الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النص الشرعي فهو مطروح.
الدليل الخامس:
قالوا: إن دم الحيض موصوف بأنه أذى، وهو يختلف عن دم العرق الذي هو دم الاستحاضة بصفته، ولو كانت صفتهما واحدة لما فرق الشارع بينهما في الأحكام، فإذا رأت الدم الموصوف بالأذى رأت لونه ورائحته، وثخونته، وجب أن تعمل به، خاصة وأن الحيض من الأحكام المعقولة المعنى؛ لأن الله وصفه بكونه أذى، فوجب ترك الصلاة إذا رأت ما تعرفه المرأة من دم الحيض ولو خالف عادتها.
وأجيب:
بأن هذا النظر ممكن أن يكون جيداً لولا أنه في مقابلة النص، وكل نظر يصادم النص فهو نظر قاصر وإن كان قد يبدو في الظاهر خلاف ذلك، وممكن أن يقال: إن هذه المرأة المستحاضة اختلط دم حيضها بدم استحاضتها، فتركت العمل بالدم وحكمت العادة بصرف النظر عن لون الدم ورائحته
…
والله أعلم.
دليل المالكية على أنها إذا كانت مميزة جلست منه قدر عادتها، وإن لم تكن مميزة فهي طاهر أبداً
.
جمعوا بين روايات حديث عائشة في قصة استحاضة فاطمة بنت أبي حبيش، فقوله صلى الله عليه وسلم:"إذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي"، حملوه على التمييز، فإذا ميزت دم الحيض من دم
الاستحاضة صارت حائضاً، وتجلس مقدار العادة عملاً بحديث:"امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك".
فحتى نعمل بكلا اللفظين فيقال: إذا تميز دم الحيض من دم الاستحاضة فأنت حائض، واجلسي من هذا الدم الأسود مقدار عادتك فقط.
وقد جاءت رواية تجمع بينهما بين العمل بالتمييز، وبين الجلوس مقدار العادة،
(469)
وهو ما رواه ابن حبان
(1)
، من طريق علي بن الحسن بن شقيق، قال: أخبرنا أبو حمزة، عن هشام بن عروة، عن أبيه.
عن عائشة أن فاطمة بنت أبي حبيش أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله إني استحاض الشهر والشهرين؟ قال: ليس ذاك بحيض، ولكنه عرق، فإذا أقبل الحيض فدعي الصلاة عدد أيامك التي كنت تحيضين فيها، فإذا أدبرت فاغتسلي وتوضئي لكل صلاة
(2)
.
فقوله "فإذا أقبل الحيض" أي أقبل الحيض بلونه، ورائحته وثخونته وهذا عمل بالتمييز، ومعناه إذا لم يقبل ولم يتميز فأنت طاهر أبداً.
وقوله: "فدعي الصلاة عدد أيامك" أي فإذا تميز دم الحيض من دم الاستحاضة فاجلسي من الدم الأسود المنتن مقدار عادتك السابقة فقط لا مقدار
(1)
صحيح ابن حبان (1354).
(2)
انفرد بهذا اللفظ أبو حمزة السكري عن هشام، وجميع من رواه عن هشام لم يذكر الحديث بهذا اللفظ، ثم إن أبا حمزة السكري قد اختلف عليه، فروى عنه مرسلاً، وروي عنه موصولاً، انظر: تخريج الحديث في القول الذي قبل هذا، وقد سقت جميع ألفاظه.
الدم الأسود.
القول الراجح:
الراجح من هذه الأقوال والله أعلم القول الأول، وأن المستحاضة المعتادة تعمل بعادتها ولا تعمل بالتمييز.