المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رأي الطب في معنى مخلقة وغير مخلقة - موسوعة أحكام الطهارة - الدبيان - ط ٢ - جـ ٨

[دبيان الدبيان]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الخامس: حكم الخلع في زمن الحيض

- ‌تعريف الخلع:

- ‌خلاف العلماء في جواز الخلع

- ‌الفصل السادس: خلاف العلماء في خلع الحائض

- ‌دليل من قال: إن الخلع طلاق مطلقاً نوي أو لم ينو

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الدليل السادس:

- ‌الدليل السابع:

- ‌أدلة القائلين بأن الخلع فسخ

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌دليل من قال الخلع فسخ إلا إن نوى به الطلاق

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الباب السابع: في أحكام الاستحاضة

- ‌المبحث الأول: تعريف الاستحاضة

- ‌تعريف الاستحاضة لغة:

- ‌تعريف الاستحاضة في الاصطلاح:

- ‌تعريف المالكية:

- ‌تعريف الشافعية:

- ‌تعريف الحنابلة:

- ‌العلاقة بين المعنى اللغوي والشرعي:

- ‌تعريف الاستحاضة في الطب:

- ‌المبحث الثاني: الفرق بين دم الحيض والاستحاضة

- ‌الفصل الأول: في حكم المستحاضة إذا كانت مبتدأة

- ‌المبحث الأول: تعريف المبتدأة، ومتى تكون مستحاضة

- ‌المبحث الثاني: خلاف العلماء في المستحاضة المبتدأة

- ‌الفرع الأول: خلاف العلماء في المستحاضة المبتدأة إذا كانت مميزة

- ‌دليل الحنفية: بأنها تجلس عشرة أيام فقط

- ‌دليل الجمهور على العمل بالتمييز

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌دليل أبي يوسف على وجوب الاغتسال بعد ثلاثة أيام وتصوم وتقضي

- ‌الفرع الثاني: خلاف العلماء في المستحاضة المبتدأة إذا كانت غير مميزة

- ‌دليل من قال تجلس عشرة أيام

- ‌دليل من قال: تجلس خمسة عشر يوماً

- ‌دليل من قال: تقعد أيام لداتها

- ‌دليل من قال: تقعد أيام لداتها ثم تستظهر بثلاثة أيام

- ‌دليل من قال: تجلس يوماً وليلة

- ‌دليل من قال تجلس ستة أيام أو سبعة أيام غالب عادة النساء

- ‌الفصل الثاني: خلاف العلماء في تقدير طهر المستحاضة

- ‌دليل من قدر الحيض والطهر في الشهر مرة واحدة

- ‌دليل من قدر طهر المستحاضة بستة عشر يوماً

- ‌دليل من قدر طهر المستحاضة بثلاثة وعشرين أو أربعة وعشرين يوماً

- ‌دليل المالكية على أن الطهر يستمر إلى إقبال دم جديد غير الدم الذي كان عليها

- ‌الفصل الثالث: في المستحاضة المعتادة

- ‌المبحث الأول: خلاف العلماء في المستحاضة المعتادة المميزة

- ‌دليل من قال: تعمل المستحاضة بالعادة دون التمييز

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الدليل السادس:

- ‌الدليل السابع:

- ‌الدليل الأول

- ‌دليل من قال: تعمل بالتمييز ولا عبرة بالعادة

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌دليل المالكية على أنها إذا كانت مميزة جلست منه قدر عادتها، وإن لم تكن مميزة فهي طاهر أبداً

- ‌المبحث الثاني: خلاف العلماء في المستحاضة المعتادة غير المميزة

- ‌دليل الجمهور على اعتبار العادة

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌دليل من قال: تجلس عادتها وتستظهر بثلاثة أيام

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني

- ‌دليل من قال: تقعد المستحاضة المعتادة خمسة عشر يوماً:

- ‌الفصل الرابع: في المرأة المستحاضة المتحيرة

- ‌المبحث الأول: خلاف العلماء في المستحاضة المتحيرة بالعدد

- ‌المبحث الثاني: خلاف العلماء في المستحاضة المتحيرة بالوقت فقط

- ‌المبحث الثالث: خلاف العلماء في المستحاضة المتحيرة الناسية لعددها ووقتها

- ‌الفصل الخامس: في طهارة المستحاضة

- ‌المبحث الأول: في خلاف العلماء في وجوب الوضوء من دم الاستحاضة

- ‌دليل القائلين بوجوب الوضوء لكل صلاة

- ‌[الدليل الأول]

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌دليل القائلين بوجوب الوضوء لوقت كل صلاة

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌دليل الشافعية على وجوب الوضوء لكل فريضة دون النافلة

- ‌أدلة المالكية على استحباب الوضوء للمستحاضة وأنه غير واجب

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌أدلة الشافعية والحنابلة على وجوب غسل الفرج

- ‌أدلة الحنفية على أنه لا يجب الاستنجاء ومنه غسل الفرج من دم الاستحاضة

- ‌الدليل الأول:

- ‌الأدلة على وجوب التلجم والتحفظ

- ‌الدليل الأول:

- ‌[الدليل الثاني]

- ‌الفصل السادس: خلاف العلماء في وجوب الغسل على المستحاضة

- ‌أدلة من قال يجب عليها الغسل لكل صلاة

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌أدلة من قال تغتسل لكل صلاتين مجموعتين وتغتسل للفجر غسلاً واحداً

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌دليل من قال: تغتسل في كل يوم غسلاً واحداً

- ‌[الدليل الأول]

- ‌الدليل الثاني:

- ‌دليل من قال: تغتسل من الظهر إلى الظهر

- ‌الفصل السابع: خلاف العلماء في وطء المستحاضة

- ‌أدلة الجمهور على جواز وطء المستحاضة

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الدليل السادس:

- ‌دليل من منع وطء المستحاضة

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌دليل من قال بالكراهة:

- ‌الباب الثامن: في أحكام النفاس

- ‌تمهيد

- ‌تعريف النفاس:

- ‌تعريف النفاس عند الأطباء

- ‌الفصل الأول: بأي شيء يثبت حكم النفاس

- ‌تعليل من قال: يثبت النفاس إذا تبين فيه خلق إنسان

- ‌تعليل من قال: إذا وضعت علقة

- ‌تعليل من قال: إذا وضعت مضغة

- ‌تعليل من قال: إذا وضعت لأربعة أشهر فهو نفاس وإلا فلا:

- ‌الفصل الثاني: في أحكام السقط

- ‌المبحث الأول: في أسباب الإسقاط

- ‌المبحث الثاني: في الحكم التكليفي للإسقاط

- ‌الفرع الأول: في إسقاط الجنين بعد نفخ الروح

- ‌الأدلة على تحريم الإسقاط بعد نفخ الروح

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل على أن نفخ الروح يكون بمد تمام أربعة أشهر

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الفرع الثاني: حكم الإسقاط قبل نفخ الروح

- ‌أدلة القائلين بتحريم إسقاط النطفة

- ‌[الدليل الأول]

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌دليل من أباح إسقاط النطفة

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌دليل من قال: يجوز إسقاط الجنين قبل التخلق

- ‌دليل من قال: يجوز إسقاط الجنين قبل أن ينفخ فيه الروح

- ‌الفرع الثالث: في حكم الإسقاط للضرورة بعد نفخ الروح

- ‌أدلة القائلين: لا يجوز إسقاط الجنين

- ‌دليل القائلين بجواز إسقاط الجنين إنقاذاً لأمه

- ‌المبحث الثالث: متى يبدأ الجنين بالتخلق

- ‌رأي الطب في العلقة:

- ‌رأي الطب في معنى مخلقة وغير مخلقة

- ‌موقف العلماء من حديث حذيفة وحديث ابن مسعود:

- ‌الفصل الثالث: في خلاف العلماء في الدم مع الولادة

- ‌دليل من لم يعتبره نفاساً

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌دليل من قال بأنه دم نفاس

- ‌التعليل الأول:

- ‌التعليل الثاني:

- ‌دليل من اشترط خروج أكثر الولد

- ‌الفصل الرابع: في خلاف العلماء في الدم الذي تراه الحامل قبل الولادة

- ‌أدلة الجمهور على أن الدم قبل الولادة لا يعتبر نفاساً

- ‌دليل الحنابلة على أن الدم قبل الولادة بيوم أو يومين نفاس

- ‌الفصل الخامس: في النقاء المتخلل بين الدمين في مدة النفاس

- ‌القول الثاني:

- ‌القول الثالث:

- ‌القول الرابع:

- ‌القول الخامس:

- ‌الفصل السادس: إذا ولدت المرأة ولم تر دماً

- ‌دليل من قال: يجب عليها الغسل

- ‌دليل من قال: لا يجب الغسل

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الفصل السابع: في جماع المرأة النفساء إذا طهرت قبل الأربعين

- ‌دليل الجمهور على إباحة الوطء

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌دليل الحنابلة على كراهة الوطء

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌دليل من قال: يحرم الوطء

- ‌الفصل الثامن: خلاف العلماء في أقل النفاس

- ‌أدلة الجمهور على أن النفاس لا حد لأقله

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌أدلة القائلين بأن أقل النفاس ثلاثة أيام

- ‌أدلة القائلين بأن أقله يوم

- ‌أدلة القائلين بأن أقله أربعة أيام

- ‌الفصل التاسع: في خلاف العلماء في أكثر النفاس

- ‌أدلة من قال: أكثر النفاس أربعون

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الدليل السادس:

- ‌الدليل السابع:

- ‌الدليل الثامن:

- ‌الدليل التاسع:

- ‌أدلة القائلين بأن أكثر النفاس ستون

- ‌الأول:

- ‌الثاني:

- ‌ الثالث:

- ‌دليل من قال لا حد لأكثر النفاس

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌رأي الطب في أكثر النفاس

- ‌الفصل العاشر: إذا وضعت المرأة توأمين فالنفاس من أيهما

- ‌دليل من قال: ابتداء النفاس من الأول

- ‌دليل من قال: ابتداء النفاس من الولد الثاني

- ‌دليل من قال: ابتداؤه من الأول وتستأنف المدة من الثاني

- ‌الفصل الحادي عشر: في الأحكام المترتبة على النفاس

- ‌فصل: في سجود التلاوة والشكر للحائض

- ‌دليل الجمهور على اشتراط الطهارة

- ‌[الدليل الأول]

- ‌الدليل الثاني:

- ‌دليل من قال: لا تشترط الطهارة

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌أدلة من قال بوجوب الطهارة

- ‌دليل من لم يشترط الطهارة

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌رأي الطب في معنى مخلقة وغير مخلقة

الكشاف ولم يحك غيره، وهو أن المخلقة هي التامة وغير المخلقة هي غير التامة. اهـ

(1)

.

ولا يترجح لي ما رجحه الشيخ رحمه الله، فالذي يظهر لي أن المخلقة هي المصورة، التي ظهر فيها التخطيط، وغير المخلقة التي لا تخطيط فيها، وهي مرحلة يمر بها الجنين، ولا يلزم منه أن يكون سقطاً حتى نعترض على هذا التفسير بما ذكره الشنقيطي. فقد لا يسقط ويكون الله سبحانه وتعالى خلقنا من المضغة قبل تخليقها، كما خلقنا من النطفة والعلقة التي لا تخليق فيها. والله أعلم.

‌رأي الطب في معنى مخلقة وغير مخلقة

.

مر معنا مرحلة النطفة الأمشاج، ثم العلقة: والتي فسرناها طبياً: بما يعلق في جدار الرحم فيما بين اليوم السادس والسابع منذ التلقيح. وفي اليوم العشرين أو الحادي والعشرين تبدأ بالظهور كتلة بدنية على جانبي المحور، ثم يتولى ظهورها تباعاً فيما يعرف بالكتل البدنية وتتولى هذه الكتل بالظهور حتى ليبلغ عددها عند اكتمالها 42 إلى 45 كتلة على كل جانب من القمة إلى المؤخرة، ولا يكاد ظهورها يكتمل حتى تبدأ الكتل التي في القمة تتمايز بحيث لا تكون جميع الكتل في مستوى واحد.

ويتضح أمامنا أن المضغة somites أو الجنين ذو الكتل البدنية من اليوم العشرين أو الحادي والعشرين، وتستمر في الظهور إلى اليوم الثلاثين حيث يكون هناك 28 كتلة بدنية على كل جانب، ولا تكاد تظهر كتل جديدة حتى

(1)

أضواء البيان (5/ 21).

ص: 265

تكون الكتل القديمة قد تمايزت إلى قطاع عظمي، وقطاع عضلي، وقطاع جلدي

وهكذا نرى الأسبوع الرابع (21 - 30) مخصص لظهور الكتل البدنية، والأسبوع الخامس والسادس، لتحول الكتل البدنية إلى قطاع عظمي وعضلي، والأسبوع السادس والسابع: لتكسي العظام بالعضلات.

فتكون مرحلة التخلق قد ظهرت عند تمام أربعين أو أثنين وأربعين يوماً، وهذا التقدير يتفق مع حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه في مسلم، وسوف نذكره إن شاء الله تعالى.

يقول الدكتور البار: وقد كان المفسرون القدامى يصفون المضغة بأنها مقدار ما يمضغ من اللحم، وقد ذهبت إلى ذلك في الطبعة الأولى .. ولكني بعد إعادة النظر والمناقشة أرى الآن أن وصف المضغة ينطبق تمام الإنطباق على مرحلة الكتل البدنية، إذ يبدو الجنين فيها وكأن أسناناً انغرزت فيه ولاكته، ثم قذفته

(1)

.

(1)

خلق الإنسان بين الطب والقرآن (ص: 252). هذا وقد ذكر الدكتور البار تفسيرات أخرى في حاشيته (208)، فقال في معنى مخلقة وغير مخلقة:

إن العلقة وهي تنغرز في جدار الرحم، وتنشب فيه في اليوم السابع من التلقيح تبدأ بالتمايز إلى طبقتين:

خارجية: ووظيفتها قضم خلايا الرحم، والاتصال المباشر بالبرك الدموية الرحمية لامتصاص الغذاء منها.

وداخلية: ووظيفتها تكوين الجنين وأغشيته.

باختصار أن هناك طبقتين: مخلقة، وغير مخلقة، فالطبقة الخارجية غير مخلقة قطعاً، والداخلية مخلقة؛ لأنه يخلق منها الجنين، وأغشيته.

ص: 266

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قال البار: وهناك وجه قوي أشار إليه الدكتور عزيز عبد العليم رئيس قسم وأستاذ جراحة الأطفال في جامعة طنطا، قال: الآية مخلقة وغير مخلقة تتحدث عن خلايا غير متميزة undiferrentiated cells وهي خلايا عميمة وجميمة، ولها قدرة بأمر بارئها وخالقها على التشكل والتحول، وهي موجودة في الجنين في مرحلة المضغة وما بعدها، وتعرف بالخلايا الميزانيكيمية mesenchymal cells ومصدرها الطبقة المتوسطة (الميزودرم)، وهذه الخلايا تتحول إلى خلايا متميزة عند تكون العظام، أو خلايا الدم الحمراء، أو البيضاء أو عندما تلتئم الجروح والكسور، ولها دور هام في الجنين والطفل، بل وفي البالغ والكبير.

هذه الخلايا غير المتميزة هي الخلايا غير المخلقة، وأما الخلايا المتميزة فيه مخلقة، وعلى ذلك فإن مخلقة وغير مخلقة فهي صفة للمضغة، وما بعد الضغة حتى نهاية العمر. قال البار تعقيباً: وهو وجه مستساغ، ودليله من علم الطب قائم، ولا يمنعه مفهوم الآية، بل يؤيده.

يقول الدكتور ليزلي في كتابه DEVEVOPMENTAL ANATOMY الطبعة السابعة (ص: 26): "وفي الجنين تتمايز الخلايا على حسب برامج زمنية مختلفة، فمنها ما يتمايز (يتخلق) بسرعة، ويسير في طريقه حثيثاً إلى نهايته المحددة المرسومة له (المقدرة) .. ومنها ما يسير ببطء في هذا التمايز .. ومنها ما يتوقف بعد المسير، ثم يواصل سير التمايز، وتبقى مجموعة من هذه الخلايا غير متمايزة إلى آخر العمر .. وتشكل بذلك الاحتياطي الذي يمكن أن يطلب في أي لحظة.

وفي كتاب مع الطب في القرآن للدكاترة عبد الحميد دياب، وأحمد قرقوز: "فطور المضغة يمر إذاً بمرحلتين: .. المرحلة الأولى: حيث لم يتشكل أي عضو أو أي جهاز وأسميها مرحلة المضغة غير المخلقة.

والمرحلة الثانية: حيث تم فيها تمييز الأجهزة المختلفة، وأسميناها: مرحلة المضغة المخلقة. وهكذا يتضح جلياً إعجاز القرآن الكريم في وصفه لطور المضغة بقوله: {ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} ، وقد اعتبر المؤلفان أن مرحلة المضغة تبدأ من الأسبوع الثالث، وتكون في هذه المرحلة غير مميزة حتى نهاية الأسبوع الرابع .. ويبدأ التمايز في بداية الأسبوع الخامس، وهو ما يؤدي إلى ظهور الأعضاء، والأجهزة، وبذلك يكون قبل مرحلة التمايز DIFFERENTIATION هو المضغة غير المخلقة، وما بعد التمايز، يعتبر المضغة المخلقة. قال الدكتور البار تعليقاً: وهو قريب من المفهوم السابق الذي ذكرناه عن الدكتور عزيز عبد العليم، والذي وسع مفهومه باعتبار التمايز يستمر منذ مرحلة المضغة إلى أن يولد، ثم يستمر

ص: 267

هذا فيما يتعلق بالآيات، بقي أن نستعرض الأحاديث التي ذكرناها.

(509)

منها حديث ابن مسعود رواه البخاري، قال: حدثنا الحسن بن الربيع، حدثنا أبو الأحوص، عن الأعمش عن زيد بن وهب: قال عبد الله: حدثنا رسول الله - وهو الصادق المصدوق - قال:

إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكا فيؤمر بأربع كلمات ويقال له: اكتب عمله ورزقه وأجله وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح فإن الرجل منكم ليعمل حتى ما يكون بينه وبين الجنة إلا ذراع فيسبق عليه كتابه فيعمل بعمل أهل النار، ويعمل حتى ما يكون بينه وبين النار إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة

(1)

.

قال الحافظ في الفتح: "حديث ابن مسعود بجميع طرقه يدل على أن الجنين يتقلب في مائة وعشرين يوماً في ثلاثة أطوار، كل طور منها في أربعين، ثم بعد تكملتها ينفخ فيه الروح"

(2)

.

بعد ذلك أثناء الحياة متفاوتة حتى نهاية العمر. اهـ نقلاً من كتاب الدكتور محمد البار.

(1)

البخاري (3208)، ومسلم (2643).

(2)

فتح الباري (11/ 591)، وإليك بقية كلام الحافظ، قال رحمه الله:"وقد ذكر الله سبحانه وتعالى هذه الأطوار الثلاثة من غير تقييد بمدة في عدة سور. منها في الحج، ودلت الآية على أن التخليق يكون للمضغة، وبين الحديث أن ذلك يكون فيها إذا تكاملت الأربعين، وهي المدة التي إذا انتهت سميت مضغة، وذكر الله النطفة ثم العلقة، ثم المضغة في سورة أخرى وزاد في سورة قد أفلح بعد المضغة {فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا} ثم قال: وقد رتب الأطوار في الآية بالفاء؛ لأن المراد أنه لا يتخلل بين الطورين طور آخر، ورتبها في الحديث بـ "

ص: 268

بينما حديث حذيفة في مسلم ظاهره يعارض حديث ابن مسعود. فبداية التخلق كما أرشد إليها حديث حذيفة الغفاري يكون بعد اثنتين وأربعين ليلة،

(510)

فقد روى مسلم، حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن أبي الزبير المكي أن عامر بن واثلة حدثه أنه سمع عبد الله بن مسعود يقول:

الشقي من شقى في بطن أمه، والسعيد من وعظ بغيره. فأتى رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له حذيفة بن أسيد الغفاري، فحدثه بذلك من قول ابن مسعود، فقال: وكيف يشقى رجل بغير عمل؟ فقال له الرجل: أتعجب من ذلك؟ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكا، فصورها، وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها، ثم قال: يا رب أذكر أم أنثى؟ فيقضي ربك ما شاء، ويكتب الملك ثم يقول: يا رب أجله؟ فيقول ربك ما شاء، ويكتب الملك، ثم يقول: يا رب رزقه؟ فيقضى ربك ما شاء ويكتب الملك، ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده فلا يزيد على ما أمر ولا ينقص

(1)

.

ومر معنا رأي الأطباء بما يوافق حديث حذيفة. فقد ذكرنا عن الأطباء أن النطفة الأمشاج تبقى إلى اليوم السادس، ففي اليوم السادس أو السابع تتحول

ثم" إشارة إلى المدة التي تتخلل بين الطورين ليتكامل فيها الطور، وإنما أتى بـ ثم بين النطفة والعلقة؛ لأن النطفة قد لا تكون إنساناً، وأتى بـ ثم في آخر الآية عند قوله {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} ليدل على ما يتجدد له بعد الخروج من بطن أمه ..

(1)

مسلم (2645).

ص: 269

إلى علقة، بحيث تعلق في جدار الرحم.

وفي الاسبوع الرابع (21 - 30) مخصص لظهور الكتل البدنية، والأسبوع الخامس والسادس، لتحول الكتل البدنية إلى قطاع عظمي وعضلي، والأسبوع السادس والسابع: لتكسى العظام بالعضلات. وهكذا يبقى في الرحم جنيناً مخلقاً في الأسبوع السابع

(1)

.

يقول الدكتور محمد البار: في نهاية الأسبوع السادس (42) يوماً تكون

(1)

وهذا التقدير موافق تقريباً ما ذكره ابن القيم قال في التبيان (ص: 336)، ونقله الحافظ في الفتح ببعض التصرف كعادته (11/ 588) ح 6594، قال ابن القيم:"اقتضت حكمة الخلاق العليم سبحانه وتعالى أن جعل داخل الرحم خشن كالاسفنج .. وجعل فيه طلباً للمني وقبولاً له كطلب الأرض الشديدة العطش للماء، وقبولها له، فجعله طالباً حافظاً، مشتاقاً إليه بالعطش، فلذلك إذا ظفر به، ضمه، ولم يضيعه، بل يشتمل عليه أتم الاشتمال، وينضم أعظم انضمام، لئلا يفسده الهواء، فيتولى القوة والحرارة التي هناك بإذن الله ملك الرحم، فإذا اشتمل على المني، ولم يقذف به إلى خارج، استدار على نفسه وصار كالكرة في الشدة إلى تمام ستة أيام (وقد ذكرت فيما سبق عن الأطباء أن نطفة الأمشاج تبقى ستة أيام قبل أن تتحول إلى علقة) فإذا اشتد نقط نقطة في الوسط، وهو موضع القلب، ونقطة في أعلاه وهي نقطة الدماغ، وفي اليمين: وهي نقطة الكبد. ثم تتباعد تلك النقط، ويظهر بينها خطوط حمر، إلى تمام ثلاثة أيام أخر، ثم تنفذ الدموية في الجميع بعد ستة أيام أخر، فيصير ذلك خمسة عشر يوماً، ويصير المجموع سبعة وعشرين يوماً، ثم ينفصل الرأس عن المنكبين، والأطراف عن الضلوع، والبطن عن الجنبين، وذلك في تسعة أيام، فتصير ستة وثلاثين يوماً، ثم يتم هذا التمييز بحيث يظهر للحس ظهوراً بيناً في تمام أربعة أيام، فيصير المجموع أربعين يوماً تجمع خلقه، وهذا مطابق لقوله صلى الله عليه وسلم الحديث المتفق على صحته: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً، واكتفى النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الإجمال عن التفصيل، وهذا يقتضي أن الله قد جمع فيها خلقاً جمعاً خفياً، وذلك الخلق في ظهور خفي على التدريج" اهـ.

ص: 270

النطفة قد بلغت أوج نشاطها في تكوين الأعضاء، وهي قمة المرحلة الحرجة الممتدة من الأسبوع الرابع حتى الثامن، فيكون دخول الملك في هذه الفترة تنويهاً بأهميتها، وإلا فللملك ملازمة ومراعاة بالنطفة الإنسانية في كافة مراحلها

نطفة وعلقة ومضغة، ودخوله هنا لتصويرها وشق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها، ثم بعد ذلك يحدد جنس الجنين ذكراً أم أنثى حسب ما يؤمر به، فيحول الغدة إلى خصية أو إلى مبيض

والدليل على ذلك ما يشاهد في السقط حيث لا يمكن تمييز الغدة التناسلية قبل انتهاء الأسبوع السابع، وبداية الثامن: أي أنه لا يمكن تمييزها قبل دخول الملك لتحديد جنس الجنين ذكراً أم أنثى كما يؤمر به من خالقها

(1)

.

(1)

خلق الإنسان بين الطب والقرآن (ص: 389).

يقول الطبيب سيف الدين السباعي في كتابه: الإجهاض بين الفقه والطب والقانون (ص: 37): "المضغة: هي المرحلة الثالثة من تكون الجنين، فبعد أن زودت المضغة بمصادر التغذية المناسبة وانفصلت خلاياها إلى وريقات ثلاث، تبدأ تلك الوريقات بالتمايز، وتصوير الأعضاء، والأجهزة، ويكون ذلك في بدء الشهر الثاني، وبينما كانت العلقة تقيس 5 مم، تصبح المضغة في نهاية الشهر الثاني 30 مم طولاً، و11 غراماً وزناً.

في هذه الفترة يتشكل الجهاز العصبي والحويصلان السمعي والبصري، وتظهر مولدات الغضروف والعضلات، والأدمة ووحدات الجهاز البولي والتناسلي، والأغشية المصلية، والقلب، وجهاز الهضم، وبراعم الأطراف العلوية والسفلية، وتمر المضغة بطورين: أولهما المضغة غير المخلقة، حيث تتصور الأعضاء دون أن تظهر أي تتمايز مجموعات خلوية مختلفة، ومن ثم تتطور وتتخلق معطية الأجهزة والأعضاء، ونلك المضغة المخلقة (الطور الثاني).

وفي منتصف هذا الشهر: أي في يوم (40 - 45) تحدث تبدلات خاصة تنتقل بالجنين نقلة واسعة نحو تكونه الإنساني، فالقلب الذي كان بشكل أنبوب مغلق ابتدائي يدق دقات خفيفة، يصبح في اليوم 38 قلباً رباعي الأجواف، يضرب ضربات عادية، ويتصل بالدوران المشيمي،

ص: 271