الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد فعل الله ما فعل، ووعد بما وعد، وأنجز النصر للمؤمنين، ليحق الحق، أي يثبت الإسلام ويظهره، ويبطل الباطل أي يمحق الكفر والشرك ويزيله، {وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} ، أي المعتدون الطغاة. ولا يكون ذلك بمجرد الاستيلاء على العير، بل بقتل أئمة الكفر وزعماء الشرك.
وبما أن الحق حق لذاته، والباطل باطل لذاته، وما ثبت للشيء لذاته، فإنه يمتنع تحصيله بجعل جاعل، فيكون المراد من تحقيق الحق وإبطال الباطل إظهار كون ذلك الحق حقا، وإظهار كون ذلك الباطل باطلا، إما بإظهار الدلائل والبينات، وإما بتقوية رؤساء الحق، وقهر رؤساء الباطل.
وليس هذا تكريرا لما سبق من إحقاق الحق؛ لأن المعنيين متباينان؛ لأن الأول لبيان مراد الله وأن هناك تفاوتا بينه وبين مرادهم، أي الصحابة، والثاني بيان الداعي والغرض فيما فعل من اختيار ذات الشوكة على غيرها لهم ونصرتهم عليها، وأنه ما نصرهم ولا خذل أولئك إلا لهذا الغرض، وهو التغلب على صاحبة القوة.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يلي:
1 -
الخير والمصلحة فيما أمر الله به، وليس فيما يرى الإنسان، فقد يرى ما هو ضار نافعا، وما هو نافع ضارا.
2 -
فعل العبد بخلق الله تعالى في رأي أهل السنة، بدليل قوله تعالى:
{كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ} فإنه روي أنه صلى الله عليه وآله وسلم إنما خرج من بيته باختيار نفسه، ثم إنه تعالى أضاف ذلك الخروج إلى نفسه، ليدل على أنه خالق أفعال العباد.
والمعنى عند المعتزلة: أنه حصل ذلك الخروج بأمر الله تعالى وإلزامه، فأضيف إليه. لكن هذا مجاز، والأصل حمل الكلام على الحقيقة.
وتمسك أهل السنة أيضا في مسألة خلق الأفعال بقوله تعالى: {لِيُحِقَّ الْحَقَّ} أي أنه يوجد الحق ويكونه، والحق ليس إلا الدين والاعتقاد، فدلّ هذا على أن الاعتقاد الحق لا يحصل إلا بتكوين الله تعالى وخلقه.
وتمسك المعتزلة بعين هذه الآية على صحة مذهبهم، فقالوا: هذه الآية تدل على أنه تعالى إنما يريد أبدا تحقيق الحق وإبطال الباطل، وأنه لا صحة لقول من يقول: إنه لا باطل ولا كفر إلا والله تعالى مريد له.
وردّ أهل السنة على ذلك بأن المقرر في أصول الفقه أن المفرد المحلى بالألف واللام ينصرف إلى المعهود السابق، أي أنه تعالى أراد تحقيق الحق وإبطال الباطل في هذه الصورة.
3 -
الحق حق أبدا، ولكن إظهاره تحقيق له؛ لأنه إذا لم يظهر أشبه الباطل. والإسلام هو الحق، وهو الذي يريد الله إظهاره وإعزازه، كما قال تعالى:{لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} [الصف 9/ 61] وقال: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ، فَإِذا هُوَ زاهِقٌ} [الأنبياء 18/ 21].
4 -
لا قرار للباطل، ولكن لا بد من إبطاله وإعدامه، كما أن إحقاق الحق إظهاره، والكفر والشرك هو الباطل، فيريد الله استئصال أهله الكافرين بالهلاك.
5 -
أراد الله في بدر أن يجمع بين المؤمنين القلّة وبين الكافرين الكثر أهل الشوكة والقتال، لينصرهم عليهم، ويظهر دينه، ويرفع كلمة الإسلام، ويجعله غالبا على الأديان، وهو أعلم بعواقب الأمور، وهو الذي يحسن التدبير لعباده