المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ونصب: {عِبادٌ أَمْثالُكُمْ}، والمعنى: ما الذين {تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ} - التفسير المنير - الزحيلي - جـ ٩

[وهبة الزحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌بقية قصة شعيب مع قومهمحاورته الملأ وعقابهم بالزلزلة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سنة الله في التضييق والتوسعة قبل إهلاك الأمم

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الترغيب بالإيمان لزيادة الخير والترهيب من الكفربالعذاب المبكّر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌العبرة من قصص أهل القرى

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة موسى عليه السلام مع فرعون والملأ من قومه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة

- ‌أضواء من التاريخ:

- ‌ما يستفاد من قصة موسى عليه السلام:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إيمان السّحرة بربّ العالمين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تهديد فرعون للسّحرة وإصرارهم على الإيمان بالله

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الشّبهة الأولى:

- ‌والشّبهة الثانية:

- ‌تمالؤ فرعون وملئه على موسى وقومهونصيحة موسى لقومه وحوارهم معه

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أنواع عذاب الدّنيا بآل فرعون

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌اللجوء إلى موسى لرفع العذاب ونقض العهد وإغراق فرعون وقومه

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وراثة بني إسرائيل أرض مصر والشامبعد الفراعنة والعمالقة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جحود بني إسرائيل نعم الله عليهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مناجاة موسى لربهأو مكالمة موسى ربه وطلبه رؤية الله وإنزال التوراة عليه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عقوبة التكبر والكفر بصرف المتكبرين عن فهم أدلة العظمة الإلهية

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة اتخاذ السامري العجل

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌غضب موسى وتعنيفه هارون لاتخاذ العجل إلها

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جزاء الظالمين باتخاذ العجل وقبول توبة التائبين

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌نهاية قصة اتخاذ العجل إلها

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌اختيار موسى سبعين رجلا لميقات الكلام والرؤيةومناجاته ربه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌بقية دعاء موسى عند مشاهدة الرجفةوربط الإيمان برسالته برسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عموم الرسالة الإسلامية

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌اتباع الحق لدى بعض قوم موسى ونعم الله على بني إسرائيل فيصحراء التيه

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أمر بني إسرائيل بسكنى القرية (بيت المقدس)

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حيلة اليهود على صيد الأسماك يوم السبتوعقاب المخالفين

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌أضواء من التاريخ على القصة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌رفع الجبل فوق اليهود وإذلالهم إلى يوم القيامة وتفريقهم فيالأرض واستثناء الصالحين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الميثاق العام المأخوذ على بني آدم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة بلعم بن باعوراء وأمثاله الضالين المكذبين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أسباب الهداية والضلالة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أسماء الله الحسنى

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌المهتدون والمكذبون من أمة الدعوة الإسلامية

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وهل التّفكّر أفضل أو الصّلاة

- ‌علم السّاعة عند الله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الأمور كلّها بيد الله وحده وعلم الغيب مختصّ بالله تعالى وحقيقة الرّسالة

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌التذكير بالنشأة الأولى والأمر بالتوحيد واتباع القرآنوالنهي عن الشرك

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌واقع الأصنام والأوثان المعبودة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أصول الأخلاق الاجتماعية ومقاومة الشيطان

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌اتّباع النّبي صلى الله عليه وآله وسلم الوحي الإلهي وخصائص القرآن

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الاستماع للقرآن وطريقة الذّكر

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النّزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وهل يحتاج السّاجد إلى تحريم ورفع يدين وتكبير وتسليم

- ‌سورة الأنفال

- ‌ومناسبتها لسورة الأعراف:

- ‌ما اشتملت عليه هذه السّورة:

- ‌السّور المكيّة والمدنيّة:

- ‌أما السّور المكيّة:

- ‌وأما السّور المدنيّة:

- ‌وأمّا سورة الأنفال:

- ‌السؤال عن حكم قسمة الغنائم وبيان أوصاف المؤمنين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول: نزول الآية (1):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌كراهية بعض المؤمنين قتال قريش في بدر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌أضواء من السيرة على موقعة بدر:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الإمداد بالملائكة في معركة بدر وإلقاء النعاس وإنزال المطر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الفرار من الزحف والنصر من عند الله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (19):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الأمر بطاعة الله والرسول والتحذير من المخالفة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الاستجابة لما فيه الحياة الأبدية

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌خيانة الله والرسول وخيانة الأمانة

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تقوى الله وفضلها

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌النوع الأول:

- ‌النوع الثاني:

- ‌النوع الثالث:

- ‌ألوان الكيد والمؤامرة من المشركين على النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (30):

- ‌نزول الآية (31):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌طلب المشركين الإتيان بالعذاب ومنع تعذيبهم إكراما للنّبي صلى الله عليه وآله وسلموأوضاع صلاتهم عند البيت الحرام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النّزول:

- ‌نزول الآية (32):

- ‌نزول الآية (33):

- ‌نزول الآية (35):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إهدار ثواب الإنفاق للصّدّ عن سبيل الله

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النّزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التّفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌المغفرة للكفّار إذا أسلموا وقتالهم إذا لم يسلموا لمنع الفتنة في الدّين

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

الفصل: ونصب: {عِبادٌ أَمْثالُكُمْ}، والمعنى: ما الذين {تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ}

ونصب: {عِبادٌ أَمْثالُكُمْ} ، والمعنى: ما الذين {تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ} عبادا أمثالكم، على إعمال: إن عمل ما الحجازية، وهو مذهب المبرد. وأما مذهب سيبويه فهو إهمالها.

‌البلاغة:

{أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها} هذا إطناب يراد به زيادة التقريع والتوبيخ. والاستفهام في المواضع المختلفة استفهام إنكار، أي ليس لهم شيء من ذلك مما هو لكم، فكيف تعبدونهم وأنتم أتم حالا منهم؟!

‌المفردات اللغوية:

{إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ} أي تعبدونهم وتسمونهم آلهة {مِنْ دُونِ اللهِ} . وأصل الدعاء: النداء، ويقصد به غالبا دفع ضرر أو جلب خير. {عِبادٌ} مملوكة لله {فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ} دعاءكم {إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} في أنها آلهة {يَبْطِشُونَ} يضربون ويصولون بها.

{اُدْعُوا شُرَكاءَكُمْ} إلى هلاكي {فَلا تُنْظِرُونِ} تمهلون، فإني لا أبالي بكم.

{إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ} أي متولي أموري {نَزَّلَ الْكِتابَ} القرآن {وَهُوَ يَتَوَلَّى الصّالِحِينَ} من عباده بحفظه فضلا عن أنبيائه {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ} أي الأصنام {وَتَراهُمْ} أي الأصنام يا محمد {يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ} أي يقابلونك كالناظر، فهم يشبهون الناظرين إليك؛ لأنهم صوروا بصورة من ينظر إلى من يواجهه.

‌المناسبة:

هذه الآيات تأكيد لما سبق بيانه أن الأصنام لا تصلح للألوهية، بقصد غرس التوحيد في القلوب، واستئصال جذور الشرك من النفوس.

‌التفسير والبيان:

إن تلك الأصنام التي تعبدونها وتسمونها آلهة من دون الله، وتدعونها لدفع الضر أو جلب النفع هم عباد أو عبيد مثل عابديها، في كونهم مخلوقات لله مثلهم، خاضعون لإرادته وقدرته، بل الأناس أكمل منها؛ لأنها تسمع وتبصر وتبطش، وتلك لا تفعل شيئا من ذلك. وإذا كانت على هذا النحو فكيف يصح عقلا

ص: 209

تقديسها وعبادتها من مخلوق مثلها، بل أسمى وأكمل منها؟ وإنما الذي يستحق العبادة هو الرب الخالق الذي خضعت له جميع الكائنات، ودانت له الأسباب.

وكيف تترك رسالة بشر خصه بالعلم والمعرفة، وازدانت عقيدته بالحق والنور والفائدة العظمى، وتعبد حجارة من دون الله، لا تضر ولا تنفع؟ وإن كنتم صادقين في تأليههم، واستحقاقهم العبادة، والتماس النفع أو الضر منهم، فادعوهم واطلبوا منهم طلبا ما، فليستجيبوا لكم دعاءكم، إما بأنفسهم، وإما بتوسطهم عند الله. ومعنى هذا الدعاء: طلب المنافع، وكشف المضار من جهتهم. واللام في قوله {فَلْيَسْتَجِيبُوا} لام الأمر، على معنى التعجيز، والمعنى أنه لما ظهر لكل عاقل أنها لا تقدر على الإجابة، ظهر أنها لا تصلح للعبادة.

وقوله: {عِبادٌ أَمْثالُكُمْ} استهزاء بهم، أي قصارى أمرهم أن يكونوا أحياء عقلاء، فإن ثبت ذلك، فهم عباد أمثالكم، لا تفاضل بينكم.

وصفت الأصنام بأنها عباد، وأشير إليها بضمير العقلاء في قوله:{فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ} وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ} ولم يقل: التي، مع أنها جمادات غير عاقلة، إنزالا لها منزلة العقلاء بحسب اعتقاد المشركين أنها تضر وتنفع، فتكون عاقلة فاهمة، فوردت الألفاظ على وفق معتقداتهم.

ثم ترقى القرآن في الجواب عليهم، وأبطل أن يكونوا عبادا أمثالهم، وأثبت أنهم ليسوا أمثالهم، بل أدنى منهم رتبة، فذكر أعضاء أربعة هي الأرجل والأيدي والأعين والآذان، وكلها معطلة القوة والحركة والإدراك، مع أن هذه الأعضاء إن كان فيها هذه القوى فهي وسائل الكسب في الحياة.

فليس للأصنام أرجل يمشون بها إلى جلب نفع أو دفع ضر، وليس لهم أيد يبطشون بها ويصولون بها لتحقيق ما ترجون منهم من خير، أو تخافون من شر، وليس لهم أعين يبصرون بها أحوالكم، ولا آذان يسمعون بها نداءكم وكلامكم وفهم

ص: 210

مطالبكم، فهم ليسوا مثلكم، بل دونكم في التكوين والصفات والقوى، ومن يخلو من منافع هذه الأعضاء، لا يستحق العبادة، فإن الإنسان أفضل بكثير من هذه الأصنام، بل لا تصح المقارنة بين مزايا الإنسان وهذه الأصنام، إذ هم حجارة صماء، أو طين وماء، أو عجوة أو حلاوة كصنم بني حنيفة.

أكلت حنيفة ربها

عام التقحم والمجاعة

ومع كل هذا أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأن يتحداهم، ويدعوهم للاختبار العملي، فقيل له: قل يا محمد الرسول لهؤلاء الوثنيين: نادوا شركاءكم وآلهتكم من دون الله، واستنصروا بها علي، وتعاونوا على كيدي، فلا تؤخروني طرفة عين، وابذلوا جهدكم، وأوقعوا الضرر بي كيف شئتم، ولا تمهلون ساعة من نهار، أنتم وشركاؤكم، فلا أبالي بكم. ولا يقول هذا إلا واثق بعصمة الله، وكانوا قد خوفوه آلهتهم.

وهذا رد على تهديدهم وقولهم: إنا نخاف عليك من آلهتنا!! ثم أعلن الرسول ثقته الكبرى بالله وتحقيره هذه المعبودات، مع قلة الأعوان والنصراء في مكة فقال بتعليم الله:{إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ..} . أي الله حسبي وكافيني، وهو نصيري وناصري عليكم، ومتولي أمري في الدنيا والآخرة، وعليه اتكالي، وإليه ألجأ، وهو الذي نزل علي القرآن الذي يدعو إلى التوحيد، وينبذ الشرك، وأعزني برسالته، وهو الذي يتولى كل صالح بعدي، وهو كل من صلحت عقيدته، وسلمت من الخرافات والأوهام، وصلحت أعماله، ومن عادته تعالى أن ينصر الصالحين من عباده وأنبيائه، ولا يخذلهم. أما المشرك فوليه الشيطان:

{اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ} [البقرة 257/ 2]. ومناسبة هذه الآية: {إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ} لما قبلها أنه تعالى لما بيّن في الآيات المتقدمة أن هذه

ص: 211

الأصنام لا قدرة لها على النفع والضر، بيّن بهذه الآية أن الواجب على كل عاقل عبادة الله تعالى؛ لأنه هو الذي يتولى تحصيل منافع الدين ومنافع الدنيا، أما الأولى فبسبب إنزال الكتاب وأما الثانية فبسبب تولي الصالحين.

ثم أكد تعالى ما تقدم من خيبة الأصنام في تحقيق النصر فقال: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ..} . بصيغة الخطاب، وذاك بصيغة الغيبة، أي إن الذين تعبدونهم وتدعونهم من دون الله لنصركم ودفع الضر عنكم عاجزون، لا يستطيعون نصركم، ولا نصر أنفسهم ضد من يحقرهم أو يسلبهم شيئا مما يوضع عليهم من طيب أو حلي، أو يريدهم بسوء.

فقد كسّر إبراهيم عليه السلام الأصنام وأهانها غاية الإهانة فما دفعت عن نفسها الأذى ولا انتقمت منه، كما أخبر تعالى عنه في قوله:{فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ} [الصافات 93/ 37] وقال تعالى: {فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً إِلاّ كَبِيراً لَهُمْ، لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ} [الأنبياء 58/ 21].

وروي عن معاذ بن جبل ومعاذ بن عمرو بن الجموح رضي الله عنهما-وكانا شابين من الأنصار قد أسلما، لمّا قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة-أنهما كانا يعدوان في الليل على أصنام المشركين يكسرانها ويتلفانها ويتخذانها حطبا للأرامل، ليعتبر قومهما بذلك، ويرتئوا لأنفسهم رأيا آخر.

وكان لعمرو بن الجموح-وكان سيد قومه-صنم يعبده ويطيبه، فكانا يجيئان في الليل، فينكسانه على رأسه، ويلطخانه بالعذرة، فيجيء عمرو بن الجموح، فيرى ما صنع به، فيغسله ويطيبه، ويضع عنده سيفا، ويقول له:

انتصر، ثم يعودان لمثل ذلك، ويعود إلى صنيعه أيضا، حتى أخذاه مرة، فقرناه مع كلب ميت، ودلياه في حبل في بئر هناك، فلما جاء عمرو، ورأى ذلك نظر فعلم أن ما كان عليه من الدّين باطل، وقال:

ص: 212