الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تالله لو كنت إلها مستدن
…
لم تك والكلب جميعا في قرن
ثم أسلم وحسن إسلامه، وقتل يوم أحد شهيدا رضي الله عنه
(1)
.
وكما هم عاجزون عن النصرة عاجزون عن الإرشاد والهداية، فقال تعالى:
{وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا} أي وإن تدعوا هذه الأصنام إلى أن يهدوكم إلى سواء السبيل وتحقيق النصر، لا يسمعوا دعاءكم، فضلا عن المساعدة والمعونة والإمداد، وتراهم أيها المخاطب المتأمل يقابلونك بعيون مصوّرة صناعية، وهي جماد لا تبصر شيئا، ولا تدرك المرئي؛ لأن لهم صورة الأعين، وهم لا يرون بها شيئا، فهم فاقدو السمع والبصر، كما قال تعالى في آية أخرى:{إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ، وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ} [فاطر 14/ 35].
وإذ فقدوا السّمع والبصر، فكيف يرجى منهم نصر أو عون، وكيف يخاف منهم إحداث ضرر أو أذى لمن يحتقرهم، وكيف يليق بكم أن تتخذوهم آلهة؟!
فقه الحياة أو الأحكام:
الآيات محاجّة في عبادة الأصنام، وتأكيد لما سبق من بيان عدم أي جدوى من تلك العبادة، وقد دلّت على ما يأتي:
1 -
يقبح من الإنسان العاقل أن يشتغل بعبادة هذه الأصنام المعطلة القوى المحركة والمدركة، لفقدها الأرجل والأيدي والأعين والآذان؛ لأن المعبود يتّصف بهذه القوى وغيرها، والإنسان الذي يعبدها أفضل منها بكثير، بل لا مجال للمقارنة بينه وبينها أصلا، فكيف يليق بالأفضل الأكمل الأشرف أن يشتغل بعبادة الأخس الأدون، الذي لا يحس منه فائدة البتة، لا في جلب المنفعة، ولا في دفع المضرة؟! فهي ليست عبادا أمثال الإنسان، وإنما هي حجارة وخشب، فأنتم تعبدون ما أنتم أشرف منه.
(1)
تفسير ابن كثير: 276/ 2.
2 -
الإنسان أفضل وأكمل حالا من الصنم؛ لأن له رجلا ماشية، ويدا باطشة، وعينا باصرة، وأذنا سامعة، وليس للصنم شيء من ذلك.
3 -
كيف تحسن عبادة من لا يقدر على النفع والضرر؟! فليس للأصنام قدرة على النفع والضرر، لا لنفسها ولا لغيرها، ولا تستطيع نصرة أحد.
4 -
إن تخويف المشركين الرّسول صلى الله عليه وآله وسلم بآلهتهم عبث وهدر، فقد دعاهم إلى مكايدته وإضراره دون إمهال، فخابوا وخسروا هم وشركاؤهم.
5 -
إن متولي أمور النّبي صلى الله عليه وآله وسلم في الدنيا والآخرة بنصره وحفظه هو الله تعالى الذي يتولّى الصّالحين من عباده ويحفظهم. جاء
في صحيح مسلم عن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جهارا غير سرّ يقول: «ألا إنّ آل أبي-يعني فلانا-ليسوا لي بأولياء، إنما وليّي الله وصالح المؤمنين» .
6 -
الواجب على العاقل عبادة الله تعالى؛ لأنه هو الذي يحقق له منافع الدين بإنزال الكتاب المشتمل على العلوم العظيمة في الدّين، ومنافع الدّنيا بتولّي الصالحين من عباده وحفظه لهم ونصرته إياهم، فلا تضرّهم عداوة من عاداهم.
وما أروع ذلك الموقف العملي للخليفة العادل عمر بن عبد العزيز بالاستدلال بهذه الآية، فإنه ما كان يدّخر لأولاده شيئا، فقيل له فيه، فقال:
ولدي إما أن يكون من الصالحين، أو من المجرمين، فإن كان من الصالحين فوليّه الله، ومن كان الله له وليّا، فلا حاجة له إلى مالي، وإن كان من المجرمين، فقد قال تعالى:{فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ} ومن ردّه الله لم أشتغل بإصلاح مهماته.
7 -
كرر الله تعالى وصف الأصنام بأنها عاجزة عن نصر عابديها، ونصر أنفسها، وفائدة التكرار أن المعنى الأول مذكور على جهة التقريع، وهذا مذكور على جهة