنسين: الذكر والأنثى.

ثم ذكر الله تعالى ثمرة هذا التزاوج بين الرجل والمرأة فقال: {فَلَمّا تَغَشّاها} وهو كناية عن الوقاع، أي فلما حدث الوط ء أو الوقاع أو الجماع بين الجنسين، بدأ تكون الجنين، وحدث الحمل الخفيف، وهو أول الحمل الذي لا تجد فيه المرأة ثقلا ولا ألما، إنما هي النطفة، ثم العلقة، ثم المضغة، ويرتفع الحيض عادة ببدء الحمل، وتستمر المرأة في متابعة أعمالها المعتادة دون مشقة، وهذا هو المراد من قوله:{فَمَرَّتْ بِهِ} أي استمرت بذلك الحمل الخفيف.

فلما أثقلت المرأة الحامل أي صارت ذات ثقل بحملها بسبب كبر الولد في بطنها، وحان وقت الوضع، {دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما} ، أي دعا الزوجان وهما آدم وحواء مقسمين: لئن آتيتنا ولدا صالحا، أي بشرا سويا، تام الخلق، سليم الفطرة، لنكونن لك من الشاكرين نعمتك، المشتغلين بشكر تلك النعمة.

فلما آتاهما الله ما طلبا، ورزقهما ولدا صالحا سويا كامل الخلقة، جعل الزوجان لله شركاء أي شريكا فيما آتاهما وأعطاهما، فتعالى أي تعاظم وتنزه {اللهُ عَمّا يُشْرِكُونَ} وينسبون له من الولد والشريك.

ص: 201

ومن المراد بقوله {جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما} ؟ ذكر بعض المفسرين كالسيوطي أن المراد آدم وحواء، بالاعتماد على

حديث ضعيف في الترمذي وغيره، وهو ما رواه سمرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لما ولدت حواء، طاف بها إبليس، وكان لا يعيش لها ولد، فقال: سميه عبد الحارث -وكان اسم إبليس حارثا بين الملائكة-فإنه يعيش، فسمته، فعاش، فكان ذلك من وحي الشيطان وأمره. وتؤيده روايات إسرائيلية كثيرة لاثبات لها، فلا يعول عليها، وأمثال ذلك لا يليق بالأنبياء.

والواقع-على افتراض أن المراد بالنفس الواحدة: آدم-أن نسبة هذا الجعل إلى آدم وحواء يراد به بعض أولادهما، قال الحسن البصري: هم اليهود والنصارى، رزقهم الله أولادا، فهوّدوا ونصّروا

(1)

.

وأيّد ابن كثير هذا التأويل عن الحسن رضي الله عنه، فقال: وهو من أحسن التفاسير، وأولى ما حملت عليه الآية

وأما نحن فعلى مذهب الحسن البصري رحمه الله في هذا، وأنه ليس المراد من هذا السياق آدم وحواء، وإنما المراد من ذلك المشركون من ذريته، ولهذا قال الله:{فَتَعالَى اللهُ عَمّا يُشْرِكُونَ} أي بصيغة الجمع. فذكر آدم وحواء أولا كالتوطئة لما بعدهما من الوالدين، وهو كالاستطراد من ذكر الشخص إلى الجنس، كقوله:{وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ، وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ} [الملك 5/ 67] ومعلوم أن المصابيح وهي النجوم التي زينت بها السماء ليست هي التي يرمى بها، وإنما هذا استطراد من شخص المصابيح إلى جنسها، ولهذا نظائر في القرآن

(2)

.

(1)

تفسير ابن كثير: 275/ 2.

(2)

المرجع السابق: 275/ 2 - 276.

ص: 202

والخلاصة: إن الشرك نسب إلى آدم وحواء، والمراد به أولادهما، كاليهود والنصارى والمشركين؛ لأن آدم وزوجته لم يكونا مشركين.

قال الزمخشري في قوله: {جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ} أي جعل أولادهما له شركاء، على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، وكذلك {فِيما آتاهُما} أي آتى أولادهما، وقد دل على ذلك قوله:{فَتَعالَى اللهُ عَمّا يُشْرِكُونَ} حيث جمع الضمير، وآدم وحواء بريئان من الشرك. ومعنى إشراكهم فيما آتاهم الله: تسميتهم أولادهم بعبد العزى، وعبد مناة، وعبد شمس، وما أشبه ذلك، مكان عبد الله، وعبد الرحمن، وعبد الرحيم

(1)

. وقد ذكر الرازي هذا التأويل.

وذكر أيضا أي الرازي تأويلا آخر للآية وهو أن قوله: {جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ} ورد بمعنى الاستفهام على سبيل الإنكار والتبعيد، وتقريره: فلما آتاهما صالحا، اجعلا له شركاء فيما آتاهما؟ ثم قال:{فَتَعالَى اللهُ عَمّا يُشْرِكُونَ} أي تعالى الله عن شرك هؤلاء المشركين الذين يقولون بالشرك، وينسبونه إلى آدم عليه السلام

(2)

.

وهذا كله على تسليم أن القصة من أولها إلى آخرها في حق آدم وحواء.

وهناك من جعل الخطاب في الآية لقريش الذين كانوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهم آل قصي، إذ سمّى قصي وزوجته القرشيان أولادهما الأربعة بعبد مناف، وعبد العزى، وعبد قصي، وعبد اللات.

وقال القفال: إنه تعالى ذكر هذه القصة على سبيل ضرب المثل، وبيان أن هذه الحالة صورة حالة هؤلاء المشركين في جهلهم، وقولهم بالشرك، على أساس أن المراد بالزوجين الجنس أي خلق كل واحد منكم من نفس واحدة أو جنس

(1)

الكشاف: 592/ 2.

(2)

تفسير الرازي: 67/ 15 وما بعدها.

ص: 203

واحد، وجعل من جنسها زوجها إنسانا يساويه في الإنسانية.

ثم فنّد الله تعالى آراء المشركين، ونقض الشرك من جذوره، فقال:

{أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً..} . أي أيشركون بالله شيئا لا يستطيع إطلاقا خلق أي شيء؟ أو أيشركون به من المعبودات ما لا يخلق شيئا، ولا يستطيع ذلك؟ وإنما الله هو الخالق لهم ولأولادهم ولكل مخلوق، كما قال:{يا أَيُّهَا النّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ، إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً، وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ، وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ، ضَعُفَ الطّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} [الحج 73/ 22].

وهذه الأصنام مخلوقة مصنوعة، كما قال تعالى:{لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً، وَهُمْ يُخْلَقُونَ} [النحل 20/ 16].

وهم لا يستطيعون لعابديهم تحقيق أي معونة أو نصر، بل إنهم لا يستطيعون نصر أنفسهم على من يعتدي عليهم بإهانة أو سب أو أخذ شيء مما عندهم من طيب أو حلي، فلا نصر لأنفسهم ممن أرادهم بسوء. وقال: يخلقون لأنهم اعتقدوا أن الأصنام تضر وتنفع، فأجريت مجرى الناس.

فهذا كله إنكار من الله على المشركين الذين عبدوا مع الله غيره من الأنداد والأصنام والأوثان، وهي مخلوقة لله، مربوبة، مصنوعة لا تملك شيئا من الأمر، ولا تضر ولا تنفع، ولا تسمع ولا تبصر، ولا تنتصر لعابديها، بل هي جماد لا تتحرك، وعابدوها أكمل منها بسمعهم وبصرهم وبطشهم.

ثم ذكر الله تعالى أن هذه الأصنام لا تصلح تبعا فضلا عن أن تكون متبوعة، فقال:{وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى..} . أي وإن تدعوا هذه الأصنام إلى ما هو هدى ورشاد، أو إلى أن يهدوكم إلى ما تريدون تحقيقه، لا يستجيبون لكم ولا ينفعونكم، فهم في الحالين عديمو النفع، فإن تطلبوا منهم كما تطلبون من الله

ص: 204