الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المناسبة
هذه هي القصة السادسة من قصص الأنبياء التي ذكرها الله تعالى في هذه السورة، وفيها من الإيضاح والبيان ما لم يذكر في غيرها من القصص؛ لأن معجزات موسى كانت أقوى من معجزات الأنبياء السابقين، وجهل قوم فرعون الذين أرسل إليهم كان أعظم وأفحش من جهل سائر الأقوام، كما أن موسى أرسل أيضا لغير قومه، أما الأنبياء السابقون فإنهم أرسلوا لأقوامهم.
أضواء من التاريخ:
ذكر اسم موسى في القرآن أكثر من مائة وثلاثين مرة، وله قصص كثيرة مثيرة وعجيبة منذ بداية ولادته حينما كان جماعة فرعون يقتلون أولاد بني إسرائيل ويبقون نساءهم أحياء، فألقته أمه في النيل في صندوق، ثم رده الله إليها لإرضاعه، فهذه قصته مع أمه وأخته في سورتي القصص وطه، ثم قصة خروجه من مصر إلى أرض مدين وهو شاب، بسبب قتله مصريا إغاثة لعبراني، وقصته مذكورة في سورة القصص (15 - 21) وفي سورة طه (الآية 40) ثم سقايته الماشية لابنتي شعيب (القصص 22 - 25) ثم مصاهرته لشعيب عليه السلام (القصص 26 - 38، وطه 41) ثم رعيه ماشية شعيب مهرا لابنته عشر سنين بالوادي المقدس: طوى.
ثم بعثته عليه السلام بينما ذهب لإتيان أهله بنار للاستدفاء وذلك في سورة الإسراء (2 - 3) وسورة طه (9 - 6 و 17 - 36، و 42 - 47) وسورة القصص (45 - 46 و 29 - 35) وسورة الفرقان (35 - 36) وسورة الشعراء (12 - 16) وسورة النمل (7 - 12) وسورة السجدة (23 - 25) وسورة النازعات (15 - 19).
ثم عودته إلى مصر مع أخيه هارون ودعوته فرعون إلى الإيمان برسالته،
وذلك في سورة الأعراف (104 - 105) وسورة الشعراء (22، 17).
ثم محاورته فرعون في ربوبية الله وإظهاره الآيات البينات الدالة على صدق نبوته في سورة طه (55) وسورة الشعراء (24 - 28) وموقف فرعون الطاغية بتجاهل ألوهية الله وادعائه الألوهية، وأمره ببناء صرح يصعد به إلى السماء في سورة القصص (38) وسورة غافر (36 - 37) التي قال الله فيها:{وَقالَ فِرْعَوْنُ: يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ. أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى، وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً..} ..
وإظهاره معجزتي العصا واليد أمام فرعون في سورة الأعراف (106 - 126) وسورة يونس (75 - 89) وسورة طه (57 - 76) وسورة الشعراء (29 - 52).
ووصف الله رد فعل فرعون وقومه وتماديهم في الضلال وإصرارهم على الكفر في سورة الأعراف (107 - 129) وغافر (23 - 27) وائتمار آل فرعون بموسى لقتله ودفاع مؤمن عنه في سورة غافر (28 - 35، و 38 - 46) واستخفاف فرعون بموسى في سورة الزخرف (51 - 54) والنازعات (22 - 26).
وكانت آيات العذاب التسع لفرعون وقومه لما كذبوا موسى هي العقاب الفاصل، وتلك الآيات: الجدب (السنون)، ونقص الأموال، ونقص الأنفس، ونقص الثمرات، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم.
أما العصا واليد وفلق البحر وانبجاس الماء لبني إسرائيل فكانت معجزات لموسى عليه السلام.
أما الآيات التسع فهي مذكورة في سورة الأعراف (130 - 135) وسورة الإسراء (101 - 102) وسورة طه (59) وسورة النمل (13 - 14) وسورة القصص (36 - 37) وسورة الزخرف (46 - 50) وسورة القمر (41 - 42) وسورة النازعات (20 - 21).
وإغراق فرعون وملئه في البحر الأحمر مذكور في سورة الأعراف (136 - 137) وسورة يونس (90 - 92) وسورة الإسراء (103 - 104) وسورة طه (77 - 79) وسورة الشعراء (52 - 68) وسورة القصص (39 - 40) وسورة الزخرف (55 - 56) وسورة الدخان (17 - 31) وسورة الذاريات (38 - 40).
وأما عقاب فرعون وقومه في الآخرة ففيه عبرة لكل من ادعى الألوهية وتغطرس واستكبر عن قبول دعوة الأنبياء، وهو مذكور في سورة هود (96 - 99) وسورة القصص (41 - 42) وسورة غافر (45 - 52) وسورة الدخان (43 - 50).
وقد قلّد بنو إسرائيل في عهد موسى وثنية المصريين، ولم يؤمن بموسى إلا ذرية من قومه على حال رهبة من فرعون أن يفتنهم عن دينهم ويردهم إلى الوثنية، كما قال تعالى:{فَما آمَنَ لِمُوسى إِلاّ ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ} وطلبوا من موسى حينما رأوا عباد الأصنام أن يتخذ لهم إلها كما لهؤلاء القوم آلهة، وكذلك طلبوا الاستبدال بالمن والسلوى الحبوب والبصل والثوم والبقول، وذلك مذكور في سورة البقرة:{لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ} (61) وفي سورة الأعراف: {اِجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ} (138 - 140) وضرب الحجر وانفجار العيون الاثنتي عشرة في سورة الأعراف (159 - 160) وإنزال المن والسلوى في سورة طه (80 - 82).
ثم ذهب موسى تاركا بني إسرائيل لميقات ربه، وكتب له الألواح المتضمنة الوصايا التي طلب إلى بني إسرائيل العمل بها، وذلك مذكور في سورة الأعراف:
{وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً..} . (142 - 147).
وفي أثناء غيبة موسى في جبل الطور اتخذ السامري عجلا إلها لبني إسرائيل
يعبدونه، صنعه من ذهب بعد أن جمعه من حلي النساء، وجعله بفعل تأثير الرياح والرمال أو أثر قدم فرس جبريل ذا خوار أي كصوت الثور، وقال لهم:{هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى} . ولم يفلح هارون في ردهم عن عبادة العجل: {قالُوا: لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى} [طه 91/ 20]. وبعد عودة موسى غضب على أخيه هارون وأخذ بلحيته ورأسه يجره إليه، وكان فيه حدة، فاعتذر إليه هارون بأنه بذل أقصى جهده. ثم عاتب موسى النبي، موسى السامري فقال السامري:{بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ، فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ، فَنَبَذْتُها وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي} [طه 96/ 20] فعاقبه موسى بالطرد والتشرد وأن يقول في حياته: {لا مِساسَ} .
وقصة عبادة العجل مذكورة في سورة البقرة (54، و 92 - 93) وسورة الأعراف (148 - 154) وسورة طه (84 - 98).
ثم أمر الله على لسان موسى بني إسرائيل بدخول الأرض المقدسة وهي فلسطين أرض الموعد، فتمردوا، فحرمت عليهم، وتاهوا في الأرض أربعين سنة يعيشون في البرية، من عهد خروجهم من مصر، إلى أن مات موسى، وعبروا نهر الأردن، وملكوا أريحاء وما حولها غرب الأردن أربعين سنة. وتلك القصة مذكورة في سورة المائدة (20 - 26).
وفي صحراء التيه ذكر الله تعالى في سورتي البقرة والأعراف أنه رفع جبل الطور فوق بني إسرائيل حتى صار كأنه ظلة، وظنوا أنه واقع عليهم أو أيقنوا ذلك، وأمرهم أن يأخذوا ما آتاهم من الأحكام بقوة بأن يفعلوها دون تذمر أو توقف. وقصة نتق الجبل مذكورة في سورة البقرة (63 - 64) وسورة الأعراف (171).
وبالرغم من أعجوبة قصة البقرة (البقرة 67 - 74) التي ذكرناها في الجزء الأول، فإن بني إسرائيل لم يتعظوا بها، وبقيت قلوبهم على قساوتها كأنها الحجارة أو أشد قسوة، ولم تفلح مواعظ موسى فيهم.
ولموسى عليه السلام موقف متشدد مع قارون الثري الطاغية، وقد ذكرت قصته في سورة القصص (76 - 83) كما ذكر ما آل إليه أمر طغيانه بخسف الأرض به وبداره، وإبادة أعداء موسى المقدر عددهم مائتين وخمسين.
ويلاحظ أن موسى أوذي من بني إسرائيل وأظهر الله براءته من عيب اتهموه به وهو الأدرة (ورم في الخصية) أو البرص، وذلك في سورة الأحزاب (69) وسورة الصف (5).
ولما رأى بنو إسرائيل اقترافهم الإثم الكبير بعبادة العجل، اختار موسى من القوم سبعين رجلا يذهبون معه إلى الجبل الذي اعتاد مناجاة الله فيه وهو جبل الطور، ليقدموا الطاعة لله ويندموا على ما اقترفوا من إثم، ويتوبوا من عبادة العجل، فلما كلم الله تعالى موسى وهم شهود يسمعون كلام الله، عاد جماعة منهم إلى التمرد والعصيان، ولم يؤمنوا أن الله تعالى هو الذي يكلم موسى وأنه أعطاه التوراة، فأخذتهم الصاعقة وهم ينظر بعضهم إلى بعض، ثم بعثهم الله من بعد موتهم، بعد تضرع موسى وتذلله، وطلبه العفو عما صدر من سفهائهم، والقصة مذكورة في سورتي البقرة (55 - 56) والأعراف (155 - 157).
ولموسى قصة طريفة مع العبد الصالح الخضر، مذكورة في سورة الكهف (60 - 82).
وتكرر في القرآن تذكير الله تعالى بني إسرائيل بنعمه عليهم مثل آيات سورة البقرة (47 - 57، و 60 - 61) وفي سورة الأعراف (141) وسورة إبراهيم (6 - 8).
وقد مات هارون أولا في جبل «هور» ودفنه موسى، ثم مات موسى في جبل «نبو» ودفن على الكثيب الأحمر.