الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: خلاف العلماء في المستحاضة المعتادة غير المميزة
إذا كانت المستحاضة المعتادة غير مميزة، بحيث يكون دمها على صفة واحدة، لا يتميز بعضه من بعض على الصحيح. أو يكون الدم الذي يصلح للحيض ينقص عن أقل الحيض أو يزيد على أكثره عندهم
(1)
.
فقيل: تجلس مقدار عادتها ثم تغتسل وتصلي.
وهو المشهور من مذهب الحنفية
(2)
والشافعية
(3)
والحنابلة
(4)
.
وأما مذهب مالك فيمن استمر معها الدم وكانت معتادة عدة روايات.
الراوية الأولى: أنها تجلس عادتها، وتستظهر بثلاثة أيام، ومحل الاستظهار بالثلاثة ما لم تجاوز نصف الشهر، فمن اعتادت نصف الشهر فلا استظهار عليها، ومن عادتها أربعة عشر يوماً استظهرت بيوم واحد فقط، ومن كانت عادتها سبعة أيام استظهرت بثلاثة فقط، ثم اغتسلت وصامت وصلت.
(1)
وهو مبني على أن الحيض له حد لأقله وأكثره. وقد بينت ضعف هذه الأقوال.
(2)
بدائع الصنائع (1/ 41)، البناية - العيني (1/ 665)، المبسوط (3/ 178).
(3)
الوسيط (1/ 430)، روضة الطالبين (1/ 145)، حاشية الشيخ إبراهيم البيجوري على متن أبي شجاع (1/ 214)، نهاية المحتاج (1/ 344).
(4)
قال في الإنصاف (1/ 365): "اعلم أنه إذا كانت المستحاضة لها عادة تعرفها، ولم يكن لها تمييز، فإنها تجلس العادة بلا نزاع". اهـ. وانظر الإقناع (1/ 66)، المحرر (1/ 26، 27)، الفروع (1/ 274).
هذا قول مالك، وأصل مذهبه، والمذكور في المدونة
(1)
.
وبقي في مذهب مالك عدة روايات.
قيل: تقعد إلى تمام خمسة عشر يوماً ثم هي مستحاضة
(2)
.
وقيل: تقعد عادتها بدون استظهار ثم تغتسل وتصلي. وهذا قول محمّد بن مسلمة
(3)
.
وقيل: تقعد أيامها المعتادة ثم تغتسل وتصلي وتصوم، ولا يأتيها زوجها، فإن انقطع الدم ما بينها وبين خمسة عشر يوماً علم أنها حيضة، وانتقلت إليها، ولا يضرها ما صامت وصلت فيه، وإن تمادى بها الدم على خمسة عشر يوماً علم
(1)
المدونة (1/ 50)، فتح البر بترتيب التمهيد (3/ 490)، المقدمات الممهدات (1/ 130)، الشرح الصغير (1/ 210).
ولم يبين مالك رحمه الله إن كان يطؤها زوجها فيما بينها وبين الخمسة عشر يوماً ومن ثم اختلف أصحابه على قولين.
الأول: أنها بعد الاستظهار، تغتسل وجوباً، وتصلي، وتصوم، وتطوف إن كانت حاجة، ويأتيها زوجها.
وهو ظاهر رواية ابن القاسم عن مالك في المدونة. وعلى هذه الرواية يكون غسلها بعد تمام خمسة عشر يوماً استحباباً لا وجوباً.
الثاني: أنها بعد الاستظهار، تغتسل استحباباً، وتصوم وتقضي الصيام ولا يطؤها زوجها، ولا تطوف طواف الإفاضة إلى تمام خمسة عشر يوماً ثم تغتسل وجوباً وتكون مستحاضة. وهذا ظاهر رواية ابن وهب عن مالك في كتاب الوضوء من المدونة.
والأول: هو الراجح في مذهب مالك، اختاره صاحب الشرح الصغير (1/ 210) ومختصر خليل (ص 19) وقال في حاشية الدسوقي (1/ 169): وهذا مذهب المدونة
(2)
المقدمات الممهدات (1/ 131)، فتح البر بترتيب التمهيد (3/ 490)،
(3)
المقدمات (1/ 131)، وهذا القول من محمّد بن مسلمة موافق لما ذهب إليه الجمهور في القول الأول.