الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثلاثة أيام؛ لأنه زمن يظهر فيه أثر التصرية غالباً، ويتأكد المشتري من عيب التدليس، فأين هذا مما نحن فيه!!
دليل من قال: تجلس يوماً وليلة
.
قالوا: لأنه أقل الحيض، فهو المتيقن، وما زاد فمشكوك فيه، ومن الجائز أن يكون حيضها أقل الحيض، فنكون قد احتطنا للعبادات الواجبة، ووجوب العبادات متيقن، وكونه حيضاً مشكوك فيه، والشك لا يرفع اليقين.
دليل من قال تجلس ستة أيام أو سبعة أيام غالب عادة النساء
.
(456)
ما رواه أحمد، قال: حدثنا عبد الملك بن عمرو، قال: ثنا زهير (يعني ابن محمد الخرساني)، عن عبد الله بن محمد (يعني ابن عقيل) بن أبي طالب، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة، عن عمه عمران ابن طلحة،
عن أمه حمنه بنت جحش، قالت: كنت استحاض حيضة شديدة كثيرة، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم استفتيه وأخبره، فوجدته في بيت أختي زينب بنت جحش، قالت: فقلت يا رسول الله: إني أستحاض حيضة كثيرة شديدة فما ترى فيها، قد منعتني الصلاة والصيام، قال: أنعت لك الكرسف، فإنه يذهب الدم، قالت: هو أكثر من ذلك، قال: فتلجمي، قالت: إنما أثج ثجاً، قال: سآمرك بأمرين أيهما فعلت فقد أجزأ عنك من الآخر، فإن قويت عليهما، فأنت أعلم. فقال لها: إنما هذه ركضة من ركضات الشيطان، فتحيضي ستة أيام أو سبعة في علم الله، ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستيقنت، واستنقأت فصلي أربعاً وعشرين ليلة أو ثلاثاً وعشرين ليلة، وأيامها، وصومي، فإن ذلك يجزئك،
وكذلك فافعلي في كل شهر، كما تحيض النساء وكما يطهرن بميقات حيضهن وطهرهن وإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر فتغتسلين ثم تصلين الظهر والعصر جميعاً، ثم تؤخرين المغرب وتعجلين العشاء ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين فافعلي، وتغتسلين مع الفجر وتصلين، وكذلك فافعلي، وصلي وصومي، إن قدرت على ذلك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وهذا أعجب الأمرين إلي
(1)
.
[إسناده ضعيف]
(2)
.
(1)
المسند (6/ 439).
(2)
والحديث ضعيف لأن فيه:
أولاً: انفرد فيه ابن عقيل، والأكثر على ضعفه.
قال ابن عيينة: أربعة من قريش يترك حديثهم، فذكر ابن عقيل منهم. وسبق أن حررت القول فيه. ومن أخطائه ما رواه أحمد (1/ 102): من طريق حماد بن سلمة، عن ابن عقيل، عن محمد بن علي بن الحنفية عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في سبعة أثواب. فإن هذا مخالف لما في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب.
ثانياً: أن أحاديث الصحيحين ترد المستحاضة إلى عادتها، وحديث ابن عقيل يردها إلى غالب النساء لا إلى عادتها ولا إلى التمييز، ولا أعلم له متابعاً، فانفرده بمثل هذا الحكم لا يجعل مقدماً على حديث الصحيحين.
فهذه قصة استحاضة فاطمة بنت أبي حبيش صريحة بردها إلى عادتها، فقد روى البخاري (306): من طريق مالك عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت:"قالت فاطمة بنت أبي حبيش يا رسول الله إني لا أطهر أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما ذلك عرق وليس بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي". فقوله: فإذا ذهب قدرها صريح بردها إلى العادة.
ورواه البخاري (325) من طريق أبي أسامة عن هشام به بلفظ: "ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ورواه ابن حبان (1355) بسند صحيح من طريق أبي عوانة عن هشام به بلفظ: "تدع الصلاة أيامها".
ورواه البخاري (320): من طريق ابن عيينة عن هشام به: "فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي".
ورواه مسلم (333) من طريق وكيع عن هشام به بنفس اللفظ، إلا أنه قال:"فاغسلي عنك الدم وصلي"، والمقصود بالإقبال والإدبار: إقبال وقت الحيض وإدبار وقته جمعاً بينه وبين ما سبق. كما أن أم حبيبة قد ردها الرسول صلى الله عليه وسلم إلى عادتها.
فقد روى مسلم (65 - 434) عن عائشة رضي الله عنها قال: إن أم حبيبة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدم؟ فقالت عائشة: رأيت مركنها ملآن دماً، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك، ثم اغتسلي وصلي".
فهذه أحاديث الصحيحين ظاهرها ترد المستحاضة إلى عادتها.
وهنا حديث ابن عقيل رحمه الله ردها إلى غالب الحيض، فقال:"تحيضي ستة أيام، أو سبعة أيام"، فلم يردها إلى عادتها، وقد تكون عادتها أكثر أو أقل، ولم يردها إلى التمييز.
وقد قال الخطابي في معالم السنن (1/ 183):
"إنما هي امرأة مبتدأة لم يتقدم لها أيام، ولا هي مميزة لدمها، وقد استمر بها الدم حتى غلبها، فرد الرسول صلى الله عليه وسلم أمرها إلى العرف الظاهر، والأمر الغالب من أحوال النساء، كما حمل أمرها في تحيضها كل شهر مرة واحدة على الغالب من عادتهن
…
الخ".
قلت: أين الدليل من الحديث على أنها مبتدأة، هذا أولاً.
وثانياً: أنها لا تستطيع أن تميز بين دم الحيض ودم الاستحاضة.
فهذا لا سبيل إليه من الحديث، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يسألها هل أنت مبتدأة؟ وهل لك عادة مستقرة من قبل؟ وهل تميزين بين دم الحيض وبين دم الاستحاضة؟
فلو وقع ذلك لكان له وجه في حمل الحديث على المبتدأة غير المميزة، ولما كانت هناك مخالفة لأحاديث الصحيحين، ولكن لما ترك الرسول صلى الله عليه وسلم الاستفصال في مقام الاحتمال نزل منزلة العموم في المقال.
فالحديث ظاهره رد المستحاضة مطلقاً إلى عادة النساء.
ثالثاً: أن الحديث أمرها في الجمع بين الصلوات، وأحاديث المستحاضة في الصحيحين
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
من أحاديث عائشة في قصة استحاضة فاطمة بنت أبي حبيش وأم حبيبة لم يرشدها إلى الجمع. كما أن الحديث دليل على من يقول بالجمع الصوري. وقد يستدل بهذا الحديث لو ثبت على من ينكر الجمع في الإقامة والسفر إلا في عرفة، ويحمل الأحاديث على الجمع الصوري، وهو تأخير أولى الصلاتين وتعجيل الثانية، فالأولى في آخر الوقت، والثانية في أول الوقت، وإنما قصد من الجمع لأهل الاعذار التخفيف عليهم، والجمع في هذه الصورة فيه حرج ومشقة، ومن يعلم الوقت ودقته، والناس في ذلك الرقت لم يكن لديهم ساعات كما هي الحال في هذا العصر، حتى يوقع أولى الصلاتين في آخر الوقت، بينما تقع الصلاة الثانية في أول الوقت
كلام أهل العلم في الحديث:
ضعفه أبو حاتم في العلل (1/ 51) ح 123، قال ابنه: سألت أبي عن حديث رواه ابن عقيل، عن إبراهيم بن محمد، عن عمران بن طلحة، عن أمه حمنة بنت جحش في الحيض، فوهنه، ولم يقو إسناده.
وضعفه الدارقطني كما في شرح ابن رجب للبخاري (2/ 64)، ولم أجده في السنن له، لكن قال محققوا شرح ابن رجب إنه موجود في كتاب العلل الدارقطني، وأحالوا على (5 ب/ ق 101 - أ)
وفي تلخيص الحبير (1/ 288): "وقال ابن منده: لا يصح بوجه من الوجوه؛ لأنهم أجمعوا على ترك حديث ابن عقيل".
وحمل الحافظ قول ابن منده بكونهم أجمعوا على ترك حديثه يعني مَنْ خرج الصحيح، فليس له في الصحيحين رواية.
وقال البيهقي: تفرد به ابن عقيل، وهو مختلف في الاحتجاج به.
وأما الإمام أحمد .. فاختلف النقل عنه، والراجح عنه تضعيفه.
قال الترمذي (1/ 226): سألت محمداً عن هذا الحديث، فقال: هو حديث حسن صحيح، وقال: يعني الترمذي: وهكذا قال أحمد: هو حديث حسن صحيح.
فهذا النقل من الترمذي عن أحمد، لا يقدم على نقل أبي داود، فإن أبا داود من تلاميذ أحمد الملازمين له، وله عنه مسائل مشهورة. فقد قال أبو داود بعد روايته لهذا الحديث في السنن (287) قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: حديث ابن عقيل في نفسي منه شيء.
وقال ابن رجب في شرحه للبخاري (2/ 64): والمعروف عن الإمام أحمد، أنه ضعفه، ولم يأخذ به، وقال: ليس بشيء.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقال مرة: ليس عندي بذلك، وحديث فاطمة أصح منه وأقوى إسناداً، يعني: أنه لم يردها إلى غالب النساء بل ردها إلى العادة.
وقال أحمد أيضاً: في نفسي منه شيء.
ولكن ذكر أبو بكر الخلال أن أحمد رجع إلى القول بحديث حمنة، والأخذ به!!. اهـ كلام ابن رجب رحمه الله
قلت: والقول بالحديث، والأخذ به لا يعني صحته في نفسه ما لم يصرح المحدث بأنه صحيح، وكم من حديث ضعيف في الترمذي ويصرح الترمذي بأن العمل عليه، ولا يعني كون العمل عليه أن يكون صحيحاً في نفسه، وأقربها عندي حديث:"الماء طهور لا ينجسه شيء إلا ما غلب على طعمه ولونه وريحه"، فالاستثناء لا يثبت من جهة الحديث، والعمل عليه.
فقول أبي بكر الخلال بأن أحمد يقول بحديث حمنة ويأخذ به ليس صريحاً في كونه صحيحاً عنده.
وفي التمهيد لابن عبد البر (16/ 16): "قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: في الحيض حديثان، والآخر في نفسي منه شيء، قال أبو داود: يعني أنه في الحيض ثلاثة أحاديث، هى أصول هذا الباب:
أحدها: حديث مالك، عن نافع، عن سليمان بن يسار.
والآخر: حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.
والثالث: والذي في قلبه منه شيء، وهو حديث حمنة بنت جحش الذي يرويه ابن عقيل".
وقال الخطابي في معالم السنن (1/ 183): "وقد ترك بعض العلماء القول بهذا الخبر؛ لأن ابن عقيل راويه ليس بذاك".
وصححه البخاري، قال الترمذي: سألت محمداً عن هذا الحديث فقال: هو حديث حسن صحيح.
لكن البيهقي نقل عبارة البخارى بأتم مما نقل الترمذي إلا أنه ساقها بلاغاً.
قال البيهقي (1/ 339): بلغني عن أبي عيسى الترمذي، أنه سمع محمد بن إسماعيل البخاري يقول: حديث حمنة بنت جحش في المستحاضة هو حديث حسن إلا أن إبراهيم بن محمد بن طلحة هو قديم، لا أدري سمع منه عبد الله بن محمد بن عقيل أم لا؟ وكان أحمد بن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حنبل يقول: هو حديث صحيح.
والبلاغ ضعيف للجهل بالواسطة بين البيهقي والترمذي.
وقد أجاب الشوكاني بجواب واضح فقال في النيل (1/ 338): إبراهيم بن طلحة مات سنة 110 هـ عشر ومائة فيما قاله أبو عبيد القاسم بن سلام، وعلي بن المديني، وخليفة بن خياط، وهو تابعي سمع عبد الله بن عمرو بن العاص، وأبا هريرة، وعائشة. وابن عقيل سمع عبد الله بن عمر، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، والربيع بنت معوذ، فكيف ينكر سماعه من محمد بن إبراهيم بن طلحة لقدمه، وأين ابن طلحة من هؤلاء في القدم، وهم نظراء شيوخه في الصحبة، وقريب منهم في الطبقة، فينظر في صحة هذا عن البخاري" اهـ.
تخريج الحديث:
الحديث كما سبق مداره على ابن عقيل، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة، عن عمه عمران ابن طلحة، عن أمه حمنة بنت جحش.
ويرويه عن ابن عقيل زهير بن محمد الخرساني، وشريك بن عبد الله النخعي، وعبيد الله ابن عمر الرقي، وعمرو بن ثابت، وإبراهيم بن أبي يحيى.
أما رواية زهير بن محمد عن ابن عقيل:
فأخرجها أحمد (6/ 439): حدثنا عبد الملك بن عمرو، قال: ثنا زهير - يعني ابن محمد الخرساني - عن عبد الله بن محمد - يعني: ابن عقيل بن أبي طالب به.
وأخرجه أبو داود (287): حدثنا زهير بن حرب وغيره، قالا: حدثنا عبد الملك بن عمرو به.
وأخرجه الترمذي (128): حدثنا محمد بن بشار، حدثنا أبو عامر العقدي (عبد الملك ابن عمرو) به.
وأخرجه الدارقطني (1/ 214) من طريق أبي عامر العقدي. ورواه الحاكم، ومن طريقه البيهقي (1/ 238) عن زهير بن محمد، وعبيد الله بن عمرو الرقي، عن ابن عقيل به، إلا أنه ليس فيه الاغتسال لصلاة الفجر.
وأما رواية شريك بن عبد الله عن ابن عقيل.
أخرجه أحمد (6/ 381): ثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا شريك بن عبد الله، عن ابن عقيل به.
القول الراجح.
أما القول بأنها تجلس أكثر الحيض، سواء كان عشرة أيام كما عند الأحناف، أو خمسة عشر يوماً كما عند الجمهور، فهو قول مبني على قول ضعيف وهو أن أكثر الحيض له حد ينتهي إليه.
وقد ناقشت هذه المسألة في مسألة مستقلة فلا نعيده.
وأما القول بأنها تجلس أقل الحيض فهذا مثله .. فليس لأقل الحيض حد، وهذه المرأة المستحاضة المبتداة لا يمكن ردها إلى العادة كما هي أحاديث الصحيحين في المستحاضة المعتادة؛ لأنه لا عادة لها، ولا يمكن ردها إلى التمييز استدلالاً بقول ابن عباس المتقدم؛ لأنه لا تمييز لها، لكن إذا كان لا يمكن ردها إلى عادتها أمكن ردها إلى عادة أختها، وأمها، وخالتها، وعمتها
…
فإن شبه المرأة بأمها وأخواتها أقرب من شبه المرأة بالنساء الأجنبيات، وهذا معلوم لمن التمسه، حتى إن المرأة إذا كانت تعاني من عادتها أوجاعاً شديدة رأيت ذلك عند كثير من بناتها.
وأخرجه ابن أبي شيبة (1/ 120) ح 1364، ومن طريقه ابن ماجه (627) حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا شريك به، ولم يذكر غسل الفجر.
وأخرجه الدارقطني (1/ 214) من طريق يزيد بن هارون به.
وأما رواية عبيد الله بن عمرو الرقي عن ابن عقيل.
فأخرجها الدارقطني (1/ 215)، والحاكم (1/ 172)، والبيهقي (1/ 238).
وأما رواية إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى عن ابن عقيل.
رواه الشافعي في الأم (1/ 60) ومن طريقه الدارقطني (1/ 215).
وأما رواية عمرو بن ثابت عن ابن عقيل.
فرواها الدارقطني (1/ 215).