المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وهو أن تحاز الغنيمة كلها، ثم تخمس، فإذا صار الخمس - التفسير المنير - الزحيلي - جـ ٩

[وهبة الزحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌بقية قصة شعيب مع قومهمحاورته الملأ وعقابهم بالزلزلة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سنة الله في التضييق والتوسعة قبل إهلاك الأمم

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الترغيب بالإيمان لزيادة الخير والترهيب من الكفربالعذاب المبكّر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌العبرة من قصص أهل القرى

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة موسى عليه السلام مع فرعون والملأ من قومه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة

- ‌أضواء من التاريخ:

- ‌ما يستفاد من قصة موسى عليه السلام:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إيمان السّحرة بربّ العالمين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تهديد فرعون للسّحرة وإصرارهم على الإيمان بالله

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الشّبهة الأولى:

- ‌والشّبهة الثانية:

- ‌تمالؤ فرعون وملئه على موسى وقومهونصيحة موسى لقومه وحوارهم معه

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أنواع عذاب الدّنيا بآل فرعون

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌اللجوء إلى موسى لرفع العذاب ونقض العهد وإغراق فرعون وقومه

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وراثة بني إسرائيل أرض مصر والشامبعد الفراعنة والعمالقة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جحود بني إسرائيل نعم الله عليهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مناجاة موسى لربهأو مكالمة موسى ربه وطلبه رؤية الله وإنزال التوراة عليه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عقوبة التكبر والكفر بصرف المتكبرين عن فهم أدلة العظمة الإلهية

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة اتخاذ السامري العجل

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌غضب موسى وتعنيفه هارون لاتخاذ العجل إلها

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جزاء الظالمين باتخاذ العجل وقبول توبة التائبين

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌نهاية قصة اتخاذ العجل إلها

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌اختيار موسى سبعين رجلا لميقات الكلام والرؤيةومناجاته ربه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌بقية دعاء موسى عند مشاهدة الرجفةوربط الإيمان برسالته برسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عموم الرسالة الإسلامية

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌اتباع الحق لدى بعض قوم موسى ونعم الله على بني إسرائيل فيصحراء التيه

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أمر بني إسرائيل بسكنى القرية (بيت المقدس)

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حيلة اليهود على صيد الأسماك يوم السبتوعقاب المخالفين

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌أضواء من التاريخ على القصة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌رفع الجبل فوق اليهود وإذلالهم إلى يوم القيامة وتفريقهم فيالأرض واستثناء الصالحين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الميثاق العام المأخوذ على بني آدم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة بلعم بن باعوراء وأمثاله الضالين المكذبين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أسباب الهداية والضلالة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أسماء الله الحسنى

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌المهتدون والمكذبون من أمة الدعوة الإسلامية

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وهل التّفكّر أفضل أو الصّلاة

- ‌علم السّاعة عند الله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الأمور كلّها بيد الله وحده وعلم الغيب مختصّ بالله تعالى وحقيقة الرّسالة

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌التذكير بالنشأة الأولى والأمر بالتوحيد واتباع القرآنوالنهي عن الشرك

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌واقع الأصنام والأوثان المعبودة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أصول الأخلاق الاجتماعية ومقاومة الشيطان

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌اتّباع النّبي صلى الله عليه وآله وسلم الوحي الإلهي وخصائص القرآن

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الاستماع للقرآن وطريقة الذّكر

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النّزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وهل يحتاج السّاجد إلى تحريم ورفع يدين وتكبير وتسليم

- ‌سورة الأنفال

- ‌ومناسبتها لسورة الأعراف:

- ‌ما اشتملت عليه هذه السّورة:

- ‌السّور المكيّة والمدنيّة:

- ‌أما السّور المكيّة:

- ‌وأما السّور المدنيّة:

- ‌وأمّا سورة الأنفال:

- ‌السؤال عن حكم قسمة الغنائم وبيان أوصاف المؤمنين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول: نزول الآية (1):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌كراهية بعض المؤمنين قتال قريش في بدر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌أضواء من السيرة على موقعة بدر:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الإمداد بالملائكة في معركة بدر وإلقاء النعاس وإنزال المطر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الفرار من الزحف والنصر من عند الله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (19):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الأمر بطاعة الله والرسول والتحذير من المخالفة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الاستجابة لما فيه الحياة الأبدية

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌خيانة الله والرسول وخيانة الأمانة

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تقوى الله وفضلها

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌النوع الأول:

- ‌النوع الثاني:

- ‌النوع الثالث:

- ‌ألوان الكيد والمؤامرة من المشركين على النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (30):

- ‌نزول الآية (31):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌طلب المشركين الإتيان بالعذاب ومنع تعذيبهم إكراما للنّبي صلى الله عليه وآله وسلموأوضاع صلاتهم عند البيت الحرام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النّزول:

- ‌نزول الآية (32):

- ‌نزول الآية (33):

- ‌نزول الآية (35):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إهدار ثواب الإنفاق للصّدّ عن سبيل الله

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النّزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التّفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌المغفرة للكفّار إذا أسلموا وقتالهم إذا لم يسلموا لمنع الفتنة في الدّين

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

الفصل: وهو أن تحاز الغنيمة كلها، ثم تخمس، فإذا صار الخمس

وهو أن تحاز الغنيمة كلها، ثم تخمس، فإذا صار الخمس في يدي الإمام، نفل منه على قدر ما يرى.

4 -

النفل الخارج من جملة الغنيمة قبل أن يخمس منها شيء: هو أن يعطى الأدلاء ورعاة الماشية والسواق لها

(1)

.

واختلف الفقهاء في هذه الأحوال الأربع، فقال الشافعي: الأنفال ألا يخرج من رأس الغنيمة قبل الخمس شيء غير السّلب. قال أبو عبيد: والوجه الثاني من النفل من خمس النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإن له خمس الخمس من كل غنيمة. والوجه الثالث يعطى للسرية أو الجيش الذي بعثه الإمام على وفق ما شرطه لهم. ومذهب مالك وأبي حنيفة رحمهما الله كالشافعي أن الأنفال مواهب الإمام من الخمس، على ما يرى من الاجتهاد، وليس في الأربعة الأخماس نفل،

قال صلى الله عليه وآله وسلم: «ما لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس، والخمس مردود عليكم» وقال المالكية: النفل قسمان:

جائز ومكروه، فالجائز بعد القتال، والمكروه أن يقال قبل القتل: من فعل كذا وكذا فله كذا. وإنما كره هذا؛ لأن القتال فيه يكون للغنيمة.

‌التفسير والبيان:

يسألونك أيها الرسول عن حكم الأنفال أي الغنائم لمن هي، وكيف تقسم؟ فقل لهم: إن حكمها لله أولا يحكم فيها بما يريد، ثم للرسول يقسمها بينكم كما أمر الله، فأمرها مفوض إلى الله ورسوله. وهذه الآية محكمة مجملة، بيّن إجمالها وفصل مصارفها آية أخرى في السورة نفسها هي قوله تعالى:{وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ..} . [الأنفال 41/ 8] فلا تكون هذه ناسخة لتلك، وإنما توزع الغنائم، الخمس لهؤلاء المذكورين في هذه الآية، والأربعة الأخماس الباقية للغانمين. أما

(1)

تفسير ابن كثير: 284/ 2.

ص: 244

اليوم بعد تنظيم الجيوش ومنح رواتب دائمة للجند فتؤول للدولة.

وللإمام بموجب هذا التفويض أن ينفل من شاء من المقاتلة تحريضا على القتال، كما

قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم حنين فيما أخرجه الشيخان وأبو داود والترمذي عن أبي قتادة: «من قتل قتيلا فله سلبه» .

وإذا كان أمر الغنائم لله ورسوله فاتقوا الله سبحانه في أقوالكم وأفعالكم، واجتنبوا ما كنتم فيه من التنازع والاختلاف فيها، الموجب لسخط الله وغضبه، والموقع في الفرقة والعداوة الضارة بكم حال الحرب وغيرها.

{وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ} من الأحوال، حتى تتأكد الرابطة الإسلامية بين بعضكم، وتشيع المحبة والمودة والوفاق والوئام بين صفوفكم، وبعبارة أخرى:

اجعلوا ما كان موصولا على أصله، فهو سبب الوصل.

{وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ} في الغنائم وفي كل ما أمر به ونهى عنه، وقضى به وحكم.

هذه الأمور الثلاثة (تقوى الله، وإصلاح ذات البين، وإطاعة أوامر الله والرسول) يتوقف عليها صلاح الجماعة الإسلامية؛ لأنها توفر معنى الانضباط والالتزام في السر والعلن لأحكام الشرع، وتوحد الكلمة والصف، وتكفل طاعة القيادة المخلصة الحكيمة.

{إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} مصدّقين كلام الله وكاملي الإيمان، فامتثلوا هذه الأوامر الثلاثة، فإن التصديق الحق يقتضي الامتثال، وكمال الإيمان يوجب هذه الخصال الثلاثة: الاتقاء، والإصلاح، وإطاعة الله تعالى ورسوله، فالمؤمن بالله حقا يستحي من عصيانه، ويدفعه إيمانه إلى طاعة ربه، وإلى إصلاح ما بينه وبين الآخرين من خلاف.

وإذا كان الإيمان مستلزما للطاعة، فإن الله تعالى ذكر خمس صفات

ص: 245

للمؤمنين تدفعهم إلى تحقيق الخصال الثلاثة المتقدمة، فقال تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ..} . وهذه الصفات هي ما يأتي:

1 -

الخوف التام من الله: الذين إذا ذكروا الله بقلوبهم، وأحسوا بعظمته وجلاله، وتذكروا وعده ووعيده، خافوا منه أتم الخوف. كما قال تعالى في آية أخرى:{وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ، الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ..} .

[الحج 34/ 22 - 35].

2 -

زيادة الإيمان بتلاوة القرآن: الذين إذا تليت عليهم آياته القرآنية، زادتهم إيمانا ويقينا وتصديقا، وإقبالا على العمل الصالح؛ لأن كثرة الأدلة والتذكير بها، يوجب زيادة اليقين، وقوة الاعتقاد، فالرؤية البصرية أو الحسية مثلا تقوي القناعة الذاتية، كما حدث لإبراهيم عليه السلام الذي كان مؤمنا، وطلب من ربه أن يريه كيف يحيي الموتى:{قالَ: أَوَلَمْ تُؤْمِنْ؟ قالَ:}

{بَلى، وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة 260/ 2] وهذا يدل على أن منزلة الطمأنينة في الإيمان أقوى وأعلى من مجرد الإيمان. ونظير الآية قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ} [الفتح 4/ 48] وقوله:

{وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً؟ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [التوبة 124/ 9].

3 -

التوكل على الله أي الاعتماد عليه والثقة به والتفويض إليه: الذين يتوكلون على ربهم وحده، وإليه يلجأون، ولا يرجون غيره، ولا يقصدون إلا إياه، ولا يطلبون الحوائج إلا منه، وذلك بعد اتخاذ الأسباب، فمن تعاطى الأسباب المطلوبة منه عقلا وعادة، ثم فوض الأمر لله، وأيقن أن الأمر كله بيد الله، فهو من أهل الإيمان. أما ترك الأسباب فهو جهل بمفهوم التوكل.

4 -

إقامة الصلاة: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ} ، أي يؤدونها كاملة الأركان

ص: 246

والشروط من قيام وركوع وسجود وتلاوة وأذكار في مواقيتها المعينة شرعا، مع خشوع القلب، ومناجاة الرحمن، وتدبر قراءة القرآن.

5 -

الإنفاق في سبيل الله: الذين ينفقون بعض أموالهم في وجوه الخير بإخراج الزكاة المفروضة، وأداء الصدقات التطوعية، والنفقات الواجبة للأصول والأهل، والمندوبة للأقارب والمحتاجين وفي مصالح الأمة وجهاد العدو، فإن الأموال عواري وودائع عند الإنسان لا بد أن يفارقها.

وهذه الأعمال تشمل أنواع الخير كلها، لذا قال تعالى بعد بيانها:{أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} أي أولئك الموصوفون: بما ذكرهم دون غيرهم المؤمنون حق الإيمان. وقد أشير إليهم بأولئك المفيد للبعد لبيان كمالهم وعلو منزلتهم.

روى الطبراني عن الحارث بن مالك الأنصاري رضي الله عنه أنه مرّ برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال له: «كيف أصبحت يا حارثة؟ قال: أصبحت مؤمنا حقا، قال: انظر ماذا تقول، فإن لكل شيء حقيقة، فما حقيقة إيمانك؟ قال:

عزفت نفسي عن الدنيا، فأسهرت ليلي، وأظمأت نهاري، وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزا، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها، وكأني أنظر إلى أهل النار يتضاغون

(1)

فيها، فقال: يا حارثة، عرفت فالزم-ثلاثا».

هذه صفات المؤمنين، أما المنافقون فقال ابن عباس عنهم: المنافقون لا يدخل قلوبهم شيء من ذكر الله عند أداء فرائضه، ولا يؤمنون بشيء من آيات الله، ولا يتوكلون، ولا يصلون إذا غابوا، ولا يؤدون زكاة أموالهم، فأخبر الله تعالى أنهم ليسوا بمؤمنين، ثم وصف الله المؤمنين، فقال:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ..} ..

(1)

يصيحون ويبكون.

ص: 247

ثم ذكر الله جزاء المؤمنين الموصوفين بما ذكر، عند ربهم، فقال:{لَهُمْ دَرَجاتٌ..} . أي لهم منازل ومقامات ودرجات في الجنات على حسب أعمالهم ونواياهم، كما قال تعالى:{هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ، وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ} [آل عمران 163/ 3]. ولهم مغفرة أي يغفر الله لهم السيئات، يشكر لهم الحسنات، ولهم رزق كريم: وهو ما أعد لهم من نعيم الجنة. والكريم: وصف لكل شيء حسن.

قال الضحاك في قوله: {لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} : أهل الجنة {بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ} ، فيرى الذي هو فوق فضله على الذي هو أسفل منه، ولا يرى الذي هو أسفل منه أنه فضل عليه أحد، ولهذا جاء

في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إن أهل عليين ليراهم من أسفل منهم، كما ترون الكوكب الغابر في أفق من آفاق السماء» قالوا: يا رسول الله، تلك منازل الأنبياء، لا ينالها غيرهم، فقال:«بلى والذي نفسي بيده، رجال آمنوا بالله، وصدقوا المرسلين» .

وفي الحديث الآخر الذي رواه أحمد وأهل السنن عن أبي سعيد الخدري قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن أهل الجنة ليتراءون أهل الدرجات العلى، كما تراءون الكوكب الغابر في أفق السماء، وإن أبا بكر وعمر منهم، وأنعما» .

فالمؤمنون متفاوتو الدرجة في الآخرة، وكذلك الرسل درجات، بدليل قوله تعالى:{تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ، مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ، وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ} [البقرة 253/ 2] وفضل الله المهاجرين المجاهدين على غيرهم، فقال:{الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ، وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ} [التوبة 20/ 9].

وهناك تفاوت أيضا في درجات الدنيا، لقوله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ، وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ، لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ، إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ، وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام 165/ 6].

ص: 248