الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخاتمة
الحمد لله وحده الذي وفقني إلى إتمام هذا البحث، والذي أرجو أن يكون لبنة في بناء، حيث سبقني من كتب عن هذا الباب المهم من أمور الفقه، من العلماء والأساتذة في رسائل قد لا تكون كبيرة، ولكنها مهمة في تغطية هذا الجانب، والذي أرجو أن أكون قد استفدت منهم، وأضفت ما يمكن إضافته، وقد يختلف معي القارئ، وقد يوافقني في ترجيح بعض المسائل؛ إلا أني في ترجيحي أرجو أن أكون طالب حق، وقد رجحت بعض المسائل في بداية بحثي، ثم أعلنت رجوعي عنها بعد المذاكرة مع بعض طلبة العلم دون أن أكتب البحث من جديد، ليتبين للقارئ عجز الإنسان، وقصوره، وأنه في بحث مستمر طلباً للحق، ولا يضير طالب العلم أن يقول: كنت أرجح كذا، وقد تبين لي خطأ ذلك، ويعلن رجوعه عنه، نصحاً للأمة، وبراءة للذمة وتعويداً للنفس في قبولها للحق، وأن يكون الإنسان مع الدليل، كالأعمى مع دليله، قد سلم له زمام نفسه يقوده حيث يشاء، وأن يكون عند بحثه خالي الذهن من اعتقاد سابق، حتى يكون متحرراً من الهوى، ومن تأويل النصوص لتوافق ما استقر عنده. والله الموفق والهادي إلى سبيل الرشاد.
ومن خلال البحث قد تبين لي ما يلي:
أولاً: المرأة لا تحيض إلا في الشهر مرة واحدة، حيث تقرر طبياً أن الحيض يعقب بإذن الله إفراز البويضة فإذا لم تتم عملية إخصاب البويضة أعقب ذلك
نزول الدم من رحم المرأة، والمرأة لا تفرز بويضة إلا في الشهر مرة واحدة وبالتالي لا يمكن أن تحيض إلا في الشهر مرة واحدة.
يقول الدكتور دوجالد بيرد في كتابه (المرجع في أمراض النساء والولادة): "إن مدة الحيض ودورته لا تختلف من امرأة إلى أخرى فحسب، وإنما قد يختلف ذلك في المرأة ذاتها من حين لآخر في حياتها التناسلية .. إذ تختلف كمية الدم ومدته عند بداية البلوغ عما هو عليه عند تمام البلوغ، كما يقل دم الحيض ومدته عند سن اليأس .... وما بين البلوغ وسن اليأس تكون العادة في أغلب النساء منتظمة، وهن يعرفن موعد حيضهن ومدته ومقداره
…
فإذا اختلف ذلك عرفته بسرعة .. وتستطيع معرفة ذلك أغلب النساء دون صعوبة، ومدة الحيض في الغالب ستة أيام، وتحتسب الدورة من بداية الحيض إلى بداية الحيضة التي تليها، ومدتها في أغلب النساء 28 يوماً، وقد تزيد أو تنقص يوماً أو يومين"
(1)
.
وجاء في توصيات الندوة الثالثة للفقه الطبي المنعقدة في الكويت: "مدة الدورة الحيضية فيما إذا كانت الدورة سوية في غالب النساء ثمانية وعشرين يوماً، وأدناها ثلاثة أسابيع"
(2)
.
ولا يمكن أن تحيض المرأة في الشهر أكثر من مرة، لأنها لا يمكن أن تفرز أكثر من بويضة في الشهر الواحد.
الثاني: أن الحامل لا يمكن أن تحيض، لأن الحيض هو انهدام جدار الرحم
(1)
نقله الدكتور البار في كتابه (خلق الإنسان بين الطب والقرآن)(ص: 89).
(2)
الحيض والنفاس والحمل بين الفقه والطب - الأشقر (ص: 52).
بعد موت البويضة، وحبس الغذاء عن الغشاء المبطن للرحم، وانهدام جدار الرحم لا يمكن أن يتم مع الحمل. وهذا ما قررته طبياً من كلام أهل الاختصاص. وقد كنت فيما مضى أرجح إمكان حيض الحامل، وقد تراجعت عن ذلك بعد ما تبين لي الحق. والحمد لله على توفيقه.
الثالث: لا حد لأكثر الطهر، وهذا لا خلاف فيه بين الأطباء والفقهاء، فقد اتفق الأطباء والفقهاء على أنه لا حد لأكثر الطهر
(1)
.
الرابع: رجحت أن عادة المرأة ممكن أن تنقص وتزيد، وممكن أن تنتقل، ولا يشترط تكراره، بل إذا رأته المرأة كان حيضاً.
الخامس: كما رجحت أن للحائض أن تقرأ القرآن، ولا حرج في ذلك، ولكن لا تمسه إلا وهي على طهارة، أو بحائل، وقد كنت أميل إلى جواز مس الحائض المصحف، ومع المذاكرة مع بعض مشايخي، ذكر لي طريقاً آخر لمرسل عمرو بن حزم، وهو ما رواه عبد الرزاق من طريق ابن المسيب عن عمر، وقد رجعت عن رأيي، وبينت ذلك من خلال البحث. فالحمد لله على توفيقه.
السادس: كما رجحت بأن المرأة إذا حاضت أثناء وقت الصلاة لم يجب عليها قضاء تلك الصلاة إلا إذا حاضت ولم يبق من الوقت إلا وقت لا يتسع لتلك الصلاة فيجب عليها القضاء. والله أعلم.
السابع: إذا طهرت المرأة من الحيض في شهر رمضان في أثناء اليوم لم يجب عليها الإمساك بقية اليوم.
(1)
الحيض والنفاس والحمل بين الفقه والطب - الأشقر (ص: 54).
الثامن: رجحت أن طلاق الحائض يقع، ولم ينشرح صدري لقول ابن تيمية، مع أني تذاكرت في هذه المسألة مع بعض طلبة العلم، ولم نتفق على شيء.
التاسع: لا تجب الكفارة على من جامع امرأته، وهي حائض، ولو قيل بالاستحباب بناء على أنه ثابت هذا من قول ابن عباس فهو قول جيد.
العاشر: لا أرى وجوب الوضوء على المرأة المستحاضة؛ لأن الأمر بالوضوء لم يتبين لي أنه مرفوع، والمرأة لا تكلف بشيء ليس من فعلها، ولم تقصده.
الحادي عشر: النفاس أكثره أربعون يوماً، فإذا زاد عن الأربعين فإن كان وقت عادة المرأة فهو حيض، وإلا استحاضة، ولا حد لأقله.
الثاني عشر: إذا أسقطت المرأة جنينها، وقد تبين فيه خلق إنسان فهي نفساء، ولو لم تنفخ فيه الروح.
الثالث عشر: لا يجوز إلقاء النطفة أو العلقة أو المضغة من غير ضرورة، ويجوز إسقاط الجنين ولو نفخت فيه الروح إذا قرر اثنان من الأطباء أنه لا سبيل إلى إنقاذ الأم مع جنينها، ولا بد من التضحية بأحدهما. وهذا من باب ارتكاب أخف الضررين. والله أعلم.
الرابع عشر: حكم النفاس حكم الحيض فيما يجب ويمنع، ويسقط. إلا في مسائل معدودة ذكرتها في فصل خاص.
هذه من أهم النتائج التي توصلت إليها خلال البحث، وأرجو من إخواني طلبة العلم أن يتواصلوا معي في كتابة ملاحظاتهم واستدراكاتهم، فإن الدين
النصيحة، والإنسان يرجو أن يكون طالب حق متى ما تبين له الحق، ومن شاء مراسلتي فالعنوان كالتالي:
دبيان بن محمد الدبيان
العنوان:
مكتب الدعوة والإرشاد ببريدة
تلفون العمل: 063820082